1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شامة درشول: هل تتحول المزحة إلى حقيقة؟

شامة درشول
١ فبراير ٢٠١٧

في مقالها* لـ DW عربية تسأل المدونة المغربية والخبيرة الإعلامية شامة درشول، المغاربة بمن فيهم المهاجرين في أمريكا وكندا، عن موقفهم من قرار الرئيس ترامب بحظر السفر على رعايا سبع دول إسلامية، وماذا لو شمل القرار المغرب.

https://p.dw.com/p/2Wmsz
Chama Darchoul, Provisorisch zu verwenden!
صورة من: Privat

نشر جاد المالح، الكوميدي الفرنسي من أصل مغربي، على فيسبوك تعليقا يقول فيه: "أنا أتواجد الآن في أمريكا والحمد لله أنني لم أضطر إلى استعمال جواز سفري المغربي". وأرفق تعليقه بفيديو مقابلة له مع في برنامج امريكي شهير، سأله فيه المذيع إن كان يحمل جواز سفر مغربي، قال جاد: "نعم أحمله، والحمد لله أنني لا اضطر إلى استعماله في أمريكا، تخيل أن يرى شرطي المطار جواز سفر ضخما، أخضر اللون، وعليه حروفا مذهبة وعربية...هل يمكن أن تتخيل رد فعل شرطي المطار في أمريكا على هكذا جواز سفر؟".

ضحك جاد، والمذيع، والجمهور، لكن هل تتحول المزحة إلى حقيقة؟ وهل سيأتي يوم يُمنع فيه المغاربة من دخول أمريكا بسبب جواز سفرهم الذي يحيل إلى دولة ذات غالبية مسلمة كما منع مواطنو إيران، والعراق، وسوريا، والسودان، وليبيا، والصومال، واليمن، بقرار من الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، واللائحة مرشحة إلى أن تضم مصر والسعودية؟

يقابل المغاربة في أمريكا ما يحدث بكثير من الحذر، ويقابل المغاربة في المغرب ما يحدث بكثير من الإهمال، وكأن لسان حالهم يقول أن ما يحدث في أمريكا لن يطالهم، وكثيرا ما يصدق المغاربة أن الأمريكان يتذكرون أن المغرب كان أول دولة اعترفت باستقلالهم، فيما لا يكاد يعرف الأمريكان عن المغرب إلا أنه بلد قريب من اسبانيا، فيه مناظر جميلة، وناموس كثير.

ماذا لو استيقظ مغاربة أمريكا ومغاربة المغرب يوما ما على قرار من واشنطن تمنع فيه دخول كل من يحمل جواز سفر مغربي على أراضيها حتى لو كان حاصلا على تأشيرة دخول، أو حتى البطاقة الخضراء؟

الجواب يبدو جليا من الآن، فالمغاربة سواء في أمريكا أو المغرب لم يظهروا أي رد فعل، ولم يظهروا بشكل قوي في الاحتجاجات التي تعرفها أمريكا، أغلب الأصوات التي تحدثت في أمريكا محتجة هي من هذه البلدان التي طالها الحظر، ومن مصر أيضا، لكن لا صوت مغربي خرج يندد بما يحدث، وكأن لسان حالهم يقول أنني لن أُؤكل يوم أُكل الثور الأبيض، وهو ما يشير إلى أن المغرب مؤسسة وشعبا ومهاجرين ومواطنين في أمريكا لم يستوعبوا بعد أن أمريكا جديدة تولد في أمريكا، وأن الصمت لا يمكن أن يكون حلا وهذا المخاض العسير ينبئ عن ولادة عالم جديد المكان فيه لمن خرج اليوم يقاوم المساس بالحريات المدنية التي تهدر في أمريكا باسم "الخوف من الآخر".

أمس، تحدث مع صديقة مغربية هاجرت وعائلتها حديثا إلى مونتريال، أخبرتني أنهم كانوا يخططون للسفر في رحلة إلى أمريكا، لكنهم خائفون أن لا يتم السماح لهم بالمرور، قالت لي: "لا أعرف ما إذا كنا سنتمكن من العبور إلى هناك أم لا...الأمور باتت ضبابية".

الأمور باتت ضبابية ليس فقط في نظر صديقتي، بل أيضا في نظر ذاك الرجل المغربي الذي وقف يتحدث إلى الاعلام الكندي في كيبيك وهو يذرف الدموع حزنا على صديقه الذي قتل في كندا وهو يصلي، قال لهم: "أنا مواطن كيبيكي، أنا هنا منذ 42 سنة، هنا لدي عملي، عائلتي، ابنائي، احفادي، لم أر يوما في كندا ما يحدث الآن، حين تقرر العيش كل هذه السنوات في بلد ليس بلدك الأصلي يعني انك قررت ان تعيش فيه وتموت فيه، لكن اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن فأنا سأعود إلى بلدي...إلى المغرب".

ما قاله هذا المواطن الكندي من اصل مغربي خلق بلبلة في المجتمع الكيبيكي، أن يعود هذا الرجل الذي عاش بينهم لعقود الى موطنه الأصلي يعني أن القاعدة التي يقوم عليها هذا المجتمع كما كل كندا وأمريكا وكل الدول التي تعتمد على الهجرة، وقامت على الهجرة، ستصاب بشرخ كبير.

هذا الشرخ الكبير انتبه اليه المواطنون في أمريكا فخرجوا غاضبين محتجين، لكن هل انتبه اليه المغاربة هناك وهنا واستوعبوا أن الاحتجاج يبدأ منذ الآن لحماية حقوقهم كمواطنين هناك، وكمهاجرين، وكعائلات للمهاجرين، وكحالمين بالهجرة؟ وأكثر منهم هل فهموا أن الهجرة إلى وطن آخر حق للجميع، لكن واجب الجميع الحفاظ على الوطن الأصل والمساهمة في تقدمه حتى ان ملوا أو منعوا من وطنهم البديل وجدوا وطنهم الأصلي قائما، ولم يلفظهم لأنهم لم يلفظوه حين غادروه؟

أسئلة كثيرة يجب على مغاربة هذا البلد، وعلى مغاربة ذاك البلد أن يطرحوها على انفسهم وهم يكتفون بموقف المتفرج مما يحدث الآن في أمريكا، ويحدث الآن في كندا، وغدا قد يحدث لهم، ويعون أن الخطأ ليس في أنه حدث، بل الخطأ في انهم اكتفوا بالصمت والمتابعة لما يحدث، في الوقت الذي كان عليهم أن يدلوا بدلوهم، حتى لا تتحول مزحة جاد المالح إلى حقيقة.

 

شامة درشول، مدونة مغربية وخبيرة إعلامية

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد