1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قبيل الانتخابات الأوروبية.."الخضر" في مواجهة أزمة حقيقية؟

لوسيا شولتن
٢٦ فبراير ٢٠٢٤

تعصف الرياح حالياً بقوة في وجوه أحزاب الخضر الأوروبية أو "الأحزاب البيئية". وفيما تتوقع استطلاعات الرأي أن تكون هذه الأحزاب من بين الخاسرين في الانتخابات الأوروبية، تسعى هي للتعامل مع حملتها الانتخابية بـ "شجاعة".

https://p.dw.com/p/4cc40
البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ
هل مازال بإمكان الخضر قلب دفة الأمور لصالحهم؟صورة من: Dwi Anoraganingrum/Panama Pictures/picture alliance

بمجرد إلقاء نظرة على أحدث استطلاعات الرأي، سيبدو أن الأمور لا تسير على ما يرام لدى أحزاب الخضر الأوروبية. ومن الممكن أن تخسر هذه الأحزاب نحو ثلث مقاعده في برلمان الاتحاد الأوروبي في الانتخابات الأوروبية المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران. ويشكل الخضر حالياً رابع أكبر مجموعة برلمانية هناك بـ 72 نائباً ونائبة، يمثلهم فيرجينيوس سينكيفيسيوس في مفوضية الاتحاد الأوروبي.

ينظر الرأي العام للخضر على أنهم يدافعون عن حماية المناخ بشكل لا يقارن مع أي حزب آخر. وفي الانتخابات الأخيرة للاتحاد الأوروبي، حصل الخضر أيضاً على دفعة من حركة "أيام الجمعة من أجل المستقبل."

وكانت الناشطة في مجال البيئة، غريتا ثونبرغ قد أثارت هذه الاحتجاجات بإضرابها المدرسي من أجل المناخ في عام 2018، مما أدى إلى نزول ملايين الشباب إلى الشوارع. وسرعان ما حققت أحزاب الخضر في الاتحاد الأوروبي أفضل نتيجة لها في الوقت الحالي في انتخابات عام 2019.

أحزاب الخضر لسيت ناجحة في سائر أوروبا!

تأثير أحزاب الخضر موزع بشكل غير متساو في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. تقليديا، يتمتع حزب الخُضر بالقوة في أوروبا الغربية، مثل ألمانيا وفرنسا والنمسا، كما يقول توبياس غيرهارد شمينكه، مؤسس مجمع البيانات الانتخابية "أوروبا تنتخب". هناك يصل عددهم عادة إلى حوالي عشرة، وأحيانًا يصل إلى 20 بالمائة من الناخبين.

"لكن في أجزاء كثيرة من جنوب أوروبا، وخاصة في أوروبا الشرقية، فهي (الأحزاب) أضعف بكثير"، كما يوضح الخبير في الشؤون السياسية في مقابلة مع DW. "في سلوفاكيا، على سبيل المثال، لا وجود لهم أصلا".

وتحكم أحزاب الخضر حاليا عددا من دول الاتحاد الأوروبي. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، يضم حزب الخُضر في المجمل خمسة وزراء، بمن فيهم وزيرة الخارجية، أنالينا بيربوك ونائب المستشار ووزير الاقتصاد، روبرت هابيك. وتشارك أحزاب الخضر أيضاً في حكومات أيرلندا والنمسا وبلجيكا ولاتفيا وإسبانيا. في بولندا، يمثلهم وزير دولة، وفي النمسا رئيس الدولة من الخضر، ألكسندر فون دير بيلين.

حماية المناخ ضمن سياسة الاتحاد الأوروبي؟

اكتسبت حماية المناخ زخماً واسعاً خلال الفترة التشريعية الحالية. ويسعى الاتحاد الأوروبي أن يصبح محايدا مناخيا بحلول عام 2050 من خلال ما يسمى بـ "الصفقة الخضراء" للاتحاد الأوروبي. ويتمثل الهدف الأول في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 55 في المائة على الأقل بحلول عام 2030 مقارنة بعام 1990.

ووفق مفوضية الاتحاد الأوروبي، فقد تم الاقتراب من إقرار الحزمة التشريعية الشاملة المطلوبة لهذا المطلب. وتوضح كارين ثالبرغ، الباحثة في سياسة الطاقة الأوروبية في معهد جاك ديلور، "إن حزب الخضر كان له أهمية كبيرة في التصويت وفي عملية صياغة القانون. وشددت في مقابلة مع DW على "أننا ندخل الآن مرحلة مهمة من التنفيذ في الدول الأعضاء".

غير أن رياح السياسية غيرت من اتجاهها مرة أخرى، وأضحت قوانين حماية المناخ أقل قبولاً. واحتج المزارعون في العديد من دول الاتحاد الأوروبي وأعربوا عن غضبهم إزاء التشريعات الأوروبية.

إلى جانب ذلك انبثقت معارضة من المعسكرات السياسية. وكان مانفريد فيبر، زعيم حزب الشعب الأوروبي (محافظ)، الذي يضم أكبر عدد من الأعضاء، قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني عن رغبته في "إعادة النظر" في الهدف الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس، والمتمثل في حظر محرك الاحتراق الداخلي.

ووفق بحث أجرته البوابتان الأوروبيتان Politico وeuractiv، فإن هذا المطلب تم إدراجه أيضاً في بيان الحزب، والذي لم يتم نشره بعد. كما أثير أيضاً جدل حاد حول قانون استعادة الطبيعة.

وفي الفترة التي تسبق الانتخابات الأوروبية، رصدت الباحثة في الشؤون السياسية، ثالبرغ "اتجاها مثيرا للقلق" ليس فقط من المعسكر اليميني المتطرف، ولكن أيضاً أصوات من التيار الوسطي. على سبيل المثال، تحدث الرئيس الفرنسي الليبرالي، إيمانويل ماكرون عن "استراحة تشريعية" وأثار حزب الشعب الأوروبي فكرة تتمثل في "وقف القوانين البيئية".

"الشجاعة" شعار الخضر!

بدا الخُضر الأوروبيون في دفاع مستميت خلال مؤتمر حزبهم الذي انعقد في عطلة نهاية الأسبوع الأول من شهر فبراير/ شباط في مدينة ليون الفرنسية. وأعلن الهولندي، باس إيكهاوت عن "حملة انتخابية صعبة"، يتولى رئاستها مع زميلته الألمانية، تيري رينتكه. ويتكون حزب الخضر الأوروبي من 49 حزبا داخل وخارج الاتحاد الأوروبي. وكان شعار مؤتمر حزبهم هو "الشجاعة".

وأكدت تيري رينتكه بعد انتخابها أن هذه الشجاعة ستكون ضرورية للتحول الأخضر. "إن حزب الشعب الأوروبي والليبراليين ليسوا على حق عندما يقولون إن الصفقة الخضراء تلحق الضرر باقتصادنا." رينتكه عضوة في برلمان الاتحاد الأوروبي منذ عام 2014. وهي مقتنعة بأن الصفقة الخضراء يمكن أن تخلق اقتصاداً يحترم الموارد الطبيعية للكوكب وكذلك يحقق العدالة الاجتماعية.

"يجب الدفاع عن الصفقة الخضراء". جملة تكررت كثيراً خلال  مؤتمر الحزب، الذي حضره أكثر من 1200 من عضو من أحزاب الخضر والأطراف المهتمة من جميع أنحاء أوروبا. ويدعو البرنامج الانتخابي إلى الحياد المناخي في وقت مبكر من عام 2040، وليس فقط في عام 2050.

ويسعى الخُضر من خلال برنامجهم الانتخابي أيضاً إلى الوقوف في وجه الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وكذلك القيام بحملات من أجل الإجهاض الآمن والقانوني في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

هل مازال بإمكان الخضر قلب دفة الأمور؟

ترى ثالبرغ أن حزب الخضر يواجه حالياً صعوبة في الموازنة بين المزاج الحالي وما هو ضروري لحماية المناخ. "ما أجده إيجابيا في البرنامج الانتخابي، مقارنة بالبرامج الانتخابية الأخرى، هو أنه يحتوي على مقترحات ملموسة للغاية". لدى حزب الخضر مقترحات ملموسة عندما يتعلق الأمر بتجديد المباني السكنية بكفاءة في استخدام الطاقة، أو التنقل المستدام، أو التحول الأخضر للصناعة والزراعة. من جهته يرى الباحث في الانتخابات شمينكه أدلة على أن حزب الخضر قد يكون من بين الخاسرين في الانتخابات. ويعزو ذلك في المقام الأول إلى مشاركة أحزاب الخضر في الحكومات الوطنية.

وأوضح الخبير في الشؤون السياسية لـ DW إن الانتخابات الأوروبية تُستخدم دوماً لمعاقبة الحكومات الوطنية. لكنه يرى أن مازال هناك وقت طويل حتى الانتخابات المقبلة، كما أن وضع الحزب في استطلاعات الرأي عام 2019 كان أسوأ في فبراير/ شباط مما كان عليه في يوم الانتخابات في مايو/ أيار.

وتسترجع تيري رينتكه ذلك أيضاً. وفي ليون، وبعد انتخابها كأفضل مرشحة، أكدت "أنها تمكنت في الانتخابات الأخيرة من دخول برلمان الاتحاد الأوروبي بأفضل نتيجة حتى الآن. وبغض النظر عن الخطاب السياسي الذي كان موجها بشكل صريح ضد الخضر، فإننا سنقاتل مرة أخرى هذه المرة".

أعدته للعربية: إيمان ملوك