1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحقيق: هل تورطت دول أخرى في الحرب بإقليم تغيراي

٢٣ مارس ٢٠٢١

حذرت الحكومة الإثيوبية عدة مرات من أن المجتمع الدولي يجب ألا يتدخل في تعامله مع الحرب في تيغراي، مدعية أنها مسألة داخلية فقط. لكن ليست هذه هي المسألة بالفعل فهناك دعاوى بمشاركة دول أخرى في الحرب التي شهدها الإقليم.

https://p.dw.com/p/3qxZZ
الصراع في تيغراي بإثيوبيا
أحد أفراد قوات "عفار" الخاصة أمام حطام منزل في منطقة تيغراي في 9 ديسمبر 2020.صورة من: Eduardo Soteras/AFP/Getty Images

وفقًا لتقارير مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد انتشرت مزاعم بأن ثلاث دول قد تورطت في المعارك التي دارت بمنطقة تيغراي شمالي إثيوبيا وهي: إريتريا والصومال والإمارات العربية المتحدة. فريق تدقيق المعلومات في دويتشه فيله DW Fact Check قام بالتحقق من تلك المزاعم.

1. إريتريا: هل تمت دعوتها رسمياً؟

اتهمت جبهة تحرير تيغراي الشعبية دولة إريتريا المجاورة بنشر قوات لدعم الحملة العسكرية الإثيوبية التي تهدف إلى "استعادة سيادة القانون" في المنطقة.

في يوليو 2018 ، وقعت إثيوبيا وإريتريا اتفاقية سلام، ويخطط البلدان لتعزيز "التعاون الوثيق" بينهما. بعد التقارب، تدهورت العلاقات بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ، وجبهة تحرير تيغراي ، والإدارة الإقليمية لتيغراي بشكل حاد.

Karte Äthiopien Region Tigray EN

في الأيام الأولى للصراع الذي اندلع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، نفت كل من إريتريا وإثيوبيا مشاركة القوات الإريترية في العمليات العسكرية. وقال وزير الدفاع الإثيوبي كينيا ياديتا في مؤتمر صحفي في الشهر نفسه: "لا يوجد سبب يدعو الجيش إلى طلب دعم إضافي من الخارج"، مضيفًا أن "الجيش لن يقاتل داخل بلاده بالتعاون مع قوة خارجية".

وقال وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح محمد لرويترز: "هذا صراع داخلي ولسنا جزء منه". لكن الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وصفت وجود القوات الإريترية. في 11 مارس/ آذار، بدأ تداول مقطع فيديو يظهر دبابتين عسكريتين تعبران بلدة. في اللقطات يتبع الجنود قافلة من الحمير والبغال، بعض الجنود كان يحمل بنادق، وآخرون يحملون في أيديهم علباً صفراء.

تحققت DW من أن هذا الفيديو تم تصويره بالفعل في أديغرات، ثاني أكبر مدن تيغراي، وأن التصوير قد تم على طريق سريع يتجه من الحدود الإريترية-الإثيوبية إلى العاصمة ميكيلي، وأن ذلك حدث خلال الأسبوع الثالث من الصراع.

لكن لا يزال من غير الواضح متى تم تصوير الفيديو على وجه التحديد ولا من الذي قام بالتصوير. يزعم النشطاء والسكان المحليون الذين ينشرون صورًا مماثلة أنهم يستطيعون التعرف على أفراد القوات الإريترية من خلال ملابسهم العسكرية المموهة، والمعروفة أيضًا باسم "الصحراء ذات الألوان الستة"، والأحذية البلاستيكية الشبيهة بالصندل المعروفة باسم "شيدا".

يمكن رؤية الاختلافات في ملابس الجيش الإثيوبي والإريتري في صورة أخرى تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل مزعوم على مشاركة إريتريا في الحرب في شمال إثيوبيا.

وبالمقارنة مع صور وكالة الأنباء للجيش الإثيوبي والإريتري على التوالي، فإن الأزياء تبدو متشابهة. لكن مناطق الذراع والصدر في الزي الرسمي - والتي عادة ما تحمل شارة عسكرية - تم حجبها رقمياً في هذه الصورة.

ومع ذلك، لم تتمكن DW بشكل مستقل من التحقق من أو تأكيد الادعاءات بأن الصور قد تم تعديلها بهدف تأجيج مشاعر الغضب. واتهمت القوات الموالية للحكومة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي (TPLF) باللجوء إلى إجراءات مشابهة كتلك في الماضي.

تأكيدات من مسؤولين

خرج مسؤولان من داخل الإدارة المؤقتة لتيغراي عن الخط الرسمي للحكومة المركزية في أديس أبابا، وتحدثا قائلين إن الإريتريين موجودون في المنطقة ويشاركون في الصراع.

أكدت DW أنه تم فصل اثنين على الأقل من مسؤولي الإدارة المؤقتة بسبب تعليقات حول وجود القوات الإريترية في تيغراي. ورفض الرئيس التنفيذي للإدارة المؤقتة، مولو نيغا، ورئيس دائرة الاتصالات، إيتنيش نيجوسي، التعليق.

في بداية شهر مارس/ آذار قال دينا مفتي - المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية - في مؤتمر صحفي إنه لم تكن هناك "دعوة رسمية" من حكومته موجهة إلى إريتريا للانخراط في الصراع. وقال مفتي: "بصفتك دولة ذات سيادة، يمكنك دعوة إريتريا والصومال والسودان. لكن ما نقوله هو أنه لا يوجد وضع أو موقف استدعيت فيه الحكومة الإريترية والقوات الإريترية بشكل رسمي".

لكن بحسب مفتي، الذي لم ينف وجود جنود إريتريين في تيغراي، فإن هناك احتمال لحدوث ذلك. وقال مفتي: "لأن الحدود طويلة وسهلة الاختراق، يمكن رؤيتهم (الجنود الإريتريين) في منطقة الحدود.. يمكنهم الدخول هنا (إثيوبيا) أثناء الفوضى".

ضغط دولي

على الرغم من نفي أديس أبابا وأسمرة ، فإن الضغط الدبلوماسي الداعي إلى انسحاب القوات الإريترية يتصاعد.

في الأسبوع الماضي، وبعد زيارة المنطقة التي مزقتها الحرب في شمال إثيوبيا، أطلق دبلوماسيون من ألمانيا والسويد والاتحاد الأوروبي في أديس أبابا نداءاتهم عبر تويتر. وبالنسبة لوفد الاتحاد الأوروبي إلى إثيوبيا - الذي شارك في جلسة الإحاطة التي قامت بها إدارة تيغراي المؤقتة - فإن "انسحاب الجيش الإريتري" كان من بين أولوياته.

وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، تحدث في 10 مارس/ آذار في شهادة أمام الكونغرس عن وجود إريتريين في إثيوبيا، وقال: "لدينا، كما تعلمون، قوات من إريتريا هناك، ولدينا قوات من المنطقة المجاورة - أمهرة - متواجدون هناك.. يجب أن يخرجوا ..."

وقالت السفارة الألمانية في بيان على تويتر: "ندعو من جديد لانسحاب [القوات الإريترية]، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية ووسائل الإعلام بشكل كامل، وإجراء التحقيقات المستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب".

وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية قد أصدرت بياناً في 15 مارس/ آذار قالت فيه: "في موغولات شرقي تيغراي ، لا يزال الجنود الإريتريون يستخدمون المنشأة الصحية كقاعدة لهم". وبالتالي، يمكن تأكيد وجود الجنود الإريتريين في المنطقة الشمالية من تيغراي - بدرجة من اليقين - على الرغم من نفي الحكومة.

2. الصومال: أين الجنود المفقودين؟

أفادت تقارير غير مؤكدة عن وجود جنود صوماليين في إريتريا بهدف تلقي تدريب عسكري وإرسالهم للقتال في تيغراي، وأن طلائع تلك القوات قد قامت بجولاتها الأولى في يناير/ كانون الثاني من هذا العام في الإقليم.

نظمت الأمهات والأسر في الصومال احتجاجات، وطالبوا بالحصول على معلومات عن ذويهم. تقول بعض العائلات إنها لم تسمع شيئًا عن أبنائها منذ أكثر من عام.

فادومو معلم عبد الله
تريد "فادومو معلم عبد الله" معرفة مكان ابنها البالغ من العمر 20 عامًا والذي تم إرساله إلى إريتريا بهدف التدريب العسكريصورة من: Farah Abdi Warsameh/AP/picture alliance

قال أحد المرشحين للرئاسة، عبد الرحمن عبد الشكور ورسامي، لوكالة أسوشيتيد برس في ذلك الوقت: "بحسب المعلومات التي نتلقاها، فقد نُقل هؤلاء الأولاد إلى الحرب في شمال إثيوبيا".

بدوره، نفى وزير الإعلام الصومالي، عثمان أبوكور دوب، أن يكون الجنود الصوماليون الذين كانوا خارج البلاد في مهام تدريبية متورطين في نزاع تيغراي. ووصف دوب هذه المزاعم بأنها "بروباغاندا ودعاية"، وقال: "لا توجد قوات صومالية طلبتها الحكومة الإثيوبية للمشاركة في القتال إلى جانبها والاشتراك في الحرب بإقليم تيغراي".

وفي يناير/ كانون الثاني، أصدرت إثيوبيا بيانًا مشابهًا نفت فيه التقارير التي تزعم وجود قوات صومالية في تيغراي.

الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (إلى اليسار) ، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ، والرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد في عام 2018 خلال افتتاح مستشفى في بحر دار ، شمال إثيوبيا.
الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (إلى اليسار) ، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ، والرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد في عام 2018 خلال افتتاح مستشفى في بحر دار ، شمال إثيوبيا.صورة من: Eduardo Soteras/AFP/Getty Images

بعد فترة وجيزة من التقارب بين إثيوبيا وإريتريا، بدأ البلدان العمل بشكل وثيق مع الصومال في عدة ملفات. وكان من بين الأهداف "توطيد السلام والاستقرار والأمن"، بحسب بيان صادر عن وزارة الإعلام الإريترية.

رئيس اللجنة البرلمانية الصومالية للشؤون الخارجية، عبد القادر عسوبلي علي، طلب من الرئيس الصومالي في رسالة توضيح عدد القوات الموجودة في إريتريا ومتى ستعود تلك القوات وتحديد موقع الجنود المفقودين.

تواصلت DW مع كل من النائب الصومالي عسوبلي والمرشح الرئاسي المعارض عبد الشكور ورسامي للحصول على مزيد من المعلومات حول تصريحاتهما. لم يستجب أي منهما لطلبات DW لإجراء مقابلة.

على شبكات التواصل الاجتماعي، يتم تداول قوائم بأسماء الأشخاص الذين يُزعم أنهم تلقوا تدريبات عسكرية في إريتريا، أو اختفوا، أو حتى قُتلوا في تيغراي.

حاولت DW مطابقة هذه الأسماء بملفات التعريف على مواقع التواصل الاجتماعي. انتهت المحاولة إلى أنه لا يمكن ربط حسابات "فيسبوك" المعنية بوضوح بأفراد في الجيش الصومالي ولا بالقتال في تيغراي. ومع ذلك، لوحظ أنه لم يتم تحديث بعض الملفات الشخصية على فيسبوك بشكل علني منذ شهور أو حتى سنوات.

3. الإمارات العربية المتحدة: دعم بطائرات مسيرة؟

في الأيام الأولى من الصراع ، زعمت السلطات في تيغراي أن الإمارات العربية المتحدة كانت تساعد الجيش الإثيوبي بطائرات مسيرة (درون) يتم إرسالها من قاعدة جوية في إريتريا.

فيم زويغنينبورغ يبحث في تفاصيل هذه الادعاءات. عمله يركز على نزع السلاح ويعمل لحساب منظمة السلام الهولندية "باكس" (PAX)، وهو خبير في الطائرات المسلحة من دون طيار. بعد التدقيق في صور الأقمار الصناعية والتحقق من المعلومات الأخرى المتوفرة، استنتج زويغنينبورغ: "باختصار، الادعاءات التي قدمتها قوات تيغراي ليست مستحيلة، لكنها تبدو بعيدة الاحتمال حتى الآن".

وفي مقابلة مع DW، أوضح زويغنينبورغ أن الأدلة المباشرة للتحقق من مثل هذه الادعاءات غير متوفرة، مثل لقطات لطائرات مسيرة، أو شهود عيان مستقلين، أو بقايا أسلحة. وأضاف زويغنينبورغ لـ DW: "لم يتم العثور على أي بقايا للأسلحة سوى القنابل والصواريخ التي أطلقتها الطائرات التي كان لدى سلاح الجو الإثيوبي إمكانية للوصول إليها".

بعد نشر المقابلة، أرسل بعض الأشخاص صوراً لإثبات هجوم بطائرة مسيرة، كما يقول زويغنينبورغ، "ولكن تم دحض ذلك بسهولة لأن [...] الأسلحة المستخدمة كانت في الواقع أسلحة مدفعية أرضية، إذ لا يزال بإمكانك رؤية القذائف على الأرض".

يستخدم الجيش الإثيوبي بالفعل طائرات مسيرة، كما صرح بذلك اللواء يلما ميرداسا، قائد القوات الجوية الإثيوبية، لقناة ETV الحكومية، في مقابلة نشرت في نوفمبر/ تشرين الثاني. ومع ذلك، فإن هذه الطائرات المسيرة كانت استطلاعية وليست طائرات قتالية، كما يشرح زويغنينبورغ. عادة، تستخدم هذه الأنواع في الاستخبارات والمراقبة.

ماذا يمكن أن نستنتج؟

لا يمكن التحقق بشكل مستقل من مزاعم تدخل القوات الصومالية والإماراتية في تيغراي، ولا تتوفر معلومات كافية لتأكيد هذه المزاعم. ومع ذلك، لا يزال وجود الجنود الإريتريين في تيغراي أمراً محتملاً.

إشيتي بكيلي، أوتا شتاينوير/ ع.ح.