1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حكم القذافي دمَّر ليبيا وإعادة بنائها تتطلب دورا أوروبيا

١٤ سبتمبر ٢٠١١

حكم العقيد القذافي دمَّر الدولة الليبية حديثة النشأة، وإعادة بنائها مهمة صعبة. وبقدر أهمية دور أوروبا في إسقاط الدكتاتورية، فإن انتظارات الليبيين منها مستقبلا كبيرة، كما يبدو من أمنيات المدونة الليبية غيداء التواتي.

https://p.dw.com/p/12ZHr
غيداء التواتي، مدونة ليبيةصورة من: DW

لاشك ان اثنين واربعين عاما من حكم دكتاتوري لدولة، حديثة النشأة، تعتبر فترة طويلة جدا لبلد كليبيا، فقد دمرت خلالها كل مؤسسات المجتمع المدني، والحياة السياسية في كل مستوياتها. لا بل دمر الإنسان نفسيا بسبب قمع لا نظير له كان يستخدمه النظام ضد الشعب الليبي. وتحتاج ليبيا بالتأكيد، على المدى القصير والطويل لدعم المجتمع الدولي وبشكل خاص أوروبا، التي لم تقف صامتة أمام الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الليبي. ولذلك فإن انتظاراتنا كليبيين الآن أن يؤخذ شركاؤنا الأوروبيون بدولتنا الحديثة نحو مستقبل مشرق لتسترد مكانتها بين المجتمع الدولي وتساهم في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

ويبدأ سلم الأولويات في إعادة بناء الدولة الليبية من ضرورة تأمين حدود البلد المترامية الأطراف، كأولوية حتمية في الوقت الراهن، وضرورة بناء جيش وأجهزة أمنية تتماشى والنظام الديمقراطي، وهو ما يمكن لأوروبا أن تساهم فيه عبر مد ليبيا بأحدث النظم لمراقبة هذه الحدود تحسبا لأي هجمات أو هجرات غير شرعية وتدريب كوادر قادرة على ضبط الحدود حتى نحافظ على الأمن والاستقرار على المدى الطويل.

استراتيجية بناء الديمقراطية ومخلَّفات حكم العقيد

في هذه المرحلة الصعبة من المراحل التي تعيشها ليبيا، ونتطلع لكل الدول الداعمة لنا، وفي مقدمتها أوروبا التي تربطنا بها أواصر الجوار والتاريخ، بأن تعمل جنبا لجنب على تطوير وتنمية الفرد عبر برامج التنمية البشرية لخلق بيئة مناسبة لنشر الديمقراطية. وتحتاج ليبيا لدعم منظمات المجتمع المدني التي هي الرافد الأهم في هذه الفترة لنشر ثقافة الاختلاف، ولتقبل الآخر كما هو.

ومن أهم المجالات التي تتطلب دعما دوليا وأوروبيا، تشجيع قيام منظمات ليبية تساهم في نشر القيم الديمقراطية كحقوق الإنسان، وحقوق المواطنة، ومفهوم الدولة الحديثة. وربما يخفى على البعض ان نسبة كبيرة من الشعب الليبي ليست لديها ثقافة سياسية تؤهلها لخوض مرحلة الانتخابات المقبلة بعد المرحلة الانتقالية، وهذا أمر خطير، حيث ان اختيار القيادات التي ستقود ليبيا في المستقبل هي أمر مهم لعبور ليبيا إلى بر الأمان، خصوصا مع ظهور تيارات يسارية ويمينية متضاربة.

Libyen Revolution Nationaler Übergangsrat Flash-Galerie
صورة من: dapd

وبقدر حاجة ليبيا إلى إقامة مؤسسات دستورية شرعية فإن البلاد بحاجة إلى بلورة استراتجية لإقامة مؤسسات ديمقراطية وإعادة بناء النظام القضائي والقانوني الذي يتطلب عملية تطوير كبيرة، حيث إن هناك العديد من القوانين التي كانت سببا في معاناة الشعب الليبي على مر السنين، ويتعين تغييرها على وجه السرعة من أجل ضمان حقوق الفرد.

فنحن حاليا نشهد نتائج السياسة القمعية التي انتهجها نظام القذافي في المشهد الليبي حيث إن بعض الأفراد الذين يفتقدون للثقافة السياسية ينتهجون نفس النهج القديم في الحياة السياسية في مرحلة ما بعد الثورة، حيث يسعى البعض لتمجيد أشخاص أو مؤسسات، وليس لديهم أي فكرة عن حقوقهم في التظاهر سلميا حتى ضد قرارات المجلس الانتقالي، وهذه الظاهرة أطلقت عليها اسم "متلازمة العقيد (نسبة للعقيد القذافي).

