رؤساء ألمانيا ـ من تيودور هويس إلى هورست كولر
لمحة عن السياسيين الذين تولوا منصب الرئاسة في ألمانيا.
تيودور هويس: الرئيس الأكثر شعبية في ألمانيا
كان أوّل رئيس لجمهورية ألمانيا الاتحادية عقب تأسيسها عام 1949 ليستمر على رأسها لمدّة عشر سنوات ووضع هويس لمساته على الكثير من أسس الدستور الألماني وذلك من خلال المجلس البرلماني الذي كٌلف بوضع دستور للبلاد.. وعُرف تيودور هويس، الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الحر، بروحه المرحة وبحبّه للدعابة والفكاهة. كما ترك بصماته الخاصة في التاريخ السياسي الألماني من خلال أسلوبه وخطبه، فاستطاع أن يأسر الألمان، ما جعلهم يطلقون عليه لقب "بابا هويس". وساهم هويس في تلميع صورة ألمانيا والألمان في الخارج، خاصة عقب الحرب العالمية الثانية وما تسبب فيه النازيون من دمار في أوروبا، وهو ما يفسّر الشعبية الكبيرة التي كان يحظى بها في ألمانيا آنذاك، حيث تم إعادة انتخابه رئيسا للبلاد عام 1954 بنسبة 88.2 بالمائة من أصوات المجلس الاتحادي، وهي أكبر نسبة حصل عليها رئيس ألماني حتى الآن. وقد توفّي تيودور هويس في مدينة شتوتغارت، جنوبي ألمانيا، عام 1963 عن عمر يناهز ثمانين عاما.
هاينريش لوبكه: الرجل العنيد والمحب للخطابات المسترسلة
تولّى هاينريش لوبكه رئاسة ألمانيا لفترتين متتاليتين من عام 1959 حتى عام 1969، وكان عضوا في الحزب المسيحي الديمقراطي كما كان تولى منصب وزير الزراعة ورشحه حزبه للرئاسة بشكل مفاجئ بعد أن تخلى المستشار الألماني الأسبق كونراد أديناور عن خططه بشأن الترشح للرئاسة خلفا لتيودور هويس. ووصف لوبكه بأنه رجل عنيد وشديد الحرص على التزاماته و بحبّة للاسترسال في الخطابات دون قيود، كما أخذ عليه عدد من الأخطاء في التعبيرات والتي رددتها وسائل الإعلام. وساهم لوبكه في إخراج ألمانيا شيئا فشيء من عزلتها وإقامة علاقات طيبة مع عدد من دول العالم الثالث، خاصة في أفريقيا، وذلك من خلال زياراته المتعدّدة والكثيرة لها. وفي عام 1972 توفي لوبكه في مدينة بون عن عمر يناهز 78 عاما.
غوستاف هاينيمان: مهندس الأسس الديمقراطية
ترأس غوستاف هاينيمان ألمانيا لمدّة خمس سنوات في الفترة من عام 1969 حتى عام 1974 وكان أّول رئيس للبلاد ينتمي للحزب الديمقراطي الاشتراكي. شغل هاينيمان منصب وزير العدل، وساعده الحزب الليبرالي الديمقراطي في الحصول على الأغلبية الكافية لتولي منصب الرئيس، تمهيدا لتشكيل حكومة ائتلافية من الاشتراكيين والليبراليين في نفس العام. عُرف هاينيمان بحبّه للسلام وبجهوده المكثفة لتوطيد دعائم الديمقراطية في ألمانيا، حيث حرص على التواصل مع المواطنين ومعرفة مشاغلهم. وتخلّى عام 1974 عن إعادة ترشيح نفسه لمنصب الرئيس ثم توفي بعدها بعامين وهو في السادسة والسبعين من عمره.
فالتر شيل: رجل المرح والمواقف السياسية الحازمة
تولّى فالتر شيل رئاسة ألمانيا في الفترة من عام 1974 حتى 1979 وكان ثاني رئيس ينتمي إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي. عُرف عنه أنّه كان رجلا يميل للفكاهة والمرح، لم ير غضاضة في الظهور وهو يغني في أحد البرامج التلفزيونية قبل توليه الرئاسة. لكنه اتصف في الوقت نفسه بالحزم وبحدّة لهجة انتقاداته، فوصف المتعاطفين مع الإرهابيين ومساعديهم خلال فترة "الخريف الألماني"، عندما قامت منظمة الجيش الأحمر الإرهابية بعدد من العمليات الإرهابية، بأنهم "مشاركون في الإرهاب" رغم اتساع دائرة هؤلاء بين صفوف الشعب الألماني. وفشل شيل في الحصول على فترة رئاسية ثانية لتغير موازين الأغلبية السياسية في البلاد. ويعيش شيل، الذي يبلغ من العمر تسعون عاما، في مدينة ميونيخ، جنوبي البلاد.
كارل كارستنس: الرئيس المتجول
شغل كارل كارستنس منصب الرئاسة في ألمانيا من عام 1979 حتى عام 1984، وعرف بولعه الشديد بالتجول كما عرف بتمسكه بالتقاليد ودفاعه عن الفضيلة. وعلى الصعيد السياسي، واجه كارستنس، الذي كان ينتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي، معارضة كبيرة من قبل الحزبين الديمقراطي الاشتراكي والليبرالي الديمقراطي وذلك نظرا لأنّه كان عضوا سابقا في حزب العمل القومي الاشتراكي الألماني، أو ما يعرف بالحزب النازي. وتوفي كارستنس عام 1992 في مدينة بون عن سن يناهز 78 عاما.
ريتشارد فون فايتسكر: ضمير الأمة وأول دعاة إعادة التوحيد
تولّى ريتشارد فون فايتسكر، الذي كان ينتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي ويشغل منصب عمدة برلين، منصب الرئيس بين عامي 1984 و1994. وعرف بقدرته على التأثير على المناخ السياسي في ألمانيا من خلال خطبه السياسية بشكل لم يسبقه إليه رئيس. كما كان يوصف بأنه بمثابة "ضمير الأمة"، وظل يذكّر الألمان بذنبهم التاريخي ووصف الثامن من أيار/مايو 1945 بأنه "يوم التحرير"، وهو يوم نهاية الحرب العالمية الثانية بعد إعلان الجيش الألماني الاستسلام غير المشروط لقوات التحالف، كما كان دائم الانتقاد لظهور الحركات اليمينية المتطرفة. وكان كثير السّجال مع الأحزاب الألمانية وحث مواطنيه عقب إعادة توحيد شطري ألمانيا، التي كانت ما تزال مقسّمة آنذاك، على أن يتعلموا أن يتقاسموا ما يمتلكونه مع بعضهم البعض. مازال يتمتع بالاحترام الواسع في ألمانيا ويبلغ من العمر 89 عاما.
رومان هيرتسوغ: من أول دعاة الحوار بين الثقافات
تولى رومان هيرتسوغ، الذي كان يترأس المحكمة الدستورية العليا، منصب رئيس ألمانيا بين عامي 1994 و1999. وعرفت عنه خطاباته ذات اللّهجة الصريحة والمؤثرة، فمازال خطابه "التاريخي" الذي ألقاه في برلين عام 1997 ماثلا في أذهان الكثير من الألمان، وهي الكلمة التي أراد بها هيرتسوغ إيقاظ شعبه من رقدته وهمومه. كما كان هيرتسوغ من ضمن من أدرك مبكرا على صعيد السياسية الخارجية ضرورة "الحوار بين الثقافات". هيرتسوغ يبلغ من العمر حاليا 75 عاما.
يوهانس راو: صاحب شعار" "التآخي بدل الانقسام"
ترأس يوهانس راو ألمانيا من عام 1999 حتى عام 2004، كان تولّى قبلها وعلى مدى عشرين عاما منصب رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا، وراهن على شعار "التآخي بدلا من الانقسام" في إقناع الألمان بالتعاون مع الأجانب الذين يعيشون في ألمانيا وعلى التوازن الاجتماعي. وتوجه للإسرائيليين بكلمة بالألمانية في الكنيست يرجوهم فيها "مسامحة الألمان على ما فعلوه". وبعيدا عن السياسة، عرف بحبّه لسرد القصص الغريبة والمواقف الفكاهية. توفي عام 2006 في برلين عن 74 عاما.
هورست كولر: رجل الاقتصاد والحنكة السياسية
رأس هورست كولر ألمانيا من عام 2004 حتى 31 مايو/أيار 2010 وكان قبل توليه الرئاسة يشغل منصب رئيس صندوق النقد الدولي وعضوا بالحزب المسيحي الديمقراطي. ويعدّ كولر أوّل رئيس ألماني يصل إلى الرئاسة بعيدا عن المؤسسة السياسية لكنه على غير عادة الرؤساء الألمان. تدخل بقوة في الشئون السياسية وعرف بمواقفه السياسية الحازمة. رفض التصديق على بعض القوانين التي أقرها البرلمان قبل فحص المحكمة الدستورية لمدى دستوريتها. واستطاع التخلص من صورته كمؤيد شديد لاقتصاد السوق الحر عندما وصف أسواق المال العالمية بأنها "متوحشة" على خلفية الأزمة الاقتصادية والملية خلال عام 2009. قدم استقالته من منصبة بعد انتقادات حادة له بسبب تصريحات أدلى بها أثناء زيارته لقوات بلاده في أفغانستان، حيث ربط فيها بين مهمة القوات الألمانية في الخارج ومصالح ألمانيا الاقتصادية والعسكرية.. ويعد أول رئيس ألماني يستقيل من هذا المنصب.