مُعاقو غزة...هُمومٌ ومعاناة
١٨ ديسمبر ٢٠١٠مروة فتاةٌ في بداية العقد الثاني من عمرها ، ذاتَ وجه جميل، معنوياتها مرتفعة ، لم تفارق الابتسامة وجهها. أتحدث معها داخل إحدى جمعيات المعاقين في غزة، وهى على كرسي متحرك .تحكي لي مروة أنها من جرحى الحرب الأخيرة في غزة. لاحظت ساقيها المبتورتين،فاختفت ابتسامتها! فهي تعاني من" نظرة المجتمع إليها كونها معاقة،وتحطم آمالها في الزواج "، كما تقول لي و الألم يعتصرها.ومن مفارقات الأقدار ما حصل لهاني مقداد منسق العلاقات العامة في جمعية "صُنّاع الحياة للمعاقين" في غزة، حيث أصيب بالإعاقة نتيجة إصابته في الحرب.وفى لقاء مع دويتشه فيله ،وصف هاني حالته في البداية بالـ"خطيرة جدا "والتي أدخلته في غيبوبة لعدة أيام ،ليجَدَ نفسه مصابا بشلل نصفى ،وشظايا في الدماغ والوجه ما زالت مستقره حتى اللحظة، مضيفا " الآن فقدت عملي في الجمعية بسبب الإصابة". أما الحاجة أُم احمد فسارعت بالشكوى لي من أن أبناءها الثلاثة ،الذي يعانون من ضمور في الأطراف، لم تقبلهم مدارس الأونروا ،قائلة :"وَهَبت نفسي لرعاية أولادي ،وألاقى عدم اهتمام من مؤسسات المعاقين،والناس تنظر إلينا بشفقه،وعندي هموم ومعاناة تملأ بلدا ". وفى إحدى مؤسسات الصم والُبكم،تحدثت بالإشارة إلى الطفل هيثم ذو الأحد عشر ربيعا، ضحك!! ففهمت أنني لا أجيد التخاطب بالإشارة، تدَخَل فني التأهيل قائلا :"سيفهمك من خلال تحريك شفتيك ،نحن نعلمهم ذلك ".ومن خلال الجلسة عرفت أن أمل هيثم في أن يصبح طبيبا للمعاقين،فقال فني التأهيل :" للأسف فرص عمل المعاقين في مجتمعنا معدومة تماما! ".
حصارٌ لم يَسْلم منه المعاقون
الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من خمس سنوات طَال المعاقين أيضا. فكثيرا ما حُرموا من العلاج في الخارج.فالسيدة ناهده أبو دان المسئولة في الجمعية الوطنية لتأهيل المعاقين في حوار مع دويتشه فيله ،أكدت استعداد دول عربية وأوروبية قبول جرحى أصيبوا بإعاقات ،ضاربةً مثلا لي " هناك طفل تعرض لإصابة في الدماغ .مركز ألماني استعد لعلاجه ،إلا أن الحصار تسبب في إعاقة ذهنية للطفل ،لعدم تمكنه من السفر وتأخره في تلقي العلاج ".
ليس هذا فحسب، فهناك فريق رياضي للمعاقين مُنع من المشاركة في دورات رياضية في الخارج.إلى ذلك يؤكد رئيس جمعية المعاقين حركيا في غزة الدكتور سمير أبو جياب أن" استمرار الحصار يعرقل تقديم الخدمات والأدوية المقدمة للمعاقين من الجمعيات في الخارج" .وأضاف سمير زقوت مدير وحدة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان أن:" تردى أوضاع المعاقين ناتج عن العراقيل الإسرائيلية في عدم إدخال الأدوات الطبية والتأهيلية اللازمة للمعاقين ،ومنع وعرقلة علاج المئات منهم ،مما يزيد من سوء حالاتهم المرضية والنفسية".
"أُنظر إلي قُدْرتي ..لا إلى إعاقتي"
هذا الشعار أطلقه المعاقون في القطاع بكافه أنواع إعاقاتهم. بعضهم يحاول الحصول على كرسي في البرلمان عبر ترشحهم في الانتخابات التشريعية الفلسطينية ، ومنهم من يحاول أن يطرق أبواب المؤسسات والوزارات الحكومية ،لعله ينتزع حقوقه المسلوبة ،ومنهم من يشارك في بطولات رياضية ،كألعاب القوى التي شاركت فيها سبع عشرة مؤسسة تُعني برياضة المعاقين، ممثلة في 315 لاعب من فئات الإعاقة الحركية والبصرية والسمعية والشلل الدماغي والصعوبات التعليمية.
مطالبات بتفعيل قانون "حقوق المعاق"
وقد كَشفتْ مؤسساتُ وجمعياتُ المعاقين في إطار اليوم العالمي للمعاقين(3 ديسمبر) أن نسبه المعاقين في قطاع غزة وصلت إلى4,5% من مجموع السكان ،ليصبح عددهم نحو 70ألف معاق ،600 منهم نتيجة الحرب الأخيرة في غزة، وسط مناشدات بتطبيق قانون المعاقين.وعن قانون المعاقين أكدت ناهده أبو دان المسئولة في الجمعية الوطنية لتأهيل المعاقين بأنه وفق القانون رقم 4 لعام 1999يجب على الوزارات والمؤسسات الحكومية توظيف نسبه 5% من المعاقين.إلا أن" هذا القانون لم يُطَبق بعد"، كما تؤكد.وقد روت لي قصة معاقة في جمعيتهم تحمل شهادات عُليا، توجهت إلى إحدى الوزارات لطلب وظيفة ،فما كان منهم إلا أن استهزئوا بها،قبل طردها. وعن أعداد المعاقين تضيف السيدة ناهده، أن لدى جمعيتهم، وجمعية الإغاثة الطبية 40379 معاق في القطاع، من إجمالي 70000 معاق في قطاع غزة ليسجل قطاع غزة بذلك"أعلى نسبة معاقين في العالم".
شوقي الفرا – غزة
مراجعة: هبة الله إسماعيل