1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رمضان في ألمانيا...رحلة روحانية ساعات صومها طويلة

فاريبورز أريان/ إعداد: طارق أنكاي ١١ سبتمبر ٢٠٠٨

يعد شهر رمضان مناسبة دينية مهمة في المجتمعات الإسلامية، إلا أن إحياء شعائره ودرجات مشاقه تتفاوت؛ فبالنسبة إلى مسلمي ألمانيا فإن عدد ساعات الصيام الطويلة التي تصل إلى 15 ساعة يوميا يشكل تحديا كبيرا يحتاج كثيرا من الصبر.

https://p.dw.com/p/FEge
هلال طال انتظاره..وصوم طال عدد ساعاتهصورة من: AP

إلى جانب الصلاة والزكاة والشهادتين والحج، يعد صوم رمضان أحد الأركان الخمسة التي يقوم عليها الدين الإسلامي. ولا يقتصر الصوم في مفهومه الديني على الإعراض عن ملذات الدنيا وحسب، بل إنه يعد أيضا اختبارا روحانيا ينظر إليه من قبل المسلمين على أنه أحد أهم العبادات. ويوافق رمضان هذا العام شهر سبتمبر/أيلول، حيث تغرب الشمس في أوقات متأخرة من اليوم، ما يعني أن المسلمين يصومون 15 ساعة يوميا. فماذا يعني ذلك بالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في ألمانيا، خاصة بالنسبة للذين يزاولون أعمالا شاقة تتطلب منهم جهدا بدنيا كبيرا؟

العمل الشاق ورمضان

Die Fastenzeiten für das Jahr 2008
مواقيت الإمساك والإفطار في ألمانياصورة من: DW

في احدى المحلات التركية لبيع الخضراوات الواقعة في الضاحية الجنوبية في مدينة كولونيا غرب ألمانيا، تجد عمال المتجر منهمكين في العمل منذ ساعات الصباح المبكرة. فابتداء من الساعة السادسة يبدؤون بإخراج الفواكه والخضراوات من العلب والصناديق لملئ رفوف المتجر. ويجري العمل تحت ضغط كبير كي تكون البضاعة جاهزة قبل أن يفتح المتجر أبوابه أمام المتسوقين عند تمام الساعة الثامنة صباحا.

في العادة لا يجد ميميت، الذي يبلغ من العمر 65 عاما وينحدر من منطقة الأناضول في تركيا، أدنى صعوبة في القيام بهذه المهام، لكن الأمر يختلف تماما في شهر رمضان. ويقف مميت في استراحة قصيرة وهو يستعيد أنفاسه ليشير إلى ورقة تحتوي على جداول وصورة مسجد ويقول: "هذا جدول رمضان، إنه يظهر أوقات الإمساك والإفطار أي أن الصيام يبدأ من الساعة (4:45) وحتى الساعة (20:17). خلال هذه الفترة لا يسمح لنا بالأكل أو الشرب، بما في ذلك ممارسة الجنس".

الإرادة للتغلب على مشقة الصيام في فصل الصيف

20.06.2008 made in germany industrie
الصيام أثناء مزاولة العمل الشاق صعبصورة من: DW-TV

يصادف رمضان هذا العام فصل الصيف الذي تتميز أيامه بطول النهار وقصر الليل، ما يجعله امتحانا خاصا بالنسبة للمسلمين في كل أنحاء العالم، لاسيما أن أيام هذا الشهر حارة جدا في بعض الدول الإسلامية. لكن ميميت يرى أن الصوم تحت ظروف صعبة ممكن. فهو يرى أن الإله يمنح الصائمين الطاقة اللازمة لتحمله ويساعدهم على كبح الرغبات والشهوات طوال سبعة عشرة أو ثمانية عشرة ساعة. كما يرى أن الأمر هو مسألة انضباط، وأن كل من تجاوز عمره الثانية عشر وليس مريضا يمكنه أن يتحمل مشقة الصيام.

من ناحية أخرى لا ينكر ميميت أن الصيام ليس مسألة سهلة، إذ يتعرض الصائم أحيانا لصداع الرأس وقد ينتابه شعور بالإرهاق. لكن ذلك لا يمثل بالنسبة إليه مانعا للقيام بهذه الفريضة الدينية ويقول في هذا الإطار: "رغم ذلك على المرء أن يتحلى بالصبر، فحتى الساعة الرابعة أو الخامسة مساء يمكن تحمل الصيام. لكن بعدها يبدأ المرء يشعر بالجوع والظمأ ولكن عليه أن يتملك نفسه".

الصيام يغير السلوك اليومي

Ramadan-Deko in Neukölln
أحد المحلات التجارية العربية في برلين وقد زين بالسلع الرمضانيةصورة من: DW

وبالنسبة للكثير من المسلمين يعد الصيام رحلة روحانية تجريبية والإعراض عن ملذات الدنيا اختبار لتقوية التحكم في الذات وتقوية روح الجماعة. ويرى بعض المسلمين أن التعود والصبر وروتين الحياة اليومي من الشروط التي تمكن من إحياء شهر رمضان رغم ممارسة عمل يومي شاق وتقول السيدة أكمالار، وهي تركية الأصل وتزاول مهنة الخياطة: " يعمل زوجي طوال اليوم ولا يأكل أو يشرب إلا عند غروب الشمس. الصلاة تساعد في العادة عند الظهيرة والمساء. إني منشغلة خلال كل الوقت بالخياطة فيما يشتغل زوجي، صانع الأحذية، بالآلة ويعمل على مسح وصباغة الأحذية دون تناول الطعام أو شرب الماء. رغم ذلك لم يتغير مزاجنا ولازلنا لطيفين مع الناس".

وبالنسبة لميميت كيليش، الذي يعمل في أحد مصانع الفولاذ في مدينة دويسبورغ، فإن صوم رمضان ليس بالأمر الهين. فهذا الشهر يمثل بالنسبة إليه تحديا ذهنيا في ضوء التغير الذي يطرأ على سلوكه اليومي خلال هذه المناسبة، إذ يضطر على سبيل المثال خلال هذه الشهر إلى التخلي عن قضاء استراحة العمل مع زملائه الألمان عند الساعة الثانية عشرة وعن ذلك يقول كيليش: "لقد ولدت مسلما وأصوم منذ سنوات. إنه مسألة تعوٌد، كما أنه أمر نفسي، إذ يكفي التفكير في ذلك وعندها يستطيع المر تأدية هذه الفريضة". ولا يرتبط الصيام بالامتناع عن الأكل والشراب من شروق الشمس إلى غروبها بقدر ما يشمل أيضا جانب السلوكيات والعبادات الأخرى المصاحبة له وعن ذلك يضيف كيليش بالقول: "على المرء أن يقوم بالأعمال الطيبة، وهذا ما نفعله من خلال محاولتنا مساعدة الآخرين ومن خلال التبرع إلى المسجد ليتولى رعاية المحتاجين لأنني لا أعرف حقيقة من هو في عوز شديد أو إلى غير ذلك من أشكال المساعدة والاحتياج".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد