1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كارثة غير مسبوقة توحد الليبيين في جهود الإغاثة والدعم

١٢ سبتمبر ٢٠٢٣

بعد مضي 24 ساعة على انقطاع سحب العاصفة دانيال، اتضحت بشكل أوضح آثار الدمار الهائل الذي خلفته العاصفة المتوسطية في مدن الشرق الليبي، وبالأخص "درنة" التي دفعت الثمن الأعظم. كارثة وحدث الليبيين في جهود الإنقاذ والإغاثة.

https://p.dw.com/p/4WEm6
سيول دانيال ـ (مشهد من دمار السيول في ليبيا، 11 سبتمبر 2023)
سيول دانيال ـ (مشهد من دمار السيول في ليبيا، 11 سبتمبر 2023)صورة من: Omar Jarhman/REUTERS

اجتاحت سيول العاصفة دانيال جهات ليبية، منها كامل منطقة الجبل الأخضر وكبرى مدنه، مثل درنة والبيضاء والمرج وشحات وسوسة، بالإضافة لقرى وبلدات بالمنطقة. وقال عميد بلدية شحات حسين بودرويشة إن "السيول غمرت زهاء 20 ألف كيلومتر مربع في المنطقة"، معتبرا ما حدث أكبر كارثة طبيعية تشهدها ليبيا منذ زلزال المرج سنة 1963. وتمثلت مصيبة مدن الشرق في السيول التي جرفت كل ما كان أمامها من بشر وسيارات، والرياح القوية التي أسقطت أعمدة الكهرباء والإنارة، وكان الأمر كذلك بالنسبة لدرنة قبل أن ينهار سدان يفصلان جزء المدينة الساحلي عن الجبل.

ووفق شهود عيان من المدينة، انفجر السد الأول عند الساعة الثانية من صباح أمس (الاثنين 11 سبتمبر/ أيلول 2023)، وسرعان ما لحق به السد الثاني، لتتدفق كميات ضخمة من المياه وتجرف معها سكان المدينة وكل معالمها المحاذية للوادي من ضفتيه الشرقية والغربية إلى البحر. وتباينت الأخبار حول أعداد الضحايا، وفي حين قد لا يتجاوز ضحايا المدن والقرى الأخرى 150 بين قتيل ومفقود، أدلى رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد بتصريحات أفزعت الليبيين، حين قال إن أعداد القتلى في درنة وحدها تتجاوز 2000، فيما أفاد وزير الداخلية بأن المفقودين في المدينة يتراوحون بين خمسة   آلاف وسبعة  آلاف، لا يزال بعضهم تحت الأنقاض أو في البحر.

انقطاع شبكات الكهرباء والاتصالات

وساهم انقطاع الاتصالات والكهرباء وخدمات الإنترنت في صعوبة التحقق من واقع الحال في درنة، في الوقت الذي عرقل فيه انقطاع الطرق المؤدية إلى المدينة جهود الإغاثة. وقال المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي "هناك طريق واحد لايزال يوصل للمدينة (طريق الظاهر الأحمر) لكن المرور منه صعب وخطير، بسبب انهيار جزء منه، وتوقع المزيد من الانهيار بسبب كميات المياه الهائلة"، موضحا أن ذلك لم يوقف جهود الإغاثة.

وأفاد الناطق باسم جهاز طب الطوارئ والدعم، مالك مرسيط، " بأنهم "استعانوا بسيارات دفع رباعي بغية الوصول من الطرق الصعبة والمقطوعة". وفور ورود أنباء عظم الكارثة، تنادى الليبيون في كل أرجاء البلاد لتقديم المساعدة،  وإلى جانب التدخلات الرسمية من حكومتي طرابلس وبنغازي والمؤسسات التابعة لهما، سارع الأهالي والمؤسسات والجمعيات الأهلية إلى تقديم المساعدة، خاصة بعد تأخر المعونات الخارجية، وهو أمر أثار قلق الليبيين والذين عبروا عنه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. ولأجل ذلك، غصت المواقع بالمبادرين إلى المساعدة، وتنوعت أوجه العون بين من عرض مساكن وشقق للنازحين من الفيضان، ومن تبرع بالمال والمواد الغذائية والإغاثية والوقود ومولدات الكهرباء والجرافات والسيارات والشاحنات، في حملة أطلق عليها الليبيين اسم "فزعة خوت".  

جهود حثيثة لإغاثة المنكوبين

وبثت المواقع مشاهد كثيرة لقوافل الإغاثة وهي تتجه شرقا، في مشهد علق عليه أحد المساهمين في جهود الإغاثة، محمد مادي "هي صورة مغايرة تماما للسيارات المسلحة التي جاءت قبل  أربع سنوات من الشرق وهي محملة بالأسلحة والعتاد لغزو طرابلس، والآن سوف ننسى الخلافات السياسية والأحقاد ونلتحق جميعا لمساعدة درنة ومدن الشرق"، متمنيا أن "توحد جهود الإغاثة الليبيين بعد فرقة، وتحنن قلوبهم بعد طول خصام". ومساء أمس، بدأت عمليات دفن جثامين الضحايا، حيث نقل نحو 350 جثمانا إلى منطقة "مرتوبة" الصغيرة وغير البعيدة عن درنة، ووضع كل 10 جثامين في قبر واحد بسبب صغر حجم المقبرة.

وقال أحد الحاضرين لمراسم الدفن، ويدعى أحمد الحصادي، "في البداية تم دفن من تم التعرف على هوياتهم، وبسبب انقطاع الكهرباء وعدم وجود أماكن لحفظ الجثامين؛ تم دفن الجثامين الأخرى بعد تصوريها، في محاولة للتعرف عليهم لاحقا". وأكد الحصادي أن من بين الضحايا عائلات كاملة دفنت معا، في مشهد قال إنه زاد من تعاظم مظاهر الأسى في كل المنطقة، خاصة مع لهفة أهالي المفقودين في البحث بين الجثث ومحاولة التعرف على ذويهم.

عرون ألف عائلة نازحة في درنة

وفي درنة نفسها، بدأت منذ أمس وحتى قبل وصول الدعم جهود البحث تحت الأنقاض في محاولة للعثور على ناجين، وأيضا سبر مياه البحر بحثا عن جثث الضحايا، في الوقت الذي أعلنت فيه غرفة الطوارئ بالهلال الأحمر الليبي فرع بنغازي عن وجود قرابة 20 ألف عائلة نازحة من مدينة درنة، ونحو سبعة  آلاف من المفقودين. وساهمت الصور والمقاطع التي بدأت تصل تباعا من المناطق المنكوبة في تزايد عروض المساعدة، خاصة بعد فرض حالة الطوارئ في البلاد. وفي هذا الشأن، سارعت شركات الاتصال المحلية إلى محاولة إصلاح أعطال الاتصال للمساهمة في جهود الإنقاذ، كما فتحت شركة المدار الجديد خدمة الإنترنت مجانا في عموم البلاد، في محاولة لتسهيل جهود الاتصال.

وبادرت الشركة العامة للكهرباء بنقل المعدات اللازمة من فروعها في المنطقة الغربية باتجاه الشرق، لإصلاح الأعطال الناتجة عن العاصفة، وكذلك الأمر بالنسبة لجهات عامة أخرى نقلت المساعدات إلى المناطق المنكوبة، ومنها وزارة الصحة، والهلال الأحمر، وجهاز الإسعاف والطوارئ، ومركز طب الطوارئ والدعم، والإمداد الطبي، وشركة المياه والصرف الصحي، وهيئة رعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين وصنــدوق الزكاة. وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط تسيير رحلة شحن بحري، فيما كثفت خطوط الطيران المحلية من رحلاتها الاستثنائية باتجاه مطارات بنينا والأبرق ودرنة لتسريع وصول مواد الإغاثة.

ح.ز/ ع.ش (د.ب.أ)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات