1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صعود وانهيار التحالف الحاكم في المانيا

حققت الحكومة الألمانية الحالية نجاحات على الصعيد الخارجي، وحظيت بسمعة طيبة كوسيط لحل النزاعات. غير أنها وقعت ضحية سياستها الداخلية الفاشلة في نظر كثيرين. نظرة على حصيلة 7 أعوام من الحكم توجت بحجب الثقة عن المستشار.

https://p.dw.com/p/6ryb
اللون الأحمر للحزب الاشتراكي والاخضر لحزب الخضرصورة من: AP

جاء فوز الحزب الديموقراطي الاشتراكي في انتخابات 1998 ليضع حداً لحكم تحالف الحزب المسيحي الديموقراطي والحزب الليبرالي الذي استمر 16 عاماً، احتفظ خلالها هيلموت كول من الحزب المسيحي الديموقراطي بمنصب المستشارية. وبعد قرار الحزب الديموقراطي الاشتراكي بالتحالف مع حزب الخضر لتشكيل الحكومة الجديدة أصبح واضحاً أن ألمانيا تقف أمام تجربة سياسية فريدة من نوعها، فلأول مرة يدخل حزب الخضر حديث السن إلى الحكومة، كما تضمن برنامج الحكومة تغيرات راديكالية تعد بالقضاء على الفساد الإداري الذي استشرى في عهد كول، والإسراع في خطى الإصلاح الاجتماعي والسياسي.

Bildgalerie Helmut Kohl und Angela Merkel
هيلموت كول وتلميذته ميركلصورة من: dpa

واليوم بعد مرور سبع سنوات من حكم تحالف الحمر(لون الحزب الديموقراطي الاشتراكي) مع الخضر يقف سوق العمل الألماني على حافة الهاوية، وتسببت الإصلاحات التي قامت بها الحكومة في زيادة السخط الشعبي عليها لعدم اقتناع المواطنين بجدواها. وتبخرت البهجة العارمة التي انتابت المجتمع الألماني بعد انتخابات 1998 وانقلبت إلى سخط وتذمر. مما حدا بكثير من المراقبين بوصف الحكومة الحالية بأنها تجربة حسنة النوايا لكنها فاشلة عملياً. في المقابل تحظى الدبلوماسية الألمانية بسمعة طبية على الصعيد الدولى، فقد نجحت سياستها في تقوية الاتحاد الأوروبي وتوسيعه، كما استطاعت التوسط في صراعات دولية مثل صراع الشرق الأوسط اعتمادا على القبول والاحترام اللذين تمتعت بهما.

البدايات

خرج السياسيون الألمان الذين يكونون أركان الحكم اليوم من رحم حركات المعارضة التي اجتاحت ألمانيا في فترة الستينات لتهاجم الأفكار المحافظة وتدعو إلى تجنب الحروب في النزاعات الدولية، كما طالبت هذه الحركات بإعادة فتح الملف النازي الألماني لأنه لم يدرس بشكل كافي وإنما تم التنصل منه سريعا على حد تعبيرهم. وبعد ثلاثة عقود وصل شرودر إلى الحكم بعد عام من وصول توني بلير إلى رئاسة الحكومة البريطانية ليشكلا التجلي الأوضح لفلسفة "الطريق الثالث"، التي تدعو إلى نهج طريق وسط بين الرخاء الاقتصادي والمسؤوليات الاجتماعية.

Reisepass Deutschland
جواز السفر الألماني للهاجرين فكرة لم يستطع التحالف تنفيذهاصورة من: Illuscope

وبعد تولي الحكومة الجديدة بادرت بتقديم مشاريع قوانين يمكن وصفها بأنها ثورية، فبدأت بمشروع منح المهاجرين الجنسية الألمانية بجانب جنسيتهم الأصلية، وهو ما كان يحظره القانون الألماني سابقاً حيث يشترط التخلي عن الجنسية الأصلية. غير أن المشروع تعثر بسبب الحملة الشرسة التي أطلقتها المعارضة ضد المشروع. ثم قدمت الحكومة مجموعة من الأفكار التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة، وترجع إلى حزب الخضر الحليف والذي بدأ كحزب من المسالمين والمهتمين بقضايا البيئة، نجح منها مشروع فرض رسوم على المشروبات المعبأة في علب معدنية لصعوبة التخلص منها وتدويرها على عكس الزجاج، كما نجح مشروع يخص التخلص من المفاعلات النووية وإحلالها ببدائل أخرى لإنتاج الطاقة، وتم إغلاق مفاعل نووي واحد حتى الآن، غير أن مصير هذا المشروع بات غير واضح الآن، خاصة أن الحزب المسيحي الديموقراطي لم يبد اقتناعه بهذه الفكرة آنذاك.

نجاح خارجي

أثناء فترة ولاية الحكومة الحالية نجح المستشار شرودر في تطوير أفكاره لتتناسب مع موقعه الجديد، فبعد أن كان من المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي أصبح أحد أبرز الشخصيات السياسية التي تدعم فكرة الاتحاد، وأخذ على عاتقه تطوير السياسات الأوروبية المشتركة وإكسابها زخما، ولا يمكن تصور نجاح عملية توسيع الاتحاد بدون جهود شرودر في هذا المجال. كما أقدم المستشار على خطوة غير معهودة وهي إرسال جنود ألمان خارج نطاق الأراضي الألمانية للقيام بمهمات حفظ السلام في مناطق الصراعات مثل كوسوفو وأفغانستان. يذكر أن السياسة الخارجية كانت تلعب دوراً كبيراً في الخط السياسي الذي انتهجه شرودر، ويعود نجاحه في انتخابات عام 2002 إلى قراره بعدم المشاركة في الحرب على العراق، والذي أتى موافقاً لرأي أغلبية الناخبين الألمان.

Vertrauensfrage Bundestag Joschka Fischer
فيشر في كلمته الأخيرة امام البرلمان الألمانيصورة من: AP

كذلك انتقلت الشخصية الرئيسية في حزب الخضر، يوشكا فيشر وزير الخارجية الحالي، إلى طور جديد بعد الوصول إلى الحكم. فلقد بدأ فيشر حياته معارضاً منضوياً تحت لواء الحركات اليسارية الثورية، ولا تزال صوره وهو يلقي بالحجارة على رجال الشرطة أثناء مظاهرات فترة السبعينات الصاخبة ماثلة في أذهان الألمان. وبعد وصوله إلى منصب وزير الخارجية نجح فيشر في تكوين سمعة دولية مكنته من التوسط في صراعات دولية اعتماداً على الاحترام الذي يحظى به من كافة الأطراف، مثل الصراع في الشرق الأوسط أو أزمة الملف النووي الإيراني الذي تسعى أوروبا ممثلة بوزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى حله بعيداً عن مجلس الأمن الدولي.

فشل داخلي

داخلياً لم يحقق التحالف الحاكم نجاحاً مماثلاً، فالكثير من الخبراء يصف السياسة الداخلية للحكومة في ولايتها الأولى بأنها سياسة خجولة وغير مسئولة، ويرجعها بعضهم إلى عدم رغبة التحالف الحاكم في إثقال كاهل المواطنين بإصلاحات واسعة غير مريحة. غير أن انتخابات عام 2002 التي كسبها التحالف بشق الأنفس أظهرت الحاجة الماسة لإجراء إصلاحات سريعة لسبب الوضع المتدهور في سوق العمل.

وبعد عام 2002 خرجت الحكومة بمشروعها الإصلاحي الشامل المسمى "اجندة 2010" والتي حصدت انتقادات واسعة من قبل قطاع الاقتصاد والتجارة والتي وصفتها بأنها إصلاحات غير كافية ولا تعالج الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة البطالة. وأظهرت الأعوام السابقة ميلاً لدى الشركات الألمانية الكبيرة إلى نقل مصانعها وأماكن إنتاجها إلى خارج ألمانيا، لتتجنب دفع نسبة عالية من الضرائب، ولكي توفر في تكاليف العمالة المعروف أنها مرتفعة في ألمانيا مقارنةً بدول شرق آسيا أو وسط أوروبا. مما أدى إلى فقدان كثير من الألمان لأماكن عملهم، الأمر الذي أدى إلى زيادة السخط والتذمر على سياسات الحكومة.

النهايات

Kommunalwahl - Wahllokal Wahlen Kommunen Nordrhein-Westfalen
صناديق الاقتراعصورة من: dpa

المثل الألماني يقول: التصدعات تبدأ بالظهور بعد مرور سبع سنوات على الزواج. واليوم بعد سبع سنوات من حكم الحزب الديموقراطي الاشتراكي وحزب الخضر وصل عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا إلى 4,7 مليون شخص، أي بزيادة قدرها مليون شخص عن عددهم بعد وصول شرودر إلى السلطة 1998. وفي الثاني والعشرين من مايو/ايار الماضي زلزلت نتيجة انتخابات ولاية شمال الراين - ويستفاليا أركان حكومة برلين، إذ خسر الحزب الديموقراطي الاشتراكي(الشريك الأكبر في التحالف) معقله الأساسي لصالح الحزب المسيحي الديموقراطي، وأصبحت الحكومة تستند على أغلبية واهية.

لذلك أقدم شرودر على خطوة فاجأت الجميع وهي التقديم بالانتخابات النيابية المقرر عقدها العام القادم، مبررا ذلك بأنه لا يشعر بالدعم من أغلبية الشعب وبالتالي لا يستطيع القيام بوظيفته على الوجه الأكمل. وبعد تصويت البرلمان الألماني يوم الجمعة (الأول من يوليو/تموز 2005) تم تحقيق الخطوة الأولى في هذا الاتجاه. وقد أدت هذه الخطوة إلى زيادة التصدعات التي لحقت بجسم التحالف الحاكم حيث تبادل الحزبان الاتهامات وأعلنا عن عزمهما القيام بحملتهما الانتخابية دون التنسيق مع الآخر، وبمعزل عن الخطوط العريضة التي اشتمل عليها عقد تحالفهما. فأمام صناديق الاقتراع كل يحارب من أجل مصلحته فقط.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد