1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

النص الكامل للمقابلة مع سفير الجامعة العربية في ألمانيا سالم قواطين

يُعرف عن سالم قواطين سفير الجامعة العربية في ألمانيا اهتمامه الشديد بالحوار العربي- الألماني، في مقابلته التالية مع موقعنا يتحدث السفير عن مزايا هذا الحوار وقضايا الدين والديمقراطية والاندماج وإصلاح الجامعة العربية:

https://p.dw.com/p/6Oji
سالم قواطين يتحدث للزميل ابراهيم محمدصورة من: DW

دويتشه فيله: ألمانيا تكثف من جهودها لتعزيز الحوار مع العالم العربي، كيف يتلقى العرب هذه الجهود؟

قواطين: أعتقد أنها تقود إلى حوار يخدم المصلحة المشتركة ويحقق التعاون والتفاهم بين الجانبين. كما أنها تسير في نفس المسار الذي بدأناه في معرض فرانكفورت للكتاب وأيام العالم العربي في البرلمان الألماني. وبناء عليه ليس هناك أي تحفظ تجاهها. ونحن في الجامعة العربية نسعى لمواصلتها من أجل إزالة الكثير من الغموض وسوء التفاهم حيال الثقافة العربية والإسلامية.

دويتشه فيله: لكن البعض في العالم العربي يعتقد أنها تهدف إلى استعمار جديد، بينما ترى أوروبا فيها مساهمة في دفع العملية الديمقراطية، ما هو رأيك بذلك؟

قواطين: نحن في العالم العربي على درجة من الوعي بحيث نستطيع تمييز الجهود المريبة والهادفة إلى ممارسة الضغوط على دول عربية من أجل تحقيق أهداف معينة عن غيرها. في الواقع هناك تعاون عربي- أوروبي نسعى إلى تعزيزه في إطار مبادرة برشلونة وغيرها. وهو يكرس هذه الجهود التي لا نرى فيها مدعاة لسوء الظن كونه يخدم المصلحة المشتركة لجانبي البحر المتوسط.

دويتشه فيله: في مقابلة سابقة أجريناها مع رئيس البرلمان الألماني فولفغانغ تيرزه ذكر فيها أن العالم العربي مقصر في انفتاحه وتسامحه تجاه الآخر، الامر الذي يعيق، حسب تيرزه، الحوار مع ألمانيا وأوروبا، هل تؤيد ما قاله تيرزه؟

قواطين: أنا في الواقع لا اعرف ماذا يقصد السيد تيرزه بالانغلاق و عدم التسامح في العالم العربي. إذا كان يقصد التسامح الديني، فان العالم العربي اكثر تسامحاً من الآخرين. والدليل على ذلك أن الأديان و الكتب السماوية نزلت في الأرض العربية، وبالتالي فأن العالم العربي يعترف بها ويتعامل معها بكل احترام و تقدير. أما إذا كان يقصد التسامح السياسي الذي يعني تسامحنا إزاء العدوان على العالم العربي، فأن التسامح في هذه الحالة هو نقيصة و ليس فضيلة. وعليه يجب أن نحدد ونضع فواصل بين التسامح حيال الأديان وحيال المجتمعات والثقافات من جهة والتسامح مع الاحتلال والعدوان من جهة أخرى.

دويتشه فيله: عندما سألنا السيد تيرزه عما قصد بذلك قال أنه يقصد بالدرجة الأولى الحريات الفردية المقيدة، مثلا لا يستطيع المرء تغيير انتمائه الديني في العالم العربي بسهولة كما هو عليه الحال في أوروبا !

قواطين: هنا يجب علينا التمييز بين التسامح والالتزام. كما تعرف يغلب على العالم العربي التأثر بالدين. فالإسلام له حضوره وتأثيره ووجوده في جميع أوجه الحياة. وعليه ليست القضية مسألة تسامح وإنما مسالة التزام. المجتمع العربي اكثر التزاماً وأكثر اتجاها نحو الالتزام بتعاليم الدين. وهنا على أوروبا الفصل بين الانغلاق وبين الالتزام. الالتزام بتعاليم الدين مسألة إيجابية وأخلاقية وليست انغلاقاً.

دويتشه فيله: عندما يتحدث المرء عن العلاقة بين السياسة والدين في أوروبا يتم التأكيد على ضرورة الفصل بينهما من اجل إقامة دولة علمانية وديموقراطية، هل تعتقد أن نموذجاً كهذا يصلح للعالم العربي؟

قواطين: لا، لا يمكن أن يصلح للعالم العربي، الإسلام هو نموذج كامل للحياة وليس مجرد عبادات. الإسلام يعلمك كيف تأكل وكيف تشرب وكيف تمشي و كيف تتعامل مع أسرتك والمجتمع. كما يعلمك كيف تقوم العلاقات في المجتمع على أساس مبدأ "وأمرهم شورى بينهم". إذن الإسلام نموذج حياة كامل متكامل في أوروبا نستطيع أن نفصل بين الدين والدولة لأن تدخل الكنيسة في الحياة السياسية شكل إرباكاً للحياة السياسية، ولأن المسيحية واليهودية قامتا على العلاقة مع الله عز وجل. أما الإسلام فقام أساساً على بناء المجتمع وبناء الدولة. الدولة الإسلامية عندما بنيت في المدينة المنورة كانت دولة بكل المفاهيم والمباديء التي تقوم عليها الدول. إذاً عملية الفصل بين الدين والدولة في الإسلام مستحيلة.

دويتشه فيله: لو وافقنا على استحالة الفصل بين الدين والدولة في العالم العربي، هل يعني ذلك لزوم إقامة دولة إسلامية تستقي قوانينها وأنظمتها من الإسلام؟

قواطين: الإسلام مرن كونه وضع قواعد عامة دون قوالب محددة فيما يتعلق بالدولة. وخير مثال من وجهة نظري كمسلم مبدأ "وأمرهم شورى بينهم.". هذا المفهوم برأيي يستوعب جميع النظريات الديمقراطية في العالم، فتحت مظلة أمرهم شورى تستطيع أن تضع وتطبق أية أي نظرية ديمقراطية في الحكم. كما تستطيع إقامة علاقات مع الآخر، مع المسلم وغير المسلم وتاريخ الإسلام يشهد على لك.

دويتشه فيله: طالما الأمر كذلك، هل لك أن توضح لنا كيف ينبغي لدولة تستقي أسسها من مباديء الإسلام مع غير المسلمين من مواطنيها؟

قواطين: هناك مساواة واحترام كامل لجميع حقوق أبناء الطوائف غير الإسلامية في دولة كهذه، وهناك حوادث تاريخية مشهودة على ذلك مثل حادثة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القدس مع القساوسة. فعندما دعاه هؤلاء للصلاة في الكنيسة اعتذر خوفاً من إدعاء المسلمين بها لاحقاً.

دويتشه فيله: ما هو موقفك من قول بعض الزعماء الغربيين مثل الرئيس بوش ان الديمقراطية في العالم العربي لا يمكن ان تُبنى دون دعم خارجي؟

قواطين: هذا القول يعيق الديمقراطية في العالم العربي حسب وجهة نظري. فهو يقدم لنا ديمقراطية مريبة ومقنعة لا نثق بها. نحن لا نريد ديمقراطية مستوردة مثل بنطال جنز أو لباس جاهز وإنما ديمقراطية على مقاسنا، ديمقراطية تناسب ظروفنا وعاداتنا. وكما ذكرت من قبل ان مبدأ وأمرهم شورى مظلة واسعة للديمقراطية.

فيله: إذا كان الأمر كذلك، ما هو نوع المساعدات المطلوبة من الخارج إذاً؟ دويتشه

قواطين: نحتاج إلى مساعدات في مجالات مختلفة أهمها تلك التي تساعد على حل المشاكل المزمنة التي تعيق الديمقراطية والتنمية، أقصد بذلك مشكلتي فلسطين والعراق بالدرجة الأولى.

دويتشه فيله: أنت تعيش في ألمانيا منذ فترة طويلة نسبياً، ما هو تقديرك لدور الجالية العربية الحديثة العهد في ألمانيا؟

قواطين: أرى أن دورها في المجتمع الألماني يزداد بشكل مستمر، غير أن تطويره بالشكل المطلوب يتطلب تحسين المستوى الثقافي والاقتصادي والاندماج في هذا المجتمع والقيام بدور سياسي فيه، بمعنى أخر الانخراط في الأحزاب السياسية الألمانية، هذا هو الدور المطلوب واعتقد انه ينمو ويتحسن.

دويتشه فيله: ولكن كيف يمكنها الاندماج في مجتمعها الجديد في الوقت الذي ترفض فيه فئة كبيرة منها ذلك؟

قواطين: من خلال فهمي للواقع لا أستطيع القول أنها ترفض. المشكلة هي أن هذه الفئة لا تستطيع الاندماج لأن شروطه غير متوفرة. حتى يندمج المرء في مجتمع جديد لا بد له من معرفة لغته وثقافته والمشاركة في حياته الاقتصادية. وهنا أريد تحميل المسؤولية أيضاً لهذا المجتمع الذي ينبغي عليه مد يده لهذه الفئة من أجل مساعدتها على أن تكون جزءاً منه. بمعنى آخر الاندماج يتطلب جهدا مشتركا من الطرفين. كلاهما مسؤول وكلاهما مطالب ببذل أقصى الجهد من اجل توفير ظروف الاندماج.

دويتشه فيله: يرى البعض أن الإسلام السياسي يشكل خطراً على الديمقراطية في أوروبا من خلال الجاليات الإسلامية الموجودة فيها، ما هو رأيك بذلك؟

قواطين: اعتقد أن الإجراءات والقيود التي تضعها الدول الأوروبية ضد ما تسميه خطر الإسلام السياسي هي أكثر خطراً على الديمقراطية في حال الاستمرار في تشديدها. عندما تتعرض لخطر ما يُسمى التطرف الإسلامي عليك مواجهته اسوة بالأخطار الأخرى مثل مكافحة المخدرات والجرائم الأخرى. هذه المواجهة يجب أن تتم على أساس وضع قواعد أمنية بغض النظر عن العرق والانتماء الديني. بمعنى آخر لا بد هنا من التعامل مع حالات شاذة وليس مع طائفة أو دين أو جالية بكاملها.

دويتشه فيله: تنشط الجامعة العربية بشكل ملحوظ لمد جسور التعاون بين العرب وأوروبا، غير أن جهودها لا تلق الصدى المطلوب من قبل الأوروبيين على غرار منظمات إقليمية ودولية أخرى، لماذا؟

قواطين: الجامعة العربية هي مرآة للوضع الصعب الذي تمر به الأمة العربية. وقد مرت منذ إنشائها عام 1945 بالكثير من الصعوبات والتحديات والمحاولات الرامية لإلغائها، غير أنها صمدت وما تزال. ومما يعنيه صمودها صمود للأمل العربي بمستقبل أفضل. صحيح أن دورها ما يزال ضعيفاً على أرض الواقع، لكنها من الناحية النظرية تحمل آمال العرب بمستقبل أفضل. ونحن على يقين بأن هذا المستقبل آت إن شاء الله.

دويتشه فيله: الجامعة العربية بحاجة إلى إصلاح وعمر موسى يريد أن يصلحها لتكون شبيهة بالمفوضية الأوروبية، هل حدث شيء ملموس على هذا الصعيد؟

قواطين: تشهد الجامعة حركة إصلاح باتجاه تعديل ميثاقها ونظام التصويت فيها وباتجاه جعل قراراتها أكثر فاعلية. والشيء الجيد أن هناك إحساساً من قبل الجميع على مستوى الأنظمة ومؤسسات الجامعة والشعوب العربية بضرورة ذلك. وعلى هذا الأساس سيكون موضوع الإصلاح أهم شيء على جدول أعمال مؤتمر القمة العربية في الجزائر.

دويتشي فيله: الإصلاح يعني إعطاء مؤسسات الجامعة العربية صلاحيات أقوى على حساب صلاحيات الحكومات العربية، هل تعتقد أن الأخيرة ناضجة لذلك؟

قواطين: لا أستطيع ان اقول ان هناك وعيا كاملا لضرورة الإصلاح. و أنا أتصور انه كلما زادت الديمقراطية في العالم العربي كلما تحسن دور وفاعلية وتأثير الجامعة العربية.

دويتشه فيله: نحن من المؤسسات التي تهتم بتكثيف الحوار مع العالم العربي من خلال الإذاعة و التلفزيون وعبر موقعنا الذي انطلق مؤخراً على شبكة الانترنت، هل زرت هذا الموقع وما رأيك فيه؟

قواطين: نعم زرته، أعتقد أن إطلاقه يشكل خطة رائعة ونحن مسرورون بها. كما أننا ندعمها ونعتبرها خطوة تخدم العلاقات العربية- الألمانية كونها ستقود إلى مزيد من التفاهم بين الطرفين.

دويتشه فيله: هل تستخدم الإنترنت خارج مكتبك ؟

قواطين: نعم أقوم بذلك كونها أصبحت من أسرع وسائل التواصل مع العالم.

أجرى المقابلة د. ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد