1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بحرُ غزة ـ موتٌ يخشاه الصيادون!

٢٧ ديسمبر ٢٠١٠

اشتهر بحر غزة بأسماكه الكثيرة لكن الصيادين يشكون من صعوبات جمة بحيث باتوا يتحدثون عن "سنوات عجاف بسبب الحصار والزوارق الحربية الإسرائيلية". دويتشه فيله تحدثت إلى عدد منهم وقامت برحلة بحرية معهم مسجلة الانطباعات التالية.

https://p.dw.com/p/zop7
مراسل دويتشه فيله مع عدد من صيادي غزةصورة من: DW

منذ اتفاق أوسلو عام 1993 سمحت إسرائيل لأهل قطاع غزة بممارسة الصيد على مسافة اثني عشر ميلاً بحرياً. من هنا كانت أسواق القطاع تعج، في تلك الفترة وما قبلها بأجود أنواع الأسماك، إلا أن إسرائيل بدأت تُقلص المسافة المسموح بها ، إلى أن وصلت إلى ميلين فقط. حظرٌ يواجه فيه نحو "3700" صياد من قطاع غزة مخاطر انهيار مهنتهم، كما تُطاردهم الزوارق البحرية الإسرائيلية و"تعتقلهم وتصادر مراكبهم من حين إلى آخر". دويتشه فيله توجهت إلى مينائي غزة وخان يونس للاطلاع على أحوال الصيادين المعيشية ِوالمِهنية.

سنواتٌ عجاف

دخلنا الميناء فوجدنا رجلا في آخر العقد السادس من عمره ينتظرنا بعد أن تم الاتصال والتنسيق المُسبق معه لإجراء الحوار؛ إنه الصياد محمد الخريبي المعروف بـ"أبو محمود" . استقبلنا الرجل بحفاوة. جلست بالقرب منه وراقبته وهو يقوم بتصليح شبكة صيد قديمة. وفجأة تجمع حولنا عدد من الصيادين. سألت أبا محمود عن أحواله في هذه الأيام فأجاب بحسرة "والله ما معي أجيب شبكة جديدة، بأصلح القديمة رغم أنها متهالكة".

NO FLASH Fischen in Gaza
الصياد أبو محمود يتحدث إلى مراسل دويتشه فيله في غزة شوقي الفرا بينما يقوم بتصليح شبكة صيد قديمةصورة من: DW

لأبي محمود ثمانية أبناء والهم واضح على قسماته ومن نبرة صوته أيضا. وحين يُسأل عن الصيد يقول والحزن باد على وجهه "زمان كنت أدخل مسافات كبيرة في البحر بالمراكب الكبيرة واصطاد كميات كبيرة وأنواع كثيرة من السمك. كان الخير والرزق كثير". توقف قليلا مُمسكا الشبكة التي في يده قائلا :"هده الشبكة اللي أنت شايفها كبيرة بأصيدش فيها حاجه، وإذا صدت فلا أكتر من اتنين أو أربعة كيلو سمك صغير لأنو السمك الكبير بيكون بعد عشرة أميال. بنعيش أيام وسنوات عجاف".

أبو محمود يحمل البحرية الإسرائيلية المسؤولية عن ذلك مضيفا "إذا دخلنا في البحر اكتر من ميلين الزوارق الإسرائيلية بتطلق الرصاص علينا". فهذا الصياد المخضرم تعرض للاعتقال وللإصابة أيضا. كما تم حجز قاربه لمده شهرين في الجانب الإسرائيلي رغم أنه لم يتعد الميلين المسموح بهما، حسب قوله. فأبو محمود كان يبحث يومها عن أخيه المفقود في البحر والذي اكتشف فيما بعد بأنه معتقل فاضطر إلى "دفع غرامة مالية للجانب الإسرائيلي للإفراج عن أخيه وقاربه".

وتستمر قصص المعاناة

Fischen in Gaza
سوق السمك في غزةصورة من: DW

استأذنتُ من أبي محمود لألتحق بمجموعة أخرى من الصيادين تضم أحمد ويوسف ومصباح ومحمد؛ وجميعهم من عائلة اللحام ولكلٌ شكواه وهمومه ومغامرات الموت داخل البحر. وبينما كنا على الشاطئ أشار لي أحمد تجاه البحر: "شوف الزوارق والطرادات الإسرائيلية هذه، بنشوفها بالعين عن قريب". وكشف أحمد عن ذراعه قائلا "هده الإصابة برصاص الطرادات الإسرائيلية. ربنا كتب لي النجاة بمعجزة بعد ما انقلب مركبي". قاطعه مصباح مشيرا إلى أنه يمتلك قاربا صغيرا لكنه تركه على الشاطئ بسبب عدم السماح بدخول البحر إلا في أيام محدودة في الأسبوع.

وبكل مرارة وحزن يشكو الصياد الحاج نعيم حنون قائلا "ندعو الله العون والمساعدة على حل مشاكلنا بسبب الحصار. ومهنتنا في كتيرين تخلوا عنها ". ويختم الحاج نعيم حنون شكواه بالقول "عندي عشرة أولاد وأنا صياد منذ أربعين سنة لكن عمري ما شُفت هيك ضيق معيشة".

رحله بحريه للإطلاع عن حجم المخاطر

NO FLASH Fischen in Gaza
مراسل دويتشه فيله يستعد للقيام برحلة بحرية مع بعض الصيادين على متن قارب صغير للتعرف على معاناتهمصورة من: DW

بعد الحديث مع عدد كبير من الصيادين في مينائي غزة وخان يونس أرادت دويتشه فيله الاطلاع عن كثب على حجم المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء الصيادون. ركبنا قاربا صغيرا لأن إسرائيل لا تسمح بالقوارب الكبيرة. قال لي محمد " بدى إياك تشوفنا كيف نرمي الشبكة". فبعد أن دخلنا قرابة الميلين، رمى محمد وعبد الكريم وأحمد الشبكة، التي يبلغ طولها خمسين مترا، في منطقة قالوا لي بأنها "على عمق 9 جاما تقريبا". سألتهم ما الجاما؟ فأجابوا "الجاما تعادل 180 سنتيمترا".

و بينما كنا نستمع إلى قصص هؤلاء الصيادين، التي لا تنتهي، إذا بنا نفاجأ بإطلاق رصاص كثيف. تملكني خوف شديد، فحاول الصيادون أن يهدؤوا من روعي "ما تخافش حنخرج بسرعة، فقط نزل رأسك وجسمك على سطح المركب". احتجنا إلى دقائق للوصول إلى الشاطئ، لكنها كانت طويلة جدا وكأنها ساعات. فقال جميع من بصحبتي "كثيرا ما نتعرض لهذه المخاطر ونفقد شباكنا، وحتى أرواحنا في البحر".

شوقي الفرا ـ غزة

مراجعة: احمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد