1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العبودية في موريتانيا امتيازات أقلية على حساب حقوق الإنسان

١٦ يونيو ٢٠١٠

لا تزال العبودية في القرن 21 بمفهومها القديم واقعا مرا بالنسبة لعشرات آلاف من المواطنين في موريتانيا. الحقوقي بيرام الده أعبيد أكد في حديث خاص لإذاعة دويتشه فيله أن ممارسات العبودية في بلاده هي تكريس لأمتيازات أقلية هناك

https://p.dw.com/p/NrfA
الحقوقي الموريتاني بيرام الداه أعبيد في حديث خاص مع دويتشه فيله حول معاناة العبيد في موريتانياصورة من: DW/Moncef Slimi

السيد بيرام الده أعبيد، مؤسس "مبادرة المقاومة من أجل الانعتاق" وعضو بارز في منظمة "نجدة العبيد"، إحدى أبرز المنظمات الحقوقية النشطة في مجال مكافحة العبودية في موريتانيا، كيف تقيم أنشطة المنظمات العاملة في مجال مكافحة العبودية والاسترقاق في موريتانيا ؟

إن وضع حقوق الإنسان في موريتانيا مستفحل جدا وخطير، حيث هناك انتهاكات لحقوق الإنسان بما ذلك الممارسات العنصرية والتمييز بالولادة وبحق الذين سبق أن تحرروا من ممارسات العبودية، وهم أكثرية الشعب الموريتاني. الدولة والمجتمع في موريتانيا يشرعان الاستعباد، لأنهما يعتمدان على التقاليد والعادات الاستعبادية، من قانون الشرف عند النبلاء، الذي ينص على أن هؤلاء لا يقومون بالأعمال الشاقة، ولا يعملون تحت أشعة الشمس الساطعة. ولأن النسخة المحلية للفقه المالكي هناك تشرع امتلاك العبيد والمتاجرة بهم وتشغيلهم بدون أجر ووطأ النساء الأمات بدون عقد زواج. كما تشرع أيضا تفريق الأسر واستغلال العبيد ورفض إعطاء العبيد الحق في الملكية وتقديم الشهادة. وتأخذ هذه الانتهاكات أشكالا متداولة وواقعا يعيشه نحو 500 الى 600 ألف شخص في موريتانيا. وهناك أيضا التمييز العنصري ضد الزنوج الممارس من قبل الأقلية العرقية التي تسيطر على السلطة داخل موريتانيا، مثل التهجير والقتل وانتزاع الملكيات والحرمان من حق المواطنة.

موريتانيا أدرجت في دستورها عام 1981 بندا تلغي فيه العبودية وممارستها كما سنت قانونا قبل ثلاثة أعوام يجرم أشكال الرق، كيف تشرح استمرار وجود ظاهرة العبودية والاسترقاق في موريتانيا إلى يومنا هذا؟

إن قانون إلغاء الرق الذي أدرج في الدستور عام 1981 هو مجرد ذر رماد في العيون، مثله مثل قانون تجريم الرق، الذي صدر عام 2007، لأن السلطات الموريتانية والمجموعات المتحكمة في الدولة الموريتانية أصدرت قوانين تحظر العبودية فقط بهدف تلميع صورتها في الخارج. وليس هناك أي استعداد لحظر الرق في موريتانيا لأن المنظمات المناهضة للعبودية قدمت عشرات الحالات من الاستعباد للسلطات الأمنية والإدارية والقضائية، إلا أن هذه السلطات رفضت التعامل الإيجابي مع هذه الحالات ومتابعة الجناة وإصدار الأحكام.

في رأيك، لماذا ترفض أجهزة الدولة التعامل الجدي مع هذه الحالات؟

لأن الماسكين بزمام الأمور من قضاة وضباط وحكام إداريين وولاة وعلماء ومحامون، كل هذه الفئات أقامت نمط عيشها في موريتانيا على واقع الاستعباد، بحيث أنها تملك العبيد وتشغلهم. لذلك فلا يمكن لهؤلاء أن يجرموا أنفسهم بأنفسهم، عدا في حال خلق ميزان قوة للمطالبة بإلغاء الاستعباد، من طرف الشعب أو من أي قوة سياسية أخرى.

Biram Eddah Abeid
بيرام إلده أعبيد، مؤسس مبادرة المقاومة من أجل الانعتاق في موريتانيا، في حديث مع شمس العياري. الناشط الحقوقي يؤكد أن ما يصل إلى 600 ألف شخص في موريتانيا، يعانون من ممارسات استعباديةصورة من: DW/Moncef Slimi

ما هي الفئات المتضررة من أشكال العبودية في موريتانيا؟

هناك فئة „الحراطين“ التي تشكل أكثر من نصف السكان، حيث يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين نسمة. وتضم هذه الفئة مجموعة العبيد والعبيد السابقين الذين كانوا في ملك عشائر عربية وبربرية ، حيث كانت هذه في الماضي ولا زالت تمارس عليهم نظام الاستعباد. وهناك أيضا فئة الزنوج، على غرار قبائل البولار والسونكي واللوف والبمبرة. و توجد داخل هذه القبائل فئات تستعبد بعضها البعض.

ولكن هناك من يقول إن الكثير ممن كانوا عبيدا في السابق لا يريدون الانعتاق ويفضلون البقاء عند من يستعبدهم ؟

لا يصدق أن يكون شخص عادي يتمتع بإرادة طبيعية وعادية يريد بنفسه أن يكون رقا في موريتانيا. انها تبريرات دأبت عليها المجموعات الحاكمة في المجتمع والمالكة للعبيد والتي بررت هذه الظاهرة بالإسلام، حتى أصبح هؤلاء يركنون إلى هذه التبريرات وأصبحت هناك سلاسل ذهنية وفكرية ودينية تكبلهم بفكرة الاستعباد. وهناك الكثيرون الذي يحاولون التخلص من هذه الوضعية، غير أن الدولة الموريتانية لا تساعدهم ولا تشجعهم على الانعتاق. لأن الدولة - ورغم المساعدات الدولية، التي تدعي أنها تستخدمها لمكافحة الفقر لا تستخدم هذه الأموال الكثيرة لتمكين فئة العبيد من الانعتاق الاقتصادي والتبعية لأسيادهم. كان يتعين على الدولة تنفيذ مشاريع ومساندة العبيد على التحرر من العبودية وذلك حتى يجدوا ملاذا اقتصاديا...

ولكن الحكومة الموريتانية كانت أدخلت أيضا أفراد من شريحة „الحراطين“ إلى الساحة السياسية، حيث تقلد بعضهم مناصب سياسية هامة في الحكومة وأجهزة الدولة؟

يظهر التاريخ أن الكثير من الملوك والرؤساء وضعوا عبيدهم في مناصب وزارية وكقادة حرس، أي أناس يثقون فيهم ويعتمدون عليهم في تسيير البلاد، ولكن ذلك لا يغير من العبودية في شيء. ورغم وجود بعض هؤلاء في الحكومة وأجهزة الدولة، إلا أن الشعب الموريتاني يعرف أن العبودية موجودة ومستمرة. أما الحكومة فتستخدم هذا الأمر لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي الذي لا يعرف الوضع الحقيقي في موريتانيا بهدف تكذيب ما نطرحه نحن كحقوقيين ومكافحين ضد العبودية، حول معاناة العبيد في موريتانيا.

كيف تفسر انتشار ظاهرة العبودية والاسترقاق في موريتانيا بالتحديد من دون بقية دول المغرب العربي مثلا؟

أعتقد أن في موريتانيا مجموعة أقلية عربية بربرية تحكم الأكثرية،. أعتقد أنه حينما تفكك العبودية ويكون لكل شخص صوت ، فإن الأقلية سوف تفقد الكثير من الامتيازات التي اقتطعتها على حساب مجموعات „الحراطين“ والزنوج بالدم والحديد والدموع في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وأعتقد أن استمرار سلطة الأقلية في غرب إفريقيا رهن بنظام الاستعباد فيها. وحينما يتم تفكيك هذا النظام ويتحرر العبيد فستفقد هذه المجموعات امتياراتها الكبيرة وسلطتها.

Sklaverei in Mauretanien
موريتانيا: منظمات نشطة لمكافحة العبودية والأسترقاقصورة من: Mohamed Mahmoud Abo Al Maali

لقد قرأت بأنك تعرضت لمضايقات من قبل بعض الجهات في موريتانيا؟ ما السبب في ذلك؟

السبب هي أنشطتي المناهضة للاستعباد ولانتهاكات حقوق الإنسان بمختلف أشكالها حيث تم فصلي من العمل، وسحب جواز سفري وحظر منظمتي، "مبادرة المقاومة من أجل الانعتاق". كما تم إصدار فتاوي من طرف علماء السلطة، بأني كافر وملحد ومرتد. وتم منع مشاركتي في الإعلام الرسمي وكذلك من بعض الإعلام الخاص.

في إطار نشاطك الحقوقي زرت قبل فترة وجيرة جنيف وإيطاليا و الآن توجد في ألمانيا، ما هي الرسالة التي تريد إيصالها إلى المجتمع الدولي؟

لابد من إنزال عقوبات سياسية واقتصادية ودبلوماسية على الحكومة الموريتانية ومناصرة المناهضين للعبودية والممارسات الاستعبادية ومؤازرة الضحايا ومتابعة منتهكي حقوق الإنسان قضائيا...وسأدعو خلال زيارتي الى بروكسيل يومي 22 و23 حزيران/يونيو الحالي الى رفض منح قروض لموريتانيا...

أجرت الحوار: شمس العياري

مراجعة: عبدالحي العلمي