1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليبيا شريك أساسي لعلاج ملف الهجرة!

١٤ سبتمبر ٢٠١٠

مطالبة القذافي للإتحاد الأوروبي بتعويضات ضخمة لصد الهجرة غير الشرعية، قد تثير الإستغراب، لكن حقيقة مفاوضات طرابلس وبروكسيل علنا وفي الكواليس، قد تفسر براغماتية القذافي، كما يرى الكاتب الليبي مصطفى فيتوري في تعليقه:

https://p.dw.com/p/P9aP
مصطفى فيتوري حائز على جائزة سمير القصير لحرية الصحافة لعام 2010صورة من: Mustafa Fetouri

أثناء زيارته الى روما مؤخرا، فأجأ الزعيم الليبي أوربا بمطالبته إياها بدفع مبلغ 5 مليارات دولار سنويا، من أجل مساعدة ليبيا على الحد من تدفق المهاجرين "غير المرغوبين"، على حد تعبير القذافي، مؤكدا أن ليبيا "لن تكون حارسا لحدود أوروبا الجنوبية"، وهذا الموقف الليبي موقف مبدئي لطالما عبرت عنه ليبيا لشركائها الأوربيين وهو ينطوي على مقاربة مختلفة عما يراه الأوربيون بخصوص موضوع الهجرة.

فليبيا ترى أن تدفق المهاجرين، خاصة من دول جنوب الصحراء، باتجاه أوروبا انما هو نتيجة مظالم تاريخية ارتكبتها أوروبا، إبان فترات الإستعمار، وأن هؤلاء المهاجرين يأتون الي أوروبا من أجل البحث عن "حقهم" في ثرواث بلادهم التي نهبها الأوربيون يومها. ومع ان هذا القول قد لا يكون مقبولا سياسيا، الا أنه يمثل سقفا مرتفعا، على أوروبا أن تأخذه بعين الأعتبار حين تتعاطى مع ليبيا في هذا الشأن.

الهجرة الشرعية ورقة تفاوضية

Alltag in Libyen Einwanderer
مهاجرون شرعيون في ليبياصورة من: AP

ربما يبدو هذا الموقف مستغربا، الا أن ليبيا لم تظهر قط أنها في مجال مساومة حول مبدئية مقاربتها لموضوع الهجرة غير الشرعية، وعلينا أن نتذكر أن ليبيا نجحت في الحصول على تعويضات بقيمة 5 مليارات دولار الي جانب اعتذار رسمي من مستعمرها السابق ايطاليا. ولطالما اتخذ الزعيم الليبي من هذا الأمر مبررا وحجة للمطالبة بتعويض كامل الدول الإفريقية عن فترات الإستعمار كي تتمكن من تحقيق التنمية والإستقرار، ومساعدتها على الحد من أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يتسللون باتجاه أوروبا، عبر ليبيا وغيرها من دول الشمال الإفريقي.

والملاحظ ان طلب القذافي مبلغ 5 مليارات دولار، قد لقي ردود فعل مؤيدة أحيانا كما جاء في الموقف الرسمي التونسي، وتونس أيضا دولة عبور للمهاجرين غير الشرعيين وإن بأعداد أقل كذلك، كما أيدت المطلب الليبي مالطا، العضو في الإتحاد الأوروبي، في حين أقر وزير الخارجية الألماني غيدوفيستر فيله بأن الطلب الليبي " مهم ويستحق الدراسة في إطار ثنائي".

وتعد إشارة الوزير الألماني الى ضرورة دراسة الطلب الليبي على مستوى ثنائي، بمثابة إشارة ضمنية الى أن ملف الإتفاقية الليبية الأوروبية، التي جرت جولتها السابعة الصيف الماضي في طرابلس، مرشح للتأخير اذا ما رفض الأوروبيون الوصول الي تسوية حول هذا الملف بالذات. مع العلم أن ممثل الاتحاد الأوروبي المسؤول عن تلك المفاوضات متفائل بأن يتم افتتاح مكتب المفوضية الأوروبية في طرابلس قبل نهاية العام الحالي، ما يعني انتهاء مفاوضات الشراكة الأوروبية الليبية قبل نهاية السنة إلى نتيجة ايجابية.

هل يرضخ الأوروبيون لشروط طرابلس؟

وبحسب مكتب منظمة الهجرة الدولية في طرابلس فإن المنظمة تعمل مع السلطات الليبية بشكل متواصل لتسوية مشكلة الهجرة، عبر تقديم المشورة الفنية وتفعيل برامج العودة الطوعية. وكانت ليبيا قد التزمت، أثناء حوار مجموعة خمسة زائد خمسة العام الماضي، بمعالجة شاملة لهذا الملف بالتعاون مع شركائها الأوروبيين، وهو ما تم التأكيد عليه أثناء الإجتماعات التشاورية لدول نفس المجموعة التي احتضنتها طرابلس مطلع شهر سبتمبر/أيلول الحالي.

ومهما يكن من تطور في هذا الملف، فإن ليبيا ستظل تستخدم ورقة الهجرة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وتنازلات يقدمها شريكها التجاري الأول، الإتحاد الأوروبي، وهذا موقف طبيعي لدولة ذات سيادة يهمها تحقيق مصالحها الوطنية ضمن اطار سياسي مقبول، ويبدو جليا ان الإتحاد الأوربي سيقبل في نهاية المطاف بتسوية معينة تحقق مصالح ليبيا ومصلحته في الحد من تدفق المهاجرين.

وتعتبر ليبيا مغناطيسا يجذب اليه المهاجرين من دول جنوب الصحراء، لأسباب عديدة أهمها استقرارها الأمني و السياسي و نموها الإقتصادي وقربها من السواحل الأوروبية الجنوبية على المتوسط. ولهذه الأسباب تتميز ليبيا عن بقية دول شمال افريقيا كونها أفضل نقطة عبور للراغبين في المغامرة البحرية بإتجاه أوروبا.

وعليه فإن عدم اتفاق الإتحاد الأوروبي مع ليبيا حول هذا الملف قد يعيق تحقيق النتائج المتوخاة على صعيد مكافحة الهجرة غير الشرعية، اذا ظل الممر الرئيسي لها (ليبيا في هذه الحالة) مفتوحا على مصراعيه. ويصعب رؤية الكيفية العملية التي يمكن ان يعالج بها الأوروبيون موضوع الهجرة دون تفاهم مع ليبيا يلبي مطالبها ولا يمس سيادتها وهو الأمر الذي تعتبره طرابلس شديد الحساسية.

ويبدو أن تعاون المنظمة الدولية للهجرة والحكومتين الليبية والإيطالية، الذي بدأ منذ أكثر من عامين، قد بدأ يؤتي أُكله، إذ لوحظ مؤخرا انخفاض في أعداد المهاجرين الذين يعبرون من السواحل الليبية بإتجاه الشمال.

كما تجدر الإشارة الى أن ليبيا أخذت مؤخرا تلاحق قضائيا كل من يثبث من مواطنيها تورطه في عصابات تهريب المهاجرين. وقد تمت إحالة عدد من المهربين وبعض من عناصر الأمن الليبي إلي القضاء بتهمة تهريب المهاجرين، مما أدى الى ارتفاع تكلفة التهريب، وهو سبب آخر وراء انخفاض أعداد المهاجرين بالرغم من أن ليبيا أعلنت في شهر يوليو/تموز الماضي أن عدد المهاجرين غير الشرعيين فيها وصل إلى 3 ملايين، ولكن هذا الرقم يشمل العمالة المقيمة في ليبيا بشكل غير قانوني، والتي تقدر بأكثر من مليون شخص يعملون ويكسبون قوتهم وقوت أسرهم وان كان خارج الإطار الرسمي للعمل والإقامة!

مصطفى فيتوري، رئيس قسم إدارة الأعمال في الأكاديمية الليبية للدراسات العليا/ طرابلس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد