1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تصريحات خدام الأخيرة: صحوة ضمير بعد أربعة عقود من خدمة النظام؟

٣ يناير ٢٠٠٦

تصريحات نائب الرئيس السوري السابق خدام خلقت جواً من التشاؤم في الشارع السوري ووضعت نظام الأسد أمام مأزق جديد. الملفت للنظر أن هذه التصريحات صدرت عن شخص خدم النظام على مدى أربعة عقود، فهل يملك مصداقية بعد؟

https://p.dw.com/p/7jmL
الأسد (يسار) ونائبه المنشق خدامصورة من: AP

وجه نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام انتقادات خطيرة إلى نظام الرئيس بشار الأسد. ومن جملة ما جاء فيها توجيه أصابع الاتهام إلى رأس النظام في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وعرقلة عملية الإصلاح وعدم الجدية في محاربة الفساد إضافة إلى التفرد في السلطة. وقد أدلى خدام بتصريحاته هذه إلى قناة العربية مساء الجمعة الماضي (30 ديسمبر/ كانون الأول 2005) من قصره الباريسي بعد أربعة عقود قضاها في خدمة نظام الأسدين، الأب الراحل حافظ والابن بشار الأسد.

ردود الأفعال السورية

Das syrische Parlament in Damaskus
مبنى البرلمان السوري في دمشقصورة من: dpa

وقد أحدثت التصريحات التي أدلى بها نائب الرئيس السوري دوياً كبيراً على مختلف الأصعدة العربية والدولية. وذهب بعض المراrبين إلى تشبيهها بالزلزال الذي يشبه عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق الحريري. ففي الشارع السوري ساد جو من "التشاؤم والسخط"، لاسيما وأن الناس كانت تتوقع بعض الانفراج على ضوء الشكوك التي أحاطت بمهنية تقرير لجنة التحقيق الدولية خلال الأسابيع الماضية وفقاً لما يذكره الدكتور بسام حمود من جامعة تشرين السورية. وبدورها قررت الحكومة السورية محاكمة خدام بتهمة الخيانة العظمى وارتكاب جرائم فساد ومصادرة جميع ممتلكاته بناء على طلب تقدم به رئيس مجلس الشعب السوري.

وردود الأفعال اللبنانية والدولية

Libanon Bombenanschlag ehemaliger Premierminister Rafik Hariri getötet
عملية التفجير التي أدت إلى مقتل رفيق الحريري في بيروتصورة من: AP

وفي لبنان اختلفت الآراء حول هذه التصريحات. حلفاء دمشق من جهتهم اعتبروها جزءا من حملة إعلامية مبرمجة ضد سوريا. وفي هذا الإطار نفى الرئيس اللبناني اميل لحود اتهامات خدام له بتحريض الأجهزة الأمنية ضد رفيق الحريري. أما تيارات المعارضين لسوريا فرحبت بتصريحات خدام على أساس أنها دليل جديد على تورط قيادة الرئيس بشار الأسد في عمليات الاغتيال التي شهدها لبنان. واعتبر النائب اللبناني سعد الحريري تصريحات خدام بأنها بمثابة شهادة تاريخية تصب في مصلحة لبنان والحقيقة على حد تعبيره. وعلى صعيد التحقيق في اغتيال الحريري طالبت لجنة التحقيق الدولية باستجواب الرئيس بشار ووزر خارجيته على ضوء تصريحات خدام. غير أن دمشق ردت على ذلك بالرفض. وقال أحمد الحاج علي المسؤول في حزب البعث الحاكم في دمشق إنه لن يكون هناك إمكانية لتحقيق طلب اللجنة لأن الأمر يمس سيادة سوريا واستقلالها.

ما وراء تصريحات خدام

Korruption in größeren Mengen
عبد الحليم خدام بدوره أحد أكبر رموز الفساد في سورياصورة من: AP

نظرا إلى أن خدام شغل أعلى المناصب في قيادة حزب البعث وفي الحكومات السورية المتعاقبة على مدى حوالي 40 سنة، فإن تصريحاته على الأرجح لا تعكس حرصاً على دعم الإصلاح ومحاربة الفساد في بلاده. وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أن الأمر لا يتعلق هنا بمدى صحة التصريحات على هذين الصعيدين، لأن الجميع يعرف أن سوريا بحاجة إلى إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة. والمشكلة تكمن هنا في أن المطالبة بهذه الإصلاحات جاءت من شخص كرس حياته لخدمة النظام الذي يطالبه بها. كما أن هذا الشخص نفسه ظل من المعادين لها طوال توليه موقع المسؤولية. ويدل على ذلك وقوفه الدائم ضد الانفتاح السياسي وتعدد الأحزاب وحرية الرأي. وفي هذا الإطار أتذكر أنني كتبت قبل بضع سنوات مقالاً في جريدة الحياة حول ضرورة إصلاح قطاعي القضاء والتعليم ومحاربة الفساد فيهما. فما كان منه إلا أن اتصل شخصياً برئيس الجامعة التي كنت أعمل فيها آنذاك وطلب منه اتخاذ اللازم بحقي على أساس أنني تجاوزت الحدود المسموح بها. ويعرف عن خدام كذلك ضلوعه في عمليات الفساد حتى العظم. ولعل من أبرزها تورطه وبعض أبنائه في طمر نفايات نووية في البادية السورية مقابل الحصول على مبالغ كبيرة. ويسميه بعض سكان مدينته بانياس على الساحل السوري "مبلط البحر". وهو يريدون من وراء ذلك التدليل على ضخامة الثروة التي يملكها إلى الحد الذي مكنه من ردم البحر هناك من أجل تشييد قصوره وإقامة مرفأ خاص به هناك. إزاء ذلك يرجح أن يكون هناك دوافع أخرى بينها الانتقام الشخصي من القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد. ويقف وراء ذلك خروجه من مؤتمر حزب البعث أواسط العام الماضي 2005 بخفي حنين. وقد شكل ذلك مقدمة لاستقالته من مناصبه السياسية لاحقاً.

مأزق جديد يواجه قيادة دمشق

25.02.2005 Volker Perthes
فولكر بيرتس أحد أشهر الخبراء الألمان في الشؤون السياسية الشرق أوسطيةصورة من: dw-tv

وبغض النظر عن دوافع تصريحات خدام فإنها وضعت القيادة السورية أمام مأزق جديد بعد سلسلة مآزق واجهتها خلال السنة الماضية. فهي تعني من جهة انشقاق واحد من أهم رموز النظام وخدامه الأمينين حتى عهد قريب. من جهة أخرى فإن هذا الشخص على إطلاع واسع بالملف اللبناني الذي كان مسؤولا عنه لمدة طويلة قبل وزير الداخلية السوري السابق غازي كنعان. ومما يعنيه ذلك أن تصريحاته ذات مصداقية، وذلك على حد قول الخبير الألماني فولكر بيرتس في مقابلة مع راديو دويتشه فيله. ويضيف بيرتس أن هذه التصريحات تؤكد ما ذكره شهود حول التهديدات التي وجهها الرئيس الأسد إلى رفيق الحريري خلال آخر لقاء به. أما الدكتو سمير عيطه مدير القسم العربي في صحيفة لوموند ديبلوماتيك فيرى في مقابلة مع الاذاعة نفسها أن الخطر يكمن في انعكاسات هذه المصداقية على لحمة الشارع السوري الذي يرى أن لجنة التحقيق الدولية تمثل مؤامرة ضد بلدهم. ويذكر عيطة إن المشكلة تكمن في أن شخصاً من داخل القيادة السورية ثبت الشبهة على النظام الحالي بشأن ضلوعه باغتيال الحريري. أما الخبير الألماني بيتر فيليب والمعلق في مؤسسة دويتشه فيله فيرى أن تصريحات خدام تعيد النظر بشكل أساسي في الصورة المنقولة عن الرئيس الأسد كرجل إصلاح في وجه عناصر "الحرس القديم" الذين واكبوا والده وفي مقدمتهم عبد الحليم خدام. ويضيف فيليب أنه وبغض النظر عن دوافع خدام التي ليست شخصية فقط، فإنها تعني المزيد من الضغوط على الرئيس بشار الأسد في وقت كان يتوقع فيه عكس ذلك.

ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد