1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انطلاق الانتخابات المصرية التشريعية في ظل مؤشرات إيجابية

يتوجه المصريون اليوم إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، والتي تكتسب أهمية كبيرة نظرا للتغيرات التي يشهدها المناخ السياسي في البلاد. وللمرة الأولى يُسمح بوجود مراقبين من منظمات مدنية.

https://p.dw.com/p/7QqX
نجاح الحزب الوطني شبه مؤكدصورة من: AP

شهد العام الحالي أول انتخابات رئاسة تعددية في مصر وفاز فيها الرئيس حسني مبارك. واليوم تبدأ أولى مراحل الانتخابات البرلمانية والتي سيتمخض عنها اختيار 444 نائبا سيجلسون تحت قبة مجلس الشعب (البرلمان المصري) في دورته الجديدة. تأتي الانتخابات الحالية في وقت يشهد فيه المناخ السياسي في البلاد تغيرا ملحوظا. فقد دفعت الضغوط التي مارستها منظمات المجتمع المدني وحركات المعارضة المدنية، دفعت الحكومة إلى إجراء العديد من الإصلاحات في مسار العملية السياسية. ولعل أبرز مثال على ذلك قرار اللجنة العليا للانتخابات بالسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة عمليات الاقتراع والفرز وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وبالرغم من أن بعض المراقبين عبروا عن تخوفهم من أن تكون هذه الإصلاحات مجرد تغيرات شكلية فإنها تظل مؤشرا على هبوب رياح جديدة.

Hosni Mubarak Wahlplakat, Ägypten vor der Wahl
صورة من: AP

تجري الانتخابات البرلمانية على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى بدأت اليوم في القاهرة وسبع محافظات أخرى، تليها المرحلة الثانية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، أما المرحلة الثالثة فتجرى في الأول من كانون الاول/ديسمبر. ويصل عدد الناخبين المقيدين في الجداول إلى 32 مليونا وهو عدد أقل بكثير من عدد من تتوافر الشروط القانونية لقيدهم، ويتنافس ما لا يقل عن 5310 مرشحا على 444 مقعدا في مجلس الشعب الذي يضم أيضا عشرة مقاعد أخرى يتم تعيين من يشغلها من قبل رئيس الجمهورية حسني مبارك ليصبح العدد الكلي للنواب هو 454 نائباً، على أن يكون نصف عدد مقاعد المجلس على الأقل مخصص للعمال والفلاحين. وقد دعا الرئيس المواطنين في خطاب تلفزيوني إلى المشاركة في الانتخابات معتبرا أنها واجبا وطنيا. وأضاف "سوف تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة يشرف عليها قضاء مصر العادل ويراقبها الشعب والمجتمع المدني بجمعياته الأهلية وتتولاها اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية وفق أحكام القانون".

مراقبة الانتخابات غير كافية

اعتمدت الحكومة المصرية عددا من الإجراءات غير المسبوقة في تاريخ الانتخابات، مثل استخدام صناديق انتخابات شفافة والتصريح لمراقبين محليين بالوجود في مراكز الاقتراع ونشر قوائم بأسماء الناخبين قبل يوم التصويت. الدكتور محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية يرى أن قرار المحكمة العليا بالسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة سير الانتخابات هو خطوة إيجابية للغاية، وقال في لقاء مع موقعنا: "لقد وقعت الحكومة في حرج بالغ أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة حين رفضت وجود رقابة دولية أو محلية، مما أعطى الانطباع بأن الدولة مصممة على ممارسة تزوير الانتخابات. إن التصريح لمراقبين من الداخل والخارج بمراقبة سير العملية الانتخابية هو جزء لا يتجزأ من الشفافية التي تضمن نزاهة الانتخابات".

Ägpyten startet Parlamentswahl
لافتات دعائية في أحد شوارع القاهرةصورة من: AP

غير أن قرار السماح بمراقبة الانتخابات يبدو غير كافٍ لاستعادة ثقة المواطن المصري في الحياة السياسية. فبعد 50 عاما من تهميشه سياسيا يعاني المواطن حاليا من ما يدعوه الدكتور سعيد بـ "المنظور الشعبوي للسياسة"، فالعلاقة بالسياسة لا تتجاوز الثرثرة السطحية بشكل عام، والسياسيون في نظر المواطن هم نفعيون فاسدون يحركهم حب المال والسلطة، وللأسف يعم هذا الحكم على كافة السياسيين رغم وجود شرفاء وناشطون وطنيون بينهم. لذلك لا يعتقد الدكتور سعيد بأن الانتخابات الحالية ستشهد إقبالا غير معتاد، فنظرة المواطن إلى السياسة لم تتغير بعد.

تركيبة المجلس

يهيمن الحزب الوطني الحاكم الذي يرأسه مبارك على مجلس الشعب الحالي، حيث يشغل نسبة 85 بالمائة من مقاعد المجلس المنتهية ولايته. وكانت انتخابات عام 2000 الماضية شهدت فشلا ذريعا للحزب الحاكم الذي لم ينجح من المرشحين على قائمته سوى 175 نائبا وفاز 213 آخرون رشحوا أنفسهم ك"مستقلين" قبل أن يعودوا إلى صفوف الحزب بعد الانتخابات. ويعرف هؤلاء باسم "المنشقين" ويحتمل أن يتكرر سيناريو نجاحهم هذه المرة أيضا، بالرغم من تهديدات الحزب الوطني باستبعاد المستقلين.

غير أن الحزب الوطني يلاقي منافسة شديدة من جماعة الإخوان المسلمين، أكبر القوى السياسية المعارضة في مصر، حيث تأمل الجماعة في رفع عدد مقاعدها من 15 إلى 50 مقعدا على الأقل. وقد أثار شعار الجماعة جدلا واسعا في الشارع السياسي المصري مؤخرا، فكثير من الأحزاب العلمانية يرى أن شعار "الإسلام هو الحل" هو خلط خطير للسياسة بالدين، لأنه يفتح باب الفتنة الطائفية. الجماعة من ناحيتها رفضت التخلي عن الشعار معتبرة أنه يتماشى مع الدستور المصري الذي يعتبر الإسلام مصدرا رئيسيا للتشريع.

Parlament in Kairo Ägypten
مجلس الشعب المصريصورة من: AP

ويتوقع الدكتور سعيد أن تكون تركيبة مجلس الشعب الجديد قريبة من المجلس الحالي، حيث ينتظر أن ينجح الحزب الوطني الحاكم في تحقيق أغلبية مريحة على يد المستقلين. وقدّر الدكتور سعيد عدد النواب المعارضين من كافة الأطياف الذين سينجحون في الحصول على مقاعد في المجلس الجديد بـ 80 نائبا أي ما يعادل خمس المجلس، وهو قطاع لا يستطيع وقف ماكينة الحزب الوطني على حد تعبير الدكتور سعيد، لكنه يستطيع رفع مستوى المناظرات التشريعية وإثراء المناقشات الديموقراطية. ولا يتوقع الدكتور سعيد أن ينجح حزب معارض في الحصول على نسبة 5 بالمائة من مقاعد المجلس، وهي النسبة اللازمة لتمكنه من تقديم مرشح للرئاسة، وذلك كما تنص المادة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية. غير أن المجلس الحالي لن يلحق بالانتخابات الرئاسية، فالدورة الجديدة ستنتهي عام 2010 في حين تجرى الانتخابات الرئاسية القادمة 2011.

رشاوي وشراء أصوات

وأبدت جماعات حقوقية مصرية تفاؤلها بخصوص مهمة أعضاءها أثناء الانتخابات، ولا تملك هذه الجماعات أية صلاحيات قانونية لكنها تأمل أن تمثل تقاريرها ضغوطا كافية على الحكومة لضمان الحد من عمليات شراء الأصوات وحشو صناديق الاقتراع بالأصوات وترهيب الناخبين التي شهدتها انتخابات سابقة. وقالت غادة شهبندر من جماعة "شايفنكم" التي لديها نحو 300 مراقب مدرب ونحو 1400 متطوع "الانتهاكات التي شهدناها حتى الان تمثلت في الكثير من الرشاوى والترهيب". ويقول بعض الناخبين انه عرضت عليهم أموال للإدلاء بأصواتهم فيما شكا زعيم حزب الغد أيمن نور الذي حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية من أن الشرطة تحذر الناخبين في دائرته بالابتعاد عنه.

Ajman Nur in Kairo Ägypten
أيمن نور رئيس حزب الغدصورة من: AP

أحمد سامح من الحملة الوطنية لمراقبة الانتخابات صرح قائلا "العملية السياسية في مصر بدأت تتحرك والناس صاروا أكثر وعيا بما يحدث. ويرى سامح الذي تملك جماعته نحو ثلاثة آلاف مراقب أن توسيع مساحة الاختيار إلى جانب حقيقة أن المرشحين يمكنهم إطلاق حملاتهم الانتخابية بحرية أكبر نسبيا زاد من اهتمام الناس بالانتخابات البرلمانية ودفعهم إلى التطوع لمراقبتها. وقال "المصريون ليسوا معتادين على الانتخابات. الانتخابات في العقلية المصرية تعادل العنف والفساد وانتخاب الشخص نفسه مرة تلو الأخرى. وهذه هي الصورة التي انعكست على نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية".

تفاؤل حذر

وفي النهاية يلاحظ الدكتور سعيد حدوث تغير ايجابي في سلوك الحكومة، فهي تخفف من وجهها القمعي وتقتصد في ممارسة البطش الذي اعتادت عليه سنوات طويلة، فقد قلت حملات الاعتقالات العشوائية، وتم الإفراج عن مسجونين قضوا فترات طويلة دون محاكمات، كما أصبح هناك تسامحا مع عقد اللقاءات وتسيير المظاهرات، حتى أن المظاهرات الأخيرة لحركة كفاية لم تحاصرها قوات الأمن بكثافة كما هو معتاد.

غير أن الدكتور سعيد انتقد عدم ربط التحسن الواضح في حقوق الإنسان بإصلاحات تشريعية جذرية، وتوقع أن يقوم الرئيس مبارك بإجراء بعض الإصلاحات التي وعد بها، مثل تقليص الصلاحيات الرئاسية، وزيادة صلاحيات الحكومة، وتشكيل جهات مراقبة إدارية على أداء الحكومة، كما توقع الدكتور سعيد إلغاء قانون الطوارئ الشهير وإحلاله قانون محاربة الإرهاب محله. إلا أن هذه الإصلاحات تبقى شكلية طالما أنها لم ترتبط بتعديلات تشريعية تؤصلها وتحافظ عليها.

هيثم عبد العظيم/دويتشه فيله

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد