1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"على شفا الهاوية".. ليبيا بعد عشر سنوات من رحيل القذافي

٢٠ أكتوبر ٢٠٢١

حتى بعد مرور عشر سنوات على مقتل وسقوط الزعيم الليبي، معمر القذافي، لم تخرج البلاد من أزماتها. فحتى الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول تم تأجيلها، فما الذي يعرقل الديمقراطية والاستقرار بهذا البلد؟

https://p.dw.com/p/41s69
لوحة تحمل صورة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (أنقرة 2011)
احتجاجات الليبيين ضد القذافي في أنقرة عام 2011 (صورة من الأرشيف) صورة من: ADEM ALTAN/AFP/Getty Images

"نعلن للعالم أن القذافي قُتل على أيدي الثوار. هذه نهاية الاستبداد والديكتاتورية في ليبيا". بهذه الكلمات المتفائلة أعلن المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، عبد الحفيظ غوقة، عن مقتل الزعيم الليبي، معمر القذافي قبل عشر سنوات في الـ 20 من أكتوبر /تشرين الأول عام 2011.

قبل أشهر من مقتله، في فبراير /شباط عام 2011، ثار الليبيون، الذين حركتهم الثورة في تونس المجاورة، ضد نظام رئيس دولتهم الذي وصل للسطلة عبر انقلاب ومكث فيها منذ عام 1969.

وكان للمتمردين في ليبيا حلفاء أقوياء ففي مارس/ آذار، أعطت الأمم المتحدة موافقتها على عملية عسكرية كان القصد منها حماية  المدنيين على وجه الخصوص. ساهمت الهجمات التي نفذها حلف الناتو بعد ذلك ضد جيش القذافي بشكل كبير في إضعافه.

نهاية دموية

بعد شهور من الفرار، اختبأ القذافي في مدينة سرت شمال البلاد، الواقعة على بعد حوالي 450 كيلومتراً شرق طرابلس. محاطاً بخصومه، حاول "الزعيم الثوري"، المعروف بمظهره الغريب، الهروب عبر المجاري، لكن تم القبض عليه. قتله المتمردون على الفور وبصورة وصفت بـ "الوحشية"، كما انتشرت صورة للجثة ملطخة بالدماء في جميع أنحاء العالم.

أنبوب الصرف الصحي الذي عثر فيه على القذافي، بحسب ثوار
أنبوب الصرف الصحي الذي عثر فيه على القذافي، بحسب ثوارصورة من: picture alliance/dpa

يعود عدم الرضا عن نظام القذافي "التعسفي" لدى فئات واسعة من الليبيين، إلى أسباب اقتصادية واجتماعية مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والارتفاع الشديد للبطالة بين صفوف الشباب، كما تقول هاجر علي، الباحثة والخبيرة في الشأن الليبي بمعهد GIGA لدراسات الشرق الأوسط في هامبورغ.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك دعوات للديمقراطية ووضع حد للانتهاكات الخطيرة ضد حقوق الإنسان القائمة والسابقة، بما في ذلك مذبحة عام 1996 في سجن أبو سليم بالعاصمة طرابلس، والتي  قُتل فيها ما بين 1200و 1700 نزيل. وتقول، الباحثة والخبيرة، هاجر علي: "كانت هذه الجريمة من سمات فترة حكم القذافي".

الأمل في بداية جديدة

كانت الآمال في بداية جديدة كبيرة في ليبيا حتى ذلك الحين. في المقابل كانت هناك تحذيرات من التحديات أمام هذا البلد. فقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة، آنذاك، بان كي مون من أن "الطريق أمام ليبيا وشعبها سيكون شاقاً ومليئاً بالتحديات" وسيتعين على جميع الليبيين العمل معاً. وحث أيضا، من أن "الليبيين لا يمكنهم تحقيق وعد المستقبل إلا من خلال الوحدة الوطنية والمصالحة"، لكن هذا الأمر ظل مجرد أمنية، فقد بلغت اضطرابات الثورة ذروتها في سنوات من الحرب الأهلية في عام 2014.

متحدون في التمرد فقط!

 تكمن أسباب ذلك إلى حد كبير في "جهاز السلطة الذي بناه القذافي"، حسب هاجر علي. في الواقع، كان أحد أكبر مخاوف القذافي هو الانتفاضة العسكرية. تألفت إستراتيجية الحماية الخاصة بالقذافي من الاحتفاظ بمراتب عالية له - بالإضافة إلى وضع أفراد الأسرة - في مناصب ذات أهمية استراتيجية. وتوضح الحبيرة هاجر علي ذلك بالقول "لقد اشترى أيضا الحماية من المرتزقة الأجانب مع إبعاد الجيش عن السلطة عن طريق المناصب الدنيا". أدى ذلك إلى خلق خصومات استمرت سنوات بعد وفاته، إضافة إلى تضارب المصالح على المستوى الإقليمي والقبلي.

خلال الثورة، اتحدت المجموعات المختلفة لفترة وجيزة على الرغبة في الإطاحة بالقذافي. لكن بعد سقوطه، انهارت هذه التحالفات. وتتابع الباحثة والخبيرة في الشأن الليبي: "كان ذلك أيضاً بسبب عدم وجود ساحة سياسية مدنية فاعلة يمكن فيها حل الخلافات والتفاوض بشأنها". كما أن الانتخابات المتعددة لم تؤدي إلى الوحدة الوطنية.

"حكومة فاشلة"

نتيجة لذلك، شهدت ليبيا المصير النموذجي للدول الفاشلة و تفككت سلطة الدولة. سرعان ما كانت هناك حكومتان: واحدة في العاصمة طرابلس، والأخرى في مدينة طبرق الساحلية في أقصى شرق البلاد. ومن أجل حماية أو فرض مصالحها، تدخلت المزيد من الجهات الأجنبية الفاعلة في الحرب الأهلية، بما في ذلك روسيا وتركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة. ولا تزال قوات المرتزقة التي تمولها دول أجنبية في أجزاء من البلاد حتى يومنا هذا.

خليفة حفتر (يسار الصورة) ورئيس الوزراء الأسبق فايز السراج
منافسة شرسة بين الجنرال خليفة حفتر (يسار الصورة) ورئيس الوزراء الأسبق فايز السراج منذ سنوات

على سبيل المثال، حاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان فرض المطالبات التركية باحتياطيات الغاز في البحر الأبيض المتوسط من خلال تحالف مع رئيس الحكومة المعترف به دولياً فايز السراج. من ناحية أخرى، دعمت روسيا ومصر والإمارات ما سمي بحكومة المنفى في طبرق، بقيادة الجنرال القوي، آنذاك خليفة حفتر. من خلال العمل معه، كانت الحكومة في القاهرة تأمل في السيطرة على القوى الإسلامية ، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. من ناحية أخرى، كان الأوروبيون مهتمون منذ البداية بإبقاء المهاجرين واللاجئين خارج ليبيا. لهذا السبب أعلن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس في فبراير /شباط العام الماضي  2020 على ضرورة إشراك الدول المجاورة لليبيا في المحادثات.

مبادرات لإنهاء الحرب

تعددت المبادرات لإنهاء الحرب، التي ارتبطت بالعديد من انتهاكات حقوق الإنسان وإرساء استقرار جديد في البلاد. حاول العديد من المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة جلب معارضي الحرب إلى طاولة واحدة، والتي نجحت في نهاية المطاف كجزء من العديد من المبادرات - بما في ذلك مؤتمرين عن ليبيا في برلين بين عامي 2020و 2021 نظمتهما ألمانيا. في فبراير/ شباط من هذا العام، اتفق الفاعلون الليبيون على السياسي، عبد الحميد الدبيبة، رئيسا للوزراء بشكل مؤقت. كما يسهر على إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول من هذا العام. لكن الانتخابات البرلمانية أرجئت مؤخرا مرة أخرى لمدة شهر. المصالحة التي طال انتظارها - حتى الآن ، كانت تحقق تقدماً بطيئاً في أحسن الأحوال.

وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في لقاء كع رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة (يونيو 2021)
رغم المبادرات المتعددة لإنهاء الحرب، لم يستقر الوضع في ليبيا بعد!صورة من: Michael Sohn/AFP

لا تزال العديد من مشاكل البلاد دون حل، كما تقول الخبيرة هاجر علي. أحد التحديات الأساسية للحكومة المستقبلية هي السيطرة على الجيش والقوات المسلحة الأخرى. وتابعت الباحثة بالقول: "هناك خطر من أن القوات المسلحة ليست خاضعة للسيطرة الكافية أو أنها لن تمتثل للأوامر". كما لا يزال هناك العديد من الجماعات المسلحة التي يمكن أن تتجاهل أي نتيجة للإنتخابات.

حتى بعد مرور عشر سنوات على مقتل الزعيم الليبي، معمر القذافي، وسقوط نظامه. لا زالت الديمقراطية والاستقرار والاستقلال عن القوى الخارجية، رؤية بعيدة إلى حد ما عن المستقبل السياسي في ليبيا.

كرستن كنيب/ إ.م