تحتاج ليبيا إلى "جيش" من منظمات المجتمع المدني

ولن يغيب عن المتابع ان نظام الصحة والتعليم قد دمرا تماما في عهد النظام السابق، وسوف نحتاج لجيش من المنظمات لتنظيم دورات تأهيلية للمعلمين، والكوادر الإدارية، والطبية في هذين القطاعين بصورة كبيرة، حتى نتمكن من بناء مؤسسات بديلة قائمة على نظم عالية من التقنية والمعرفة.

ومن المجالات التي أرى أنها تكتسي أهمية خاصة بالنسبة لدور المجتمع المدني في المرحلة المقبلة، والتي يمكن للمؤسسات الأوروبية توجيه دعمها لها، ضرورة بناء مؤسسات لتأهيل ضحايا الحرب والألغام ، والتأهيل النفسي والإجتماعي على المدى الطويل لضحايا الحرب، نظرا لأن فترة اثنين واربعين عاما من القمع ترك أثرا نفسيا لدى المواطن الليبي بشكل كبير.

إن ليبيا دولة اقتصادها شبه مدمر بسبب إلغاء وتجريم الملكية الخاصة، وتحتاج لتطوير وتنوع مصادر الدخل حتى تتوفر فرص عمل أكبر للعاطلين عن العمل، فلدينا مساحات كبيرة في الصحراء ويمكن إستغلال ذلك لإنتاج الطاقة الشمسية كطاقة بديلة وصديقة للبيئة. كما إن شريحة كبيرة من المعاقين والتي ازدات الآن بعد انتهاء الثورة والمهمشة أصلا في النظام السابق تحتاج لمراكز تأهيلية ودورات تدريبية، حتى يندمجوا في المجتمع ويكونوا أفراد فاعلين لا أفراد يعتمدون على المجتمع فقط لإعالتهم.

حرية الصحافة والانترنت قاطرة المجتمع الحر

يشكل مجال الاتصالات والمعلوماتية قطاعا مهما حيث إن التغيير الذي حدث في كل الدول العربية وليس في ليبيا فقط قد بدأ من شبكة المعلومات الدولية، وفي هذا الإطار يحذونا الأمل بأن تساعد أوروبا ليبيا من أجل تشييد بنية تحتية جيدة. وسيشكل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعرف أرضية صلبة تساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة، ومن ناحية أخرى نرى أن الإعلام بحاجة لدعم كبير في هذه الفترة، خصوصا بعد خضوع الليبين خلال فترة الثورة لآلة إعلامية غير مهنية وكاذبة، ولابد في هذا السياق من العمل على تطوير أداء النشطاء والمدونين والصحافيين، فبدون إعلام حر ومتطور لن يكون هناك أداء جيد للحكومة، ونتمنى أن تزداد ثقافة التدوين كصحافة حرة غير مقيدة.

ويكتسي دور منظمات حقوق الإنسان العالمية، في مراقبة الحكومة الحالية ورصد أي انتهاك لحقوق الإنسان أو حريات التعبير فمثلا تعرضت شخصيا لمواقف مثيرة أحيانا، فمثلا في ميدان الشهداء تمنع من الهتاف والتعبير عن رأيك الشخصي حتى ولو كان مطالب شرعية.

ويتجاوز دور تكنولوجيا الاتصالات والمعرفة نطاق الاعلام بل يطال مستويات وبنيات مختلفة في المجتمع، ولذلك نرى أنه من الضروري توجيه الاهتمام لتطوير الإدارات والإعتماد على التقنية، من أجل تجاوز حالة التخلف التي لعبت البيروقراطية دورا كبيرا في تكريسها وأدت بالتالي إلى تأخر عجلة التنمية في ليبيا.

وتتوفر ليبيا على خبرات وكفاءات كبيرة لكن معظمها توجد في الخارج الآن، وقسم مهم منها في أوروبا، وتشكل عودتها القريبة أولوية كي تساهم في حركة البناء، وبالإجمال نحتاج لمساعدة لبناء مؤسسات قوية وقوانين تضبط عملها، لمحاربة الفساد المستشري في النظام السابق. إن إعادة الإعمار أمر مصيري ولابد ان نعي نحن الليبيون انه بتعاضدنا وبوحدتنا ودعمنا لأمننا واستقرارنا سوف نسهل عملية الحصول على دعم دولي كبير لإعادة الإعمار، فليبيا ليس بها بنية تحتية على جميع الأصعدة، وليس بها مؤسسات ولا أي قاعدة تنطلق منها لبناء الدولة الجديدة.

المدونة الليبية غيداء التواتي- طرابلس

مراجعة: منصف السليمي

*غيداء التواتي، مدونة ليبية شابة، تعرضت للاعتقال في آخر أيام حكم القذافي، وسبق لها أن التقت القذافي مباشرة وعبرت له عن رأيها المخالف، وتسبب لها ذلك في متاعب.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد