1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"فتوى" توريث البنات.. خطوة نحو المساواة في الميراث بمصر؟

٢٢ سبتمبر ٢٠٢١

الفتوى بـ"حق الأب في كتابة أملاكه لبناته لحماية حقوقهن" تفتح بابا لجدل يثار من حين إلى آخر في مصر حول مسألة المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة وموقف الشريعة. فهل ينبئ الجدل بتغيير ما قريب أسوة بتونس؟

https://p.dw.com/p/40cty
هل تشهد مصر "تغيرا تدريجيا للمواقف التقليدية" بما يدفع لتبني أفكار جديدة من قضايا متعددة، على رأسها المساواة في الإرث؟
هل تشهد مصر "تغيرا تدريجيا للمواقف التقليدية" بما يدفع لتبني أفكار جديدة من قضايا متعددة، على رأسها المساواة في الإرث؟صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany

"والله عيب"، هكذا وصف مفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة موقف رافضي "قيام الأب بكتابة أملاكه لبناته لحماية حقوقهن وسترهن في الدنيا".

ففي حوار تليفزيوني معه، أشار جمعة إلى أن تقسيم الميراث بحسب الشريعة الإسلامية "مختلف" عن تصرف المالك في ماله وأملاكه وهو على قيد الحياة. وأكد جمعة، العضو بهيئة كبار العلماء في مؤسسة الأزهر، على "عدم المساس بأحكام المواريث" وإنما توضيح أنها "تدخل حيز التطبيق بعد الموت وليس قبله حيث يتمتع المالك أثناء حياته بحق التصرف في أمواله كيفما يشاء دون عدوان أو إهدار".

من  يفعل  ذلك  مصيره  "نار  جهنم"؟

وأثارت تصريحات جمعة عاصفة من التعليقات، تصدرها اعتراض الداعية الإسلامي والأستاذ بجامعة الأزهر مبروك عطية على "فتوى" مفتي مصر السابق.

وأشعل عطية الجدل بحديث تليفزيوني عن أن كتابة الأب ماله لبناته "هتوديه (ستدخله) نار جهنم"، على حد تعبيره، إذ يرفض عطية "ادعاء البعض بأن كل شخص حر في ماله، وخصوصاً في مسألة الميراث". ويرى عطية أن الضوابط الشرعية "ليست قيودا بل ضمانات للمصالح"، مشيرا إلى أن الحكمة من جعل حظ الذكر مثل حظ الأنثيين هي "كالحكمة من فرائض الصلاة يجب التمسك بها دون تأويل".

ولم يتوقف الأمر لدى ذلك حيث انضم أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية الدكتور أحمد كريمة للحوار الدائر برفضه حديث عطية عن "الدخول للنار" قائلاً إنه "لا حرج" على الأب لدى كتابة أملاكه للذكور والإناث أو الإناث فقط.

كما طالب كريمة مؤسسات المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة "بتنظيم قوافل من الوعاظ والعلماء لشرح كل ما يتعلق بالميراث"، واصفا محاولات منع البنات من حقهن بـ "فعل الجاهلية".

لتحسم دار الإفتاء المصرية الأمر في النهاية وتؤكد، عبر صفحتها الرسمية على موقع الفيسبوك، على أن "التسوية بين الأولاد في العطاء والهبة أمر مستحب شرعاً".

بيد أنها أضافت أن "الشخص الواهب قد يخص بعض أولاده بعطاء زائد عن البقية؛ لحاجة كمرض أو صغر سن أو مساعدة للزواج أو مساعدة على التعليم والدراسة ونحو ذلك مما يستدعي الزيادة في العطاء والهبة، فلا يكون الإنسان حينئذ مرتكباً للظلم، ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنه تصرف فيما يملك حسب ما يراه مُحققا للمصلحة".

 

محاولة "الخروج" من  المأزق  التونسي؟

وبعيدا عن الاختلاف الفقهي حول الأمر بين أساتذة الشريعة الإسلامية، أشارت الباحثة في حقوق المرأة والإسلام والمسؤولة عن الإعلام بحركة مساواة الدولية، رشا دويدار، إلى ظهور "توجه أكثر شجاعة" لدى رجال الدين والمؤسسات الدينية في طرح قضايا دائما ما كان هناك تحفظ بشأن طرحها.

وفي حوار أجرته DW عربية، تقول دويدار: "يتطرق رجال الدين اليوم لقضايا أغلبها يتعلق بحقوق الإنسان، وهناك شعور بوجود انحياز بسيط نحو قضايا المرأة ولكن دون المساس بالثوابت التقليدية. فلن يتحدثوا مثلا عن المساواة الكاملة في الميراث كما حدث في تونس، لا أتوقع أن يصل الأمر لهذه الدرجة".

وعي عام 2018 ، لم يتسبب إعلان تونس عن قانون للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة في إثارة الجدل في تونس فقط، إذ وصل الأمر إلى مصر وأعلن مفتي الديار المصرية حينها أن القانون التونسي الجديد "مخالف للشريعة الإسلامية".

إعلان تونس عن قانون المساواة في الميراث أطلق حوارا امتدت إلى مصر حول "الثوابت الدينية".
إعلان تونس عن قانون المساواة في الميراث أطلق حوارا امتدت إلى مصر حول "الثوابت الدينية".صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid

وترى دويدار أن إثارة بعض رجال الدين في مصر الآن لمسألة توزيع الممتلكات أو الأموال قبل وفاة صاحبها هي محاولة "للخروج" من مشاكل تحدث بشكل متكرر حيث تقول: "تقع على أرض الواقع العديد من الخلافات عند تقسيم الميراث، فضلا عن تعقيد الإجراءات في كثير من الأحيان. ولأن الكثير من علماء الدين في مصر على دراية بالوضع، دفعهم هذا لمحاولة الخروج من المشكلة بدون الحاجة إلى الصدام مع النصوص الدينية المكتوبة وأحكام المواريث كما حدث في تونس".

كما تشير الباحثة المصرية إلى صدام من نوع آخر حيث تؤكد على أهمية الجانب المتعلق بالأدوار والحقوق الاقتصادية في المجتمع.

وتشرح فكرتها بالقول: "نلاحظ عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاومة شديدة من جانب الكثير من الرجال، وكأن الأدوات التي تمكنهم من التحكم ماديا أو اجتماعيا في النساء يتم سحبها منهم. فبسبب تحمل الرجل لمسؤولية الإنفاق، دائما ما يرى أن له سلطة ما على المرأة، وهو الأمر الذي يمتد أيضا لمسألة تقسيم الميراث".

"إرادة سياسية؟"

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد طرح مؤخرا، من خلال بضعة تصريحات تليفزيوينة، ما وصفه بـ "قضية الوعي بالدين" و"ضرورة إعادة صياغة فهمنا للمعتقد الديني"، على حد تعبيره. كما تحدث الرئيس المصري عن "حالة تشكلت منذ عام 2011 في مواجهة التطرف والإرهاب" تسببت في "تراجع الميل للدين بشكل مطلق دون تفكير"، وأضاف أن "ثوابت الدين لا يمكن أن نتناقش فيها ولكن يمكن مناقشة الأمور الفقهية مع تطور الحضارة"، على حد قوله.

الدين في الدساتير العربية .. عبارات فضفاضة ونصوص متباينة

وفي لقاء مع الوفد المشارك في المؤتمر العالمي لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والذي نظمته دار الإفتاء المصرية الشهر الماضي، أكد السيسي على "أهمية تصحيح الخطاب الديني على مستوى الأفراد والجماعات والدول"،والمسؤولية التي تقع على عاتق المؤسسات الدينية لتحقيق ذلك.

وإلى جانب قضية توريع الإرث، تنبه دويدار إلى ضرورة "النظر للصورة الأكبر" والتغيير التدريجي للمواقف والانطباعات التقليدية السائدة في المجتمع حيث تقول: "توجد مبادرات من جانب السلطة السياسية والمؤسسة الدينية في مصر. ويمكن البدء في مراجعة الخطاب الديني وإعادة التفكير في بعض الأمور، ولكن هذا لا يعني أن يسير الأمر بالضرورة في مسار حقوق المرأة على وجه التحديد وإنما يمكن أن يتحقق في مسار آخر عام".

دينا البسنلي

أنا امرأة، لماذا لم أحصل على حقوقي كاملة؟