1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الإيمو" في العراق..تقليد ثمنه الموت قتلاً

٢٣ مارس ٢٠١٢

يعيش الكثير من شباب "الإيمو" في العراق في رعب حقيقي بعد سقوط قتلى منهم وظهور منشورات تهدد بـ"سحق رؤؤسهم" وسط اتهامات لهم بـ "المثلية" و"عبادة الشيطان"، وهو ما ينفيه هؤلاء، الذين يقولون إن الأمر ليس أكثر من مجرد موضة.

https://p.dw.com/p/14QU0
صورة من: dapd

امتداداً لمسلسل موجات العنف في العراق منذ ربيع 2003 وحتى اليوم، انبثقت في البلاد حلقة عنف جديدة لكنها بعيدة عن السيارات الملغمة والقنابل والرصاص، إذ عاش مراحلها هذه المرة الشباب المراهق ممن ينتمون إلى ظاهرة ما يعرف بـ"الايمو" استهداف هؤلاء الشباب آثار مخاوف عدة بين أوساطهم فضلاً عن تداعيات سياسية واجتماعية أخرى.

وبحسب إحصائيات تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الدولية والمحلية ومواقع التواصل الاجتماعي فإن عدد ضحايا شباب "الايمو" قد فاق الـ 70 قتيلاً في العاصمة بغداد خلال الأيام القليلة الماضية. هؤلاء الشباب تتراوح أعمارهم بين (14-20 عاماً)، والذين قضوا عن طريق رجم الرأس وتهشيمه حتى الموت بواسطة الطابوق.

وطالبت العديد من المنظمات العراقية والدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، الحكومة العراقية بضرورة إيقاف حملات التصفية الجسدية التي تقوم بها بعض الجماعات المتشددة ضد "الايمو" في العراق.

"المتشددون يسحقون رؤؤسنا"

واستمرت ترتيبات لقاء "محمد الحلو"، وهو أحد شباب "الايمو"، طويلاً حتى انتهى بنا المطاف بمكان بعيد عن الأنظار حفاظاً على سلامته، مشترطاً استخدام اسمه المستعار، إذ كانت أول كلماته بعد أن تحقق اللقاء: "يسحقون رؤؤسنا بالطابوق ويقتلوننا بوحشية دون أي ذنب"، مبيناً انه والعشرات من اقرأنه قد تواروا عن الأنظار "خوفاً على حياتنا".

الحلو فر من أيدي الجماعات "المتشددة" كما وصفهم، من منطقة سكناه الواقعة شمالي بغداد إلى بيت أقاربه في منطقة أخرى من العاصمة باحثاً عن سلامته، خاصة بعد أن تلقى تهديداً بسحق رأسه بطابوقة أو ما تعرف باللهجة العامية "البلوكة" من دون سابق إنذار.

Das deutsche Emo-Youtube-Sprachrohr Amy
للإيمو فلسفتهم ورؤيتهم الخاصة (فتاة ألمانية من فئة الإيمو)صورة من: Amy

ويقول محمد ذو الـ (19 ربيعاً)، في حوار مع DW "نحن (الايمو) لا نعرف ماذا حصل؟ في ليلة وضحاها أصبحنا متهمين بعبادة الشيطان وبأننا مصاصو دماء ومثليين ومهددين بالرجم". ونفى الحلو أن يكون أتباع "الايمو" في العراق من "عبدة الشيطان"، مؤكداً "أنها (ظاهرة الايمو) لا تتعدى حدود الموضة العصرية"، مشيراً إلى أن هناك قوائم عدة لمطلوبين من الايمو "قد وزعت في منطقتنا وأنا من ضمنهم مما دفعني إلى الهرب".

وكشف عدد من شهود العيان في مدينة الصدر شرقي بغداد عن العثور على منشورات وضعت على قائمتين تضم أسماء المنتمين لشباب "الإيمو" في المدينة، ووزعت في عدد من شوارعها الرئيسة، تتوعدهم بالقتل من قبل"المجاهدين" في حال عدم تركها، ووصفتهم بـ"مثليي الجنس".

تقليد للمظهر ثمنه القتل

وكان لـ DW لقاءً آخر عن طريق اتصال هاتفي مع صديق الحلو ويدعى "سيف" الذي لجأ إلى إقليم كردستان الآمن في شمالي العراق، لحين تهدئة الوضع في منطقته بعد أن أصبح مستهدفاً بالقتل. عن تأثره بهذه الظاهرة يقول سيف: "نجهل ما المعنى الحقيقي للايمو، إننا نقلد مظهرهم فقط".

ويضيف سيف (18 عاماً) وفي كلامه نوع من الخوف والذهول متسائلاً: "هل يعني قص الشعر بتسريحة معينة أو وضع قلادة أو سوار معين أو ارتداء ثياب ذات رسومات الجماجم يعني أننا من أتباع الشيطان؟ أين الحرية الشخصية التي يدعون بها في العراق الجديد؟". ناهياً حديثه بالقول إن "بنات الايمو لم يسلمن أيضا من التهديدات بالقتل (...) وتعرض بعضهن إلى الضرب المبرح".

وغابت عن مناطق بغداد مظاهر تقليد "الايمو" بعد الحوادث المتكررة التي طالت أتباعها وخاصة بعد أن كان رؤيتهم من الأمور المعتادة في بعض مناطق بغداد كالمنصور والكرادة وشارع فلسطين وزيونة.

Mohammed Abdul Rahman Majad
محمد عبد الرحمن، يرى إن الدستور العراقي كفل الحريات الشخصية لجميع العراقيينصورة من: DW

"لست مع قتل شباب الايمو. إذ لا يمكن معالجة الخطأ بالخطأ"، هذا ما قاله محمد عبد الرحمن ماجد، طالب كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية ببغداد، مبيناً "أن كان هؤلاء يقلدون الغرب في مظهرهم فيجب توعيتهم ونصحهم لا قتلهم بهذه الصورة الشنيعة". ويوضح ماجد (25 عاماً) في حديثه مع DW إلى أن "الدستور العراقي كفل الحريات الشخصية للفرد العراقي"، داعياً الجهات المسؤولية إلى أن تولي اهتماماً اكبر في احتضان هذه الفئة ومحاسبة من "يريد أن يحول البلاد إلى قاعدة للتطرف الديني، واحترام الحريات الشخصية وكرامة الدم العراقي".

"الحروب تفقد الأجيال هويتها"

وتعني الايمو Emo باللغة الانكليزية الشخص المرهف الحس أو العاطفي ويتبع مقلدو هذه الظاهرة في الغرب نمطاً معيناً في الحياة يتمثل بالاستماع لموسيقى معينة وتسريحة شعر معينة وملابس سوداء رسم عليها صور لجماجم بشرية، وسراويل ضيقة جداً أو فضفاضة جداً، وأغطية المعصم.

 

وعن أسباب انتشار ظاهرة "الايمو" بين فئة الشباب العراقي تحدث الباحث الاجتماعي، حسن هاشم محمود، إلى أن الحروب التي مرت على البلاد " قد أفقدت الأجيال هويتها وأضعفت ثقتها في الحاضر والمستقبل، مما أدى إلى استيراد عادات اجتماعية دخيلة على المجتمع العراقي ومنها الايمو".

Irak-Experte Khaled Al Muhana
الباحث الاجتماعي، حسن هاشم محمودصورة من: DW

ويقول محمود في حوار مع DW إن "شريحة الشباب باتت تتأرجح وسط الثورة المعلوماتية التي نعيشها اليوم مما دعا بعضهم إلى نسخ ثقافة الغرب دون النظر إلى تقاليد مجتمعنا الشرقي"، منوهاً إلى إن "هذه الفئة تفتقد إلى القدوة الحسنة". وطالب الباحث الاجتماعي العراقي بضرورة احتواء "الايمو" بفتح مراكز الاجتماعية لهم وتأهيلهم "من أجل إعادة دمجهم في آسرهم والمجتمع وبعيداً عن العزلة التي يعيشوها".

الداخلية العراقية تنفي

لكن رغم الحديث عن عشرات القتلى من شباب الايمو نفت وزارة الداخلية العراقية وجود أي حالات قتل أو اعتداء قد طال هذه الفئة من الشاب ، وبينت أنها إشاعات تهدف إلى تحقيق اجندات فردية وسياسية مفادها أن "العراق يتجه نحو الديكتاتورية وتضييق الحريات".

واتهمت قيادة عمليات بغداد في 11 آذار/ مارس الجاري بعض الجهات بالترويج للأنباء حول استهداف شباب الايمو، بغية تعطيل القمة العربية المقرر عقدها في بغداد نهاية الشهر الجاري، مؤكدة عدم تسجيل أي حالة قتل استهدفت هؤلاء الشباب.

DW التقت معاون المدير العام للعلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، العميد خالد المحنة، لسؤاله عن هذا التضارب في الأنباء. أوضح المحنة أن "ما أثير مؤخراً عن مقتل شباب الايمو في العراق هي إشاعة مغرضة".

وعن ما عرضته وسائل الأعلام من صور قيل أنها صورة تعود لشاب من هذه الفئة في مدينة الصدر، تم بتهشيم رأسه بـ"البلوكة"، رد المحنة بالقول: إن "تحقيقاتنا توصلت إلى إن المجني عليه قتل لعداوات شخصية وليس لكونه من الايمو"، وأضاف بالقول بأن وزارته سوف "تتوصل للجناة وتحاسبهم".

مناف الساعدي ـ بغداد

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد