1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة الغاز الروسية- الأوكرانية تطال أوروبا وتزعزع الثقة بمصداقية موسكو

٢ يناير ٢٠٠٦

موسكو تقرر قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا وبوادر أزمة طاقة في أوروبا. قرار موسكو الذي ينطوي على بعد سياسي لا يثير الانتقادات فحسب، فهو يزعزع الثقة أيضاً بمصداقية موسكو كمزود للطاقة ويلحق أضراراً كبيرة بسياستها الخارجية.

https://p.dw.com/p/7jHW
ربع الاستهلاك الأوروبي من الغاز مصدره روسياصورة من: dpa

نفذت شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" التابعة لحكومة الكرملين تهديداتها ضد أوكرانيا وقطعت إمدادات الغاز الروسي عنها اعتباراً من يوم أمس الأحد الأول من يناير/ كانون الثاني 2006. ويأتي قطع الإمدادات هذا بعد فشل المفاوضات بين الشركة والسلطات الأوكرانية بشأن التوصل إلى اتفاق تدفع أوكرانيا بموجبه أربعة أمثال السعر الذي تدفعه حالياً مقابل حصولها على الغاز الروسي. وتدفع حكومة كييف في الوقت الحالي 50 دولاراً لكل ألف متر مكعب في الوقت الذي يبلغ فيه سعر هذه الكمية في السوق الدولية بين 220 إلى 230 دولاراً. وتستورد أوكرانيا من روسيا ما يزيد على 47 بالمئة من احتياجاتها السنوية التي تصل إلى 76 مليار متر مكعب. أما الباقي فتقوم بتأمينه عن طريق الإنتاج المحلي بنسبة 20 بالمئة، بينما تحصل على الباقي من جمهورية تركمنستان السوفيتية السابقة. وقد برر الجانب الروسي قراره بانتهاء مدة الاتفاق المعمول به مع الجانب الأوكراني وضرورة توقيع اتفاق يتضمن مراعاة ارتفاع أسعار الغاز في السوق الدولية.

انخفاض الإمدادات لدى دول عديدة

Versorgung Europas mit Gas gesichert - Streit
إحدى محطات ضخ الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أوكرانياصورة من: dpa - Report

رغم اقتصار قطع الغاز الروسي على أوكرانيا، فإن تبعاته بدأت بالظهور في الدول الأوربية الأخرى التي تعتمد على الغاز الروسي عبر أنابيب تمر في الأراضي الأوكرانية. ففي هنغاريا صرح ناطق باسم شركة مول MOL لمبيعات الغاز أن الإمدادات انخفضت بنسبة 25 بالمائة. وفي النمسا سجل هذا الانخفاض نسبة 18 بالمئة. كما أعلنت كل من بولندا وسلوفاكيا عن انخفاض مماثل. وقد اتهمت روسيا أوكرانيا بسرقة الغاز الروسي المار عبر أراضيها والمخصص لدول وسط وغرب أوروبا. وقالت مصادر غازبروم إن انخفاض الإمدادات في الدول المذكورة يعني أن كييف تسرق الغاز الروسي لأن قطع الإمداد اقتصر على حصتها. أما أوكرانيا فنفت من جهتها حدوث أعمال سرقة. واتهمت شركة "نفتوغاز" الأوكرانية موسكو بتصعيد الموقف وبممارسة لعبة خطيرة تهدد إمدادات الغاز إلى القارة الأوروبية.

بوادر أزمة أوروبية

Ukraine Russland Streit um Gas Gasprom in Moskau
المبنى الرئيسي لشركة الغاز الروسية العملاقة غازبرومصورة من: AP

قطع الغاز الروسي عن أوكرانيا وتبعاته لا يعني حدوث أزمة طاقة في أوروبا بشكل مباشر. ويعود السبب في ذلك إلى توفر احتياطي لفترة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر في الدول المعنية. غير أن استمرار القطع الجزئي للإمدادات وترجيح تأثر الإمدادات الأخرى بنية كييف رفع الرسوم على مرورها عبر أراضيها ينذر بحدوث أزمة، لاسيما إذا ازدادت شدة البرد ومعها الطلب على الطاقة. وعلى هذا الأساس بدأت دول مثل ألمانيا وهنغاريا التفكير في إيجاد بدائل للغاز الروسي من خلال استخدام النفط واستيراد الغاز من دول أخرى وفي مقدمتها النرويج. وعلى ضوء المخاوف من حدوث أزمة يعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعاً على مستوى خبراء الطاقة بعد غد الأربعاء لمناقشة الأزمة وسبل التوصل إلى حل لها بأسر ع وقت ممكن. الجدير ذكره أن ربع الاستهلاك اليومي لدول الاتحاد مصدره الغاز الروسي. كما أن 80 بالمئة من صادرات الغاز المذكور إلى غرب أوروبا تمر عبر أوكرانيا.

انتقادات وشكوك بمصداقية موسكو

Ukraine Russland Streit um Gas Krisensitzung Viktor Juschtschenko
الرئيس الأوكراني يوتشينكو يبحث مع فريق خاص بإدارة الأزمة سبل التوصل إلى حلصورة من: AP

الخطوة الروسية بقطع الغاز عن أوكرانيا وتبعاتها على عموم القارة الأوروبية قوبلت بانتقادات أوروبية وأمريكية. فقد عبر مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي عن قلقه تجاه الوضع رغم تأكيدات روسيا بأن إمدادات الغاز إلى أوروبا الغربية لن تتأثر. وفي بيان مشترك طالب وزراء الطاقة في ألمانيا وايطاليا وفرنسا والنمسا موسكو وكييف بضمان استقرار تدفق الغاز رغم الأزمة القائمة بينهما. وبدورها انتقدت الولايات المتحدة الخطوة الروسية على أساس أن موسكو تستخدم مواردها من الطاقة كسلاح سياسي حسب وزارة الخارجية الأمريكية. ومما لا شك فيه أن الأزمة الروسية- الأوكرانية ذات خلفيات سياسية تعود إلى أيام "الثورة البرتقالية" التي أقصت المقربين من موسكو عن السلطة وأتت بالرئيس الأوكراني الحالي يوشينكو إلى الحكم. ويثير يوشينكو غضب موسكو الشديد على ضوء محاولاته ضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ومما يعنيه ذلك توسيع حدود الحلف لتشمل بلد كان حتى عهد قريب من أهم حلفاء موسكو بين دول الاتحاد السوفيتي سابقاً.

أضرار جسيمة بالسياسة الخارجية الروسية

Wladimir Putin Gasstreit Russland Ukraine
ازمة الغاز تلحق ضرراً كبيراً بطموحات بوتين على صعيد السياسة الخارجيةصورة من: AP

بغض النظر عن مبررات القرار الروسي فإن إقدام موسكو على خطوة قطع إمدادات الغاز يسئ إلى سمعتها دولياً. كما أنه يقضي على استراتيجية بوتين الهادفة على المدى المتوسط إلى زيادة نفوذ موسكو على مسرح السياسية الخارجية الدولية من خلال مصادر الطاقة التي تتمتع بها، وذلك على حد قول انغو مانتويفل، الخبير في الشؤون الروسية. ومن خلال إجراء كهذا تبدو روسيا شريكاً لا يُعتمد عليه على صعيد إمدادات الطاقة. ولعل من سخريات الأقدار حسب مانتويفل أن موسكو ستتولى رئاسة مجموعة الدول الثماني G8 خلال هذا العام للمرة الأولى. وقد أعلنت قبيل ذلك أن إمدادات النفط العالمية ودور روسيا في ضمانها سيكونان أهم محورين خلال رئاستها. غير أن أضراراً جسيمة لحقت بموسكو وباستراتيجيتها على صعيد السياسة الخارجية على ضوء تفاقم الأزمة الروسية - الأوكرانية ووصولها الى حد قطع إمدادات الغاز.

أهمية قرار المستشار السابق شرودر

وإذا كان القرار الروسي قد ألحق الضرر بسياسة موسكو الخارجية، فإنه برهن من جهة أخرى على بعد نظر المتسشار السابق غيرهارد شرودر وأهمية قراره بتولي رئاسة المجلس الإداري لشركة ألمانية - روسية للطاقة تدعى شركة أنابيب غاز شمال أوروبا (NEGP). وستقوم هذه الشركة بمد أنبوب للغاز عبر بحر البلطيق إلى شمال ألمانيا. ومما يعنيه ذلك عدم تأثر إمدادات الأخيرة من الغاز الروسي مستقبلاً بالخلافات بين روسيا وجيرانها الغربيين وفي مقدمتهم بولندا وأوكرانيا. ويتم تزويد ألمانيا حالياً بإمدادات الغاز الروسي عبر هذين الدولتين اللتين تطلبان رسوماً عالية على هذه الإمدادات. غير أن المشكلة لا تنحصر فقط بالرسوم العالية، وإنما بالخلافات السياسية العديدة بين موسكو من جهة وهاتين الدولتين إضافة إلى العديد من دول وسط وشرق أوربا من جهة أخرى. وتتمحور هذه الخلافات حول علاقات هذه الدول المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات