يوم دام في بغداد في ظل إشارات إلى حسم خلافات الدستور

في تصعيد لأعمال العنف هو الأول من نوعه منذ أسابيع، تعرضت العاصمة العراقية صباح اليوم الأربعاء لسلسلة انفجارات وعمليات انتحارية أسفرت وفقا لمعلومات متطابقة عن مقتل أكثر من 100 عراقيا على الأقل وجرح العشرات. وفي وقت بدأت فيه الجهات العراقية المختصة بتعديل بياناتها بخصوص عدد ضحايا الانفجار الذي تعرض له حي الكاظمية ذي الأغلبية الشيعية وسط بغداد، أعلنت الشرطة العراقية عن وقوع انفجار هز منطقة أخرى وراح ضحيته 11 مواطنا كانوا مصطفين لتعبئة اسطوانات الغاز. ووفقا لرأي معظم المختصين، فإن الضربات الانتحارية التي تجددت صباح اليوم في بغداد جاءت "كرد جبان" على عملية "عودة الحقوق" التي تشنها قوات عراقية وأمريكية في تلعفر شمالي بغداد. وفي هذا السياق قال الصحافي العراقي إخلاص عباس في حديث خص به موقعنا إنه "يلاحظ ربطا "بين الهجمات الإرهابية التي راح ضحيتها مواطنون أبرياء اليوم في العاصمة العراقية وعملية "عودة الحقوق" التي تشنها القوات العراقية والأمريكية في تلعفر. أما بخصوص ما إذا كان هناك علاقة بين نشاط الإرهابيين في الأراضي العراقية وإعلان الحكومة العراقية المؤقته عن انتهاء العمل في مسودة الدستور واقتراب تسليمه للأمم المتحدة، فقد قال الصحافي إن الإرهابيين "لا يهدفون من خلال أعمالهم إعاقة تقديم مسودة الدستور أو معارضتها، بل ضرب العملية الديمقراطية ووضع العثرات أمام سعي العراقيين إلى ترسيخ الأمن في بلادهم والعيش بسلام،" على حد قوله.

"القاعدة" تتبنى الهجمات

ولم يتأخر تنظيم "القاعدة" الإرهابي في الإعلان عن مسؤوليته عن سلسلة الهجمات، فقد جاء في بيان منسوب إلى التنظيم في بلاد الرافدين الذي يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي أن "القاعدة" تشن حملة هجمات في الأراضي العراقية ردا على الهجوم العسكري الذي تشنه القوات الأمريكية والعراقية في تلعفر، وفقا لما ورد في البيان الإلكتروني.

الطالباني يرفض جدولة الانسحاب

في غضون ذلك، فاجأ الرئيس العراقي جلال الطالباني المراقبين، رافضا عقب لقاء مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في واشنطن جدولة انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية. ووفقا لخبراء الشأن العراقي، فإن الطالباني ناقض بذلك تصريحات سابقة أعلن من خلالها في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن وزارة الدفاع الأمريكية ستسحب ما يصل إلى 50 ألف جندي بحلول نهاية العام الجاري. وحسب تصريحات الرئيس العراقي الأخيرة، فإن انسحاب جزء من القوات الأمريكية "سيؤدي إلى تقوية شوكة الإرهابيين ومساعدتهم على تصعيد أعمالهم الإرهابية،" على حد تعبيره. من جانبه ما زال الرئيس الأمريكي متمسكا بموقفه الرافض لتحديد جدول زمني لانسحاب قوات بلاده من العراق، قائلا إنه يجب تعزيز قدرات القوات العراقية كشرط لتنفيذ خطة الانسحاب.

زيباري: دمشق تقوم بلعبة خطيرة

وعلى صعيد مسألة ضبط الحدود السورية ـ العراقية ومنع تسلل مقاتلين من الأراضي السورية إلى العراق، كرر الرئيس الأمريكي جورج بوش اتهاماته لحكومة دمشق بعدم بذل الجهود اللازمة والتقاعس عن التعاون لحماية الحدود مع العراق ومساندة الحكومة العراقية في توطيد أمنه واستقراره. ولم تقتصر تحذيرات الرئيس الأمريكي على ضرورة ضبط حدودها مع العراق، بل امتدت لتشمل القرار 1559 المتعلق بالشأن اللبناني وتعاونها الكامل مع لجنة التحقيق الدولية بخصوص مقتل الرئيس اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وعزا بوش تحذيراته لحكومة دمشق بفرض مزيد من العزلة عليها بعدم تعاونها مع الحكومة العراقية لتوطيد الأمن فيه وإلى قلة شفافية دمشق في التعامل مع الملف اللبناني، في إشارة منه إلى قضية مقتل الحريري. في السياق ذاته، جاءت تصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في هذا الخصوص أكثر حدة، فقد اتهم الحكومة السورية بالتقصير في ضبطها للحدود المشتركة مع بلاده، قائلا إن دمشق "تلعب لعبة خطيرة من خلال سماحها للمتمردين بدخول الأراضي العراقية."

حملة توعية بالدستور

أما بخصوص الدستور، فقد تزامن إعلان المسؤولين العراقيين عن الانتهاء من مسودته ونيتهم في تقديمها اليوم الأربعاء للأمم المتحدة مع انطلاق حملة توعية حوله تهدف إلى إطلاع وتعريف وتثقيف المواطنين في المناطق النائية على مواده. وكان نائب رئيس لجنة الصياغة فؤاد معصوم من قائمة التحالف الكردستاني أعلن أنه تم إزالة آخر الخلافات بشأن المسودة وأنه سيتم تقديمها اليوم الأربعاء إلى الأمم المتحدة ومن ثم طباعته وتوزيعه على المواطنين. وحسب المسؤولين العراقيين، فإنه سيتم مناقشة بعض مسائل المسودة المتعلقة بهوية العراق والمصادر الرئيسية بالتشريع وحقوق الأقليات والحريات العامة ومسائل أخرى تستحق النقاش.

ناصر جبارة ـ دويتشه فيله