1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مهرجان كان بين الوفاء لقيم الفن وتداعيات السياسة

يعد مهرجان كان السينمائي أحد أكثر التظاهرات الفنية إخلاصاً لفن السينما، وعلى الرغم من تأكيد منظميه على عدم علاقته بالسياسة، إلا أن تداعيات وقائع السياسة العالمية ستظل دوماً تلقي بظلالها على فعالياته.

https://p.dw.com/p/6fCS
شعار مهرجان كان 2005صورة من: AP

لا يزال مهرجان "كان" السينمائي أشهر مهرجان عرض واحتفاء بالأفلام فائقة الجودة في العالم، كما أنه أكثرها إخلاصاً والتزاما بقيم الفن الخاص ورسالته الإنسانية رغم الجدل الإعلامي حول تداعيات وقائع السياسية الدولية على مجري أحداثه وفعالياته. فالكل منا يتذكر الضجة الكبيرة التي أثيرت أثر فوز المخرج الأمير كي مايكل مور بالسعفة الذهبية 2004 عن فيلم "فهرنهايت 11/9"، حيث اتهمت هيئة التحكيم "بـتسييس" هذا التظاهرة الفنية وبخيانة قيم الفن الخاص. كما ساهمت انتقادات مايكل مور الواضحة للرئيس الأميركي جورج بوش واقتران حصوله على الجائزة بالغضب الذي اجتاح أوروبا بسبب الحرب على العراق وحرب الولايات المتحدة على الإرهاب بوجه عام في تقوية هذا الانطباع وإضفاء صبغة سياسية المهرجان.

انتقادات وعودة إلى الفن الخالص

Filmfestival in Cannes 2005 Jury Eröffnung
أعضاء لجنة التحكيم في مهرجان كان 2005صورة من: AP

وعلى الرغم من أن يومية "نيويورك تايمز" الأمريكية لم تكن مُحقة عندما انهالت قبل سنتين بالشتائم على مهرجان "كان"، واصفة مهرجان المهرجانات بأنه "أسوأ مهرجان سينمائي" بعد فوز مايكل مور بالجائزة السابقة للذكر، إلا أن هذا الحدث ألقى بظلاله على استعدادات منظمي دورة هذا العام أيضاً. وبالفعل استبق رئيس المهرجان جيل ياكوب افتتاح الدورة الثامنة والخمسين مساء اليوم بتقديم الوعود بحضور نجوم سينمائيين هولووديين وغير هولووديين مثل وودي آلن ودافيد كروننبرغ والصربي أمير كوستوريتسا والدنماركي لارس فون ترير والألماني فيم فاندرز. وحسب ياكوب فإن دورة هذا العام لن تقتصر على حضور النجوم من كل حدب وصوب، بل أنه وعد أيضا بتقديم "بضاعة ممتازة" ومن الولايات المتحدة كذلك والتركيز على محورين: ضرورة الالتقاء بين صناع الأفلام والجمهور وعولمة المهرجان. ويشارك في البرنامج الرئيسي لمهرجان هذا العام سبعة أفلام أمريكية أربعة منها خاضعة للمنافسة وهي فيلم "الأيام الأخيرة Last Days " للمخرج غوس فان سانت الذي سبق له وأن فاز بسعفة المهرجان الذهبية و"الوردة المكسورة Broken Flowers" للمخرج جيم جارموسش الذي يعود في هذا العام إلى المهرجان بعد انقطاع دام عدة سنوات و"The Three Burials of Melquiads Estrada " للممثل الأمريكي تومي لي جونز في أول تجربة إخراجية له.

لا مفر من حضور السياسة

Medienrummel um Michael Moore in Cannes
مايكل مور الفائو بالسعفة الذهبية في عام 2004صورة من: dpa

والرغم من الإنتقادات الحادة فإن المهرجان فى هذه الدورة، ومنذ اليوم الأول للافتتاح لم يبتعد عن تأثير السياسة. والدليل على ذلك أنه عرض فى اليوم الأول الفيلم الكردى الفرنسى المشترك "كيلومتر صفر"، وهذا يعنى اعترافا بأن الأكراد دولة وليسوا فقط مجرد أقلية تقيم بين عدة دول. وعلى هذا النحو منح المهرجان الأكراد أول وثيقة رسمية بقيام دولتهم فى شمال العراق وكأنه يقف مؤيداً لتقسيم العراق إلى دول مختلفة تخضع للاختلافات العقائدية والعرقية.

MIPCOM 2004
رمز مهرجان كانصورة من: AP

تدور أحداث فيلم "كيلومتر صفر" للمخرج العراقي هونر سليم في منطقة كردستان العراقية خلال الحرب العراقية- الايرانية عام 1988 ويروي قصة شاب كردي يجبر على دخول الجيش ويرسل الى الجبهة في المرحلة التي سبقت نهاية تلك الحرب. وحين يكلف الشاب آكو من قبل قيادته بمرافقة جثمان شهيد والعودة به الى اهله مع إذن بعبور ما يزيد عن سبعمئة كيلومتر، يكون عليه ان يصاحب سائقا عربيا لساعات طويلة على طرقات العراق وبين جباله في منطقة كردستان. ينجح الفيلم في تصوير مدى القهر والقلق والغضب الكامن في قلب كل عراقي على الجبهة أو في الداخل من خلال السائق وآكو الذي كان يرغب في الرحيل لكن زوجته المرتبطة بابيها المسن المريض رفضت مغادرة البلد. ويتحول الفيلم الى نوع من رحلة عذاب طويلة يتبادل خلالها آكو والسائق الشتائم ويظهر كل منهما للاخر مدى كراهيته له. لكن العلاقة بينهما لا تتطور وتراوح مكانها فيما يعكس سياسيا انقسام المجتمع العراقي بسبب ما عاشه هذا البلد وممارسات النظام السابق.

ولادة مهرجان "كان" من رحم السياسة

Filmfestival in Cannes 2005 Jury Eröffnung
أعضاء لجنة التحكيمصورة من: AP

أنشئ مهرجان كان بمبادرة من فيليب إيرانجيه كرد فعل على مهرجان "موسترا" الذي حاولت ألمانيا الفاشية وحليفتها إيطاليا الهيمنة الكلية عليه. وقرر أصحاب المبادرة إرساء مهرجان جديد يدافع عن "قيم العالم الحر" وخاصة بعد قيام مهرجان "موسترا" بتكريم أفلام تروج للدعاية النازية في عام 1938. كما فرضت موازين القوى نفسها على أحداث المهرجان في حقبة الحرب الباردة، ففي الخمسينات من القرن الماضي كان اختيار لجنة التحكيم مناصاً بحكومات الدول المشاركة فيه، وفي عام 1972 تبنت ادارة المهرجان بنداً ينص على منع أي فيلم "يجرح المشاعر القومية" لدولة ما. وعندما خفت حدة المواجهة بين القطبين الشيوعي والرأسمالي، طلبت الصين وألمانيا الشرقية من فرنسا دعوتهما رسمياً إلى المشاركة في المهرجان، وهو ما أعطاه رونق العالمية رغم بقائه عرضة للضغوط السياسية.

ناصر جبارة/ لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد