1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ملف اغتيال القديس فالنتاين

١٦ فبراير ٢٠١٢

يرى هادي جلو مرعي أن حادثة اغتيال القديس فالنتاين ما تزال تحاكي الضمائر البشرية، وتوقد فيها جذوة الرفض للظلم والجبروت والقسوة المتناهية والبغض الذي يعتمل نفوس الطغاة والمرضى بالشر والعهر.

https://p.dw.com/p/SBCb
صورة من: AP

هذا القديس رفض النزول عند حكم سلطان جائر وأراد للعلاقات الإنسانية أن تكون في دائرة اللذة المحرمة ،والاستمتاع خارج الدائرة القيمية ،ورفض بقوة تلك التعاليم الباطلة وأخذ يقيم مراسيم عقد القران الرسمية في الكنيسة، ودفع حياته ثمنا لذلك التحدي.

روي من بين عديد الروايات التي تحدثت في أصل هذا العيد، وأسباب قيام الناس بالاحتفال به في بلاد المسيحية حول العالم ،لكن الأقرب الى الصحة، أو الى الفائدة من سواها هي الرواية التي ذكرها أحد الباحثين الإسلاميين المعترضين على مشاركة المسلمين في الاحتفال بعيد الحب، التي تقول):إن كلوديوس حاكم الإمبراطورية الرومانية العظيمة وجد صعوبة في تجنيد جميع رجال روما للحرب ، فلما بحث في سبب عدم مطاوعة الناس له لفي التجنيد تبين له عدم رغبتهم في ذلك هو إن الرجال المتزوجين كانوا يكرهون إن يتركوا أهليهم ويخرجوا معه فما كان منه حينئذ إلا إن منع الزواج وضيقه فجاء القس " فالنتاين " ليخالف أمر الإمبراطور فكان يزوج الناس في الكنيسة سراً فاعتقله الإمبراطور فقتله في الرابع عشر من فبراير 269م).

مرت قرون عديدة على رحيل القديس فالنتاين ،ومازال الناس يحيطون ذكراه بالعناية والحب ،ويحيون المناسبة في الرابع عشر من فبراير كل عام، ويوزعون الهدايا والورود الحمراء المعبرة عن الحب والسلام والأمنيات الطيبة.

تجاوز لقدسية الحب

خرج البعض عن أخلاقيات الإنسان المتزن، وصار يسئ الاحتفال بالمناسبة، ويتفنن في ذلك ،وشهدت بعض المدن الأوربية والأمريكية تجاوزات خطيرة حيث قام بعض باعة هدايا عيد الحب بكتابة عبارات إباحية على الهدايا التي يقدمونها للأطفال،ما أثار حفيظة الأسر التي استلمتها، أو التي وقعت عيونهم عليها.

ليس لهذا العيد من ذكر في الأدب الإسلامي،واحتفالات المسلمين معروفة لكن ليس بالإمكان منع الناس من أن يحتفلوا شرط عدم التجاوز ،أو ممارسة ما يخل بالآداب العامة،لذلك أخذ الناس في البلدان العربية والإسلامية يحتفلون بيوم عيد الحب كما لو أنهم يحتفلون بعيد الأضحى أو الفطر،ولربما مضت العادة في ذلك كما هي في احتفالات رأس السنة الميلادية،حيث يحتفل المسلمون بما يفوق احتفالهم برأس السنة الهجرية،وهذا يعود في الغالب الى سطوة الغرب وعاداته وثقافاته على البلدان التي في أغلبها كانت مستعمرة من دوله، والتي تمتلك القدرة على التوصيل بعد النشاط الثقافي والتجاري والاقتصادي والاستعماري، وما عاضده من تقنيات حديثة ساهمت في نشر تلك الثقافات.

وسواء كانت المناسبة مرتبطة بتراث إسلامي، أو كانت من عنديات الغرب والديانات الأخرى فلا بأس من مشاركة الآخرين الاهتمام بها لنشر مبادئ المحبة والتسامح والتصالح والتواصل بين الشعوب ومعرفة عاداتها وتقاليدها.

في البلاد العربية مازالت أزمة السياسة، وأجواء عدم الثقة تطبع المشهد العام بعد سنوات قضاها تحت سلطات الاحتلال كما في العراق ،أو في ظل الفوضى والدكتاتورية والتناحر السياسي كما في تونس ومصر وسوريا وليبيا والجزائر واليمن والبحرين والسودان وموريتانيا والصومال ولبنان ،ومرت بظروف صراع طائفي وسياسي أرهق الناس وأتعبهم وأفقدهم الكثير من طاقة المواصلة والرغبة في الحياة ،وهم يستثمرون كل اللحظات السعيدة ليكونوا في المشهد ولتخفيف تركيز الأحزان والهموم في نفوسهم المرهقة،وربما كانت ذكرى فالنتاين واحدة من المناسبات العالمية السعيدة التي لابد أن تكون جزءا من التراث الفكري والروحي الإنساني الذي يمكن أن يساهم في تقريب الشعوب ومنحها فرصة المحبة والخلاص من العذاب.

هادي جلو مرعي

مراجعة ملهم الملائكة