1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مامادو يختار الهجرة العكسية لتحقيق حلمه وتنمية قريته

١ أغسطس ٢٠٢١

إنها قصة مهاجر سري اختار العودة من أوروبا لتحقيق حمله وتنمية فريته في السنغال، وذلك بعد رحلة خطرة وغربة دامت لسنوات في بلد لم يكن بالنسبة إليه سوى محطة مهدت له الطريق لتحقيق حلمه. فما هي قصة مامادو ديا؟

https://p.dw.com/p/3yGHZ
الشاب السنغالي مامادو ديا
مامادو ديا هاجر إلى أوروبا ووصل إلى إسبانيا وعاش فيها لسنوات لكنه قرر بعدها العودة إلى قريته في السنغال صورة من: privat

شاب سنغالي ينحدر من غانديول، قرية صيد في شمال السنغال، غادرها سنة 2006 متوجها نحو إسبانيا في رحلة خطرة قد تنهي كل أحلامه، وكان أكبرها حينها الوصول إلى فرنسا لاستكمال دراسته الجامعية.

فكرة الهجرة غير القانونية جاءت بعدما تم رفض منحه التأشيرة الفرنسية مرتين. يقول مامادو في حديثه لمهاجر نيوز "قررت الخروج في الرحلة الأخطر في مسار حياتي متجها من قريتي نحو جزر الكناري، بحثاً عن مستقبل أفضل في أوروبا الحضارية". لكن مامادو تفاجئ بشدة من واقع تسميته "المهاجر السري أسود البشرة، كانت عبارة قاسية جداً وجارحة وتبعاتها مرهقة للغاية".

الحياة في أوروبا حسب مامادو "صعبة على المهاجرين الأفارقة، كثيرة هي الجهات والأشخاص الذين يتربصون بهم، الأشخاص العنصريون وقوانين الهجرة غير العادلة.."، هؤلاء المهاجرون حسب مامادو "لم يسعوا للوصول إلى أوروبا اعتباطا بل اضطروا للتوجه إليها لأسباب قاهرة، فلا أحد يختار أن يترك أهله ويغامر بحياته".

نقطة التحول

بعد مرور سنة على تواجده في إسبانيا، قرر توثيق رحلته عبر كتاب أطلق عليه عنوان 3052، وهو عدد الكيلومترات التي قطعها خلال رحلة الهجرة السرية الخطيرة بين "مورسي"، قريته الأصل حيث ولد في السنغال، و"داكار" عاصمة السنغال وأقصى مدن إفريقيا غرباً، حيث انطلقت الرحلة.

بعد نشر الكتاب، بدأ كل شيء في حياة مامادو يتغير، حظي الكتاب بدعاية كبيرة جدًا وبيعت منه آلاف النسخ. "أصبحت متفائلاً، إذ أصبحت وجهاً مألوفاً في مجال محاربة الهجرة السرية"، مكنه هذا الكتاب الأول من نوعه باللغة الإسبانية، والذي ألفه مهاجر وصل التراب الإسباني عبر قوارب الموت، من أن يصبح فاعلاً في المحاضرات والنقاشات المتعلقة بالهجرة ومنبراً للتحذير من مخاطرها.

"أكبر تحد يواجهه المهاجر الإفريقي في أوروبا هو أن يتم تقبلك هناك كما أنت، دون أن تضطر لشرح أنك لست شخصا سيئا في كل مناسبة، بل أنك شخص جيد متعلم وأنك في نهاية الأمر إنسان"، يقول مامادو.

عمل الشاب السنغالي مع عدة منظمات مثل الصليب الأحمر و La plateforme وغيرها، مما مده بتجربة جيدة وأعده للقيام بمهام جمعيته بنجاح.

في أوروبا "اكتشفت فقراً في الإنسانية، أوروبا الغنية بمشاريعها وبناياتها الشاهقة وحداثتها، اكتشفت فيها فقراً مهولا من الناحية الإنسانية وهو ما جعلني أتخذ قرار العودة إلى إفريقيا، وبالضبط إلى قريتي، كنت مقتنعاً بإحداث تغيير بإمكانياتنا وطريقتنا".

مامادو مع شباب من قريته
مامادو مع شباب من قريته يجلسون على كراس من إبداع وصناعة جمعيتهصورة من: Mamadou Dia/DW

رحلة العودة

بعد رحلة طويلة جدا ومليئة بالأحداث والتطورات، قرر مامادو العودة لبلدته بعد 9 أعوام وتأسيس جمعية أطلق عليها اسم خاخاتاي، وبدأ في تفعيل أنشطتها لصالح شباب بلدته غانديول، الذين يحلمون جميعا بالفردوس الأوروبي ولا سبيل أمامهم لوصولهم سوى البحر.

"عدت إلى قريتي لأني وجدت أن علي تطبيق ما كنت أقوله من خلال كتابي ومحاضراتي وندواتي حول خطورة الهجرة السرية، عدت لأجعل الجميع يرى أن ما أحلم به يمكن أن يتحقق، ما كنت أقوم به في أوروبا كان حري بي أن أقوم به في إفريقيا وبالضبط في قريتي لأساهم بدوري في الحد من سقوط ضحايا أكثر من المهاجرين السريين في البحر"، يقول مامادو.

منع الأفارقة من الوصول إلى أوروبا، أمر يراه مامادو "مجحفاً للغاية، إذ يقول "من حق الشباب الإفريقي أن يجول العالم ويكتشف ويقول كلمته ويساهم في إيجاد الحلول، وما تفعله جمعيتنا في غانديول هو تحقيق ذلك عبر اللقاءات والندوات واللقاءات المباشرة والنقاشات والتدريبات حتى نساهم في جعل غانديول وشبابها نموذجا للتغيير الحقيقي النابع منا".

مامادو مع شباب من القرية وأصدقاء
مامادو مع شباب من القرية وأصدقاء آخرين خلال نشاط نظمته جمعيتهم في القريةصورة من: Mamadou Dia/DW

"التغيير منا وبنا"

خاخاتاي إطار جمعوي يساهم في بلورة قدرات شباب غانديول وخلق خطاب بديل حول أفريقيا والهجرة في المجتمع ووسائل الإعلام الدولي. كما تعني خاخاتاي "انفجار الفرح" باللغة المحلية، "داخلها لا يوجد سوى الشباب" يقول مامادو.

عند سؤاله عن مدى تحقيق جمعيته لتغيير ملموس في واقع شباب القرية، رد مامادو بالقول "عندما نرى التغير الطارئ على قريتنا، نجد تقريبًا أن جميع المشاريع والبنية التحتية التي تم تصميمها، قد بنيناها بأنفسنا. في غانديول، فعلنا ذلك في وقت قصير واستطعنا أن نحقق الكثير وننجز بنيات تحتية ومشاريع وفرص، وهذا دليل أنه يمكننا أن نحقق الأفضل في كل البلدان الإفريقية بالعمل الجاد والثقة بالنفس".

وعن نتائج المبادرة على الشباب مباشرة، يقول مامادو "تظهر على الشباب بشكل واضح ومباشر، نجعلهم يفهمون أنه اليوم لدينا القدرة والإمكانيات والقوة المتمثلة فيهم من أجل تغيير واقعنا، الشباب الأكثر نشاطا يتواجدون في إفريقيا وأكبر الموارد توجد لدينا، لذلك ليس علينا أن ننتظر أي شيء من أي شخص. بل العكس تماما الأفارقة أصبحوا اليوم قادرين على تحقيق تغيير وإيجاد حلول لمشاكلهم وليس عليهم انتظار الغرب أو أوروبا من أجل تحقيق التقدم".

كل هذا يتحقق في الجمعية باجتماع الشباب مع المهاجرين العائدين، والتدريب في مجال التواصل والحقوق، والكثير من النقاشات. كما تمكنت خاخاتاي من إرسال 20 شابًا من غانديول في زيارة إلى أوروبا لاكتساب الخبرات. لقد سافروا والتقوا بالناس وتبادلوا الآراء ومارسوا حقوقهم. ليعودوا بعد ذلك إلى ديارهم بنظرة أكثر انفتاحًا على العالم وتحديات الهجرة أيضًا.

ماجدة بوعزة

المصدر:  مهاجر نيوز