1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التزامات رسمية بمحاربة الفساد في المغرب دون إجراءات فعلية

٨ أغسطس ٢٠١١

تعززت التشريعات المغربية مع إقرار الدستور الجديد بجملة من الضمانات الكفيلة بمحاربة الفساد. غير أن غياب المتابعات القضائية في حق المتهمين بالفساد في مؤسسات عمومية يؤجج غضب الشارع ويفقد الخطاب الإصلاحي مصداقيته.

https://p.dw.com/p/12CGv
أحد شعارات حركة 20 فبراير المعارضةصورة من: DW/Bellaouali

استأثر الدستور وموقع المؤسسة الملكية بالحيز الأهم من النقاش العمومي في المغرب منذ المسيرات الأولى لحركة 20 فبراير قبل أكثر من 5 أشهر، رغم أن شعارات ولافتات هذه المسيرات التي تواصلت على مدى الأسابيع الماضية لم تخل من مطالب واضحة بـ "إسقاط الفساد" و"فصل السلطة عن الثروة" و"محاكمة المفسدين".

وأكد الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة عيد العرش يوم 30 يوليوز الماضي، على "تعاقد اقتصادي جديد" ينسجم مع روح الدستور الجديد "الذي يكرس دولة القانون في مجال الأعمال، ومجموعة من الحقوق والهيئات الاقتصادية، الضامنة لحرية المبادرة الخاصة، ولشروط المنافسة الشريفة، وآليات تخليق الحياة العامة، ولضوابط زجر الاحتكار والامتيازات غير المشروعة، واقتصاد الريع، والفساد والرشوة"، مضمنا بذلك خطابه جزءا من مطالب الشارع.

إرادة سياسية
نجيب شوقي، عضو حركة 20 فبراير، لا يرى مع ذلك أن السلطات المغربية جدية في عزمها على محاربة الفساد. ويضيف شوقي، في حوار مع دويتشه فيله، أن الدولة "لم تتخد أية إجراءات لمحاربة الفساد، بل الدستور يكرس مبدأ الإفلات من المحاسبة، حيث يشرف الملك على جميع السلط والاستراتيجيات الكبرى دون الخضوع للمراقبة. الإجراءات البسيطة في هذا المجال مجرد محاولة للالتفاف على مطالب الحركة".

Flash-Galerie Korruption in Marokko
إحدى المظاهرات التي دعت إأيها حركة 20 فبراير المغربية حيث رفعت شعارات ضد الفساد وهدر المال العامصورة من: DW/Bellaouali

أما عبد السلام أبو درار، رئيس الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، التي أصبحت مؤسسة دستورية بصلاحيات موسعة، فيعدد في حوارمع دويتشه فيله، بعض اقتراحات الهيأة التي استجاب لها المشرع أثناء إعداد الدستور الجديد بالقول: "الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، حيث تم إلزام جميع القضاة بتطبيق القانون، وإلزام قضاة النيابة العامة فقط بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها، واستبدال المجلس الأعلى للقضاء بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية مستقلة، مع تعيين رئيس محكمة النقض كرئيس منتدب لهذا المجلس بدلا من وزير العدل. تعزيز المراقبة البرلمانية على مستوى مسطرة تشكيل اللجان النيابية لتقصي الحقائق، والمساءلة المباشرة لرؤساء الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، حذف المحكمة العليا لمحاكمة الوزراء مع اعتبار هؤلاء مسؤولين جنائيا أمام المحاكم العادية، تكريسا لمساواتهم مع المواطنين أمام القانون والقضاء".

إضافة إلى إجراءات أخرى تتعلق بـ "حصر مجال الحصانة البرلمانية في إبداء الرأي أو القيام بالتصويت خلال مزاولة المهام النيابية. تعزيز دور المجلس الأعلى للحسابات في حماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة. تجريم الترحال البرلماني (تغيير الانتماء الحزبي بعد الفوز بالانتخابات) بالتجريد من صفة العضوية في البرلمان". البرلمان المغربي من جهته فتح في دورته التشريعية الأخيرة ملفا من الملفات التي تؤجج غضب الشارع ويتعلق الأمر بمراجعة القوانين التي تمنح حق استغلال مقالع الرمال بشكل اميتازي وهي قوانين سنت خلال عهد الحماية الفرنسية للمغرب مطلع القرن الماضي.

الخطاب والممارسة

ويؤكد أبو درار في حواره مع دويتشه فيله أن مطالب الشارع "تجد ما يبررها في القصور الملحوظ في السياسة الوطنية لمكافحة الفساد"، ومن ثم أهمية "الطرحَ العملي لمجموعة من الإجراءات القانونية والمؤسساتية والعملياتية التي يتعين اتخاذها لسد مختلف مظاهر القصور ومواجهة بؤر ومواطن الفساد". من جهته يعتقد رشيد فيلالي مكناسي، الكاتب العام لجمعية "ترانسبرانسي المغرب" النشيطة في مجال محاربة الرشوة، في حواره مع دويتشه فيله" أن "محاربة الفساد هي المطلب الذي وحد جميع التيارات السياسية وجميع المواطنين في كل المسيرات الاحتجاجية. الجميع يطالب بإسقاط الفساد ووضع حد للإفلات من العقاب فهل تمت الاستجابة لهذه المطالب؟ هل أبعد أي من رموز الفساد ولو رمزيا عن دوائر القرار؟ هل جرت متابعة أي من المسؤولين الذين تتهمهم تقارير المجلس الأعلى للحسابات (محكمة مالية) بالفساد؟ قطعا لا".

Flash-Galerie Korruption in Marokko
محاربة الفساد من أهم الشعارات والمطاالب التي رفعتها حركة 20 فبرايرصورة من: DW/Bellaouali

في نفس السياق يقول نجيب شوقي عضو حركة 20 فبراير بالرباط: "محاربة الفساد تمر أولا عبر إقرار دستور ديمقراطي يخضع فيه الجميع للمحاسبة، وقضاء مستقل بمقدوره متابعة ناهبي المال العام. مع الأسف أضاعت الدولة والطبقة السياسية علينا فرصة تاريخية للإصلاح والأمل الوحيد هو ضغط الشارع لقلب الموازين السياسة حتى يصبح ممكنا محاكمة المفسدين". صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، تحدث مؤخرا عن لائحة من المؤسسات العمومية تؤكد تقارير مفتشي وزارته وجود اختلالات في تدبيرها دون أن يوضح ما إذا كانت تلك التقارير ستحال على القضاء. كما أن أيا من المسؤولين المغاربة لم يؤكد الإشاعات التي راجت حول عزم السلطات منع أشخاص يشتبه في فسادهم من الترشح للانتخابات المقبلة.

فصل السلطة عن الثروة

عشية المسيرات الأولى لحركة 20 فبراير تلقى الرأي العام المغربي بارتياح خبر بيع الشركة الوطنية للاستثمار، التي يملك الملك محمد السادس أغلبية أسهمها، شركات متخصصة في الصناعات الغذائية كانت تتهم باحتكار السوق. بعض المتتبعين اعتبر ذلك استجابة لمطالب بعض الصحافيين وقلة من رجال الأعمال بفصل السلطة عن الثروة وهو المطلب الذي تبنته مسيرات 20 فبراير، والبعض الآخر، مثل رشيد الفيلالي مكناسي، يرى أن الأمر "مجرد تدبير مالي معين للشركة".

وبعد أشهر قليلة من ذلك تفاجأ الجميع بتعديل مشروع الدستور قبل عرضه على الاستفتاء بما يلغي فصلا يمنع على الوزراء الجمع بين مسؤولياتهم الحكومية وممارسة أنشطة تجارية خلال فترات انتدابهم. ويدفع ضعف الثقة في الإرادة السياسية والقضاء لمحاربة الفساد بعض مؤيدي حركة 20 فبراير إلى حثها على تركيز مظاهراتها ومسيراتها الاحتجاجية ضد كل من يشتبه في فساده على الصعيد المحلي خاصة بمناسبة الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها والمرتقبة قبل نهاية هذه السنة.

إسماعيل بلا وعلي – الرباط

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد