"النساء اكثر استعدادا للتأقلم"

تتولى أولريكهرووررئاسة مشروع جينانيت Genanet، وهو مشروع غير ربحي أسسته الجمعيات غير الربحية في برلين، الناشطة في مجال المساواة وتفعيل دور المرأة في المجتمع. ويسعى هذا المشروع إلى تحقيق المساواة للمرأة في المجتمع، كما يدعو أيضا إلى المساواة بين الجنسين في قضايا المناخ، وذلك ليس فقط في البلدان النامية فحسب، وإنما كذلك في الدول الصناعية.تحدثنا هذا الأسبوع مع أولريكه روور حول الدور الهام الذي يمكن أن تضطلع بهالنساء في مجال مكافحة ظاهرة التغير المناخي، وحول الأثر الذي ينبغي أن تتركنه فيالمفاوضات الدائرة حول المناخ.

DW: ما الذي يميز النقاشات حول تغير المناخ في البلدان النامية، وكيف يختلف عن النقاش الذي يدور في الدول الصناعية؟

أولريكه روور:الموضوع الرئيسي في البلدان الواقعة جنوب الكرة الأرضية، هو التكيف مع آثار تغير المناخ من منظور النوع الاجتماعيأو "الجندر". أما في البلدان الصناعية، فإن المسألة الرئيسية هي كيفية مكافحة ظاهرة التغير المناخي، وهذا يقودنا مباشرةلفتح النقاش حول أنماط الاستهلاك وأساليب الحياة المتبعة لدينا،وهناك أمر واضح وهو أنه لا يجب أن نستهلك هذا القدر الكبير من الطاقة كما كنا نفعل حتى الآن. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكننا تغيير هذا الوضع؟ وما هي المقترحات التي ينبغي وضعها للتوصل إلى حلول، وأي الحلول يفضل الرجال، وأيها تفضل النساء؟ وهل هناك فوارق بين الجنسين فيما يتعلق بالانبعاثات؟وهنا يطرح موضوع البعد الخاص بالجندر نفسه للنقاش.

وهل هناك اختلافات في طريقة التعامل والاستجابة لدى كل من الرجال والنساء بالنسبة لتغير المناخ؟

نعم، النساء والرجال يقدرون عادة المخاطر بشكل مختلف، وهذا الأمر ينطبق على تغير المناخ. وأظهرت الدراسات أن أعدادا أكبر من النساء مقارنة بالرجال، ينظرن إلى ظاهرة الاحتباس الحراري بوصفها ظاهرة خطيرة لا يمكن تجنبها.أما الرجالفيميلون إلى الاعتقاد بأن الحلول التكنولوجية هي المخرج، على سبيل المثال السياراتالكهربائية، أو القدرة على تخزين ثاني أكسيد الكربون أو كذلك أشعة الشمسفي الغلاف الجويباستخدام تقنية النانو. إلا أنالمرأة في المقابل، لا تثق في قدرة العلم والأبحاث في التوصل إلى حلول للمشاكل البيئية، وهي أكثر استعدادا مقارنة بالرجل لتغيير الممارسات الضارة بالمناخ، كما أن المرأة تضع في الاعتبار الأثر الذي سيبقى على الأجيال القادمة، لذا فهي تزن المخاطربشكل أدق، ومثال على هذا هو أن مشاركة النساء في الحركات المناهضة للطاقة النوويةأكبر، لأنهن يفكرن في أطفالهن.

أشارت دراساتأجريت في أوروبا إلى أن البصمة الكربونية التي يتركها الرجال، أكبر بكثير مقارنة بالنساء.هل هذا صحيح؟

هناك دراسات أجريت في السويد بشأن استهلاك الطاقة وانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وتم في إطارها فحص استهلاك الرجال والنساء في البيوت التي يسكنها شخص واحد، وكانت النتيجة ان استهلاك الرجال من الطاقة يفوق استهلاك النساء بنحو الربع تقريبا.والأمر المثير للانتباه أيضا، هو أن هذا الاختلاف قائم باختلاف فئة العمر ومستوى الدخل،والفروق بين الجنسين ترجع أساسا إلى استخدام السيارة، وإلى حجم السيارة كذلك.

كما يلعب الغذاءأيضا دورا كبيرا في وجود الفروق بين الجنسين، فأسلوب تناول الطعام مختلف لدى الرجال عنه لدى النساء. ونحن نعلم من الدراسات الألمانية أن الرجال يأكلون اللحوم أكثر بكثير من النساء،واللحم هو الغذاء الذي يساهم إلى حد كبير في ارتفاع استهلاك الطاقة وانبعاث غاز ثاني أكسيدالكربون.

كيف يمكننا شرح الأسباب التي أدت إلى وجود هذه الفروق بين الجنسين؟

هذا يعتمد على الأدوار الاجتماعية المختلفة للرجال والنساء وعلى الهويات الجنسية،وهي بدورها تقوم على تصورات مسبقة ثابتة داخل عقولنا. فالرجل يحتاج حسب تصورنا إلى سيارة كبيرة لإظهار قوته وغناه، أو هناك اعتقاد سائد بأن الرجل يجب أن يأكل اللحوم لكي يصبح قويا. أما النساء فلا تأتي السيارة ضمن المسلمات الضرورية التي لا بد من امتلاكها، كما أن المرأة تبحث عادة عن النظام الغذائي المثالي للجسم والصحة.

من المهم أيضا أن نولي الاهتمام الكافي للأسباب الكامنة وراء استهلاك النساء كميات أقل من الطاقة وأيضا تلك التي تدفعهن للتركيز على الأطعمة الصحية، فهناك عامل مهم يتمثل في الدخل، إذ تكسب النساء أقل من الرجال في معظم الأحيان،وغالبا ما يرتبط انخفاض الدخل بشكل عام بانخفاض الاستهلاك، كما توجد علاقة أيضا بين الدخل وكمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتسبب فيها الشخص. إن النساء هن أكثر استعدادا لتغيير سلوكهن وعاداتهن اليومية،وذلك بطبيعة الحال أمر ضروري وملح، في ظل عدم توفر المال الكافي لشراء أحدث الأجهزة الموفرة للطاقة أو لعزل المنزل بشكل ملائم.

وما هو تأثير النساء في العالم الغربي على النقاش الدائر حول المناخ ؟

يسهم قطاعا الطاقة والنقل إسهاما كبيرا في زيادة نسبة الانبعاثات.ولا تزال هناك مجالات كثيرة يسيطر عليها الرجال، لأنهم يتسمون بالتركيز أكثر على الناحية التقنية، فالمعايير الأساسية المتبعة هنا هي ذكورية، ففيحركة المرور على سبيل المثال، يميل الرجال إلى استخدام وسائل النقل الكهربائية، وهم يجدونها رائعة بغض النظر عن الطريقة التي ولدت بها الكهرباء اللازمة لعمل تلك المركبات. ثم يأتي التركيز على حجم السيارة أو سرعتها الفائقة، وذلك لأن كلاهما يجسد عادة مفاهيم ترتبط بـ "الحرية". وهنا، يجب الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المختلفة وبالتالي الفرص المتوفرة والأهداف المتوخاة منقبل النساء ومن قبل الرجال.

هل يعني هذا أن النساء يجب أن يكن أكثر انخراطا في عملية صنع القرار في قضايا المناخ؟

بطبيعة الحال، إذ ينبغي للمرأة أن تشارك مع الرجال على قدم المساواة في اتخاذ القرارات، ولكن إذا تم إشراك المرأة في اتخاذ القرارات، فإن هذا لن ينعكس بالضرورة إيجابيا على السياسة المتبعة. والأهم هنا هو أن يتم في سياسة المناخ وضع اعتبار أكبر للجوانب المتعلقة بالنوع الاجتماعي أي "الجندر"، وكذلك للجوانب الاجتماعية الأخرى.يجب أن يكون "الجندر" جزءا من المفاوضات الجارية بشأن التغير المناخي وذلك على المستويين المحلي والعالمي. ومن أجل أن يتحقق هذا، لا بد أن يطرأ تغيير على المستوى السياسي، ويجب أن يدرك القائمون على هذا المستوى، بأن سياسة المناخ ستصبح أكثر فعالية، إذا تم مراعاة الفوارق بين الجنسين، كما أن سياسة المناخ ستحظىبدعم أفضل، إذا حظيت بقبول أكبر بين الناس، وسيكون بالتالي الاستعداد أكبر لدى الناس لتقيم المزيد من الجهود. أعتقد أننا نضيع الكثير من الفرصة في الوقت الراهن.

الكاتبة: سونيا فلانيكار/ نهلة طاهر

مراجعة: سمر كرم