1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طريق السودان الصعب إلى التحول الديمقراطي

٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢

رغم غياب أي انفراجة ملموسة في خروج السودان من أزمته العاصفة، يطالب متظاهرون برحيل المبعوث الأممي للسودان، الألماني فولكر بيرتس، في حين يرى خبراء أن هناك ما يبعث على التفاؤل.

https://p.dw.com/p/4JqDt
متظاهرون يحتجون ضد رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان "يونيتامس"، الألماني فولكر بيرتس
متظاهرون يحتجون ضد رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان "يونيتامس"، الألماني فولكر بيرتسصورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance

تزايدت خلال الأسابيع القليلة الماضية وتيرة المظاهرات في السودان المطالبة بوقف ما دعته "التدخلات الأجنبية" وبرحيل رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان "يونيتامس"، الألماني فولكر بيرتس.

ورأت البعثة النور في عام 2020 بقرار مجلس الأمن 2524 بهدف مساعدة السودان في إنجاز الانتقال السياسي نحو الحكم الديمقراطي.

وفي مقابلة مع DW، قال بيرتس "لا أجد من الجيد شخصنة الأمور كما هو الحال في الوقت الراهن. لكننا في الأمم المتحدة ندافع عن الحق في التجمع السلمي، ونعلم أنه بينما نسعى لإحراز تقدم في طريق تحقيق حل سياسي في السودان بالعمل مع الأحزاب والجيش والأطراف الأخرى، فإننا ندرك أننا أصبحنا جزءً من الجدل".

وأشار بيرتيس إلى أن مقر الأمم المتحدة في الخرطوم شهد تظاهر قرابة 2500 شخص في عطلات نهاية الأسبوع القليلة الماضية، متوقعاً أن يتظاهر العدد ذاته في نهاية الأسبوع المقبل.

دوامة الاضطرابات السياسية

وفي أعقاب الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير عام 2019 على وقع تظاهرات حاشدة، تشكلت حكومة مدنية رآها كثيرون بأنها تمثل فرصة تاريخية لعودة الحكم المدني والديمقراطية فيما كان من المقرر إجراء انتخابات العام المقبل.

بيد أنه في أكتوبر / تشرين الأول العام المنصرم، جرى الإطاحة بالحكومة الانتقالية بعد أن أطاح النصف العسكري بالنصف المدني في مجلس السيادة الحاكم ليتولى على إثر ذلك زمام الأمور في السودان.

ومنذ ذلك الحين، لم يتم تعين رئيس وزراء فيما يترنح السودان تحت وطأة وضع اقتصادي صعب مع توقف الاستثمارات الدولية والمساعدات التنموية وتزايد عبء الديون. ومؤخراً توقع برنامج الغذاء العالمي أن يعاني ثلث السكان من انعدام الأمن الغذائي العام الجاري بسبب استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية.

تزامن هذا مع تواصل الاحتجاجات في الشارع السوداني رفضاً لاستيلاء الجيش على السلطة ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المحتجين، لكنهم تمكنوا في تحقيق هدف يتمثل في منع حدوث استيلاء عسكري كامل على السلطة.

رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان "يونيتامس"، الألماني فولكر بيرتس
رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان "يونيتامس"، الألماني فولكر بيرتس في كلمة له أمام مجلس الأمنصورة من: Loey Felipe/Xinhua/picture alliance

معارضة "التدخلات الأجنبية"

ولم يقدم أنصار الجيش أو الحركات المؤيدة للديمقراطية في السودان على التظاهر ضد البعثة الأممية أو رئيسها الألماني فولكر بيرتس. وانحصر الاحتجاج ضد التواجد الأممي وبيرتس على أنصار الحركات "الإسلامية" وغالبيتهم من صفوف حزب المؤتمر الوطني المنحل والموالين السابقين لنظام البشير، الذين يرغبون بالعودة إلى حلبة السياسة.

ورغم تزايد الاختلافات السياسية منذ الإطاحة بالبشير، إلا أنه ظهرت على السطح بوادر أمل منذ منتصف العام الجاري في ظل مساعي الأطراف العسكرية والمدنية إلى التوصل إلى الاتفاق حيال قواعد من شأنها أن تعيد السودان إلى مسار الانتخابات والتحول الديمقراطي.

وفي هذا السياق، ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء الأربعاء الماضي (16 تشرين الثاني/نوفمبر 2022) أن التحالف السياسي المدني الرئيسي في السودان المتمثل في تحالف قوى الحرية والتغيير، أعلن أنه يخطط لتوقيع اتفاق جديد مع الجيش حول العودة إلى الانتقال الديمقراطي.

وفي ذلك، قال بيرتس إنه في ضوء ذلك "نرى بعض التحسن خاصة إذا قارنا الوضع بالأمس بالوضع اليوم. ثمة شعور عام بأنه بعد عام من الجمود والتناحر بين الأطراف لإقصاء بعضها البعض، فإن هناك شيئاً ما يحدث ما يعني إمكانية التوصل إلى حل وسط".

عالم السرعة - السودان وحب السيارات الألمانية

جمود سياسي من "نوع جديد"

من جانبها، ترى الباحثة خلود خير، المؤسسة لمركز الأبحاث Confluence Advisory ومقره الخرطوم، إنه حتى في حالة التوصل إلى اتفاق سياسي بين المكونين العسكري والمدني، فإن السودان سوف ينتقل إلى جمود سياسي آخر.

وفي مقابلة مع DW، قالت المتخصصة في عملية الانتقال الديمقراطي في السودان: "في البداية، كان المجتمع الدولي قلقاً للغاية بشأن المأزق بين مجموعة قوى الحرية والتغيير المؤيدة للديمقراطية والجنرالات الذين كانوا جزءا من الانقلاب. لكن الآن، يبدو أنه تم التوصل لمستوى معين من التفاهم بين قوى الحرية والتغيير والجنرالات." لكن الباحثة تستدرك بالقول إن عدة أطراف تمثل حركات التمرد السابقة وحركات المقاومة وزعماء قبائل ورجال دين انسحبوا من المناقشات، مضيفة "لقد تغير شكل الجمود السياسي".

وتتفق خلود مع المبعوث الأممي الخاص إلى السودان في القول بأن هناك بعض القضايا يمكنها أن تدمر أي اتفاق سياسي قد يُجرى التوصل إليه خاصة ما يتعلق بتسمية رئيس الحكومة المقبلة ورئيس البلاد خلال المرحلة الانتقالية فضلاً عن القضايا المتعلقة بالجيش فيما أشارت خلود إلى أن الخطة الحالية تنص على أن المرحلة الانتقالية قد تستمر لعامين.

وفي هذا الصدد، قالت إن هذه الفترة قد تكون قصيرة حتى تلبي طموحات غالبية السودانيين بعد عام من الفوضى السياسية، ما قد يؤجج احتجاجات جديدة، الأمر الذي قد يسفر عن المزيد من حالة عدم الاستقرار.

يقول محللون إن الجيش السوداني يعمل على إحداث تغييرات جذرية تضمن دوره في المستقبل
يقول محللون إن الجيش السوداني يعمل على إحداث تغييرات جذرية تضمن دوره في المستقبلصورة من: Ashraf Shazly/AFP/Getty Images

عدم الثقة بالجيش

وفي ظل هذه المعطيات، طرح مراقبون تساؤلات حيال دور الجيش في كل ما يجري.

وفي هذا السياق، خلصت دراسة نُشرت في نوفمبر / تشرين الثاني حيال دور قادة الجيش في "مرحلة بعد الانقلاب" قام بها باحثون من "المعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية" في هامبورغ و"جامعة سنترال فلوريدا"، إلى أن قادة الجيش يعمدون إلى إحداث تغيرات جذرية تسمح بتصدر الجيش للمشهد وذلك رغم تأكيد القادة العسكريين على رغبتهم في التحول الديمقراطي. وذهبت الدراسة إلى أن "التغييرات التي قد يراها كثيرون بأنها سياسية تعزز من الحكم العسكري. وعندما يتطرق المفاوضون إلى القضايا الاساسية فإنهم قد يغفلون هذه التغييرات التي حدثت مؤخراً رغم أهميتها".

وفي ذلك، قالت الباحثة خلود خير إنه يتعين على المسؤولين توسيع المفاوضات لتضم أطياف أخرى من الشعب، مضيفة "لقد تغيرت الطبيعة السياسية في السودان، ولم يعد بالإمكان القول بأن بعض القادة يمثلون قطاعات كبيرة من الشعب".

ويبدو أن حديث خلود يحمل إشارة ضمنية إلى قوى الحرية والتغيير التي اعتادت أن تمثل غالبية الأطراف المؤيدة للديمقراطية في البلاد، لكن مراقبون يرون أنها لم تعد تتمتع بنفس الدعم.

وأضافت خلود أنه بدون انخراط كبير من الأطياف السياسية والشعبية، فإن الأمور لن تتحسن.

وفيما يتعلق بالدور الأممي في السودان، تواجه بعثة الأمم المتحدة للسودان "يونيتامس"، والهيئات الدولية الأخرى انتقادات بأنها غير حاضرة وفاعلة في السودان بشكل كافي، لا في أن "تتدخل" بشكل كبير.

وفي ذلك، قال رئيس البعثة الألماني فولكر بيرتس: "هذا الأمر يحمل في طياته جانباً من الصواب؛ إذ كان يتعين أن نمتلك موارد أكثر لفتح المزيد من المكاتب في جميع أنحاء البلاد. على عاتقنا مهمة ضخمة، لكن في ظل موارد قليلة نسبياً".

ورغم ذلك، أعرب بيرتس عن تفاؤله حيال الوضع السياسي في السوان، مضيفاً "الأمر يتعلق بتقليص الفجوات بشكل تدريجي وسوف تأتي أي تسوية وحلول وسط على مراحل".

كاثرين شايير/ م.ع  

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد