1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إمكانيات الاحتواء السياسي للحركات الإسلامية المتطرفة

يراهن أبو مازن على أن ضم حماس إلى مؤسسات السلطة الرسمية سيحولها من مجرد حركة مسلحة الى قوة سياسية فعالة. من ناحيتها انتهجت حماس سياسة عملية واكتسبت شرعية كبيرة في الانتخابات البلدية. فهل تصبح الحركة نموذجا يُحتذى به؟

https://p.dw.com/p/6kkw
حماس وعقبة نزع سلاحهاصورة من: AP

يسود رأي في الأوساط السياسية بأن الحركات الإسلامية والعمل البرلماني نقيضان لا يجتمعان، وذلك لأن تكوين حزب ذي مرجعية دينية يتعارض مع الأسس الديموقراطية التي يقوم عليها العمل البرلماني، والتي ترفض التكتلات العشائرية أو الإثنية أو الدينية بين المواطنين، وتدعو إلى العمل السياسي في إطار تكوين أفكار عقلانية يتم مناقشتها واعتمادها وليس استناداً على حقائق لاهوتية مطلقة. من ناحية أخرى يرفض الإسلاميون هذا الرأي ويشددون على أهليتهم لممارسة العمل السياسي البرلماني، فهم يمثلون قطاعاً كبيراً من الشعب لا يحق لأحد حرمانه من حق التمثيل، كما أن المبادئ التي تقوم عليها الحركات الإسلامية لا تتعارض مع المبادئ الديموقراطية على حد قولهم، ناهيك عن أن معظم البرلمانات العربية التي تجادل بحجة الديموقراطية هي مؤسسات غير ديموقراطية من الأساس.

حماس على عتبة الدخول إلى البرلمان

تعد حركة حماس من أشهر الحركات الإسلامية النشطة على الساحة العربية، وقد تمسكت دوماً بموقف معارض للعملية السياسية التي مثلتها السلطة الوطنية. ومنذ تولي الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقاليد السلطة وهو مهتم بإصلاح المشهد السياسي الفلسطيني. وانصبت محاولات أبو مازن في إدماج حركة حماس في العملية السياسية واجتذابها إلى تقاسم السلطة تحت سقف البرلمان، هادفاً من وراء ذلك إلى تحويل حماس من حركة مقاومة مسلحة إلى حركة سياسية، وإخراج نطاق عملها من توجيه ضربات مسلحة إلى عدوها الأول إسرائيل إلى المشاركة في اتخاذ قرارات سياسية مصيرية تخص عملية السلام. وقد بدأت استراتيجية أبو مازن في الإتيان بثمارها، فقد شهدت الانتخابات البلدية مشاركة من حركة حماس، حققت فيها الحركة نجاحاً كبيراً. كما اتخذت الحركة قراراً بالمشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، وهو قرار يعكس تغيراً نوعياً في موقف حماس، إذ أنها طالما دأبت على رفض فكرة المشاركة في الانتخابات الفلسطينية باعتبار أن هذه الانتخابات هي تركة اتفاقية اوسلو التي ترفضها حماس جملة وتفصيلا.

Mann linst durch die Mauer zwischen Israel und Palästina
جدار الفصل الإسرائيلي حول حياة الفلسطينيين إلى جحيمصورة من: AP

مدينة قلقيلية مثال جيد على التغير الذي يطرأ على حركة حماس. فقد انتخب مواطنو المدينة الذين يبلغ عددهم 45 ألف نسمة مرشح حماس وجيه قواس كرئيس لمجلس البلدية. وليس المثير في الأمر حصول حماس على أصوات في الضفة الغربية خارج قلعتها الحصينة في غزة فحسب، ولكن أيضاً كون السيد وجيه قواس معتقلا في السجون الإسرائيلية وينتظر أن يفرج عنه الشهر القادم. ولعل ذلك يرجع إلى الوضع الذي تعيشه المدينة اليوم، فهي محاطة من كافة الجهات بالحائط المرتفع الذي تبنيه إسرائيل، حتى أن المدينة تحولت الى جزيرة منعزلة تماما عن بقية القرى والمدن الفلسطينية المجاورة. لذلك يرجح المحللون أن السكان يرغبون في التعبير عن غضبهم من الوضع الذي تعيشه مدينتهم جراء هذا الوضع، ولذلك يرون في شخص قواس رمزا للتعبير عن رفضهم لهذا الواقع، كما يعبرون من خلال تصويتهم له عن تعاطفهم مع الأسرى الفلسطينيين.

إمكانيات الحوار

من المعروف أن حركة حماس ترفض بشكل قاطع إجراء أية اتصالات مع إسرائيل، كما أنها لا تعترف بوجود الدولة العبرية أصلا، وكثيراً ما أعلنت استمرارها في القيام بعمليات مسلحة حتى يتحقق هدفها المتمثل في تقويض دولة إسرائيل. إسرائيل من ناحيتها تعتبر حركة حماس ألد أعدائها، وقد تركزت عمليات التصفية الأخيرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي على ناشطي الحركة وقادتها مثل الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي. في ظل هذه الحرب المعلنة بين الجانبين يطرح تساؤل نفسه حول مدى نجاح عملية إدماج حماس سياسياً، سيما وأن أي من الطرفين (حماس وإسرائيل) لم يعلن عن التنازل عن هدفه المعلن وهو تدمير الطرف الآخر. لقد جاء تصويت عدد كبير من الفلسطينيين في الانتخابات البلدية الاخيرة لحماس ليعقد الموقف وليخلط أوراق المخططين والمحللين حول مستقبل التعامل بين الطرفين.

Abbas in USA
الرئيس الفلسطيني محمود عباسصورة من: AP

نظرياً يمكن الإجابة عن التساؤل السابق إجابة سلبية، غير أن ما يحدث عملياً على أرض الواقع أمر مختلف. فإسرائيل لا تستطيع مقاطعة رئيس بلدية قلقيلية المنتخب بسبب انتماءه لحماس، لأن ذلك يعني الطعن في العملية الانتخابية الفلسطينية برمتها. كما أن رئيس البلدية سيكون مضطراً إلى انتهاج سياسة براغماتية والتحدث وجهاً لوجه مع الإسرائيليين للتخفيف من معاناة أبناء مدينته. وما يشجع على هذا الاتجاه هو إقدام الدبلوماسية البريطانية والأمريكية على إجراء اتصالات مباشرة مع بلدية قلقيلية وذلك بالرغم من موقف الدولتين المقاطع لحركة حماس باعتبارها حركة إرهابية حسب مفهومهم. وهو نفس الموقف الذي يتخذه الإتحاد الأوروبي وألمانيا. وهكذا نجحت حماس في اكتساب شرعية رسمية عن طريق النجاح الكبير في الانتخابات الفلسطينية، وهي شرعية هي في أمس الحاجة إليها بعد المقاطعة الدولية للحركة وتصنيفها كحركة إرهابية.

هل تصبح حماس نموذجاً؟

ضم حماس إلى مؤسسات السلطة الفلسطينية سيكون له تأثير حاسم على الأوضاع السياسية في العالم العربي. ففي حالة نجاح المساعي ستكون حماس مثالاً يمكن الاحتذاء به في بلدان أخرى، مما يفتح الطريق أمام احتواء الحركات الإسلامية الرديكالية في هيكل سياسي قومي وتحويلها إلى قوة سياسية بدلاً من كونها قوة لا تفهم الا لغة السلاح. ولعل من المفيد إلقاء نظرة على الوضع في العالم العربي، فقد شهدت الفترة الأخيرة عدة تجارب في هذا المجال، فهناك التجربة المصرية حيث بقيت الحكومة على موقفها الثابت من منع قيام أي حزب سياسي على أساس ديني، إلا أن النواب الإسلاميين نجحوا في الوصول إلى البرلمان متحالفين مع حزب العمل أولاً ثم كمستقلين بعد ذلك. ورغم أنهم لم يشكلوا كتلة كبيرة في البرلمان المصري فقد نجحوا في مغازلة الحكومة والحصول منها على بعض الصلاحيات. التجربة الجزائرية أكثر دراماتيكية، فقد أسفرت الجولة الأولى من انتخابات عام 1991 إلى فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية، ثم تبعها رفض السلطة الحاكمة إقامة الجولة الثانية خوفاً من وصول الإسلاميين إلى السلطة، مما فتح باب الحرب الأهلية التي لا تزال الجزائر تكتوي بنارها حتى اليوم.

NAHOST ISRAEL PALAESTINA
العلم الفلسطيني يرفرف فوق الحشودصورة من: AP

الوضع مختلف في لبنان والأردن، ففي الأردن نجحت سياسة الملك حسين في احتواء الحركات الإسلامية عن طريق السماح بتكوين حزب سياسي رسمي هو حزب جبهة العمل الإسلامي، والذي استطاع المشاركة في الانتخابات المحلية ونجح في الجلوس تحت قبة البرلمان. وهو الأمر الذي ساعد على تجنيب الأردن خطر الحركات المتطرفة التي تعمل تحت الأرض كما يرى كثير من المراقبين. وفي لبنان استطاع حزب الله (الحزب الإسلامي الشيعي) تثبيت أقدامه في الحياة السياسية والحصول على مقاعد في البرلمان اللبناني، وذلك بفضل رصيده المكتسب من مقاومة إسرائيل أثناء احتلالها جنوب لبنان.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد