1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف حققت أوكرانيا انتصارات مذهلة على روسيا بالبحر الأسود؟

توماس لاتشان
٢٤ فبراير ٢٠٢٤

تتعرض القوات الأوكرانية لضغوط متزايدة على الأرض لكنها كسرت التفوق البحري الروسي في البحر الأسود، مستخدمة تقنيات جديدة، ما تسبب بخسائر لجيش بوتين.

https://p.dw.com/p/4cgyl
السفينة الحربية الروسية قيصر كونيكوف
السفينة الحربية الروسية قيصر كونيكوف دمرتها القوات الأوكرانيةصورة من: Sedat Suna/epa/dpa/picture alliance

شاركت السفينة الحربية الروسية قيصر كونيكوف (الصورة أعلاه) في عدة صراعات خلال فترة خدمتها، بما في ذلك دعمها القوات الروسية خلال حرب روسيا في جورجيا في عام 2008.

لكن قبل أيام، أعلن الجيش الأوكراني على تيليغرام أنه أغرق هذه السفينة الحربية التي يبلغ طولها 112 متراً قبالة سواحل شبه جزيرة القرم. كما نشرت الخدمات الاستخباراتية الأوكرانية فيديو للحادثة، بين انفجارات وحريق هائل على متن السفينة.

كان إغراق هذه السفينة بلا شك ليس النجاح العسكري الأول لأوكرانيا فيالبحر الأسود، الذي يمثل ساحة معركة حاسمة في حربها ضد روسيا،  ففي الوقت الذي يستمر فيه القتال دون تغيير كبير على الأرض، تمكنت أوكرانيا من كسر تفوق روسيا البحري في البحر الأسود.

لم تكن الأمور تبدو هكذا عندما شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022. أشارت الأرقام إلى أن روسيا تحتفظ بميزة عسكرية ضخمة على جارتها، وسرعان ما أغلق أسطول البحر الأسود الروسي موانئ أوكرانيا، واحتل جزيرة الثعبان الإستراتيجية قبالة ساحل رومانيا، وزرع مساحات شاسعة من البحر بالألغام، ما قطع أوكرانيا عن بقية العالم.

التحرر من القبضة الروسية

لكن شيئاً فشيئاً، تحررت أوكرانيا من قبضة روسيا البحرية. جاءت الخطوة الأولى في أبريل/ نيسان 2022، مع غرق موسكفا، السفينة الأم لأسطول البحر الأسود الروسي. ثم تمت استعادة جزيرة الثعبان في يوليو/ تموز 2022، وتعرضت السفن الروسية والموانئ وطرق الإمداد بشكل روتيني للهجمات الأوكرانية

صيف 2023، هاجمت أوكرانيا جسر كيرتش، الذي يربط شبه جزيرة القرم المحتلة بالبر الروسي، مما تسبب في تضرره بشدة. وبعدها بأشهر قليلة، أُجبرت روسيا في نهاية المطاف على سحب معظم أسطولها من سيفاستوبول إلى المياه الشرقية للبحر الأسود.

سفينة حربية روسية من الأسطول الذي جرى سحب معظمه من سيفاستوبول إلى المياه الشرقية للبحر الأسود.
سفينة حربية روسية من الأسطول الذي جرى سحب معظمه من سيفاستوبول إلى المياه الشرقية للبحر الأسود.صورة من: YAY Images/IMAGO

 ومع ذلك، حتى هناك، بقيت سفنها الحربية عرضة للهجوم، كما وقع عندما تمكنت أوكرانيا من الهجوم على زورق إنزال في ميناء نوفوروسيسك على بعد حوالي 300 كيلومتر شرق سيفاستوبول.

نجاحات أوكرانيا "تُظهر أن الروس غير قادرين على حماية أنفسهم بشكل كاف ضد أشكال القتال البحرية والمدفعية بدون طيار الأوكرانية"، كما يقول ستيفن بلانك، محلل الشؤون الأوراسية في معهد أبحاث السياسة الخارجية في واشنطن، في مقابلة أجراها في سبتمبر 2023 مع DW، مضيفاً: "أكثر من ذلك، لا يبدو أنهم قادرون على الرد على التهديد الذي تشكله أوكرانيا لهم".

تُظهر إحصاءات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أن روسيا قد خسرت حوالي 40 في المئة من آلياتها العسكرية البحرية في البحر الأسود منذ فبراير/شباط 2022، كما كتب الضابط الأمريكي المتقاعد في مشاة البحرية والمستشار الأقدم في المركز مارك كانسيان في تعليق نُشر في مجلة شؤون الخارجية في وقت سابق من هذا الشهر.

كيف تحقق هذا ؟

حققت أوكرانيا هذه الانتصارات العسكرية بمزيج غير عادي من الأسلحة، وفقاً لما كتبه كانسيان. جزء من ترسانتها يتكون من صواريخ مضادة للسفن - بعضها مصنوع محلياً والبعض الآخر قدمه لها الحلفاء الغربيون - بمدى يصل إلى 200 كيلومتر.

صُممت هذه الصواريخ لإطلاقها في البحر، ولكن الجيش الأوكراني قام بتعديلها لتنطلق من مناطق محمية على الأرض، مما يجعلها أقل عرضة للهجوم المضاد. كما استخدمت القوات الأوكرانية بفعالية نوعاً آخر من الصواريخ طويلة المدى التي قدمها الحلفاء الغربيون لمهاجمة الأهداف المتحركة في البحر، على الرغم من أنها صُممت لمهاجمة الأهداف الثابتة على الأرض.

وبهذه الطريقة، ضربت القوات الأوكرانية الموانئ والمراكز اللوجستية ومستودعات الإمداد في القرم، بالإضافة إلى السفن الحربية الراسية في الموانئ الروسية.

كما أثبتت المسيّرات البحرية الأوكرانية - وهي قوارب صغيرة مليئة بالمتفجرات بدون طواقم بشرية- صعوبة في اكتشاف الخصم لها وبالتالي والدفاع ضدها. يُقال إن الواحدة من هذه المسيرات البحرية لها مدى يصل إلى 800 كيلومتر. وتملك كاميرات ويتم التحكم بها عن بُعد، ويمكن استخدامها لمهام متعددة. كما أنها يمكن أن تتخذ إجراءات للفرار عند الضرورة وتغيير الأهداف في اللحظة الأخيرة إذا تعذر مهاجمة الهدف الأولي.

طورت أوكرانيا المسيّرات البحرية "ماغورا في 5" بنفسها، وقامت بتحسينها طوال الحرب. والآن، كثيرا ما يتم إرسال هذه الطائرات بدون طيار في أسراب، مما يجعل الدفاع ضدها أكثر صعوبة.

مزايا استراتيجية مهمة لأوكرانيا

في العديد من النواحي، قللت النجاحات البحرية للجيش الأوكراني أيضاَ الضغوط في أماكن أخرى. في بداية الحرب، كانتالحملة البرية الروسية تهدد منطقة أوديسا.

القدرة الأوكرانية على منع السفن الروسية من دخول المياه الغربية للبحر الأسود حالياً، تصّعب على روسيا الحفاظ على القدرة اللوجستية لإعادة تزويد القوات في جنوب أوكرانيا، بينما تمكنت أوكرانيا من إرسال الجنود الذين تم تكليفهم في البداية بالدفاع عن الجزء الجنوبي من البلاد إلى الجبهة الشرقية لتعزيز القوات هناك.

كما كان لهذه التطورات تأثير كبير على صادرات الحبوب الأوكرانية. تمكنت الأمم المتحدة بعد أشهر من اندلاع الحرب من التوسط في اتفاق حبوب حيث رفعت روسيا حصارها البحري مما سمح بشحن كمية محدودة من صادرات أوكرانيا من أوديسا. ومع ذلك، بعد عام، انسحبت روسيا من الاتفاقية وهددت بمهاجمة أي سفن تجارية تبحر عن طريق أوكرانيا.

ولكن لم تحدث الهجمات أبداً، وشرعت السفن في عبور البحر الأسود متجهة إلى موانئ كونستانتا وإسطنبول - منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023، حتى تجاوزت أحجام الصادرات تلك التي تم تحقيقها خلال الصفقة التي رعتها الأمم المتحدة.

المساعدة العسكرية الغربية تظل ضرورية

لكن تقوّي القدرات العسكرية الأوكرانية في البحر الأسود لوحده لن يؤدي إلى نصر عسكري لأوكرانيا. الوضع على الأرض متجذّر بعيدًا جدًا عن ذلك.

ومع ذلك، وفقًا لمارك كانسيان، قد يسمح ذلك لأوكرانيا بالتفاوض من موقع أقوى في حال بدأت مفاوضات السلام مع روسيا. حتى ذلك الحين، تظل أوكرانيا، مع ذلك، معتمدة على شركائها الغربيين للحصول على الأسلحة، خاصة الصواريخ وذخائر المدفعية.

هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للجيش الأوكراني من خلالها الاستمرار في السيطرة على أسطول البحر الأسود الروسي. خلاف ذلك، يمكن سريعًا أن تُمحَى نجاحات أوكرانيا المذهلة في البحر، وفق كانسيان.

أعده للعربية: ع.ا

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات