1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قلق حول مستقبل الإصلاح في المغرب رغم الإعلان عن تعديلات دستورية

١٨ مارس ٢٠١١

فتح خطاب الملك محمد الخامس أبواب أمل جديدة على إصلاحات سياسية واسعة، لكن عنف أجهزة الأمن تجاه المتظاهرين شكّل مبعث قلق حول مستقبل الإصلاح، في هذه الأثناء أكدت حركة 20 فبراير على مواصلة الاحتجاج لتحقيق مطالبها السياسية.

https://p.dw.com/p/10c5P
بعد شهر من المظاهرة السلمية المطالبة بالإصلاحات في المغرب يستعد نشطاء مغاربة للعودة إلى التظاهر في الشوارعصورة من: DW

فاجأ الملك محمد السادس الجميع حينما أعلن في خطابه يوم 9 مارس/ آذار الجاري 2011 عن "إجراء تعديل دستوري شامل" في المغرب. وجاء إعلانه الذي فتح أبواب الأمل حسب بعض المراقبين بعد مسيرات 20 فبراير/شباط المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. غير أن ما حدث يوم الأحد 13 مارس، أي بعد 4 أربعة أيام على الخطاب أعاد الشكوك والمخاوف إلى نفوس الكثيرين. ففي هذا اليوم فرقت قوات الأمن بعنف شديد وقفة احتجاجية قامت بها " حركة شباب 20 فبراير" في الدار البيضاء، وشاركت فيها بكثافة جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة. وقد أكدت الحركة رغم عنف قوات الأمن عزمها مواصلة "النضال" والتظاهر يوم 20 مارس/ آذار الجاري من أجل تحقيق مطالبها التي " لم يستجب لها الخطاب الملكي"، ومن ضمنها إسقاط الحكومة والبرلمان فضلا عن المطالب الاجتماعية، كما جاء في بيان لـ"التنسيقية الوطنية لحركة شباب 20 فبراير".

الخبير عمر بندورو: الخطاب الملكي يشوبه الغموض

Menschenrechtsaktivisten Mohamed Sassi und HErausgeber Mohamed Hafid Marokko
الناشطان محمد حفيظ (يمين الصورة) ومحمد الساسيصورة من: DW/Ismail Bella Ouali

الخطاب الملكي تضمن سبعة مرتكزات ينص رابعها على "توطيد مبدأ فصل السلطات وتوازنها"، وعلى "برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة"، إضافة إلى "حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي الذي يتصدر نتائج الانتخابات البرلمانية وتقوية مكانة هذا الوزير". وقد طالبت تمثيلية الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة بنشر وثيقة تشيد بالإصلاحات التي أعلن عنها الملك محمد السادس. أما التلفزيون المغربي فنقل صورا لمواطنين يحتفلون في مدينة وجدة (شرق المملكة) بالخطاب الملكي، فضلا عن تفاؤل معظم الأحزاب بأفق الإصلاح. غير أن حركة شباب 20 فبراير عبرت عن رفضها تعيين لجنة من طرف الملك يعهد إليها بصياغة التعديلات الدستورية المرتقبة، وطالبت بمجلس تأسيسي منتخب لهذا الغرض رغم أن الملك نصب لجنة للمتابعة تتكون من زعماء الأحزاب السياسية، ورغم أن رئيس اللجنة المكلفة بصياغة التعديلات أكد أنها ستتشاور مع الجميع قبل إعلان اقتراحاتها في شهر يونيو/ حزيران المقبل وعرضها لاستفتاء شعبي.

وفي إطار تعليقه على ذلك يقول عمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري، في حوار مع "دويتشه فيله": "الخطاب الملكي غامض ولا يفهم منه أن الإصلاحات ستطال الفصل 19 من الدستور الذي يعطي للملك سلطات واسعة لكونه أميرا للمؤمنين". وحول فكرة المجلس التأسيسي المنتخب رأي بأن "جمعية تأسيسية منتخبة شكل من الأشكال الممكنة لصياغة دستور ديمقراطي، لكن هناك صيغ أخرى كتشكيل لجنة تمثل فيها جميع الأحزاب بما فيها تلك المهمشة حاليا لإيجاد توافق حول دستور يعرض على الشعب، لكن من غير المقبول تشكيل لجنة من فوق تضم أشخاصا متفقين مع النظام الحالي". أما عبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية، فيرى مفاجأة إيجابية في خطاب الملك، "يجب الاعتراف أولا أن الخطاب الملكي وضع سقفا كبيرا للإصلاح لم يكن متوقعا. لكن تأويله هو الذي سيكون حاسما"، يقول السليمي في حوار مع "دويتشه فيله"، ويضيف بأن "المطلوب اليوم من الأحزاب والمجتمع المدني فتح نقاش وطني واسع وتنوير المواطنين وإعداد مذكرات مفصلة بحجج مقنعة".

تدابير بناء الثقة

Mohamed Sebbar Menschenrechtsaktivist Marokko
الحقوقي المغربي محمد الصبار عين حديثا كأمين عام للمجلس الوطني لحقوق الانسانصورة من: DW/Ismail Bella Ouali

قبل خطاب 9 مارس/ مارس أعلن عن تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلفا للمجلس الاستشاري. المتتبعون اعتبروا ذلك إشارة قوية من المؤسسة الملكية في المغرب لاحترام حقوق الإنسان، فالمجلس الوطني يتمتع بصلاحيات تقريرية وليس فقط استشارية. علما أن المنظمات الحقوقية ظلت تطالب بإنشاء هذا المجلس منذ سنوات. وبينما انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عدم التشاور مع الحقوقيين قبل الإعلان عنه، ركزت جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان على تدابير لبناء الثقة، ووجهت مذكرة إلى المجلس الجديد تتضمن مطالب في هذا الصدد، منها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين تؤكد المنظمات الحقوقية عدم احترام ضمانات المحاكمة العادلة في ملفاتهم.

غير أن الجميع صدم للقمع الشديد الذي ووجهت به وقفة الدار البيضاء يوم 13 مارس وما تلاها من اقتحام لمقر الحزب الاشتراكي الموحد الداعم لحركة 20 فبراير، فضلا عما حدث في مدينة خريبكة (وسط البلاد) من تفريق عنيف لاعتصام ينفذه مطالبون بالشغل أسفر عن مواجهات بين شباب ورجال الأمن خلفت جرحى وخسائر مادية. والي أمن الدار البيضاء أوضح أن وقفة 13 مارس لم يكن مرخصا لها معتذرا للصحافيين الذين تم الاعتداء عليهم يومها من طرف قوات الأمن، فيما توجه الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى خريبكة للتحقيق في ما جرى هناك، علما أن السلطات تتهم جماعة العدل والإحسان بالوقوف وراء تأجيج هذه الأحداث، فيما تنفي الجماعة ذلك. الصحف المغربية تحدثت عن محاولات الأمنيين إجهاض الإصلاحات المرتقبة، غير أن محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية تحفظ على ذلك بالقول: "الحديث عن إجهاض الإصلاحات أمر مبالغ فيه، هناك ارتباك في تدبير بعض الملفات ومنها ملف حقوق الإنسان. أعتقد أن بعض المسؤولين الأمنيين يظنون أن الخطاب الملكي استجاب للمطالب، وأنه بالتالي يضع حدا للتظاهر في الشارع".

انفتاح إعلامي

Menschenrechtsaktivist Omar Azziman und Abdellatif Mennouni
عبد اللطيف المنوني رئيس لجنة الإصلاحات الدستورية (يمين الصورة) وعمر عزيمان رئيس اللجنة الاستشارية الجهويةصورة من: DW/Ismail Bella Ouali

ويضيف ضريف في حديث مع دويتشه فيله إلى أن "انفتاح الإعلام العمومي على الأصوات المعارضة، يشكل إشارة قوية على رغبة الدولة الأكيدة في الإصلاح".

انفتاح بدأ يوم الثلاثاء 15 مارس باستضافة القناة الأولى لغزلان بنعمر، عضوة حركة 20 فبراير، وتكرس في اليوم التالي باستضافة عبد الحميد أمين، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على القناة الثانية، لـ"لأول مرة منذ 20 سنة" على حد قوله خلال استضافته. عبد الوهاب الرامي، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، يقول لـ"دويتشه فيله": بأن "النقاش العمومي في التلفزيون مهم جدا لخلق تماسك اجتماعي وتوافق حول الديمقراطية. يجب أن يتم التأسيس لإعلام عمومي جديد للمغرب عبر إنشاء لجنة تضم كل الإعلاميين والحقوقيين والسياسيين من أجل التفكير في وضع أسس لضمان هذا الانفتاح، دون أن ننسى نتائج الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع".

اسماعيل بلا وعلي – الرباط

مراجعة: ابراهيم محمد