1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق: وداعا للبطاقة التموينية

ملهم الملائكة ٩ نوفمبر ٢٠١٢

بعد غزو الكويت والعقوبات الدولية التي تبعته أطلقت حكومة صدام حسين نظام العمل بالبطاقة التموينية، لتزويد الناس بمواد غذائية بأسعار تدعمها الحكومة. بعد أن تعافى الدينار العراقي ألغت الحكومة هذا النظام، فهبت عاصفة رفض كبرى.

https://p.dw.com/p/16g7b
صورة من: DW

بعد أكثر من عشرين عاما، صدر قرار إلغاء البطاقة التموينية. وقررت الحكومة استبدال النقد بالبطاقة التموينية التي يعتمدها البلد منذ فرض العقوبات الاقتصادي عام 1991، على أمل الحد من الفساد الذي يشوب هذا الملف. وقال علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي إن "مجلس الوزراء قرر استبدال مبلغ مالي يبلغ 15 ألف دينار (12 دولار) لكل فرد شهريا بالبطاقة التموينية اعتبارا من أول آذار/مارس" المقبل.

لكن هذا القرار أثار وسيثير اعتراضات كثيرة، فقد  عبّر المرجع الشيعي بشير النجفي عن استيائه من قرار استبدال برنامج البطاقة التموينية الحالي بصرف مبالغ مالية عوضا عنها مشيرا الى إن "الجهة التي فشلت في توفير مفردات البطاقة التموينية هي قطعا غير قادرة على توفيرها وتغطية كل السوق العراقي ".

ومن المتوقع أن يقدم كثير من خصوم المالكي على توظيف الاستياء من هذا القرار لإغراض سياسية بحجة الدفاع عن فقراء العراق، كما سيعترض عليه كثير من المنتفعين من الفساد الإداري الأخطبوطي المرتبط بنظام التموين، وهؤلاء حيتان كبيرة. وقد ظهرت أولى بوادر الاعتراض على لسان نائب عن كتلة الأحرار المرتبطة بالتيار الصدري الذي وصف القرار بأنه "حرب على الفقراء".

هذا القرار يتطابق مع مطالب البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية التي تعالت منذ عام 2003 والمهتمة بتحول العراق إلى اقتصاد السوق.

Irak Oil for Food Program
يتنظرن نوبتهن للحصول على طعام هزيل.صورة من: AP

"الحديث عن الحصة التموينية هو الحديث عن فقراء العراق "

الإعلامي صفاء المنصور من بغداد دخل حوار منبر العراق اليوم من DW عربية مشيرا إلى أنه يقف شخصيا مع إلغاء البطاقة التموينية اذا وفرت الدولة البدائل الحقيقية والناجحة لإخراج المواطن الفقير من فقره ، ومبينا أنّ ملف البطاقة التموينية عانى منذ زمن صدام من مشكلات فساد إداري كبرى، شملت عمليات اختلاس وتلاعب بمفردات الحصة التموينية، وهذا للأسف لم يتغير بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بل تفاقم، وزادت المشكلات" ولم يفلح القائمون على إدارة هذا الملف المهم في حل المشكلات...والحديث عن الحصة التموينية هو بالتأكيد الحديث عن الفقراء في العراق ". وأكد المنصور أنّ الميسورين لا يقلقهم الحصول على كيلوغرام واحد من الرز أو كيلوغرام من الزيت أو الدقيق، لكنها تشكل همّا كبيرا للفقراء، ومضى إلى التساؤل، " إلغاء البطاقة التموينية واستبدالها بالبدل النقدي، هل يمكن أن ينجح عمليا ؟" في إشارة إلى الصعوبات البيروقراطية التي يسلطها الفساد على المجتمع.

وتطرق المنصور إلى اعتراض كتلة الأحرار على إجراء الحكومة الجديد، مبينا أن الساحة السياسية دأبت على الاعتراض على كل قرار يصدر عن الحكومة أو البرلمان، وهذا مرتبط بالصراعات والتجاذبات السياسية" وملف البطاقة التموينية يشهد اليوم سلسة من الاعتراضات والمزايدات هي للأسف لا تشخّص مواطن الخلل".

" لمن وزعت 5 ملايين بطاقة تموينية وهمية ؟ "

ومن ألمانيا شارك في حوار منبر العراق اليوم من DW عربية مدير (ميدان ) ، الاتحاد الألماني العراقي لرجال الأعمال كيلان خلوصي مبينا أنه بعد تغيير العملة العراقية عام 2003، وارتفاع مستوى الدخل 300%، ما عاد العراقيون يحتاجون فعلا إلى الحصة التموينية ، فحين استحدثت الحصة التموينية مطلع تسعينات القرن الماضي، كان مستوى دخل الفرد الشهري في العراق لا يتجاوز دولارين، أما اليوم فلا يقل دخل اغلب  العراقيين عن 10 دولارات في اليوم، وهم بذلك في غير حاجة إلى دعم غذائي من الدولة.

Lebensmitttelprogramm für den Irak
مفردات البطاقة التموينية : في الصورة ما يناله العراقي في شهر حسب البطاقة.صورة من: UNICEF

خلوصي استدرك متسائلا " ما مصير الفقراء ، وماذا عن ذوي الدخول العالية؟". وأورد خلوصي عدة حقائق عن تفاصيل هذا الملف مشيرا إلى ما ذكره معاون مدير عام دائرة التخطيط والمتابعة حيدر نوري جبر" قمنا بتوزيع 34 مليون بطاقة تموينية"، وذكّر خلوصي أن عدد سكان العراق يبلغ 29 مليون نسمة متسائلا " لمن وزعت 5 ملايين بطاقة تموينية وهمية، أليس هذا هو الفساد الإداري بعينه؟" .

خلوصي أكد أن "ما تنفقه الحكومة سنويا على الحصة التموينية يبلغ %7 من مجمل إنفاقها، وهذا يفوق ما تنفقه على قطاعي الصحة والتعليم".

رجل الأعمال العراقي الألماني الناجح أكد أن الحكومة العراقية قد اعترفت بوجود خلل في نظام البطاقة التموينية، وبالتالي فقد جاء هذا الإجراء لتجديد أو تحسين نظام البطاقة التموينية، ومبينا " أنّ من غير الإنصاف أن يتساوى من يبلغ دخله 10 آلاف $ شهريا، بمن دخله 400 $، فيمنحان نفس الحصة التموينية".

" هذه الخطوة ستفتح السوق على مصراعيه لاستغلال التجار"

الكاتبة والمحللة السياسية د ناهدة التميمي من هولندا شاركت في حوار منبر العراق اليوم من DW عربية مشيرة إلى أن ليس كل العراقيين يصل دخلهم إلى $400، بل أنّ اغلبهم يعيش تحت خط الفقر، وإن البلد الفقير يخلق بيئة خصبة للأعمال غير المشروعة والرذيلة.

Irak Oil for Food Program
اسواق تتاجر بمفردات البطاقة التموينية، تجارة نشطت منذ 20 عاما ، والحكومة تسعى لوضع حد لها.صورة من: AP

واعتبرت التميمي أن هذا الإجراء هو جزء من حلول ترقيعية ، والحكومة لا تقدم حلولا جذرية لمشكلات المواطن. " هذه الخطوة ستفتح السوق على مصراعيه لاستغلال التجار، خاصة وانه ليس هناك مراقبة نوعية على السلع ، والحكومة فاقدة للسيطرة على السوق، والذي تعطيه الحكومة باليد اليمنى سيتلقفه التجار والحيتان باليد اليسرى".

واعتبرت د التميمي أن من غير العدالة أن تعطى البطاقة التموينية للجميع وطالبت بحجبها عن ذوي الدخول الخيالية ، " على أن يضاعف مبلغ البدل النقدي لذوي الدخل المحدود ويدفع لهم بالبطاقة الذكية، والمواطن متخوف من أن تفتح هذه المبالغ بابا آخر للفساد بوضع أسماء وهمية تدفع لها مبالغ البدل التمويني".

"أسعار السوق قد ترتفع لكن علينا أن نتيح الفرصة للحكومة "

توالت الاتصالات الهاتفية على البرنامج بشكل مكثف ، ولم يُتح للأسف أخذ جميع الاتصالات نظرا للتزاحم ولضيق الوقت. 

أم ليث في اتصال هاتفي من بغداد عزّت الشعب العراقي بإلغاء البطاقة التموينية مبينة ان هذا القرار لن يضر سوى الفقراء، ومؤكدة ان أسعار المواد الغذائية في السوق سوف ترتفع إثر هذا القرار بشكل جنوني . وفي معرض إشارتها لمستوى دخلها الشهري بينت أم ليث أن دخلهم يتراوح بين 400 إلى 500 إلف دينار ( نحو 500 $ )، يذهب نصفها لإيجار المسكن وما يتبقى يجب أن ينفق على مصالح 4 أشخاص هم أفراد عائلتها.

عبد الستار في اتصال من بغداد تساءل عن مصير دعم الحكومة للفقراء، مبينا انه كفيف ويعيل 6 أشخاص ويتقاضى 330 إلف دينار( 290$) كل 3 أشهر، ومتسائلا إن كان هذا هو نوع الدعم الذي يتلقاه الفقراء من الحكومة؟ وأبدى بدوره مخاوفه من استغلال التجار هذا القرار واتخاذه ذريعة لرفع أسعار المواد الغذائية بشكل فاحش.

هديل العراقية في اتصال من البصرة قالت "إن إلغاء البطاقة التموينية سيكون له أبعاد كبيرة، ولا أعتقد انه يصعب على الحكومة أن توفر مفردات البطاقة التموينية وهو أمر جار في العراق منذ 20 سنة". وذهب صديقة البرنامج الدائمة إلى أن للموضع علاقة وثيقة بالسياسة ولكن صيغة تلك العلاقة لم تتضح حتى الآن.

حسين في اتصال من الموصل أشار إلى انه عامل باجر يومي، والمبلغ الزهيد الذي سيجري صرفه لن يفيد الناس في شيء.

مهدي في اتصال من الموصل أشار إلى أن محتوى الحصة زهيد، ومقابل بدلها النقدي( 15 ألف دينار) يمكن للمرء أن يشتري أضعافها" وفي رأيي أن هذا المبلغ كاف ، وعلينا أن نجرب هذه الطريقة ، فإن لم تنجح فيمكن إلغاء القرار والعودة إلى البطاقة التموينية".

داوود في اتصال من الولايات المتحدة الأمريكية أشار إلى ضرورة إيقاف العمل بالبطاقة التموينية التي تسري على الجميع، وعليهم الاقتداء بالنموذج الأمريكي حيث يصرف مبلغ 200$ شهريا لكل من ذوي الدخل المحدود بغض النظر عن غيرها من العوامل، وتوضع في صندوق إعانة خاص .

أبو منتظر في اتصال من بغداد دعا الشعب أن يتيح الفرصة للحكومة لتمارس عملها لخير الشعب مشيرا إلى أن البطاقة التموينية ليست عصب الحياة في العراق كما يريد البعض، " وأن 15 ألف دينار وهو المبلغ الذي سيصرف يفوق قيمة مفردات البطاقة التموينية

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد