1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

محمود عباس ليس سوبرمان الشرق الأوسط

أسامة أمين

وقوف محمود عباس أمام قبر عرفات يوحي بأنه يحاول استمداد شرعيته من "الرئيس الرمز"، فهل سيفيده ذلك في ضم كتائب الاقصى المؤيدة للرئيس الراحل تحت جناح السلطة؟ قد تظهر بودار الإجابة اليوم.

https://p.dw.com/p/68bK
تفاؤل بغد أفضل للفلسطينيين والإسرائليينصورة من: AP

يواصل الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس اليوم الأربعاء في غزة محادثاته مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، بغية التوصل إلى وقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل، والحيلولة دون استمرار القصف الصاروخي والعمليات الانتحارية ضد المستوطنين والقوات الإسرائيلية. وتهدف هذه المحاولات الى العودة إلى مائدة المفاوضات لاستكمال عملية السلام المتوقفة منذ سنوات.

عباس: لا توجد إلا سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد

ليس هناك رئيس دولة في منطقة الشرق الاوسط يسلط العالم أنظاره عليه، مثل الرئيس الفلسطيني، فكل كلمة محسوبة عليه. حينما وصف عباس إسرائيل في الحملة الانتخابية بمصطلح "العدو الصهيوني"، عرف العالم كله بذلّة لسانه التي كادت تسمم الأجواء، وإذا انتقل من رام الله إلى غزة انتظره الصحفيون وترصدت به كاميرات التلفزيون، ليكرر ما قاله بوضوح من رفضه لعسكرة الانتفاضة، ولكنه أضاف في هذه المرة قائلا: "لا توجد إلا سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد، ومن يتجاوز ذلك سيعاقب وفق القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع."

ورغم كثرة التصريحات التي تطلقها سلطة الحكم الذاتي من جهة والفصائل الفلسطينية المسلحة وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي من جهة ثانية، والحكومة الإسرائيلية من جهة ثالثة والمستوطنون من جهة رابعة، إضافة إلى التصريحات الأمريكية ومبادرات الاتحاد الأوروبي هناك سؤال مهم بسيط وهو: هل يمكن الاستماع إلى صوت العقل مرة واحدة والتوقف عن كل أعمال العنف من كل جانب والجلوس إلى مائدة المفاوضات أم سيستمر حوار القنابل والمدافع والبنادق؟

ضوء في نهاية النفق أم نفق مسدود؟

Mahmud Abbas
عباس يواجه مفاوضات صعبة مع الفصائلصورة من: AP

من يقرأ تصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية يعجب حين يرى أن الصراع قائم بين الفصائل الفلسطينية وبين القوات الإسرائيلية وأجهزة السلطة حائرة بين الطرفين، فلا هي قادرة على وقف ما تقوم به هذه الفصائل من عمليات انتحارية وإطلاق لصواريخ القسام من ناحية ولا هي قادرة على وقف زحف القوات الإسرائيلية من وقت لآخر إلى المدن والقرى الفلسطينية للقيام بعمليات داخل مدن وقرى مفروض أنها تتمتع بالحكم الذاتي وتخضع لسيادة فلسطينية. وحين تطالب السلطة الفصائل بالتوقف، ترد عليها حماس والجهاد الإسلامي بالمطالبة بوقف الاعتداءات الاسرائيلية قبل الحديث عن هدنة، وحين تطالب السلطة حكومة تل أبيب بوقف عمليات الاغتيالات وتدمير المنازل، ترد الحكومة الإسرائيلية بحقها في الرد على الاعتداءات الفلسطينية.

المبدأ الذي وضعه ياسر عرفات من عدم جواز توجيه السلاح الفلسطيني إلى أطراف فلسطينية وأن ذلك يشكل خطا أحمر لا يمكن تخطيه، كان يكفل لكافة الأطراف الفلسطينية أن تتحدث وتتفاوض دون أن يكون هناك إلتزام من أحد الأطراف بشىء، وإذا أراد محمود عباس أن يغير من هذه السياسة فمن المؤكد أن ذلك الخيار لن يحظى بتأييد الكثيرين داخل حركة فتح التي اختارته، خاصة وأنه لم يتمكن حتى الآن من التوصل إلى اتفاق نهائي مع كتائب شهداء الأقصى التابعة للحركة التي يتزعمها للقبول بالانضواء تحت ظل القوات التابعة للسلطة، والتوقف نهائيا عن الأعمال العسكرية.

أما إذا لم يتحرك عباس بالحزم الذي تطالبه به إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية فلن يكون شريكا مقبولا من الأطراف الدولية وسينتهي به الأمر إلى ما كان عليه عرفات من عزلة دولية، وهو الأمر المستبعد أيضا، لأن عباس سعى دائما الى ايستقطاب الجميع وارضاءر كافة الأطراف كما كان يفعل عرفات .

عباس بين الصلاحيات والقدرة على الحسم

Militante Palästinenser in Gaza
هل تنصاع الفصائل المسلحة لعباسصورة من: AP

مما لا شك فيه أن المفاوضات التي يجريها عباس اليوم الأربعاء لن تكون نهاية الطريق، فلا هو يملك عصا سحرية تبدل الأوضاع في لمح البصر، ولا هو سوبرمان يستطيع أن يحل معضلات وتراكمات العقود الخمس الماضية بين عشية وضحاها. علاوة على أن الطرف الإسرائيلي يمد له يده على استيحاء بمهلة قصيرة، في نفس الوقت الذي تصدر فيه تصريحات مثل ما نقلته صحيفة يدعوت احرونوت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي في أثناء زيارته إلى معبر إيريز العسكري حين قال "إن مسؤولية وقف إطلاق النار من القطاع تقع على عاتق الحكومة (الإسرائيلية) من دون علاقة لذلك بما يفعله أبو مازن". وسواء كانت هذه التصريحات للتخفيف من ضغوط المستوطنين أو لإشعار عباس بجدية إسرائيل بالحزم ونفاد صبرها من المراوغة، وعدم قبولها بغير الوقف الفوري لأي هجمات جديدة، فإن اليوم هو بمثابة اختبار كبير لعباس سينتهي إما بالاتفاق على تسوية ترضي جميع الأطراف ويأتي الهدوء الذي طال انتظاره ليجعل عيد الأضحى مختلفا عما سبقه أو يشعر بصعوبة المأزق الذي كان عرفات يعيشه يوما وراء يوم، وكان عباس وقتها يتمنى أن يحصل على المزيد من الصلاحيات للتحرك، والآن قد حصل عليها، وسيرى العالم ماذا يمكن ان يحقق من خلالها.