الاتحاد الأوروبي يريد "إعادة إطلاق" مفاوضات انضمام تركيا
٢٠ يوليو ٢٠٢٣يجتمع وزراء خارجية الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الخميس (20 تموز/يوليو 2023) في بروكسل لبحث إمكانية تعزيز علاقاتهم مع تركيا في ظلّ عدم قدرتهم على أن يعرضوا عليها أفقاً جدّياً للانضمام إلى التكتل رغم خلافات مستمرة حول قبرص وسيادة القانون.
وقال وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل قبل بدء الاجتماع في بروكسل إن انقرة تريد "إعادة إطلاق مفاوضات الانضمام ووضع المسألة في أعلى سلّم مقاربتها السياسية معنا، هذا نبأ سارّ".
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك إنّه بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لولاية ثالثة "حان الوقت لإجراء تفكير استراتيجي" حول التعاون "مع جارة ليست سهلة لكنهّا تبقى لاعباً عالمياً مهمّاً استراتيجياً في جوارنا المباشر".
وهذا النقاش المقرّر منذ فترة طويلة بشأن شريك لا يمكن الالتفاف عليه اكتسب أهمية أكبر بعد قمة حلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي في فيلنيوس حيث ألقت شروط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بثقلها على الأجواء. لكنّ أردوغان أحدث مفاجأة من خلال ربط موافقته على انضمام السويد إلى الأطلسي بإعادة إطلاق مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي والمجمدة منذ عدة سنوات. وفي ختام نشاط دبلوماسي مكثف، رفع أردوغان أخيراً معارضته لانضمام السويد إلى الحلف، محذراً في الوقت نفسه من أنه لن تكون هناك مصادقة قبل تشرين الأول/أكتوبر على أقرب تقدير.
في المقابل، فتح الأوروبيون الطريق أمام تحسين العلاقات مع أنقرة، فبعد لقائه مع الرئيس التركي تحدث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في تغريدة عن رغبتهما المشتركة في "تنشيط" العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
الجمارك والتأشيرات
ووافقت السويد على "دعم نشط" للجهود الهادفة لإعادة تحريك عملية انضمام تركيا مع المساهمة في الوقت نفسه في تحديث الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات، بحسب الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
وهاتان المسألتان الأخيرتان مهمتان في نظر أنقرة. وتم تطبيق اتفاق الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي منذ 1995 وبالتالي يمكن تكييفه لتشجيع المزيد من التجارة في حين أنّ التحرير المحتمل للتأشيرات من شأنه أن يخفف شروط دخول المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي.
في المقابل من الصعب تصور إحراز تقدم على المدى القصير في محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال بوريل إن منح وضع مرشح لأوكرانيا السنة الماضية "خلق دينامية جديدة في جوار الاتحاد" خصوصاً بالنسبة لدول البلقان و"عاجلاً أم آجلاً ستدخل تركيا على الخط".
لكنّ مفاوضات انضمام تركيا والتي بدأت عام 2005 تعثّرت على مرّ السنين، إلى أن أدركت الدول الأعضاء في 2018 أنّها "في طريق مسدود" بسبب قرارات اتّخذتها أنقرة واعتُبرت مخالفة لمصالح الاتحاد الأوروبي وكذلك أيضاً بسبب "تراجع مستمر ومقلق في سيادة القانون والحقوق الأساسية" في تركيا.
الانقلاب الفاشل والقضية القبرصية
وتوتّرت العلاقات بين بروكسل وأنقرة كثيراً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في أنقرة في تمّوز/يوليو 2016 وحملة القمع التي أعقبتها وطالت معارضين وصحافيين.
وأوضحت آنالينا بيربوك أنّ "العملية لا تزال بعيدة المنال لأنّ الفصول الأساسية للمفاوضات مثل سيادة القانون وحقوق الإنسان لم تطبّق وهي أبعد ما يكون عن التنفيذ. (...) يجب ألا نكون ساذجين، فلن تكون هناك هدايا".
لكنّ زيادة التعاون في المدى المنظور لا سيّما تحرير تأشيرات الدخول الذي تطالب به أنقرة يمكن أن يتعقّد من جرّاء الخلاف المستمرّ حول قبرص. ومنذ اجتياح تركيا لثلث قبرص الشمالي عام 1974، باتت الجزيرة مقسومة بين جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي و"جمهورية شمال قبرص التركية" التي أُعلنت من جانب واحد عام 1983 ولا تعترف بها سوى أنقرة.
وقال الوزير القبرصي كونستانيتوس كومبوس إنّه "بالنسبة لقبرص فإنّ مستقبل العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وتركيا له ماض محدّد جدّاً. نأمل في استئناف سريع للمفاوضات الجوهرية لحلّ القضية القبرصية"، مطالباً بأن تكون العلاقات مع أنقرة "متناسبة وخاضعة لشروط".
الهجرة والغزو الروسي لأوكرانيا
لكنّ الأزمات الجيوسياسية تجعل تركيا شريكاً أساسياً للاتحاد الأوروبي. فبعد أزمة الهجرة عام 2015، أبرمت دول الاتحاد الأوروبي اتفاقاً مع تركيا يهدف إلى الحدّ من وصول المهاجرين إلى أوروبا مقابل حصول أنقرة على مساعدة مالية كبيرة. ولا يزال يتعيّن على بروكسل أن تدفع لأنقرة قسماً من الستة مليارات يورو التي وعدتها بها آنذاك.
من جانب آخر، تواجه تركيا اتهامات بالالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بعد غزوها أوكرانيا، خصوصاً عبر نقل النفط الروسي رغم الحظر الأوروبي، لكنّ أنقرة نجحت العام الماضي في التوسط لتحريك صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
خ.س/ع.ج.م (أ ف ب)