1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل نجحت السعودية في تحسين صورتها؟

٨ ديسمبر ٢٠٢١

بعد عزلة دبلوماسية، عاد مسؤولون أمريكيون وأوروبيون بارزون لزيارة السعودية وإبرام صفقات تجارية. ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن السعودية أفلتت من العقاب جراء انتهاكات حقوق الإنسان وفي مقدمتها مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

https://p.dw.com/p/43zTL
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في أكاديمة الملك فيصل الجوية في الرياض 23.12.2018
تتهم منظمات حقوقية محمد بن سلمان بالسعي إلى التستر على انتهاكات حقوق الإنسان في السعوديةصورة من: Saudi Royal Court/REUTERS

أدى توقيف فرنسا لخالد العتيبي الذي يشتبه بأنه كان ضمن الفريق الذي قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، إلى لفت الانتباه الدولي مرة أخرى إلى هذه الجريمة البشعة فيما لا تزال السعودية تخرج ببطء ولكن بثبات من دائرة هذه الجريمة التي وقعت داخل القنصلية السعودية في اسطنبول.

فمنذ مقتل خاشقجي، أعادت الصحافة والإعلام الدولي التركيز مجددا على سجل السعودية السيء في حقوق الإنسان وكذلك الممارسات الاستبدادية في حكم البلاد. فعلى الصعيد الدبلوماسي، كانت السعودية دولة منبوذة بشكل ضمني على مدار السنوات الثلاث الماضية. وكان أبرز معالم ذلك ما ذكره الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال حملته الرئاسية قبل أن يصل إلى البيت الأبيض عندما قال إن هناك "قيمة استرداد اجتماعية ضئيلة للغاية في الحكومة الحالية في السعودية". ولم يجر بايدن حتى الآن أي اتصال شخصي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يُنظر إليه باعتباره الحاكم الفعلي للبلاد.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الفرنسي
ماكرون أول زعيم غربي يزور السعودية منذ مقتل خاشقجي. يشار إلى أن مبيعات فرنسا من الأسلحة للسعودية بلغت 700 مليون يورو العام الجاريصورة من: Saudi Press Agency/dpa/picture alliance

ماكرون الزائر الأول

وخلال الشهر الجاري، كان الرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون  أول زعيم غربي يزور السعودية ويجري مباحثات مع محمد بن سلمان منذ مقتل خاشقجي. تزامنت الزيارة مع جذب السعودية الاهتمام العالمي من خلال استضافتها لسباق فورمولا 1 للسيارات للمرة الأولى، فيما انطلق في السعودية أيضا قبل أيام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

الجدير بالذكر أنه حتى عام 2018، كانت دور العرض السينمائي محظورة في السعودية بسبب نفوذ التيار الديني المحافظ في البلاد والمثل المحافظة التي روج لها رجال الدين والأسرة الحاكمة. وتعد "رؤية 2030" التي دشنها الأمير محمد بن سلمان من أبرز ملامح خطة تحديث السعودية اقتصاديا واجتماعيا. ومن أجل تنفيذ هذه الرؤية تم ضخ مئات الملايين وهو ما ساعد على جلب الاهتمام بشكل إيجابي للسعودية. وقد أثار ذلك انتقادات منظمات حقوق الإنسان، التي على أن هذا يعد بمثابة "تكتيك متعمد" لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.

صورة للصحفي السعودي جمال خاشقي يرفعها أحد المحتجين أما القنصلية السعودية في اسطنبول
لا تزال تطالب منظمات دولية بضرورة إجراء تحقيق في مقتل خاشقجيصورة من: Getty Images/Y. Akgul

فتور دبلوماسي ومبيعات أسلحة؟

ويرى إيكارت فورتس، مدير دراسات الشرق الأوسط في المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية (GIGA) ومقره هامبورغ، أن عملية تحسين صورة السعودية وعودة الدبلوماسية الدولية  إليها مستمرة منذ فترة. وفي مقابلة مع DW، قال "يبدو أن هناك رأيا شائعا مفاده (لقد أظهرنا لهم-السعوديين- الخطوط الحمراء) فعلى سبيل المثال، أصبح من غير المقبول ببساطة قتل أشخاص في القنصليات ويبدو أنهم لم يقدموا على تجاوز هذه الخطوط الحمراء مرة أخرى". وأضاف "منذ مقتل خاشقجي، لم تحدث قضايا مماثلة، ولهذا عادت العلاقات الدبلوماسية والتجارية إلى الواجهة مرة أخرى كما كانت قبل جريمة القتل".

ورغم الفتور الدبلوماسي في التعاطي مع السعودية خلال السنوات الماضية، كانت هناك صفقات تجارية تبرم من وراء الكواليس لا سيما صفقات السلاح بين السعودية والولايات المتحدة وفرنسا، حيث كانت السعودية من أهم المشترين الدوليين للأسلحة الفرنسية العام الماضي. تزامن هذا مع استئناف مبيعات الأسلحة من كندا وألمانيا إلى السعودية العام الماضي.

استئناف العمل

في يناير/ كانون الثاني، قصد رجال أعمال دوليون الرياض للمشاركة في مؤتمر أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء" في تناقض مع مقاطعة استمرت لسنوات. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، ترأس الملك سلمان بن عبد العزيز وفد بلاده إلى قمة مجموعة العشرين في روما، أما العام الماضي فقد شهد تنظيم السعودية قمة مجموعة العشرين رغم أنه جرى تنظيمها افتراضيا بسبب جائحة كورونا.

وفي رده على تساؤلات حيال زيارته لدولة تُعرف بتنفيذ نصيب الأسد من الإعدامات على مستوى العالم فضلا عن سجن القصر، أشار ماكرون بنفسه إلى هذا النفاق بقوله "إن معظم دول مجموعة العشرين حضرت القمة". وأبلغ ماكرون الصحفيين أنه لن يكون من الممكن حل الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط من دون الانخراط السعودي. وتوسط ماكرون خلال وجوده في الرياض في حلحلة الأزمة بين السعودية ودول الخليج من جهة ولبنان من جهة أخرى إذ أجرى والأمير محمد بن سلمان مكالمة ثلاثية مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.

 مصطفى الدرويش أعدمته السعودية
أعدمت السعودية مصطفى الدرويش على خلفية جرائم مزعومة ارتكبها وهو قاصرصورة من: ESOHR

محور هام لواشنطن

ورغم أن الرئيس الأمريكي  جو بايدن  تجنب الاتصال المباشر مع القادة السعوديين، إلا أن الإدارة الأمريكية تتعاون بشكل منتظم مع الرياض. فقد شهد سبتمبر/ أيلول الماضي، لقاء جمع جون كيري، مبعوث بايدن الخاص لشؤون المناخ، وجيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، والأمير محمد بن سلمان فيما مثل اللقاء أول اجتماع دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى مع ولي العهد السعودي منذ سنوات.

وقد أشار محللون في المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية في فبراير/ شباط إلى أن "السعودية لا تزال المحور الرئيسي للولايات المتحدة في العالم العربي". بدوره يرى فورتس أن "السعودية دولة هامة في المنطقة فضلا عن كونها مصدر ضخم للنفط. لا يمكن لأي بلد أن أن يتغاضى عن هذه الاعتبارات السياسية الواقعية على الدوام بسبب جريمة قتل وقعت في قنصلية، مهما كانت هذه الجريمة مروعة". وأضاف "ربما كانت هناك رغبة في عزل السعوديين لبعض الوقت، بيد أنه بالتأكيد طرأ تحسن ملحوظ في العلاقات" مع الرياض.

ويقول مراقبون إن الدول الغربية لا ترغب في أن تخطب السعودية ود حلفاء جدد لا سيما الصين وروسيا وهو ما أشار إليه الكاتب ستيفن كوك في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" في وقت سابق من العام الجاري.

وقال كوك إن "الصينيين لديهم الكثير ليقدموه (للسعوديين) وأيضا الروس بارعون بشكل خاص في الاستفادة من التوتر بين الولايات المتحدة وحليفتها التقليدية في المنطقة".

سباق فورملا 1 في مدينة جدة السعودية
قال بطل العالم لسباقات فورمولا 1 لويس هاميلتون إنه لم يكن مرتاحا بتسابق في السعودية بسبب وضع حقوق الإنسان بهاصورة من: PanoramiC/imago images

تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان

ورغم كل هذه الحجج والتبريرات، إلا أنها لم تلق قبولا من نشطاء حقوق الإنسان ومنهم هبة زيادين، الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش والمتخصصة في انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الخليج. وفي مقابلة مع DW، قالت "في الوقت الذي أدخلت فيه السعودية منذ عام 2017  بعض الإصلاحات البارزة في مجال الحقوق الاجتماعية وحقوق المرأة، وأعلنت مؤخرا عن اعتزامها إصلاح النظام الجنائي ونظام العمالة، إلا أنه في المقابل، شهدت السعودية قمعا هو الأسوأ في تاريخها الحديث".

وذهبت الباحثة الحقوقية إلى القول بأن السعودية  تمضي قدما في ضمان أن ينصب اهتمام العالم على القضايا المتعلقة بالصفقات التجارية والترفيه وسباق السيارات، فيما تقوم في الوقت نفسه بإسكات أي صوت معارض "بأسلوب وحشي". وأضافت "عندما تعاقب السلطات السعودية بطريقة وحشية مواطنيها والمقيمين لأنهم تجرؤوا على انتقادها، فلا يمكنها إظهار أن حزمة الإصلاحات المقترحة وكأنها جهد حقيقي لتحسين حياة الناس".

"في حالة خوف"

يتفق معظم المحللين على أن "رؤية 2030" تعد خطة من قبل ولي العهد السعودي لتحديث البلاد سوء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية خاصة وانها أدت إلى إنهاء حظر القيادة على النساء وتخفيف القيود في الفصل بين الجنسين. بيد أن المحللين يتفقون أيضا على أن هذه الإصلاحات تزامنت مع تراجع في الحرية السياسية في السعودية

من افتتاح مهرجان البحر الأحمر في السعودية 06.12.2021
انطلقت الدورة الأولى من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. فهل يعد الحدث محاولة لتشتيت الانتباه أم دعم حقيقي لصناعة السينما في السعودية؟صورة من: Tim P. Whitby/Getty Images

وفي هذا السياق، ذكر سايمون هندرسون، مدير برنامج "برنشتاين" حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن،  في أكتوبر/ تشرين الأول أن "السعودية لا تزال دولة استبدادية. توسيع نطاق الحقوق المدنية يعد بمثابة هدية من الحاكم وليس استجابة لأي ضغط".

ويتفق في هذا الرأي علي الدبيسي، مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين. ويقول "منذ فترة، كان لا يزال هناك بعض الأشخاص الذين يمكنهم انتقاد السلطات السعودية بشكل علني، لكن هذا تغير الآن". ويضيف "الناس في حالة خوف في ضوء أن الشخصيات التي انتقدت السياسة الاقتصادية للبلاد في الماضي تقبع الآن في السجون. لذا فمن الواضح أن مثل هذه الممارسات من قبل السلطات ترهب الكثير من الناس".

كاثرين شاير، كرستين نيب / م.ع

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد