1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الدراما اللبنانية وسط منافسة قوية وبعدعن الواقع

١٥ ديسمبر ٢٠١١

ما تزال الدراما اللبنانية تئن تحت وطأة منافسة الأعمال الدرامية الناجحة. ويرجع البعض الأسباب إلى نقص الأموال الضرورية، بينما يجد آخرون أن الدراما اللبنانية بعيدة عن واقع حياة الناس. دويتشه فيله تسلط الضوء على هذه المشكلة.

https://p.dw.com/p/13PV5
صورة من: DW

ما أن تنهي ليلى دوامها الجامعي حتى تعود مسرعة إلى المنزل، تدخل غرفتها وتوصد بابها بالمفتاح، كي تتأكد من أن والدتها لن تلاحقها لتطمئن على يومها الطويل. كل شيء جاهز لقضاء قليل من الوقت الممتع الذي سيشفي تعب يومها. بنقرة زر، يفتح الريموت كونترول عالما كوميديا أمامها، يعود بها سنوات طويلة إلى أيام "المعلمة والأستاذ"، المسلسل اللبناني الذي دأب آلاف اللبنانيين على مشاهدته أثناء الحرب الأهلية. نصف ساعة من الوقت، ستضحك خلالها عاليا بكامل أحاسيسها.

"مشاهد فاحشة إلى حد الصدمة"

تصف ليلى هذه الفترة الوجيزة بـ"العلاج النفسي لتعب النهار، وفسحة أمل للراحة العقلية"، بعد أن خابت آمالها من المسلسلات اللبنانية الجديدة، التي لا تهتم إلا بالمنحى الجريء الذي تعرضه، بحجة سقوط المحرمات. وتعبر عن رأيها بأن المشاهد اللبناني بات على يقين أن أبرز ما تراهن عليه الدراما اللبنانية، هو عامل الجذب الكامن في المشاهد الفاحشة إلى حد الصدمة، وأنها وكثير من مثيلاتها لا يحتجن إلى مسلسل تخترق كاميراته غرف النوم، بل إلى قصة تنتقد البيئة اللبنانية بحس كوميدي مرهف.

يوافقها عماد الرأي ويقول إنه يسرع إلى تغيير المحطة إلى أخرى لا تعرض دراما لبنانية، ويفضل مشاهدة المسلسلات التركية والسورية التي تمثل سيناريو مقنعا وقريبا إلى الواقع، وتتميز ببراعة الأداء. ويضع عماد معظم المسلسلات اللبنانية في إطار واحد، ألا وهو تشويه متعمد للمجتمع من خلال شخصيات نافرة. ويقول:"الزوجة تخون زوجها، والجار يغوي حبيبة جاره، ورجال الأعمال يتصارعون فيما بينهم، والشباب لا يبرعون إلا بعيش حياة الليل، وكل الأدوار لعائلات غنية تصرف المال بكثرة". ويرى عماد أن الدراما اللبنانية لا تخطو أي خطوة في معالجة الواقع وملامسة مشاكله الاجتماعية الحقيقية.

"أزمة تمويل وتسويق وإنتاج "

Libanon Fernsehserien
إحدى الفرق اللبنانية أثناء إخراج مسلسل تلفزيونيصورة من: DW

ويعتبر المخرج والمنتج اللبناني وليد فخر الدين أنه على الرغم من أن الدراما اللبنانية هي الأولى التي بدأت في العالم العربي، إلا أنها لم تتطور بسبب أزمة التمويل وأزمة التسويق والإنتاج. ويصف الدراما اللبنانية بـ"المكلفة" وأن المحطات اللبنانية لا تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار ولا تعطي الدراما اللبنانية حقها، مقارنة بمبالغ أخرى تدفعها لبث المسلسلات التركية أو السورية.

ويرى فخر الدين أن ظاهرة اكتساح الدراما السورية والتركية للشاشات اللبنانية صحيح من ناحية الكم، ولكن من خلال قياس مستوى المشاهدة يبرز ارتفاع نسبة مشاهدة المسلسلات اللبنانية، معتمدا بذلك على دراسات تقوم بها مؤسسات الإحصاء. كما أن العائدات الإعلانية على الإنتاج غير اللبناني هي أكبر، مما يشكل عامل جذب للمحطات المحلية لبث أعمال درامية غير لبنانية.

"دراما بعيدة عن هموم الناس"

أما الدراما اللبنانية فإنها لا تحاكي فئة الشباب بشكل خاص، كما يقول فخر الدين، لأنها تتوجه نحو العائلة بحسب طلب السوق، وحقيقة اجتماع أفراد الأسرة بعد نشرة الأخبار المسائية ويقول "توجد هيمنة على سوق الإنتاج من قبل بعض المنتجين الذين يخلقون دراما بعيدة عن هموم المجتمع وقضاياه، الأمر الذي لا يحاكي وعي الشباب وبيئته ويخلق لديه ردة فعل عكسية تجاه هذه الأعمال وغيرها".

ويطالب فخر الدين بتوفر مجموعة من العناصر من أجل نجاح صناعة الدراما اللبنانية مثل "إيجاد البيئة الدرامية التي توفر الإنتاج الدرامي كما ونوعا، وهذا يحتاج إلى رغبة حقيقية في توحيد الرؤية إلى دور الدراما، وأهميته عند كل الفنانين من كتاب وممثلين ومخرجين وفنيين وممولين".

"غياب الدعم الرسمي والقوانين"

وتتحدث كاتبة السيناريو كلود صليبا بنفس الاتجاه، مؤكدة وجود منافسة قوية من قبل الدراما التركية والسورية. ويكمن السبب حسب رأيها في طريقة عمل المحطات اللبنانية التي تصفها بـ"الربحية" ولا تهتم بتسويق البرامج المحلية، وتقول:"الجمهور كالإسفنجة، يمتص ما تقدمه له الشاشات المحلية".

وتولي صليبا أهمية بالغة لدور الدولة في دعم هذه الصناعة وتقول:"الدعم الرسمي والقوانين الغائبة هي أول ما نفتقده لتفعيل الدراما اللبنانية، ففي الوقت الذي تدعم فيه الدولة في الدول الجارة الدراما المحلية لنشر ثقافتها، لا يتوفر هذا الأمر في لبنان".

وتعتبر صليبا أنه لا يمكن وضع الإنتاج اللبناني الدرامي في إطار واحد، وتشير إلى وجود مسلسلات لبنانية تحاكي هموم الشباب اللبناني ولكنها لم تسوق بشكل جيد. في الوقت نفسه لا تنفي وجود مسلسلات لبنانية لا تتمتع برؤية واضحة لتصويب هموم المجتمع، وتقديم صورة حقيقية نصا وأداء، بل تغرق في قصص شخصيات لا فائدة منها.

"الدراما تفتقر إلى اختصاص كتابة السيناريو"

Libanon Fernsehserien
كثير من اللبنانيين يجدون المسلسلات المحلية مملة وبعيدة عن مشامل المجتمع الفعليةصورة من: DW

وتشير صليبا إلى أن مساحة الحرية المتوفرة لكتاب الدراما اللبنانية ليست متاحة في بلدان عربية أخرى، مما يعطيهم فرصة التطرق لمواضيع أكثر حيوية وذات مادة، بدلا من توظيف هذه الجرأة في إطارها غير الصحيح.

أما أهم ما تفتقر إليه الدراما بحسب صليبا، فهو إدخال اختصاص كتابة السيناريو التلفزيوني في المناهج الجامعية، وتقول:"نعاني من نقص في عدد كتاب السيناريو بسبب عدم وجود هذا الاختصاص في الجامعات". لهذا اضطرت صليبا إلى دراسة هذا الاختصاص عبر المراسلة الإلكترونية مع إحدى الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية.

"الدراما اللبنانية تصور الأنماط الذكورية السائدة"

لكن نبيل فيجد أنه يجب إعطاء الدراما اللبنانية فرصة. لذا هو يحاول عدم تفويت مشاهدة أي مسلسل لبناني جديد، إيمانا منه بدعم الإنتاج المحلي مهما تضمن من ايجابيات وسلبيات، ويقول: "أثبتت الدراما اللبنانية أنها قادرة على المنافسة والاستقطاب، خاصة بوجود دم جديد من الممثلين الشباب الذين لديهم طاقات تعطي الدراما بعدها الشبابي والإنساني".

وتوافقه ديما الرأي وتشير إلى أن الدراما تعتمد اليوم على القصة الواقعية أكثر من الماضي "أثبتت الدراما اللبنانية قدرتها على سرد قصص الحقبات الزمنية التاريخية أيام الحكم العثماني، وسرد وقائع حياة فنانات لبنانيات عالميات". وتضيف ديما، أن المسلسل اللبناني هو عين الواقع "يكفي أن تصور الأنماط الذكورية السائدة في المجتمع ومنها عنف الرجل ضد المرأة، وحالات الطلاق ومعاناة الأولاد، والأهم تسليط الضوء على مشكلة تفشي ظاهرة المخدرات بين الشباب".

دارين العمري – بيروت

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد