1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما هو البديل عن نظام الأسد في الوقت الراهن؟

لا شك أن قرار الأمم المتحدة الأخير بشأن ضرورة تعاون سوريا مع لجنة التحقيق في مقتل الحريري قد ضيق الخناق على الرئيس بشار الأسد. لكن سيناريو واشنطن لتغيير النظام في دمشق من شأنه أن يغرق سوريا والمنطقة كلها في فوضى عارمة.

https://p.dw.com/p/7OVs
صورة من: AP

عقد السوريون الكثير من الآمال على الرئيس بشار الأسد الذي تولى منصب الرئاسة في صيف عام 2000. وأكثر ما كان يأمل به الشعب هو أن يقوم الرئيس الشاب بمحاربة الفساد وأن يعمل على إرساء مبادئ العمل الديمقراطي وحرية التعبير عن الرأي وذلك تمهيدا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في البلاد. إلا أن الرياح هبت في سنوات حكمه الخمسة حتى الآن على غير ما تشتهي السفن، الأمر الذي يفسر خيبة أمل وعدم رضا عند السوريين تجاه رئيسهم أكثر من أي وقت مضى. ولا يمكن للمرء أن يتجاهل بعض الإصلاحات الاقتصادية التي شرعت بها الحكومة في السنوات الماضية، إلا أن تأثيرها بقي محدودا بسبب عدم مواكبتها بإصلاحات ضرورية على الصعيد السياسي.

الخوف من "الحل العراقي"

Terror in Mossul
الوضع في العراق ماثل في أذهان جميع السوريينصورة من: dpa

على الرغم من عدم رضا السوريين عن أداء رئيسهم، إلا أن الغالبية العظمى منهم لا يريدون "الحل العراقي" لبلادهم، بمعنى الاستعانة بقوى خارجية لإجراء تغييرات سياسية في نظام الحكم في البلاد، وهذا ما يفسر الدعم الشعبي الكبير للرئيس الأسد في وجه التهديدات والضغوط الأمريكية والفرنسية. غير أن هذا الدعم في الفترة الراهنة لا يعني عدم توقهم للديمقراطية والحرية، وإنما خوفا من اندلاع حالة من الفوضى وعدم الاستقرار على غرار ما يحدث في العراق الذي يملك الجيش الأمريكي السلطة الحقيقة فيه. وهذا ما يراه السوريون ليس فقط على شاشات التلفزيون وإنما على جباه العراقيين الذين يلجأون إلى سوريا هربا من الأوضاع في بلدهم منذ احتلاها من قبل القوات الأمريكية كذلك.

Rede Präsident Bush, Forderung nach Maßnahmen gegen Syrien
بوش ولعبة "تغيير الرؤساء"في الشرق الاوسطصورة من: AP

تتوالى اتهامات الرئيس الأمريكي وحكومته للنظام السوري بدعمه للإرهاب في الشرق الأوسط وتورطه في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ويسوق بوش هذه المبررات لفرض عقوبات اقتصادية دولية على سوريا بهدف إضعاف النظام وإسقاطه بأسرع وقت ممكن. ولا يختلف اثنان على حجم الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تحدثها مثل هذه العقوبات على الاقتصاد السوري المترهل، إلا أن السؤال الذي يجب طرحه هنا: ما البديل؟ ونظرا لعدم وجود معارضة ديمقراطية منظمة يمكن أن تتولى زمام الأمور بعد التغيير، يخشى السوريون من اندلاع الفوضى ونشوء حالة من عدم الاستقرار والأمان.

غياب تقاليد العمل الديمقراطي

لعل ما يزيد من مخاوف السوريين هو عدم وجود أحزاب سورية ذات تقاليد ديمقراطية راسخة. فمنذ قيام الوحدة المصرية السورية بين عامي 1958 إلى 1961 بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لم يسمح بالتعددية الحزبية في سوريا. كما أن هناك بعض المخاوف من عودة الحركات الإسلامية بقوة إلى الساحة السورية وسيطرتها على السلطة في حالة إجراء انتخابات ديمقراطية حرة، لا سيما وأن تأثير وشعبية هذه الحركات وأبرزها جماعة الأخوان المسلمين قد ازداد بشكل مضطرد في الآونة الأخيرة.

ان السبب الحقيقي لفشل النظام الحالي هو عدم قدرته على إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المستشرية بين جميع شرائح الشعب وخاصة بين الشباب. كما أن سيطرة قوى دينية متشددة على نظام الحكم في سوريا لن يعمل إلا على تفاقم حدة المشاكل، ناهيك عن التداعيات السياسية الخطيرة في المجتمع السوري متعدد الديانات والأعراق وعلى لبنان ومجمل منطقة الشرق الأوسط، وهذا بالطبع لن يكون ولا بأي شكل من الإشكال في مصلحة المجتمع الدولي.

الغاية لا تبرر الوسيلة

Die Altstadt von Damaskus
هدوء البلدة القديمة من دمشقصورة من: AP

إن إحداث تغييرات سياسية حقيقية في سوريا يجب أن يكون بالوسائل السلمية فقط. فالمجتمع الدولي مدعو إلى مطالبة الرئيس الأسد بالإسراع أكثر من السابق في إحداث الانفتاح السياسي في البلاد. ومما يعنيه ذلك السماح بتأسيس أحزاب ديمقراطية غير دينية وضمان حرية التعبير عن الرأي. ومع تحقيق ذلك يجب على المجتمع الدولي تقديم الدعم الاقتصادي للرئيس الأسد. كما ينبغي تقديم الدعم للأحزاب والقوى الديمقراطية الناشئة بغية تمكينها من تقديم بديل للوضع الحالي. فقط عندئذ يمكن لسوريا الديمقراطية أن ترى النور، فاتحة بذلك الطريق أمام بزوغ عهد جديد في منطقة الشرق الأوسط.

غير أن هذه التصورات لن تكون ممكنة إذا ما ثبت تورط الرئيس الأسد شخصيا في اغتيال الحريري، الأمر الذي لن تغفره له غالبية الشعب السوري. أما البديل في هذه الحالة فهو دعم الجهود الرامية لأحداث انقلاب سلمي على النظام بدعم الجيش الذي يعتبر القوة الوحيدة القادرة على ضبط الأمور في الظروف الراهنة. وينبغي لانقلاب كهذا أن يؤسس لانطلاقة العملية الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة. وُيعتبر هذا البديل أفضل بألف مرة من تلك التي ستؤدي إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.

ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد