1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الغجر" بين النظرة السلبية والصورة الرومانسية

٣٠ مارس ٢٠١٢

لطالما شاهدنا مسلسلات مكسيكية أو عربية تتناول حياة الغجر كموضوع. وإذا كانت هذه المسلسلات قد صورت لنا حياة الغجر مليئة بالنساء الجميلات وبالمفاجئات وحياة الترحال والمغامرة، فإن الغجر في أوروبا يعانون من نظرة سلبية.

https://p.dw.com/p/14T4p
صورة من: DW

 يعمل "آدم هورفات" كراقص وهو ينتمي إلى غجر هنغاريا. ورغم أنه يزن 120 كيلوغراما إلا أنه يرقص بسرعة ورشاقة فائقتين. آدم هو واحد من 12 راقص هاوي من غجر هنغاريا والتشيك وسلوفاكيا تجمعوا مع راقصين محترفين للاشتغال على رقصة أطلقوا عليها عنوان" منفتح على كل شيء". يشرف على هذا المشروع راقصة عالمية تدعى كونستانسا ماركاس والتي اشتغلت بصحبة راقصين وموسيقيين غجر في محترف للرقص على مقاربة فنية للثقافة الغجرية.

إنه ليس مشروعا سهلا كما تقول ماركاس وتتابع:" ليس من السهل النفاذ إلى الثقافة الغجرية، حتى ولو درستها لسنوات عديدة لن أصير أبدا جزءا منها". ثم تشرب ماركاس جرعة كبيرة من الماء وتشير إلى الراقصين بإخراج أفضل ما لديهم من طاقات، بينما يتابع آدم رقصه في حركة سريعة فاتحا رجليه.

أحكام مسبقة قد تؤدي إلى القتل

#b# تهتم ماركاس بشكل أساسي بالهوية الغجرية ولكن أيضا بالجانب الآخر والمتمثل في الأحكام المسبقة التي تلحق بالغجر. وتقول:" إحدى الأحكام المسبقة التي أسمعها دائما عن الغجر، أنهم بلا أخلاق و سرق". وتؤكد أن هذه الأحكام بالنسبة لها لا أساس لها من الصحة، تماما كالقول بأن الغجر شعب رحَّال. وفي حقيقة الأمر يعيش أغلب الغجر منذ أربعة أجيال في مكان واحد مستقر غير أنهم ليسوا مندمجين في مجتمع الأغلبية.

تاريخ الغجر هو تاريخ الملاحقة والتهميش منذ عدة قرون. حوالي نصف مليون غجري تم قتلهم في الفترة النازية، لكن عملية القتل الجماعي لم تأخذ اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام. التمييز ضد العنصر الغجري في بعض المجتمعات الأوروبية مازال حاضرا إلى اليوم، حيث لا يتمتع الغجر بنفس الفرص في التعليم، وفي القطاع الصحي وحتى فرص الحصول على عمل. هذا إضافة إلى بعض عمليات القتل العنصرية والترحيل من أماكن يتعرضون فيها للملاحقة والقتل.

الرقص لغة عالمية

اللوحة الراقصة التي تشتغل عليها ماركاس هي محاولة منها لتغيير الأفكار والأحكام الجاهزة. والفكرة كانت لمعهد غوته في براغ منذ سنة 2009. يقول هاينريش بلوميكه مدير معهد غوته في براغ:" لقد قمنا باختيار الرقص عن وعي تام، لإدراكنا أن الرقص هو لغة عالمية. البرامج التعليمية المباشرة أثبتت فشلها في السابق".

#bbig#

يعمل "ايفان روستاس" كمدرس ويبلغ من العمر 58 سنة، وهو من الغجر القلائل في هنغاريا الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة. أحد ابنيه يقول إنه يفضل الموت متشردا في أي مكان على أن يموت في هنغاريا. ويقول روستاس:" ليس لنا مستقبل هنا بتاتا". تماما مثل ابنيه وحفيدته البالغة من العمر 11سنة، سيشارك روستاس في الرقص، لكنه يريد بالخصوص أن يحكي حكايات من الثقافة الغجرية، حتى يبرز للناس في أوروبا بعض ملامح الهوية الغجرية الحقيقية.

الغجر في الثقافة العربية

كما هو الأمر في أوروبا تسود في العالم العربي صورتين مختلفتين عن الغجر، حيث شكل حضور الغجر في الشعر العربي رمزا للجمال والتمرد. ولعل أشهر الشعراء الذين استخدموا مفردة "غجري" بشكل ملفت هو الشاعر السوري الراحل نزار قباني، خاصة في وصفه لشَعر المرأة في قصيدته الشهيرة "قارئة الفنجان" والتي غناها المطرب المصري الراحل عبد الحليم حافظ، وجاء فيها: "بحياتك امرأة سبحان المعبود، فمها مرسومكالعنقود، ضحكتها أنغام وورود، والشَعرالـغجري المـجنون يسافر في كل الدنيا".

كما يزخر التراث الموسيقي الشعبي العربي عموما والمغاربي على وجه الخصوص بقصائد وأغاني تتغنى بجمال الغجريات، خاصة تلك الأغاني المنتمية إلى التراث الأندلسي. وكانت فضائيات عربية قد عرضت مسلسلات مدبلجة من أمريكا اللاتينية، عن حياة الغجر وقصص حبهم ومغامراتهم. لكن من جهة أخرى تسود صورة سلبية عن الغجر تبرز في استعمال كلمة "غجر" كشتيمة في بعض الدول العربية، حيث ترمز مفردة "غجر" إلى الفوضى وعدم التحضر. وبغض النظر عن الصورة التي يحملها الناس عن الغجر إلا أنه لا يمكن تجاهل حضورهم في الثقافة الكونية عموما، وإغناءهم للعنصر الثقافي في أوروبا، سواء في العادات الاجتماعية والتقاليد أو في الموسيقى...

بتينا كولب/ ريم نجمي

مراجعة: عبده جميل المخلافي