1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوكرانيا – هكذا تسمم الأسلحة التربة والمياه حتى بعد الحرب!

١٠ مارس ٢٠٢٣

تحتوي ذخيرة الحرب على الرصاص والزئبق ومادة "تي إن تي". وحتى لو انتهت الحرب في أوكرانيا اليوم، فإن هذه المعادن الثقيلة السامة والمتفجرات ستبقى مع عواقب غير معروفة على الناس والحيوانات والطبيعة.

https://p.dw.com/p/4ORN6
الحرب في أوكرانيا
لا تترك الحروب ورائها الدمار والكثير من القمامة فحسب، بل تترك أيضًا الكثير من السموم.صورة من: Ximena Borrazas/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance/dpa

تنعقد الآمال في أن تنتهي الحرب في أوكرانيا في وقت ما. ثم تنتهي الانفجارات القاتلة من الصواريخ والقنابل - لكن أسلحة الحرب لم تستنفد بعد إمكاناتها التدميرية. لأن القنابل اليدوية والألغام وغيرها من المقذوفات المتفجرة تدمر المباني وتطلق الأسبستوس. الأسلحة تصيب مصافي النفط، والمواد الكيميائية تتسرب إلى الأرض وإلى المجاري المائية. لكن ليس هذا فقط: الذخيرة نفسها مليئة بالمواد الكيميائية السامة، وستبقى في التربة.

وفقًا لوكالة رويترز، يُقال إن 10.5 مليون هكتار على الأقل من الأراضي الزراعية في أوكرانيا ملوثة بالمواد الكيميائية. وبمجرد وصول المواد الكيميائية إلى الماء أو إلى التربة، ستصل عاجلاً أم آجلاً إلى البشر عن طريق النباتات أو الحيوانات أو مياه الشرب. على الأقل هذا ما يفترضه علماء المواد السامة. ولا تزال المعرفة الموثوقة حول كيفية تصرف المواد في التربة وتأثيرها من هناك على صحة الإنسان مفقودة في العديد من الأماكن.

تحتوي الذخيرة على متفجرات ومعادن ثقيلة

يقول البروفيسور إدموند مازر، مدير معهد علم السموم في مستشفى جامعة كيل الألمانية: "لقد بدأنا الآن فقط في التعامل مع الذخائر الموجودة في البحر". على الرغم من العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، فإن هذه التحقيقات تسمح باستنتاج واحد هو: المواد الكيميائية السامة ليست أخبارًا جيدة للكائنات الحية".

في قاع البحر في الأجزاء الألمانية من بحر الشمال وبحر البلطيق فقط، هناك 1.6 مليون طن من ذخيرة الحرب التي تصدأ، كما يضيف البروفيسور مازر لـDW. يطلق الصدأ للأسلحة كوكتيلًا سامًا في الماء يعرض النظام البيئي البحري للخطر ويصل في النهاية إلى أطباق أولئك الذين يأكلون المأكولات البحرية.

ملايين أطنان ذخائر الحرب العالمية الخطرة ببحار أوروبا

"تي إن تي" مادة مسرطنة

المواد الخطرة في الذخيرة هي المتفجرات والمعادن الثقيلة. وتشمل المتفجرات مادة "تي إن تي"، التي تنتمي إلى مجموعة نيترواروماتكس المعروفة بقوتها التفجيرية. ويقول مازر: "نعلم من دراسات التغذية على الجرذان والفئران أن مادة تي إن تي شديدة السمية".

لاحظ علماء السموم أيضًا في البحر أن مادة "تي إن تي" المنبعثة من الذخائر الملقاة تلحق الضرر بالحيوانات في المنطقة: "تضعف مادة تي إن تي تكاثر الحيوانات البحرية ونموها وتطورها"، كما يقول مازر، الذي يضيف: "نعلم أيضًا من الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن مادة تي إن تي والمتفجرات الأخرى مسببة للسرطان".

الزئبق والزرنيخ والرصاص يدمرون الخلايا

ينطبق هذا أيضًا على بعض المعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والكادميوم، وهي أيضًا مسببة للسرطان. ويوضح مازر: "توجد المعادن الثقيلة مثل الزئبق بشكل أساسي في أجهزة التفجير، حيث يعمل الزئبق على ضمان أن مادة متفجرة مثل مادة تي إن تي تنفجر بسرعة أكبر". الزئبق هو أيضا أحد المعادن الثقيلة ويسبب تلف الخلايا العصبية. "يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تشوهات خلقية لدى الأطفال الذين لم يولدوا بعد"، كما يقول مازر. ويمكن أن يكون للرصاص تأثير مماثل ويؤدي إلى اضطرابات النمو والإجهاض.

تقول كاترينا سميرنوفا من معهد سوكولوفسكي لعلوم التربة والكيمياء الزراعية التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا، وهي إحدى المؤسسات العلمية الرائدة لعلوم التربة وحماية التربة في أوكرانيا، إن عينات التربة من منطقة خاركيف أظهرت بالفعل زيادة في تركيز المعادن الثقيلة المسببة للسرطان مثل الرصاص والكادميوم. وتوضح زميلة سميرنوفا، أوكسانا نايديونوفا، عالمة الأحياء الدقيقة في معهد سوكولوفسكي، أن المعادن الثقيلة لها تأثير سلبي على نشاط البكتيريا في التربة وتقول: "إنها تمنع نمو النبات وإمدادات المغذيات الدقيقة، مما يساهم في الاضطرابات الفسيولوجية ويقلل من مقاومتها للأمراض".

صنع في ألمانيا - تحديات عالمية: الحرب وحماية البيئة

ومع ذلك، فإن المواد الكيميائية لا تبقى بالضرورة في التربة. وقال مازر إن مادة تي إن تي على سبيل المثال، يمكن أن تنتقل بواسطة الرياح. ومياه الأمطار يمكن أن تصل إلى المواد الأعمق في التربة. ويوضح عالم السموم: "قد تجد المواد طريقها بعد ذلك إلى المياه السطحية، ومن ثم تلوث الجداول والأنهار والبحيرات". 

من خلال بحثه في بحر الشمال وبحر البلطيق، يشتبه مازر في أن المواد الكيميائية تتراكم على طول السلسلة الغذائية ويقول: "نحن قلقون من أن البشر كمستهلكين نهائيين معرضون للخطر إذا أكلوا مثل هذه الأسماك الملوثة".

أو يتسرب المطر بعيدًا وتتسرب المواد إلى المياه الجوفية بهذه المياه المتسربة. "إذن تصبح مياه الشرب في خطر"، كما يقول مازر. ومع ذلك، يمكن أن تساهم المياه المتسربة أيضًا في توزيع الزئبق وما شابه ذلك في التربة وامتصاصه بواسطة النباتات. عندما يتعلق الأمر بالحبوب أو الخضار، فإن المواد الكيميائية ينتهي بها المطاف في جسم الإنسان بهذه الطريقة.

أرض محروقة إلى الأبد؟

يحسب عالم السموم إدموند مازر فإن البحر الأسود سيكون على الأرجح في حالة مشابهة لحالة بحر الشمال وبحر البلطيق بعد هذه الحرب: بحرا مليئا بالذخيرة السامة التي يسهل نسيانها.

ويبحث عالم السموم وفريقه عن حلول لإزالة مادة تي إن تي السامة من البحر. "لدينا أمل في أن تتمكن البكتيريا من فعل ذلك". ومع ذلك، لم يعثر الباحثون بعد على بكتيريا يمكن استخدامها بشكل منهجي. وستبقى مشكلة المعادن الثقيلة.

يقول مازر إنهم قد يكونون قادرين على حفر الطبقات العليا من التربة لاستخراج المعادن الثقيلة ومادة تي إن تي باستخدام طرق مختلفة لجعل التربة قابلة للاستخدام مرة أخرى والتخلص من المواد الكيميائية. ومع ذلك، فإن هذه التدابير العلاجية باهظة الثمن وتستغرق وقتًا طويلاً.

ويقول الخبراء من معهد سوكولوفسكي لعلوم التربة والكيمياء في أوكرانيا: "وفقًا للتقديرات العامة الأولية، فإن إجمالي الأضرار والخسائر التي لحقت بالأراضي في أوكرانيا تزيد عن 15 مليار دولار أمريكي". وفي حالة المعادن الثقيلة، يعني "التخلص" منها هو تخزينها في مكان آمن. لأنه، كما يقول عالم السموم مازر، لا يزال المعدن الثقيل معدنًا ثقيلًا لا يمكنك التخلص منه بعد الآن".

يوليا فيرجين/ترجمة: زمن البدري/ص.ش