1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المائدة العربية وآدابها .. بتنوع الشعوب والأطباق

١٢ أكتوبر ٢٠١٥

ضيافة العرب تتجسد في موائدهم، وإكرام للضيف أن تدعوه إلى مائدة أعددتها أنت أو أهل بيتك. وللمائدة العربية آدابها ولغتها، وهذه اللغة والآداب تتنوع بتنوع الشعوب في امتدادها الجغرافي من الخليج في آسيا إلى المحيط في أفريقيا.

https://p.dw.com/p/1GmyV
Algerien Amazigh
صورة من: Nasira Ekslan

سيدة البيت المصري تستقبل ضيوفها بابتسامة عريضة وإطلالة متسامحة، وبصوت عالٍ تلح عليهم في التقرب إلى مائدة الطعام حتى وان كانت صغيرة: "سفرة هنية تكفي ميّة. تفضل بيتك ومطرحك. مطرح ما يسري يمري". موائد المصريين نادراً ما تخلو من "العيش"، وهو الخبز المصري المدور الرقيق، وطبق الفول "المدمس"، الذي يعتبره المصريون عنواناً شعبياً لموائدهم عبر العالم. والمائدة المصرية عمادها المرق والرز، والبامية والملوخية والكوسة والفراخ والحمام المحشي في طليعة الأطباق المصرية الشائعة. كما أن الفطير المشلتت والمعمول بالسمن الحيواني من علامات إكرام الضيف في أرياف مصر خاصة.

أما البيت الشامي عموماً، فهو متقارب العادات بمجمله، فلغة لبنان وسوريا وفلسطين متقاربة، ولغة أهل الأردن تقترب كثيراً من البادية، فهم يلحون على الضيف بالقول: "قرّب يا خوي، قرب يالعزيز، هني ومري، حياك الله". أما الشاميون فيقولون للضيف: "تفضل، العشا جاهز، صحة وهنا". أما اللبنانيون فيستميحون الضيف التقرب الى الطعام بأدبهم الجم وابتساماتهم العريضة. موائد الشام كلها تشترك في الكبة واللحم بالعجين والحمص بالطحينية وبابا غنوج. وأخيراً عنوان الشام المتنازع عليه "الفلافل". فوق كل ذلك، فالزيتون والزيت والزعتر تبقى علامات فلسطينية فارقة للمائدة ولغتهم هي: "تفضل أهلين، صحة وعافية".

Arabisches Essen Hummus
الحمص والطحينية عنوان شامي اصيل.صورة من: picture-alliance/DUMONT Bildarchiv

تنوع الموائد بتنوع أهل البلد

في العراق، تتنوع المائدة شمالاً وجنوباً وغرباً، ولكن المشترك في كل تلك الموائد هو طبق الدولمة، أي الخضروات المحشوة بالرز واللحم، والمحشي، وهو شبيه بالدولمة إلا أنه يغرق في الحساء. وتقترب موائد أهل الموصل والأنبار وصلاح الدين من موائد أهل الشام والأردن، فأهل الموصل يعشقون الكبة ويسمونها "كبي"، وهم يفرطون في تنويع حشوتها باللحم المفروم والبرغل المجروش والكشمش واللوز والمطيبات مثل القرنفل. كما أن معجناتهم تشبه معجنات أهل الشام، ومن عاداتهم أن النساء لا يدعين الضيف إلى المائدة، بل يختص ذلك بالرجال حصراً. أما موائد الجنوب العراقي فتحمل ملامح من تاريخ سومر القديم وتأثيرات الخليج ومناطق الأهوار. فالسمك هو ملك المائدة والرز وزيرها. كما أنهم يصعنون خبزاً من طحين الرز يسمونه سياح، ويصنعون خبزاً معجوناً بالسمك ويسمونه طابق. ويفترش أهل جنوب العراق الأرض في سفرتهم، ويتركون الضيف وحده مع المائدة كي لا يشعر بخجل من وجود المضيف وصاحب الدار، فيتركونه يأكل كما يشاء، ويعودون إليه بعد وقت معقول، حاملين إبريق ماء وسلبجة (حوض يلم الماء) وقطعة صابون يغسل بها يده. أغرب ما في آداب الطعام العراقية هي مقولة تشيع بينهم ونصها" الضيف قتيل بيد المعزّب"، ومعناها أنّ المضيّف من حقه أن يلح على الضيف في الدعوة لأن يأكل حتى يبلغ درجة التخمة القاتلة!

Jesiden Religionsgemeinschaft im Irak
الدولمة ، ملفوف الخضروات بالرز واللحم. عراقي تركي عربيصورة من: DW/Al-Schalan

اللحوم والرز هي السائدة

أهل الخليج عموماً يشتركون بهذه الطقوس، وهكذا ترى أصول وآداب المائدة العراقية في مختلف بلدان الخليج بدرجات متفاوتة وفروق بسيطة. ويعطّر الضيف يده بعد الغسل بالطيب أو المسك أو بالريحان وغصون الورد وماء الورد. كما أنهم يتحدثون عن المفطّح وهو الرز المحلى باللوز والكشمش والبصل المقلي والبطاطس وأحياناً الكمأة ولحم الدجاج المفروط، والذي يتربع فوقه خروف مشوي كامل. ويؤكدون أن تقليب اللحم معيب وينهون عن أكل عين الذبيحة باعتبارها حصة الضيف. كما يوجبون نهوض المضيف عن السفرة حال قيام الضيف عنها. أهل الخليج والحجاز وحضرموت وعمان واليمن يمدون سفرتهم على الأرض، ولا تُشارك النساء الرجال مجالسهم حتى بعدم وجود ضيوف. والنساء المنقبات غالباً يفضلن أن يأكلن وحدهن، فيتاح لهن أن يرفعن نقابهن وخمارهن ليأكلن براحتهن.

أما في شمال أفريقيا، فيمتاز المغرب بمائدة عامرة ، والمغاربة في الغالب يمدون سفرتهم على موائد مستديرة يتحلّق الجالسون حولها، ويجالسون ضيوفهم على موائد مختلطة لا تفرق بين النساء والرجال. ويصدق هذا أيضاً على تونس والجزائر وليبيا في حواضرها. كرم الضيافة المغربية يبتدئ بالشاي المنعنع الدافئ، وسخونة المشروب دلالة على حرارة الاستقبال ودفء المودة.

عالم الكسكس
أطباق المائدة المغربية المتقدمة هي الكسكس والطاجين وحساء الحريرة، باختلاف المنطقة وحسب الموروث الثقافي فيها. أما ختام المائدة فهي البسبوسة المغربية، التي تشبه إلى حد كبير حلاوة الدهين العراقية والكنافة الشامية بأنواعها غير الجبنية.

أما في الجزائر، يتسيّد المائدة طبق "الكسكسي" الأبيض الذي يسمى في شرق الجزائر عموماً "المحوّر". كما يدعى في بعض المناطق "البربوشة" أو "النعمة" أو "السكسو".

ولا تختلف ليبيا عن سائر الشمال الأفريقي، فـ"الكسكسي" هو سيد المائدة بلا منازع. كما يمتاز الليبيون بأنهم مضيافون يرحبون بالضيف بطريقتهم. أطباقهم الشهيرة هي "البازين" و" البازين بالدحى الأبيض" و"الرز المبوخ" و"الرز البلاو" و"الرشدة" و"العصبان" وغير ذلك. ويفترش الليبيون سفرة طعامهم على الأرض غالباً، لكن سكان طرابلس العاصمة يفضلون الموائد المستديرة.

تونس تختلف إلى حد ما عن موائد شمال أفريقيا، ففيها الشربة والبريك الدنوني ومصلي الدجاج واللبلابي التركي وخبز الطابونة.

Dossier Afrika kochen Gericht Spezialität Essen Marokko Tangine Tajine
الطجين المغربيصورة من: Fotolia/evp82

المجففات والتمر

في السودان، يقرب الضيوف سفرتهم وقوفاً، خصوصاً حين يكون عددهم كبيراً نسبياً. وربما يختص بهذه الصفة أهل السودان دون غيرهم. السودانيون مضيافون كرماء بشكل منقطع النظير، والسوداني حتى إذا كان فقيراً يقدم لضيفه أفضل ما في بيته، وهم متأثرون إلى حد كبير بالمائدة الأفريقية، إذ أن أغلب أطعمتهم مجففة. من أطباقهم "بليلة"، وهي عبارة عن حمص مسلوق يوضع عليه تمر سوداني مجفف.

أما العصيدة والملاح الحمر، والتي تسمى ملاح التقلية، حيث يجفف اللحم ثم يطحن مسحوقاً. وحين يضاف اللبن إلى ملاح التقلية، تسمى النعيمية.

وأخيراً، تعتبر العصيدة طبقاً شائعاً في شمال السودان ووسطه خاصة، وهي عبارة عن نوع من القمح موجود في السودان يُطحن ويحفظ طوال العام. وعند الاستخدام يُعمل كعجينة ويوضع في الثلاجة قبل يوم، ثم يضاف إليه الملاح ويصنع كقالب. التمر والبقلاوة هي خيرة حلوياتهم.

م.م/ ي.أ (DW)