1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معضلة ألمانيا في انتهاج سياسية متوازنة إزاء الصين وتايوان

٦ أغسطس ٢٠٢٢

أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، تصعيدا جديدا بين واشنطن وبكين، بيد أن التداعيات وصلت إلى ألمانيا. فما هو موقف ألمانيا، الشريك التجاري للصين، من الخلاف بين بكين وتايبيه؟

https://p.dw.com/p/4FB0w
المستشار الألماني أولاف شولتس مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في لقاء افتراضي عبر تقنية الفيديو كونفرنس (9/5/2022)
المستشار الألماني أولاف شولتس مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في لقاء افتراضي عبر تقنية الفيديو كونفرنس (أرشيف)صورة من: Yue Yuewei/Xinhua/IMAGO

بمجرد أن ينظر شيه جي واي من نافذة مكتبه في برلين يمكنه أن يرى الكاتدرائية الألمانية فيما يمكنه أن يرى سفارة  الصين من داخل "مكتب تمثيل تايبيه" الخاص بتايوان فالمسافة بينهما لا تتجاوز نص ساعة سيرا على الأقدام. ورغم هذا التقارب الشديد، إلا أنه شتان بين المكتبين.

وفي هذا السياق، فقد تصاعدت التوترات بين الصين من جهة وبين الولايات المتحدة و تايوان من جهة أخرى على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.

وفي مقابلة مع DW، قال شيه، ممثل تايوان في برلين، إن التوترات الحالية ليست فقط بين تايوان والصين، بل أيضا "بين نظامين ديكتاتوري وديمقراطي."

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لألمانيا، فإن برلين باتت في معضلة إذ أن الصين تعد الشريك التجاري الأكثر أهمية لأكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنه في حالة اتخاذ برلين موقفا جليا ضد مساعي بكين العدوانية لاستعادة تايوان، فإن هذا قد ينجم عنه خلافا خطيرا خاصة على الصعيد الاقتصادي. وفي حالة الصمت، فإن النهج سوف يضر بسمعة ألمانيا وتقويض تأكيدها بأنها تمتلك سياسة خارجية "قائمة على القيم".

وفي كلا الحالتين، لا يمكن لألمانيا أن تنأى بنفسها عن تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة.

وقبل يوم من زيارة بيلوسي إلى تايوان، قالت وزيرة الخارجية الألمانية  أنالينا بيربوك  "لن نقبل بانتهاك القانون الدولي وأن تُقدم جارة كبيرة الحجم على غزو جارتها الأقل حجما في خرق للقانون الدولي. و ينطبق هذا بالطبع على الصين ".

وبعد يوم من صدور هذه التصريحات، استدعت الخارجية الصينية السفيرة الألمانية في بكين باتريشيا فلور التي كتبت لاحقا في تغريدة على موقع تويتر قائلة: "جرى نقاش صريح اليوم! وأكدت خلال لقائي مع نائب وزير الخارجية دينغ لي على أن ألمانيا مع سياسة الصين واحدة. ويعد التبادل مع السلطات التايوانية جزءا من هذه السياسة. إن التهديد باستخدام القوة العسكرية غير مقبول تحت أي ظرف من الظروف، كما أوضحت وزير الخارجية".

"سياسة الصين الواحدة"

ولا ينظر إلى استخدام السفيرة الألمانية إلى كلمة "السلطات التايوانية" بدلا من قول "الحكومة التايوانية" بأنه أمر من قبيل الصدفة، بل هو بالأمر المقصود.

الجدير بالذكر أن ألمانيا لا تعترف رسميا بتايوان كدولة مستقلة، إذ تعتبرها جزءا من الصين فيما لا توجد اتصالات رفيعة المستوى بين برلين وتايبيه. وتقوم "سياسة الصين الواحدة" على الاعتراف بالموقف الرسمي الصيني القائل بأن هناك حكومة صينية واحدة في العالم، وهو الأمر الذي تلتزم به معظم دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا.

أما فيما يتعلق بتايوان، فلم تعلن الجزيرة، التي تُعرف رسميا بجمهورية الصين الوطنية، استقلالها فيما يؤكد دستورها على "كامل الصين" كما هو الحال مع الدستور الصيني.

وفي عام 2005، أصدرت الصين قانونا "مناهضة الانفصال" من شأنه أن يجعل إعلان تايوان استقلالها رسميا أساسا لاستخدام القوة لإعادة توحيد الصين وتايوان. و أكدت بكين في حينه أن القانون ليس قانونا للحرب، لكنه يرمي إلى احتواء "قوى الاستقلال في تايوان".

وكانت تايوان قد انفصلت عن الصين الشيوعية نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949.

شراكة ألمانية مع تايوان أيضا

ورغم التزامها بـ"سياسة الصين الواحدة"، إلا أن ألمانيا تحافظ على علاقات وثيقة مع تايوان وهو الأمر الذي تؤكد عليه الخارجية الألمانية على موقعها الإلكتروني بأن تايوان وألمانيا "شريكان مهمان يرتبطان بعلاقات اقتصادية وثقافية وعلمية وثيقة".

كذلك، لدى برلين في تايوان "المعهد الألماني تايبيه" وهو ما قد يعد بديلا عن سفارة.

وفيما يتعلق بسياسة الحكومة الألمانية الجديدة برئاسة المستشار أولاف شولتس  التي تولت زمام الأمور نهاية العام المنصرم، فقد أكدت على موقفها تجاه تايوان بقولها: "إن أي تغيير للوضع الراهن في مضيق تايوان يمكن أن يحدث فقط سلميا وبالاتفاق المتبادل. وفي إطار سياسة الصين الواحدة داخل الاتحاد الأوروبي، فإننا نؤيد مشاركة تايوان الديمقراطية في المنظمات الدولية".

يتولى شيه جي واي منصب ممثل تايوان في برلين، لكن لا يُلقب بـ"السفير" (19/10/2020)
يتولى شيه جي واي منصب ممثل تايوان في برلين، لكن لا يُلقب بـ"السفير"صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance

يشار إلى أن الحكومات الألمانية على مدى عقود رفضت تسليح تايوان، لكن على الصعيد التجاري فإن التبادل بين برلين وتايبيه كبيرا إذ تعد ألمانيا أكبر شريك تجاري لتايوان في أوروبا بتبادل تجاري بلغ 22 مليار يورو (22 مليار دولار) العام المنصرم.

ورغم ذلك، فإن هذا الرقم يعد ضئيلا بالمقارنة  بالتبادل التجاري بين الصين وألمانيا الذي يزيد عن التبادل بين برلين وتايبيه بمقدار 12 ضعفا.

التنافس الأمريكي-الصيني

ويرى مراقبون أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة سوف يلقي بظلاله على ألمانيا. الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي ذكر في عام 2019 أن الصين تعد شريكا ومنافسا وخصما في الوقت نفسه.

وخلال حقبة المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، تبنت برلين سياسة تولي اهتماما خاصا للسياسة الأمنية والشراكات الاستراتيجية و"العداء المتزايد بين الصين والولايات المتحدة".

الفرقاطة العسكرية الألمانية "بايرن" في طوكيو (أرشيف)
العام الماضي، أرسلت ألمانيا الفرقاطة العسكرية "بايرن" في أول مهمة لها منذ قرابة 20 عاما في حوض المحيطين الهندي والهادئصورة من: Lars Nicolaysen/dpa/picture alliance

وخلال العام الماضي، أرسلت ألمانيا الفرقاطة العسكرية "بايرن" في أول مهمة لها منذ قرابة 20 عاما في حوض المحيطين الهندي والهادئ وذلك في إشارة إلى أن برلين "ستدافع عن "الطرق البحرية الحرة والامتثال للقانون الدولي".

ولا تزال الحكومة الألمانية الجديدة بصدد العمل للخروج باستراتيجية جديدة للأمن القومي.

الجدير بالذكر أنه خلال حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي شهدت حربا تجارية بين الولايات المتحدة والصين، سعت البلدان الأوروبي إلى "فك الارتباط" بالصين. ولا تزال التعريفات الجمركية الكبيرة التي فرضتها إدارة ترامب سارية حتى الآن.

وقال جوزيف برامل، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الأمريكية، إن أوروبا، وخاصة ألمانيا سوف تعاني كثيرا في حالة الانفصال عن الاقتصاد الصيني، مضيفا "أن هذا ما تدفع باتجاه الولايات المتحدة في الوقت الراهن".

وشدد برامل على أن الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى تبني "سيادة استراتيجية أكبر" بما يشمل اتحاد قوي سواء من الناحية السياسية والعسكرية يحافظ على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة باعتباره "شريكا لواشنطن وليس تابعا لها". وقال " إذا لم ننجح في ذلك، فسوف نتكبد خسائر جانبية جراء أي مواجهة كبيرة بين الولايات المتحدة والصين".

ماتياس فون هاين (م.ع)

بعد زيارة بيلوسي لتايوان.. مناورات صينية وحذر أمريكي

 

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد