1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألبانيا- بين العزلة الشيوعية والانفتاح الرأسمالي

فيبكه فويارزنغر/ نهلة طاهر٤ نوفمبر ٢٠١٢

يعد التنوع البيولوجي في ألبانيا فريدا من نوعه في أوروبا، وقد ساعدت العزلة التامة التي كانت تعيشها البلاد حتى التسعينيات في الحفاظ عليه. لكن الانفتاح الذي بدأ في عام 1992 يهدد ذلك التنوع.

https://p.dw.com/p/16YGg
الأمطار الغزيرة إحدى تبعات التغير المناخيصورة من: ddp images/AP Photo/Hektor Pustina

عند إجراء مقارنة بيئية على المستوى العالمي، تحتل ألبانيا مكانة جيدة، حسب تقييم الأداء البيئي السنوي الذي تقوم به جامعة ييل الأمريكية عبر "مؤشر الأداء البيئي" لحوالي 163 دولة، ففي عام 2012 احتلت ألبانيا المركز الخامس عشر. ذلك البلد الأوروبي الصغير جاء بعد ألمانيا التي احتلت المركز الحادي عشر، وتفوق بذلك بكثير على الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلت المركز التاسع والأربعين. هذه المكانة الجيدة، والتي يتم تحديدها من خلال عوامل مختلفة مثل وضع البيئة ونقاء الهواء والمياه والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية والطاقة، لا ترسم صورة دقيقة تماما عن ألبانيا، فهذا البلد يستفيد من حالة السكون أو الركود ليبقي على حالهحتى الآن. ولفهم هذا، لا بد من إلقاء نظرة على التاريخ الغني للبلاد، كما يقول هيرمان بلوم، مدير مشاريع حماية المناخ في ألبانيا، والتي تقوم الجمعية الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)بدعمها.

منذ منتصف الستينيات بدأت ألبانيا الشيوعية آنذاك بعزل نفسها سياسيا بشكل متزايد، مثلا من خلال قطع علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي أو الصين. وتسبب هذا في انقطاع واردات البلاد بما في ذلك واردات الوقود الأحفوري. ونظرا إلى أن ألبانيا نفسها لا تملك إلا القليل جدا من المواد الخام لإنتاج الطاقة، لم يكن أمامها سوى استخدام مصادر مياه وفيرة لتوليد الكهرباء. وقد تم بناء العديد من السدود الكبيرة، والتي تغطي اليوم كافة احتياجات البلاد تقريبا من الطاقة.ولأن الطاقة المائية تعد من مصادر الطاقة الخضراء، فإن ألبانيا حافظت على موقعها في صدارة قائمة البلدان المنتجة لهذا النوع من الطاقة.

Enver Hoxha
الديكتاتور الشيوعي إنفر هوكسها عزل شعبه عن العالمصورة من: dpa - Bildfunk


مافيا النفايات

لكن الواقع ليس أخضرا إلى هذه الدرجة كما يبدو،فعلى سبيل المثال، يدفع الفرد الألباني ما يقرب من خمس راتبه للتخلص من القمامة، ومع ذلك فإن هذا لا يعني أن النفايات تجمع بشكل منظم، كما تقول الراهبة السويسرية كريستينا فيربر التي تعمل منذ سنوات في مجال حماية البيئة. ولا يرجعالسبب وراء ذلك إلى غياب البنية التحتية فحسب، ولكن أيضا إلى وجود عصابات المافيا التي تعمل في مجال التجارة غير المشروعة بالنفايات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السكان في ألبانيا بشكل عام لا يتمتعون بالحساسية الكافية حيال قضايا البيئة كما تشكو فيربر التي تلقي بالمسؤولية على الثقافة الاستهلاكية التي تطغى على المجتمع منذ التغيير السياسي الذي حدث في التسعينيات. وكما توضح فيربر فإن "السلوك الاستهلاكي في أوروبا انتقل إلى هنا أيضا، فنجد الأكياس البلاستيكية مثلا تتراكم، دون اتباع أسلوب سليم للتخلص منها."

Müll in der Natur
مكبات عشوائية للنفايات تلحق الضرر بالبيئةصورة من: CC/Jason Rogers

وفي المدن الكبيرة لا يزال السكان يعانون من جراء تلوث الهواء بشكل متزايد. وفي ألبانيا نجد أعلى كثافة في العالم لسيارات مرسيدس، إلا أننا بالكاد نجد سيارة من هذه السيارات بعمر أقل من 20 عاما. الأدخنة المنبعثة من عوادم تلك السيارات تلحق ضررا كبيرا بالبيئة وتسبب أيضا صعوبات في التنفس وذلك لأن الوقود المستخدم غير مكرر بشكل جيد، وهذا هو الحال كذلك بالنسبة للمنشآت الصناعية القديمة، ولا سيما تلك التي تعمل في إنتاج الحديد الصلب. وينتج قطاع الصلب - وهو من أكبر القطاعات الصناعية في ألبانيا- 659 ألف طن من الصلب سنويا. وفي عام 1998، حصلت شركة كروم Kürümالتركية القابضة على تعاقدات ألزمتها بضمان تغطية احتياجات البلاد من الصلب على المدى الطويل. لم تتم صيانة المصنع أو تحديثه كما يجب، كما حدثت مشاكل الوزارات المختلفة، بسبب عدم احترام القواعد البيئية.

Mercedes Benz in Albanien
بالنسبة للكثير من الألبان يجب أن تكون السيارة الأولى من طراز ميرسيدسصورة من: ddp images/AP Photo/Hektor Pustina


الفيضانات تهدد المنطقة

Albanien Überschwemmung 1
97 في المئة من الكهرباء في ألبانيا تنتج عبر الطاقة الكهرومائيةصورة من: ddp images/AP Photo/Hektor Pustina

يمر نهر درين Drinعبر شبه جزيرة البلقان، ويعتمد سكان كوسوفو ومقدونيا والجبل الأسود وألبانيا على مياهه. وبالإضافة إلى إقامة السدود للري وصيد الأسماك وعلى الجانب الألباني من درين، يتم الاعتماد أيضا على مياه النهر في توليد الكهرباء في ثلاث مناطق تطل على البحيرات الكبرى. وهناك ينشب الخلاف بين الدول التي يمر بها النهر، ووفقا لدراسة أجرتها لجنةCLIWASEC بتكليف من المفوضية الأوروبية، فإن حدة الخلاف ستتزايد في السنوات المقبلة، بتزايد حدة ظاهرة التغير المناخي، وعلى بلدان شبه جزيرة البلقان أن نتوقع في المستقبل ارتفاع درجات الحرارة على مدار العام، وهطول الأمطار أقل بكثير من السنوات السابقة. من ناحية أخرى، تمثل الفيضانات وخاصة في فصل الربيعتهديدا للمنطقة.

وكما يقول يان هيرزبيرغ، طالب الهندسة البيئية الذي كلفته الجمعية الألمانية للتعاون الدولي GIZبالعمل في منطقة حوض نهر درين، فإن "تغير المناخ يؤدي إلى ذوبان الجليد في الجبال في وقت مبكر مما كان يحدث في الماضي، هذا بالإضافة إلى الأمطار الغزيرة التي تهطل فجأة، الأمر الذي يستوجب فتح السدود الثلاثة كلها في وقت واحد لتفريغ فائض المياه. وعواقب هذا الأمر بدت واضحة بجلاء، حيث اضطر مؤخرا حوالي 14 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم، بعد أن جرفت الفيضانات القرى ودمرت الحقول.

وحاليا تعمل الجمعية الألمانية للتعاون الدوليGIZ على تركيب نظام مشترك للإنذار المبكر من الفيضانات في البلدان المطلة على نهر درين. وكما يقول رئيس المشروع هيرمان بلوم فإن "السيطرة على مشاكل الفيضانات، تطلب جلوس ممثلي الجماعات العرقية المتنازعة في السابق على طاولة واحدة، والجميع يسير الآن على الطريق الصحيح. لكن المشكلة الرئيسية هي أن النقاش حول هذه القضية لا يأخذ حيزا في أوساط الرأي العام، وحماية المناخ ليست قضية تحظى باهتمام وسائل الإعلام والسياسيين في ألبانيا."

حركة الشباب البيئية


سيهيمالماتو وهو من أوائل الناشطين الألبان في مجال حماية البيئة، يسعى إلى مواصلة الجهود المبذولة للسيطرة على مياه الفيضانات، وهو يعمل مديرا تنفيذيا لمنظمة إيكو ليفيدجيا Eko-Lëvizjaالمشكل من تجمع يضمالمنظماتالبيئية المحلية والأفراد الملتزمين.وكما يقول ماتو: " بالنظر إلىالوضعفي ألبانياوالأزمةالإيكولوجيةالمتوقعة،يتوجب علينا أن نبصر الشعوب بأن مستقبلهذه المنطقةيمكن أن يكونصعبا للغاية،وما تم فعله حتى الآنعلى مستوى التأقلم مع التغير المناخي غير كاف إطلاقا، وهناك الكثير من العمل بانتظار منظمتنا."

ويواصل القول: "على منظمتنا أن تلعب دور المعارضة الحقيقيةللسياسةالبيئيةالمتبعة حاليا، ويجب علىالمنظمة أنتقف ضد أن المشاريع الكبرىالمثيرة للشكوك، وأيضا رصدالتنمية الصناعية فيالبلاد. ولكنالأهم هو أن نوضحللشعبأن هاك أيضا سبلا مختلفة أخرى للتنميةـأكثر رفقا بصحة البيئة."