1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حتى وهو يغادر.. كيف سيستمر إرث ترامب في أمريكا لعدة أجيال؟

١٩ يناير ٢٠٢١

كانت إحدى أكثر الفترات الرئاسية الأمريكية إثارة للجدل، وحتى مع إخفاقه في تسليم السلطة بـ "روح رياضية" وتأليبه أنصاره على الاحتجاج، إلّا أن إرث ترامب سيستمر في أمريكا وسيكون لزاما على جو بايدن التعامل معه.

https://p.dw.com/p/3o54h
دونالد ترامب وهو يغادر القاعة بعد مؤتمر صحفي في البيت الأبيض 05.11.2020
أثار دونالد ترامب الكثير من الجدل سواء في طريقة تعامله مع الآخرين أو أسلوب حكمه وتواصله مع المسؤولين والجمهورصورة من: Evan Vucci/AP Photo/picture alliance

تنتهي ولاية ترامب رسميا غداً الأربعاء (20 يناير/ كانون الثاني) بإرث مختلط سيكون محلّ دراسة لعدة سنوات. وفترته الرئاسية شهدت عدة فضائح وأمور مثيرة للجدل، لتشكّل الأشهر الأخيرة من ولايته حرجا داخليا له، خاصة ما يتعلق ببطء التعامل مع جائحة كورونا، ثم الحدث الأبرز باقتحام مجموعة من أنصاره لمبنى الكابيتول، وما تبع ذلك من محاولة ثانية لعزله.

غير أن إرث ترامب يبقى جدلياً بشكل كبير، وهناك من الأمريكيين من يرى أنه أعظم رئيس على مدار التاريخ، وهؤلاء ينتمون غالبا للمحافظين ولرجال الأعمال وللمتدينين اليمينيين. وهناك، وهم الفئة الأكبر، من ينظرون إليه بكثير من السلبية، وهو ما أوضحه استطلاع رأي لمركز "بيو" للأبحاث، إذ يغادر ترامب منصبه بنسبة تأييد لم تتجاوز 29 بالمئة، وهي الأسوأ له على الإطلاق.

لمسة واضحة على القضاء

يرى أنصاره أنه نجح في تنفيذ عدد من وعوده، وخصوصا ما يتعلّق بالنظام القضائي الفيدرالي، فقد عين ثلاثة قضاة محافظين مدى الحياة في المحكمة العليا، في سلوك أراد من خلاله ترسيخ نزعتهم المحافظة على قوانين البلد، ولاسيما تلك المتعلقة بالحريات الفردية أو بقوانين العمل والهجرة والرعاية الصحية. كما عين أكثر من 200 قاضِ في المحاكم الفيدرلية لهم ارتباط بالجمهوريين والمحافظين.

دونالد ترامب في الجناح الجنوبي للبيت الأبيض 10.02.2020
أوفى ترامب بالعديد من وعوده الانتخابيةصورة من: picturee-alliance/dpa/AP Photo/M. Balce Ceneta

كما أنهى ترامب ولايته بالتوقيع على مشروع قانون سيؤدي إلى تخفيض معدل ضرائب الشركات الأمريكية من 35 بالمئة إلى 21 بالمئة، وهو قانون لصالح الطبقة الغنية الأمريكية والشركات الضخمة ممّن يستثمرون أكثر في أسهمهم أكثر من تحسين رواتب العمال، كما خفض الضرائب التي كان يؤديها الأفراد، وإن كان ذلك بشكل يسير ومؤقت.

إلّا أن هذه الإجراءات لها تبعات، فهناك توقعات بزيادة عجز الميزانية الإجمالية بـ1,9 تريليون دولار خلال عشر سنوات، ويتخوف معارضو ترامب من أن يؤدي أصاحب الدخل المنخفض فاتورة هذه الإجراءات، حيث خفض الجمهوريون أموال الرعاية الاجتماعية لأجل الموازنة.

"أمريكا أولا"

نجح ترامب كذلك في إعادة التفاوض التجاري بين بلاده وبقية بلدان العالم، فرغم أن ذلك كان أحيانا فوضوياً وأدى إلى حرب تجارية مع الصين وجعل التجارة المحلية غير مستقرة، إلّا أن ترامب أفلح في وقف "اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية" (نافتا)، واستبدله باتفاقيات أخرى مع المكسيك وكندا، حتى معارضوه يرون أنها أفضل، بمن فيهم نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين
داخل ترامب في حرب تجارية شرسة مع الصينصورة من: Getty Images/AFP/N. Asfouri

ورفع ترامب شعار "أمريكا أولا"، ووعد بتغيير الكثير من سياسات سلفه باراك أوباما  وحكم بطريقة غير تقليدية وغير متوقعة وصل مداها حتى إلى المعايير الدبلوماسية، فقد أخرج بلاده عام 2017 من اتفاقية باريس للمناخ بعدما اعتبرها غير عادلة تجاه بلده، وكذلك انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، بل حاول حتى إقامة علاقات مع نظام كوريا الشمالية.

امبراطور تويتر

حوّل ترامب حسابه على تويتر إلى مثار جدل ووصل عدد متابعيه إلى حوالي 89 مليون متابع قبل توقيفه نهائيا. وأحدث ترامب تأثيرا كبيرا في كيفية استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية وفي الحكم، إذ استخدمها لخلق اسمه السياسي الخاص ولأجل الهجوم على خصومه السياسيين والإعلان عن قرارته الحاسمة كطرد وإقالة مسؤولين كبار معينين، وكذلك التواصل مع جمهوره.

"استخدم باراك أوباما مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يبدو تقليدياً، بينما قلب ترامب الطريقة التي ننظر بها لهذه المواقع" يقول جاسون موليكا، الباحث في التواصل بالجامعة الأمريكية في واشنطن. 

وكان لترامب أسلوب متفرد جعله محبوباً من كتلة من المصوّتين تتكون في الغالب من الناخبين البيض والإنجيليين الذين يتهمون النخب السياسية في واشنطن بإهمالهم، ما مكّن الحزب الجمهوري من الحصول على دعم جديد، وهو ما تؤكده لورا ويلسون، أستاذة مساعدة للعلوم السياسية بجامعة إنديانابوليس وتقول لـDW: "سياسيا كان قادرا على الجمع بين تحالف غير مسبوق. لقد جلب ترامب طريقته الخاصة للدعم السياسي".

غير أن فترة ترامب انتهت بوقف أو تجميد حساباته في كل مواقع التواصل الاجتماعي الأمريكية، وخسر معها جمهورا يقدّر بعشرات الملايين، فضلا عن انقلاب الكثير من الجمهوريين عليه، فمنذ رفضه الإقرار بنتائج الانتخابات وهو يراكم الانتكاسات، ما أثر كثيرا على إرثه المعنوي، وجعل البعض يرون أنه أسوأ رئيس عرفته البلاد في تاريخها المعاصر، على الأقل عندما تعلّق الأمر بتسليم السلطة.

ديفيد سلوان/إ.ع