1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتشار العنف في المدارس الألمانية انعكاس جلي لمشاكل الاندماج

دويتشه فيلّه١ أبريل ٢٠٠٦

أدى انتشار العنف في أوساط التلاميذ ذوي الأصول الأجنبية بأحد مدارس برلين إلى استغاثة هيئة التدريس بالشرطة وبالقائمين على شؤون التعليم. الخبراء يرون أن سبب هذا العنف هو عدم قدرة بعض المهاجرين على الاندماج في ألمانيا.

https://p.dw.com/p/8BU0
رجال الشرطة يبحثون عن أسباب العنف بمدرسة روتليصورة من: picture-alliance / dpa/dpaweb

إذا زار المرء يوماً ما مدرسة روتلي الواقعة بحي نويكولن في العاصمة الألمانية برلين فسيرى بعينه صورة لم يعهدها من قبل للتلاميذ المشاغبين. ففي هذه المدرسة يركل التلاميذ الأبواب، ويقومون بتحطيم الأساس والأدوات المدرسية، ويرمون المدرسين بالكتب والكراسات. أما شغلهم الشاغل فليس الدراسة والتعلم، وإنما الشجار والتشابك بالأيدي. لقد تجاوز الأمر كل الحدود الممكنة بعدما قام بعضهم بتهديد المعلمين مستخدمين في ذلك الأسلحة البيضاء. وفي الأشهر الستة الماضية كان عدد المدرسين الذين تخلفوا عن عملهم لأسباب صحية أكبر من عدد التلاميذ المرضى. كل ذلك كان من شأنه إصابة المعلمين بالذعر بعد أن عجزوا في التصدي لمشاكل العنف في المدرسة، خاصة وأنه لا نهاية لحالات العداء والعنف المنتشرة بين التلاميذ، الذين ينحدرون بنسبة 80 بالمائة من أصول عربية وتركية، لذلك تقدمت هيئة التدريس بخطاب استغاثة وبطلب إلى الإدارة التعليمية لكي تغلق هذه المدرسة، إلا أن الإدارة أبت الموافقة على هذا الطلب وطلبت من الشرطة تشديد الحراسة على المدرسة، لذا يقوم رجال الشرطة منذ يوم الجمعة31 آذار/مارس 2006 بمراقبة تلاميذ المدرسة وتفتيشهم بحثاً عن أسلحة قبل دخولهم إلى المدرسة.

مدرسة تحت الحراسة

Rütli-Hauptschule in Berlin Polizeischutz
الشرطة تراقب المدرسةصورة من: picture-alliance / dpa/dpaweb

وحول دور رجال الشرطة في وضع حد للصراع بين التلاميذ صرح بيرنهادر شودروفسكي، المتحدث باسم شرطة برلين: "أن الشرطة ستتواجد بالقرب من قلب الحدث وستحاول إقناع التلاميذ الذين يثيرون الشغب لوضع حد للصراعات وأعمال العنف في المدرسة". لكن الجميع على يقين بأن هذا ليس هو الحل الأمثل لهذا النوع من المشاكل. فالتلاميذ لا يعتبرون المدرسة مؤسسة تعليمية، أما هيئة التدريس فقد أعلنت في خطاب مفتوح أن مساعيها للسيطرة على التلاميذ وصلت إلى طريق مسدود. ولا تعد مدرسة وتلي المدرسة الألمانية الوحيدة، التي تعاني من هذه الظاهرة. فولفغانغ بوسباخ، خبير الشئون الداخلية بالإتحاد الديمقراطي المسيحي، أعلن أمام البرلمان الاتحادي (بندستاغ) أنه "بات من المعتاد أن يسود العنف المدراس الألمانية، التي تضم عدداً كبيراً من التلاميذ ذوي الأصول الأجنبية." وتظهر مدرسة رولتي عجزاً بل عدم استعداد بعض المهاجرين على الاندماج هم وأولادهم في المجتمع الألماني وفشل سياسة الاندماج في تشجعيهم على ذلك.

سيناريو متوقع

Rütli-Hauptschule in Berlin
هاينز بوشكوفسكي رئيس حي نويكولن أمام مدرسة روتليصورة من: picture-alliance / dpa/dpaweb

لقد كان هاينز بوشكوفسكي رئيس حي نويكولن الذي تقع به مدرسة روتلي، متأكداً من أن العنف سيكون له عواقب وخيمة بمرور الوقت، لذلك قام بوشكوفسكي أكثر من مرة بلفت أنظار المسئولين إلى المشاكل الاجتماعية المختفية وراء جدران هذه المدرسة، كما أنه أكد مراراً على أنها تكمن في اختلاف المبادئ الحضارية لدى التلاميذ. فالتلاميذ العرب يعيشون بالرغم من تواجدهم في ألمانيا في مجتمعات تختلف عن مجتمعات أقرانهم الألمان. ويقول بوشكوفسكي "لدينا على هذا الصعيد مشاكل ضخمة، فعدد كبير من الشبيبة لم ينشئوا في إطار نظمنا الاجتماعية، لأنهم يعيشون في بيت الأسرة في مجتمع آخر. وقد يتمرد بعضهم على هذه الحياة، لكنهم لا يرون بديلاً لها ولا آفاقاً جديدة لمستقبلهم. لذلك يصاب هؤلاء بالتشتت ويقبلون مبادئ الشارع، الذي تسود فيه شريعة الغاب ومبدأ البقاء للأقوى."

الأطفال هم الضحية

Rütli-Hauptschule in Berlin
مدرسة روتلي باتت رمزاً لعدم قدرة بعض المهاجرين على الاندماج في المجتمع الألمانيصورة من: picture-alliance/ dpa

لقد تمت الاستجابة بسرعة لنداء الاستغاثة الذي تقدم به المدرسون. وفي خلال الأيام القادمة سيعمل في المدرسة ثلاثة أخصائيين اجتماعيين يتحدثون العربية والتركية، مما قد يزيد من فرصة تهدئة الأوضاع من خلال حوارهم مع التلاميذ. كما يدرس المسئولون حالياً إمكانية إلحاق طلبة مدرسة روتلي بالمدرسة المجاورة لكي يتم دمج الطلبة بصورة أفضل في المجتمع. أما المدرسة نفسها فلن يتم إغلاقها كما يقول كوس بوغر، وزير التعليم بولاية برلين: "لن تستسلم أي مدرسة في برلين. لن نغلق مدارسنا بل سنواصل أداء رسالتنا الحضارية والتعليمية والتربوية في كل بقعة من برلين."

وفي الإطار ذاته يجمع الخبراء على أن سبب هذا النوع من المشاكل الاجتماعية هو عدم قدرة بعض عائلات المهاجرين غير المثقفة على الاندماج في المجتمع الألماني، لاسيما وأن قدراتهم اللغوية محدودة للغاية، بالإضافة إلى أنهم يتقوقعون على أنفسهم في "مجتمعات موازية" ذات نظم خاصة. أما الخاسرون فهم أبنائهم الأطفال والشباب، إذ أنه من الصعب أن يحصل هؤلاء على فرصة عمل بعد إنهائهم الدراسة بسبب تصرفاتهم الفظة التي تدفع أرباب العمل إلى عدم تشغيلهم. ولا تستطيع المدارس وحدها حل هذه المشاكل وخصوصاً تلك المدارس، التي تتكون غالبيتها العظمى من تلاميذ عرب أو أتراك أو الألمان من ذوي المشاكل الاجتماعية. ويرى التربويون أنه لا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا عن طريق سياسة تعليمية جديدة ومن خلال وسائل فعالة أخرى، أهمها رسم سياسة اندماج تستطيع اختراق "المجتمعات الموازية" للمهاجرين وإرشاد وآبائهم وأمهاتهم نحو طريق الاندماج الحقيقي في المجتمع الألماني.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد