1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المدارس القرآنية بالعالم العربي- بين التشدد الديني والإصلاح!

مريم مرغيش
٧ فبراير ٢٠١٩

نقاش جديد فجره إغلاق مدرسة قرآنية بتونس بعد اعتداءات تعرض لها طلابها. الجدل حول الموضوع امتد إلى العالم العربي حيث وقعت حوادث شبيهة من قبل. فهل يفضي ذلك إلى إغلاق هذه المدارس الموازية، أم أنه بداية إصلاح لها؟

https://p.dw.com/p/3CwiT
Bangladesch Kind lernt den Koran in Dhaka
صورة من: picture alliance/dpa/NurPhoto/H. Chowdhury

جدل جديد أبرزه إغلاق مدرسة قرآنية قبل أيام، حين كشف تحقيق صحفي تلفزيوني في تونس عن انتهاكات ممنهجة يتعرض لها أطفال المدرسة الواقعة بمنطقة نائية في الرقاب (وسط غرب تونس).

  

إذاعة محلية في تونس أكدت أن فحصاً طبياً أثبت تعرض أطفال من المدرسة إلى اعتداءات جنسية متكررة، ما استدعى نقل 42 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، و27 راشداً بين 18 و35 عاماً، أغلبهم منقطعون عن الدراسة ويقيمون في ظروف مزرية وينحدرون من عدة مناطق في تونس، ويعاني أغلبهم من مشاكل صحية ومتاعب نفسية حادة.

فضيحة المدرسة انتشرت بسرعة في مواقع التواصل الاجتماعي التونسية، ومنها إلى الدول المجاورة، حيث يقصد أطفال كُثر هذا النوع من المدارس الموازية التي تُوفر في بعض الأحيان السكن، وهو ما أثار مخاوف لدى البعض من تعرض أطفالهم أيضاً للاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي حتى دون علمهم.

<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fouhibimednajib%2Fposts%2F10218423804893217&width=500" width="500" height="217" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>

مخاوف مشروعة من مخاطر متنوعة

"انطلاقاً من الواقع الذي عشته، حوادث الاغتصاب والاعتداء على الأطفال داخل المدارس القرآنية البعيدة عن مراقبة القانون موجودة ولا يمكن إنكارها". هذا من بين ما تضمنه تصريح الباحث المغربي عبد الوهاب رفيقي في حديثه لـDW عربية، بخصوص المدارس القرآنية.

معطيات مختلفة ذكرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد تجعل مخاوف البعض بخصوص المدارس القرآنية تبدو مشروعة، كما أكد رفيقي، الباحث المغربي في الدراسات الاسلامية.

من جانبه، أشار محرز الإدريسي، أستاذ علم النفس التربوي ورئيس مجلس إدارة "الرابطة العربية للتربويين التنويريين" في تونس، لـDW عربية إلى أن المدارس القرآنية تثير جدلاً كبيراً في مجموعة من الدول، وفي تونس بالخصوص، لأنه لا توجد رؤية واضحة لدور ومهام هذه المدارس القرآنية، فضلاً عن برامج التدريس فيها والمواد المعتمدة، ناهيك عن الأساليب التعليمية والتقنيات المنهجية التي يتم عن طريقها إيصال مضمون التربية القرآنية، حسب قوله.

 

هذا وأوضح رفيقي، الذي درس في مدرسة قرآنية في المغرب، أن "هذا الموضوع يستحق الاهتمام بشدة، خاصة وأن هذه المدارس بعيدة عن مراقبة السلطة إلى حد كبير"، وبرر ذلك بكون "هذه المدارس تعتمد على طقوس هي في الأصل من عاداتها وأعرافها ولا تخضع لقوانين ولا يوجد ضمنها أي اهتمام بحالة الطفل وحقوقه".

<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fnajib.khasskhoussi%2Fposts%2F2052931654785556&width=500" width="500" height="255" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>

وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص (هيئة حكومية) قد كشفت في مؤتمر صحفي لها هذا الأسبوع عن حقائق مرعبة لما كان يحصل داخل المدرسة في الرقاب، مثل إجبار الأطفال على تحمل تدريبات قاسية وتناول أكل متعفن والعمل حتى وقت متأخر من الليل وضربهم للقيام إلى صلاة الفجر.

هذا ويبدو أن الكثير من الدول العربية تعيش على وقع هذه المخاوف بعد أحداث مشابهة كُشف عنها في المغرب، مثلاً، حيث "بقي أطفال لعشرات السنين يذهبون إلى مئات المدارس القرآنية التي كانت تلقنهم مضامين متطرفة ومتعلقة بالولاء ومعاداة الآخر وقتال الآخر.." كما يقول الباحث المغربي عبد الوهاب رفيقي. 

 استغلال سياسي!

وبمجرد ما احتدم النقاش حول المدارس القرآنية، ظهرت مجموعة من الأصوات التي ركزت على وجود "مؤامرة" فيما حدث بتونس، فقد راح البعض يتحدث عن رغبة تنظيمات سياسية في قلب موازين الانتخابات التي ستنظم قريباً هناك لصالحها، خاصة وأن البعض اتهم حزب النهضة الإسلامي بكونه المسؤول عن المدرسة بعد امتناعه عن التعليق على القضية.

في المقابل، خرجت تنظيمات سياسة أخرى تُندد بما حصل للأطفال، كحزب "نداء تونس" وحزب "التكتل من أجل العمل والحريات"، اللذان رفضا ما حصل في تعليق لهما على الموضوع.

وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص قد صرحت بخصوص المدرسة أنها عاينت أطفالاً يلبسون زياً أفغانياً ولا يقوون على المشي بسبب الضرب المبرح، وقد تعرض أحدهم إلى خلع في الكتف، بينما أثبتت فحوص طبية أجريت على عدد منهم تعرضهم للاغتصاب في المدرسة، التي وصفتها  الهيئة بـ"ثكنة" تجنيد للجهاديين. وفي هذه النقطة يمكن الإشارة إلى تصريحات الخبيرين الذين أكدا على إمكانية تدخل بعض التنظيمات المتطرفة لتمويل هذا النوع من المدارس. 

تجدر الإشارة إلى أن صاحب المدرسة كان يقيم في جنوب إفريقيا، بحسب ما كتبت بعض الوسائل الإعلامية المحلية، قبل عودته إلى الرقاب عام 2011، حيث أسس هذه المدرسة بعد الحصول على ترخيص من السلطات إبان حكم حركة النهضة. ومن المرجح - حسب هذه المصادر - أن تكون مصادر التمويل أجنبية، خاصة وأن صاحب المدرسة لا ينتمي إلى عائلة ثرية ولا يملك مصادر دخل.

مدارس قرآنية.. بشروط!

على مواقع التواصل الاجتماعي، قال بعض المعلقين إن هذا النوع المدارس يمكن أن يكون موجوداً ولكن وفق شروط معينة. أما أستاذ علم النفس التربوي محرز الإدريسي، فأكد أنه يقف "ضد إلغاء المدارس القرآنية بشكل جذري"، مضيفاً: "يمكن أن تكون هذه المدارس موجودة بشرط خضوعها إلى مؤسسات رسمية، إذ تشرف عليها الدولة أو وزارات معينة تحدد الإطار العام لموادها وبرامجها التعليمية... فضلاً عن كشف السلوكيات والقيم والأنشطة الموازية التي تقوم بها هذه المدارس القرآنية". كما اعتبر الإدريسي التربية الفنية جزءاً مهماً من التعليم الديني.

 

من جهته، يقول عبد الوهاب رفيقي: "رغم كل ما عشته في هذه المدارس القرآنية، إلا أنني ممن تعلم القراءة والكتابة وكثيراً من الآداب والأخلاق في أحضان هذه المدارس. لكن الأمر يحتاج إلى قوانين ومتابعة ومراقبة صارمة لأن الأمر يتعلق بأطفال"، مشيراً إلى ضرورة مراقبة هذه المدارس التي يجب عليها تخريج كفاءات للمجتمع. وشدد الباحث المغربي على التجربة الناجحة لبعض المدارس القرآنية ودورها الاجتماعي الهام، على حد تعبيره.

على خطى أوروبا

بعد عام 2011 انتشرت في تونس المدارس والجمعيات القرآنية بشكل واسع، مستفيدة من مناخ الحرية بعد الثورة هناك. غير أن الحكومة بدأت بحملة تعقب للجمعيات ذات التمويل المشبوه أو المتورطة بنشر التطرف، وأمر القضاء بإغلاق بعضها بعد سلسلة من الهجمات الارهابية الدامية التي تعرضت لها البلاد. ولكن لماذا تحتفظ أوروبا بمدارس دينية، كاثوليكية، مثلا؟ وهل يمكن للدول العربية أن تسير على خُطاها؟

<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fsami.jallouli%2Fposts%2F2133515680027327&width=500" width="500" height="268" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>

يرى الإدريسي أن ذلك ممكن، ولكن "لو وفرنا السبل والشروط الملائمة، ولكن خياري الشخصي مع توحيد التعليم"، في حين أشار رفيقي إلى إمكانية اتباع المسار الأوروبي في التعليم الديني، مع الالتفات إلى تجارب مشرفة ونموذجية يمكن أن تكون قدوة في العالم العربي أيضاً، بحيث يتم تعليم الأطفال وفق مناهج دينية مبسطة وفي الوقت ذاته تلقينهم مبادئ أخلاقية.

مريم مرغيش