قصر بيترسبرغ في بون ـ شاهد على أحداث وتحولات تاريخية
يتمتع قصر بيترسبرغ، بالقرب من مدينة بون الألمانية، بتاريخ حافل يمتد إلى مئة عام. فقد أقامت فيه شخصيات بارزة خلال أحداث تاريخية هامة في ألمانيا والعالم. اليوم يضيء الفندق الكبير مجددا بعد عملية ترميم استمرت لعامين.
خلال العامين الماضيين سمع الكثير من الانتقادات والهمسات في بيترسبرغ بالقرب من بون، حيث تم تجديد قصر بيترسبرغ (فندق Grand Hotel) بتكلفة وصلت لحوالي 40 مليون يورو. يتمتع الآن هذا الفندق بأبهى إطلالة. تمتلك الدولة الألمانية هذا العقار وتستخدمه كمقر ضيافة للزوار رفيعي المستوى. تدير الفندق مجموعة شتايغينبيرغر Steigenberger.
كل شيء متعلق بهذا المكان يمكن وصفه بالغير معتاد أو حتى بالاستثنائي. يقع الفندق على أحد الجبال السبعة Siebengebirge بالقرب من منطقة Königswinter. عندما تكون السماء صافية يمكن ناك رؤية كاتدرائية كولونيا التي تبعد 33 كم.
على الأرجح سيستمتع السياسيون والمشاهير بهذه الإطلالة على نهر الراين في مدينة بون مساء اليوم الاثنين 23.09.2019 عندما يلقي وزير الخارجية الألماني هايكو ماس خطابه عقب استكمال أعمال التجديد. هذا المكان الاستثنائي سيتيح للحكومة قريبا إمكانية عقد مؤتمرات وفعاليات أخرى في أجواء جديدة وغرف مصممة بشكل حديث.
كان للفندق في عام 1900 شكلًا مختلفًا تمامًا: بدأ بنائه من عام 1888 ليتم افتتاحه في عام 1892. إلا أنه تم بيعه المزاد في عام 1911 وذلك لعدم نجاحه. امتلكه لاحقا فرديناند مولهينز، صاحب شركة كولونيا للعطور "4711". مولهينز أعاد بناء الفندق بالكامل، حيث أعيد افتتاح الفندق في أواخر مايو 1914. إلا أنه كان لا بد من إغلاقه مرة أخرى بعد بضعة أشهر حيث بدأت الحرب العالمية الأولى.
أُغلق الفندق بعد ذلك. ثم أعيد بناؤه عدة مرات وتم توسيعه. ظهر المبنى لأول مرة على الصعيد الدولي في عهد النازية، حيث تواجد فيه رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين في عام 1938 أثناء تفاوضه مع أدولف هتلر، الذي أقام في الجهة المقابلة، على الجانب الآخر من نهر الراين في فندق راينهوتيل دريسين.
بقي الفندق مغلقا أيضا خلال الحرب العالمية الثانية. بعد ذلك تمت مصادرته واتخذ مقرا للمفوضين الساميين الثلاثة للحلفاء الغربيين؛ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا. في عام 1949 تم استقبال المستشار الألماني الأول كونراد أديناور، حيث وقعت اتفاقية بيترسبرغ، التي منحت ألمانيا مزيدًا من استقلالية القرار.
تسبب الاجتماع بين المستشار اديناور والمفوضين الساميين الثلاثة في ضجة كبيرة ليس فقط بسبب المعاهدة، التي كانت مهمة للغاية بالنسبة لألمانيا، ولكن أيضًا لأن اديناور لم يمتثل للبروتوكول. وقف المفوضون الساميون الثلاثة في حفل الاستقبال على سجادة ، بينما كان يتوجب على الوفد الألماني الوقوف أمامه. لكن أديناور تقدم ووقف بثقة ووعي على السجادة.
في عام 1952 غادر المفوضون الساميون. وبعد عامين أعيد افتتاح الفندق في بيترسبرغ. استأجرت الحكومة الفيدرالية القصر لضيوف الدولة حيث كانت بون عاصمة ألمانيا آنذاك. الزيارة الرسيمة الاولى كانت للحاكم الإثيوبي هيلا سيلاسي. كما أقامت فيه الملكة إليزابيث الثانية في عام 1965 في أول زيارة لها إلى ألمانيا. في الصورة مع الرئيس الألماني هاينريش لوبكيه، الذي أستقبلها في القصر.
مجددا تم إغلاق الفندق في عام 1969 لعدم تحقيقه أرباحا مالية. وفي عام 1973 أعيد فتحه لفترة قصيرة، وخاصة بسبب زيارة ليونيد بريجنيف، رئيس الاتحاد السوفيتي، والذي منح سيارة مرسيدس من قبل الحكومة الألمانية، قادها شخصيا في منطقة بيترسبرغ إلا أنه اصطدم بشجرة، لكنه لم يصب بأي أذى.
بتشجيع من المستشار الاتحادي الأسبق هيلموت شميدت اشترت الحكومة الاتحادية قصر بيترسبرغ في عام 1979 حيث أعيد بناء الفندق على نطاق واسع. تم إعادة افتتاحه في عام 1990. في ذات العام زار خليفة بريجنيف، ميخائيل غورباتشوف (الثاني من اليمين)، كأول رئيس دولة في ألمانيا الموحدة.
نزلت في الفندق شخصيات رفيعة المستوى في تسعينيات القرن الماضي، مثل إمبراطور اليابان أكيهيتو، ورئيس جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا، الرئيس الأمريكي بيل كلينتون (في الصورة المستشار الاتحادي الاسبق هيلموت كول وزوجته هانيلوري مع بيل كلينتون وزوجته هيلاري). في عام 1995 تزوج مايكل شوماخر بطل سباقات فورمولا 1، صديقته كورينا، في قصر بيترسبرغ.
كما عقدت اجتماعات دولية في بيترسبرغ مثل مؤتمر أفغانستان الأول لعام 2001، والذي كان معنيًا بإعادة إعمار البلاد. وأطلق اسم "حوار المناخ في بيترسبرغ " حيث انطلق المؤتمر الأول من هذا القصر في عام 2010.
عموما كان ذلك فقط المؤتمر الأول، ومنذ ذلك الحين يعقد المؤتمر الممهد لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في العاصمة برلين.
ولكن في هذا العام جرى "حوار بطرسبرغ" الروسي الألماني، لأول مرة في قصر بيترسبرغ. في الصورة يقف وزير الخارجية الاتحادي ماس هايكو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في يوليو من هذا العام على شرفة القصر. في مساء اليوم الاثنين ستتاح الفرصة مجددا لماس للاستمتاع بالمنظر مرة أخرى عندما يلقي خطابه في مناسبة تجديد الفندق.