1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحالف إسلامي جديد.. إعلان وفاة لمنظمة المؤتمر الإسلامي؟

٢٧ نوفمبر ٢٠١٩

تحالف إسلامي جديد دعا له مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي واستجابت له تركيا وباكستان بهدف العمل على حل القضايا الكبرى التي تتعرض لها الدول الإسلامية والتصدي لهجمة الإسلاموفوبيا. فما مدى قوة هذا التحالف الجديد؟

https://p.dw.com/p/3Tq2a
الرئيس التركي أردوغان ورئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد في لقاء في أنقرة في يوليو/ تموز 2019
الرئيس التركي أردوغان ورئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد يعتزمان إنشاء تحالف إسلامي جديدصورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici

تحالف إسلامي سني يلوح في الأفق، ركائزه الثلاثة تركيا وماليزيا وباكستان ليست بالدول العادية، ويأتي في وقت تبدو فيه التحالفات القديمة وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، كما يتزامن مع مرور الدول المؤسسة له بعلاقات مأزومة مع دول أخرى.

توقيت حرج؟

باكستان على سبيل المثال في أزمة بعد قرار الهند إلغاء وضع الحكم الذاتي الدستوري للجزء الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه، في الوقت الذي تبدو فيه الهند شريكاً مفضلاً للولايات المتحدة الأمريكية على حساب باكستان.

أما تركيا فتعرضت بدورها لهزة اقتصادية قوية كانت الولايات المتحدة أحد أسبابها، هذا بخلاف التوتر الذي لا ينقطع بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي. يأتي كل ذلك في الوقت الذي بدت فيه منظمة المؤتمر الإسلامي، أكبر تجمع رسمي للدول الإسلامية في العالم، وكأنها تمر بفترة من التكلس والجمود.

مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي الرجل المخضرم صاحب التجربة السياسية والاقتصادية الناجحة في بلاده، كان أول الداعين لإقامة التحالف حين تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحفي قائلاً "علينا أن نفعل شيئاً" وذلك في سياق الحديث عن الأزمات التي تحيط بالعالم الإسلامي وهو ما حظي بموافقة أردوغان وعمران خان رئيس الوزراء الباكستاني.

وكان رئيس الوزراء الماليزي قد أعلن عن بدء الاستعدادات لعقد قمة إسلامية مصغرة تضم 5 دول هي قطر وماليزيا وندونيسيا وتركيا وباكستان على أن تعقد القمة في التاسع عشر من ديسمبر/ كانون الأول المقبل لتشكل نواة التجمع الإسلامي الجديد.

تحالف.. ضد من؟

حاولت الولايات المتحدة الدعوة لإنشاء "ناتو إسلامي" بقيادة السعودية إلا أنه باء بالفشل. لكن التحالف الجديد الذي تقوده كل من قطر وتركيا يبدو وكأنه موجه للحلف الذي تقوده السعودية. بيد أن مهاتير محمد قال إن هدف التحالف هو "إطلاق نهضة إسلامية وتوحيد العالم الإسلامي" والمساعدة في "تخفيف تبعية الأمة الإسلامية وإخضاعها من قبل الآخرين".

يقول يوسف كاتب أوغلو المحلل السياسي التركي من إسطنبول إن التحالف ليس موجهاً ضد أي بلد أو أي منظمة "لكن الكل يعلم أن منظمة التعاون الإسلامي منظمة ثقيلة الحركة واتخاذ القرارات فيها بالإجماع شبه مستحيل، إضافة لذلك هناك انقسام سني شيعي بداخلها".

وأشار خلال مقابلة له مع DW عربية إلى أن "فكرة التحالف تقضي بوجود محرك يمكنه دفع الدول الإسلامية عند اللزوم ضد أي هجوم أو خطر يتعرض له الإسلام والمسلمين في العالم، حدث هذا في السابق ولم يكن هناك أي تفاعل كبير أو إيجابي ولو أن المنظمة ليست بالفاعلية التي يجب أن تكون عليها فهذا التحالف يهدف لإعادة ترتيب الأفكار حول القضايا الكبرى لتكون هناك نواة صلبة للوقوف في وجه أي هجوم ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً بل قد يكون هجوما ضد الإسلام وثوابته". 

وعن مواقف دول التحالف المزمع إنشاؤه من الخلاف مع الدول العظمى ضرب كاتب أوغلو مثلاً بالصين قائلاً "إن الكل يعلم أنه إن أراد أي أحد أن يقف أمامها بمفرده فلن يتمكن من ذلك حتى ولو كانت هذه الدولة هي الولايات المتحدة نفسها، والتي لها أصلاً مشاكل تجارية مع الصين ولا تستطيع فرض رأيها بالقوة على الصين، لذا يمكن ولو بنسبة أقل أن يكون هناك إمكانية لدى هذا التحالف بقوة الاقتصاد والسياسة والسكان والموقع الجغرافي المتعدد والممتد أن يؤثر بشكل أكبر من تأثير كل دولة على حده". 

تحالف قوي؟

سبق الدعوة لإنشاء هذا التحالف الإسلامي الجديد اتفاق قطري ماليزي تركي بهدف إنشاء مراكز مالية عالمية في الدول الثلاث لتغطية المعاملات المالية الإسلامية في العالم. أيضاً من المتوقع أن يشارك نحو 450 من المفكرين والباحثين والعلماء المسلمين من دول مختلفة لمناقشة القضایا العالمية التي تواجه الأمة الإسلامية.

ومن المتوقع أيضاً أن ينضم للتحالف بمضي الوقت عدة دول إسلامية أخرى، إلا أنه وبوجود هذه الدول الخمس حتى الآن كدول مؤسسة فهو يستند إلى قوة بشرية هائلة إضافة لدولة نووية ودولة عضو في الناتو وواحدة من أقوى الاقتصادات في العالم، بخلاف الدول التي تستند إلى القوة المالية الهائلة وموقع جغرافي ممتد بين أوروبا وآسيا.

ويرى محمد المشد، الباحث في الاقتصاد السياسي بأكاديمية ساواس في لندن، أن ما يمكن أن يجمع هذه الدول ويميزها عن دول إسلامية أخرى هو أن لديها طاقة بشرية هائلة إلى جانب تمتعها بالقوة السياسية والاقتصادية، إلا أنه استدرك في حديثه مع DW بالإشارة لوجود مشكلات مالية تعاني منها الدول التي تعتزم انشاء هذا التحالف مثل تركيا، مضيفاً أن "ماليزيا لديها موارد طبيعية كبيرة وقطر قوة مالية ضخمة وهكذا تتكامل هذه الدول وتعطي لبعضها وللتحالف زخماً أكبر".

وأشار الباحث في الاقتصاد السياسي إلى أن " مايبدو هو أن القوة الشرائية لمواطني الدول في التحالف قد لا تدعم بشكل واضح أي نوع من أنواع الضغوط الفردية أو الأحادية في وجه القوى العظمي، فهل الشجاعة والإرادة السياسية قادران على مواجهة هذه التحديات؟ وهل يكفي ضبط الجانب الاقتصادي لتسير التعاملات التجارية فيما بينهم بمنأى عن أي ضغوط خارجية؟ كل هذا يحتاج إلى وقت ليتضح" يؤكد المشد.

المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو أيضاً لم يستبعد فكرة أن قطر داعم مالي للتحالف الجديد، لكنه استبعد أن يكون هذا هو السبب الوحيد لانضمامها للتحالف، "فالكل يعلم أن هناك تحالفا قويا بين تركيا وقطر على أعلى المستويات واتفاقا حول الكثير من القضايا". 

غياب مصري-سعودي

وبالحديث عن العالم الإسلامي لا يمكن غض النظر عن السعودية ومصر، لكن التحالف استبعد وجودهما من البداية. وفي هذا السياق يرى محمد المشد، الباحث في الاقتصاد السياسي أن "دخول السعودية في عدة تحالفات منذ فترة مع أمريكا ورغبتها في طرح أرامكو للاكتتاب العام قد يكون مؤشراً إلى تخوفها من أزمة مالية وأنها لم تعد بنفس القوة المالية أو الأمان المالي التي كانت عليهما مسبقاً". التوجه السعودي ربما قد يكون قد أعطى رسائل ضمنية تسببت في عدم ضمها للتحالف الجديد، يعتقد المشد. 

أما يوسف كاتب أوغلو المحلل السياسي التركي فيقول إن "التحالف صدر عن دول تريد أن تشكل جبهة ليست ضد الدول الإسلامية الأخرى وإنما بين دول تتوافق فيما بينها على رؤيتها بشأن قضايا تهم الاطراف جميعها ولأي جهة الحق في أن تعترض"، مؤكداً على المكانة الروحية للسعودية "التي لا خلاف عليها من حيث أنها بلاد الحجاز وليس لأنها مملكة السعودية، فهذه بلاد لها مكانة خاصة لدى كل المسلمين في العالم لكن هذه المكانة الخاصة لبلاد الحجاز ليس بالضرورة أن تحظى بها الدولة السعودية".

أما محمد المشد، فيقول إن هناك تغيرات كبيرة في توازن القوى السياسية والاقتصادية تحدث في العالم، "وهذه التحولات الجذرية ربما لم نشهدها منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مروراً بالسبعينات، التي ترسخت فيها الهيمنة الغربية على مجرى السياسة والاقتصاد الدوليين".

ويضيف المشد: "من الواضح أن هذا المشهد يبدو أنه يتغير في الوقت الحالي، والعالم الإسلامي ليس بمنأى عن هذه التغيرات، بجانب كل ما سبق من تحولات مالية وسياسية سعودية وانفتاح مصري بشكل كبير على دول أخرى ومحاولة للابتعاد قليلا عن المظلة الأمريكية، فالكل فعلياً يستشعر اقتراب التغيرات الاقتصادية والسياسية، ومن حق الدول أن تبدأ في البحث عما يحمي مصالحها خاصة وأن التغيرات في أي توازنات سياسية تتم على أرضية اقتصادية قوية".

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد