1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شد وجذب بين جماعة "العدل والإحسان" والسلطات المغربية

٢٢ يناير ٢٠١١

فاجأ الحكم ببراءة سبعة قياديين من جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة في المغرب المراقبين، وتباينت آراؤهم حول مستقبل العلاقة بين الحكم والجماعة بين فرضية تحولها إلى حزب سياسي واستمرارها في وضع شد وجذب مع السلطات.

https://p.dw.com/p/zxKo
عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والاحسان محاطا بمساعديه فتح الله أرسلان(يسار) وعبد الله المتوكل(يمين).صورة من: DW

أثار قرار المحكمة الابتدائية بفاس (وسط المغرب) أخيرا ببراءة سبعة متهمين من جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، مفاجأة لدى الأوساط السياسية والمراقبين في المغرب،إذ كان أغلب المتتبعين لهذا الملف يرصدون أجواءا متوترة بين الجماعة والسلطات المغربية. وإثر الافراج عن المعتقلين استقبلت قيادة الجماعة أعضاءها في أجواء احتفالية توجت بحفل في بيت محمد السليماني أحد قياديي الجماعة المفرج عنهم. "الحكم ببراءة إخواننا بفاس هو إرجاع حق لأصحابه بعد ظلمهم بالاختطاف والتعذيب والمحاكمة الملفقة".

وفي رده على سؤال حول أبعاد هذه الخطوة وعما إذا كانت تؤشر على تقارب بين الجماعة والسلطات، قال فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم الجماعة في حوار مع دويتشه فيله: "نأمل ذلك مثلما تمناه كثير من عقلاء البلد، لكنه مع الأسف غير كاف للدلالة على هذا المعنى بالنظر للملفات الكثيرة العالقة المرتبطة بنا وبغيرنا من الفاعلين".

وتتباين آراء الخبراء، الذين حاورتهم دويتشه فيله، حول فرضية تحول جماعة العدل والإحسان إلى حزب سياسي، على غرار حزب العدالة والتنمية الذي يعد أهم حزب معارض حاليا في البرلمان. بينما تظل جماعة العدل والإحسان بمثابة اللغز في الحياة السياسية المغربية وتتفاوت قراءات الخبراء لحجمها وتأثيرها.

تفاؤل حذر

Symbolbild Religiöse Reformen in Marokko
الدستور المغربي ينص على أن الملك هو "أمير المؤمنين وهو حامي حمى الملة والدين"صورة من: DW-Montage/picture-alliance/dpa

وتعود فصول قصة معتقلي جماعة العدل والإحسان إلى شهر يونيو/حزيران الماضي عندما اعتقلت أجهزة الأمن المغربية القياديين السبعة في الجماعة، إثر شكاية تقدم بها محامي كان عضوا بالجماعة يتهم فيها هؤلاء باختطافه وتعذيبه في حين تتهمه الجماعة بـ"محاولة اختراقها والتجسس عليها". وقامت أسر المعتقلين بحملة واسعة لدى الجمعيات الحقوقية بالمغرب ضد ما تعتبره "انتهاكات صارخة" للقانون لحظة الاعتقال، حتى أن جمعية "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" أقنعت الفريق الاشتراكي بمجلس النواب (أغلبية حكومية) بمساءلة الحكومة في الموضوع. ومن جهتها كلفت الجماعة حوالي 200 محامي ومراقب مغاربة وأجانب.

وبرأي محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الدار البيضاء والمتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، فإن"الدولة وجدت نفسها متهمة بالتأثير على القضاء وعدم ضمان استقلاليته، خصوصا وأن القضية تابعها محامون ومراقبون أجانب، فكأنما أرادات السلطات من خلال هذا الحكم بالبراءة أن تبعث برسالة مفادها أنها لا تتدخل في استقلالية القضاء، كما حرمت الجماعة من توظيف مظلوميتها لتجني من وراءها مكاسب سياسية."

وقال ضريف في حوار مع دويتشه فيله بأن جماعة العدل والإحسان شاركت في مسيرة 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 الخاصة بقضية الصحراء الغربية، التي دعت إليها أحزاب الأغلبية الحكومية، مرجحا " أن يكون هذا الحكم رسالة تهدئة من جانب السلطات ردا على هذه المشاركة". ويبدو أن رسالة التهدئة سرعان ما ظهرت مؤشرات معاكسة لها، إذ اعتقل 75 عضوا من الجماعة في مدينة وجدة (شرق المغرب) بمناسبة عقدهم "مجلسا للنصيحة"، وهي المجالس التي يعقدها مسؤولو الجماعة في مناطق مختلفة من البلاد، وتعتبرها السلطات تجمعات غير مرخص لها. كما اعتقل 100 آخرون بمدينة بركان القريبة منها إثر استقبالهم لأحد قياديي الجماعة. فيما لا يزال عضو آخر بمجلس إرشاد الجماعة متابعا في قضية "سب وقذف"، وهي حوادث تعتبرها الجماعة "تضييقا عليها".

ومن جهته لا يستبعد الصحافي علي أنوزلا، في مقال له على موقع "لكم" الالكتروني، أن "تكون للسفارة الأميركية اليد الطولى لحماية من استجار بها"، في إشارة إلى لقاء وفد عن الجماعة مع السفير الأميركي بالرباط لـ"إطلاعه على وجهة نظر الجماعة" حول ما حدث في فاس.

شرعية النظام الملكي

Mohamed Darif
محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الدار البيضاء، متخصص في شؤون الحركات الاسلاميةصورة من: DW

علاقات الشد والجذب بين السلطات المغربية وجماعة العدل والإحسان لم تتوقف منذ رفع الإقامة الإجبارية على الشيخ عبد السلام ياسين المرشد العام للجماعة، منذ تولي الملك محمد السادس العرش سنة 1999، ولا ترتبط هذه العلاقة المتوترة فقط بكون الجماعة ذات مرجعية دينية أو أنها تعارض الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة والحكومات المتعاقبة. بل لسبب رئيسي برأي المراقبين:"الجماعة لا تعترف بشرعية النظام المغربي الدينية والسياسية، وهي تسعى لإقامة ما تعتبره نظام خلافة على منهاج النبوة، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. يعتقدون أنهم موعودون بالنصر من الله لإقامة دولة الخلافة" يشرح سعيد لكحل، الباحث في قضايا الحركات الإسلامية، في حوار مع دويتشه فيله.

ومن جهته أوضح فتح الله أرسلان، الخلفيات السياسية لمعارضة الجماعة للدولة بقوله"نريد عدلا في الحكم وقسطا في توزيع الثروات وتكريما للمغربي وإن كان في أقصى القرى المسحوقة ويردونها احتكارا لثروة ودُولَةً بين المتنَفِّذين والمستبدين". مؤكدا في نفس الوقت على مطلب "إعادة تأسيس نظام الحكم على المداخل السياسية والشرعية التي تمنح الحكم أحقية ممارسة السلطة، ودستور ديمقراطي تضعه هيئة تأسيسية مختارة من الشعب، وانتخابات حرة ونزيهة، ومؤسسات مسؤولة لها مقومات السلطة".

ويرى متتبعون لمسار جماعة العدل والإحسان أن التوتر القائم باستمرار بين الجماعة والسلطات المغربين، مرده إلى عدم وضوح موقف الجماعة وشيخها عبد السلام ياسين من الإقرار بشرعية حكم الملك وخصوصا بند"إمارة المؤمنين" المنصوص عليه في الدستور المغربي، والتي تعتبر أساس الشرعية الدينية لحكم الملك.

فقد كان ياسين قد وجه رسائل "نصح" أو " انتقاد" للملك الراحل الحسن الثاني دون الإعتراف له بشرعيته ك"أمير للمؤمنين"، لكن يرصد ضريف تطورا ما في موقف ياسين من خلال رسالة بعنوان" إلى من يهمه الأمر" وجهها للملك محمد السادس إثر توليه الحكم وخاطبه فيها بعبارات" الملك الشاب" و"النظيف" واعتبرت بمثابة تحول في خطاب الجماعة. وبالمقابل رفعت السلطات المغربية في بدايات حكم الملك محمد السادس الإقامة الإدارية على ياسين، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى وضع الرقابة. ولم يحدث تطور أساسي في موقف ياسين في مرحلة لاحقة، وظلت العلاقة متأرجحة بين الشد والجذب.

هل تتحول الجماعة إلى حزب سياسي؟

Marokko Islamisten
محمد اليازغي وزير الدولة المغربي والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساريصورة من: DW

ورغم حدة التناقضات المعبر عنها بين جماعة العدل والإحسان والتوجهات العامة للسلطات المغربية، يعتقد كثيرون أن أفق العلاقة بين الطرفين مفتوح على إمكانية تحولها إلى حزب سياسي معترف به. محمد اليازغي، وزير الدولة، والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (وسط يسار) يعتقد في حوار مع دويتشه فيليه أن جماعة العدل والإحسان "يجب أن تتحول إلى حزب سياسي عادي، فهي جماعة موجودة داخل المجتمع، لكن لا يجب أن يفهم من ذلك أن الدولة لا تريد منحها هذا الحق. الجماعة تريد تغيير النظام والدستور، وهذا حقها، لكن لا يجب أن يتم ذلك خارج النظام الحالي وخارج القانون".

ومن جهته يعتبر ضريف أن "الدائرة السياسية للجماعة هي حزب سياسي قائم بذاته، والتوجه العام داخلها يسير باتجاه التطبيع مع الدولة، وهذه الأخيرة تراهن على الوقت لتجاوز بعض معيقات هذا التطبيع من جانب الجماعة، وخاصة استمرار عبد السلام ياسين مرشدا للجماعة، ربما يقترب الطرفان من بعضهما أكثر بعد وفاة الشيخ ياسين(82 سنة)". في مقابل ذلك ينتظر من الجماعة أن تتنازل عن إنكارها لشرعية النظام الملكي الدينية والسياسية وهو ما يراه سعيد لكحل مستبعدا بـ"المطلق"، نظرا لـ"أسباب عقائدية تمنع الجماعة من الاعتراف بالمؤسسات الدستورية وبالتالي المشاركة في النظام".

إسماعيل بلا وعلي - الرباط

مراجعة: منصف السليمي