1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

من عبوات الوجبات إلى الأواني.. مواد سامة تتسلل إلى أجسامنا

٢٧ يونيو ٢٠٢١

يحذر علماء من مواد سامة قد تجدها في كل مكان، بدءا بعبوات الوجبات السريعة والأطعمة المجمدة، مرورا بأواني القلي وانتهاء بالملابس. مراسل DW تيم شاونبيرغ أراد أن يقطع الشك باليقين، فأجرى اختبارا يتعقب هذه المواد في جسده.

https://p.dw.com/p/3v70Q
Blutabnahme
أجرى مراسل DW  تيم شاوينبيرغ تحاليل طبية لتحديد مقدار مواد PFAs  الكيمائية السامة في جسده صورة من: Cem Adam Springer

تحتوي عبوات لأطعمة المجمدة والوجبات السريعة وأواني القلي غير اللاصقة وبعض الملابس على مواد كيميائية سامة تعرف بـ "المواد الكيميائية إلى الأبد" (PFAs)، وتتألف هذه المواد الكيميائية من سلسلة من ذرات الفلور وخطرها أنها لا تتحلل في البيئة ما تشكل خطرا على صحتنا.

وصف رولاند ويبر - مستشار بيئي لدى الأمم المتحدة – هذه المواد باعتبارها من أكثر المواد الكيميائية المخترعة تهديدا على صحة الإنسان. ويندرج تحت تصنيف المواد الكيميائية السامة التي تعرف بـ PFAs أكثر من 4500 مادة من صنع الإنسان وتوجد في كل مكان حولنا: في التربة ومياه الشرب والأطعمة الحيوانات وحتى داخل أجسامنا.

Tablett mit Abfällen und Verpackungsmüll Mc Donalds Restaurant in Hofheim Wallau
تحتوى أغلفة الوجبات السريعة على مواد PFAs  الكيمائية ما دفع  ماكدونالدز إلى التخلص من الأمر تدريجيا بحلول 2022.صورة من: Ralph Peters/imago images

هل توجد هذه المواد في جسدي؟

احتوت أجسام 98 بالمائة من الأمريكيين على مواد PFAs السامة في الدم، فيما كشفت دراسات في الهند وإندونيسيا والفلبين العثور على هذه المواد في جميع عينات حليب الأمهات التي تم اختبارها. وفي ألمانيا، تم التوصل إلى أن كل طفل يحتوي جسده على مواد كيمائية دائمة، وفي خُمس الحالات تجاوزت التركيزات المستويات الحرجة.

وهذا الأمر دفع مراسل DW  تيم شاوينبيرغ إلى التفكير في تحديد مستويات مواد PFAs في جسده. بيد أن الأمر ليس بالعمل السهل إذ يتعين عليه الذهاب إلى مختبرات متخصصة في هذا الشأن وهي قليلة العدد حتى في ألمانيا لإجراء الاختبارات الضرورية. وفي النهاية، وجد ضالته في مختبر بمدينة إرلنغن جنوب ألمانيا وهو المكان الذي سيساعده في تحديد مستويات مواد PFAs الكيمائية في جسده.

عثر على مواد PFAs  الكيمائية السامة في كافة أنحاء العالم لكن التلوث يكون خطيرا قرب المصانع
عثر على مواد PFAs  الكيمائية السامة في كافة أنحاء العالم لكن التلوث يكون خطيرا قرب المصانعصورة من: Greenpeace

أرسل شاوينبيرغ عينة من دمه إلى المعمل وتم تحليلها من أجل تحديد مواد PFAs الكيمائية خاصة PFOA و PFOS التي يمكن أن تضر بالكبد أو الكلى وتقلل الخصوبة عند الرجال وتؤثر على حجم الأطفال حديثي الولادة وحتى يمكنها ان تؤثر على اللقاحات.

وفي حالة وجودها في جسم الإنسان بمستويات عالية يمكنها أن تسبب في الإصابة بالسرطان كما كشفت دراسات حديثة عن علاقة بين هذه المواد الكيمائية وبين حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا.

وجاءت نتائج المختبر لعينة الدم الذي أخذت من شاوينبيرغ لتشير إلى أن جسده يحتوى على أربعة نانوغرام من PFOA و PFOS لكل لتر من دمه. ولتقريب الأمر، فإن هذا يمثل حوالي جزء من الألف من وزن حبة الرمل ما يعني أن جسد شاوينبيرغ يحتوى على مواد PFAs الكيمائية أقل بكثير من المستويات الحرجة، وبما يتماشى مع المتوسط الألماني.

وقال توماس غوين - الباحث الألماني الذي أجرى التحاليل- إن النتائج تشير إلى أن هذه المستويات من مواد PFAs الكيمائية لا تشكل خطرا على صحة شاوينبيرغ وفقًا للأبحاث العلمية الحالية. ورغم ذلك، أكد الباحث على أن الأمر ليس بهذه البساطة، مضيفا "المشكلة الرئيسية أن هذه المواد ربما في نهاية المطاف قد تتراكم في جرعة لتزداد نسبة تركيزها".

عثر على مواد PFAs  الكيمائية في أجسام الدببة القطبية
عثر على مواد PFAs  الكيمائية في أجسام الدببة القطبيةصورة من: Brent Stephenson/Nature Picture Library/Imago Images

وتكمن مشكلة المواد الكيميائية السامة التي تعرف بـ PFAs أو  "المواد الكيميائية إلى الأبد" بأنها تتواجد في الجسم بشكل دائم إذ أنها لا تتحلل في الطبيعة ويخرجها جسم الإنسان ببطء شديد. ويعكف العلماء في الوقت الحالي إلى إيجاد سبل لتفتيتها إلا أنه لم يحسم الأمر بعد.

من القنبلة الذرية إلى المطبخ؟

يعود اختراع المواد الكيميائية السامة التي تعرف بـ PFAs تقريبا إلى عام 1938 عندما اخترعت شركة "داو دوبونت" الأمريكية أول مادة كيميائية من نوع  PFAs تعرف بـ  (PTFE) أو بولي تترافلورو إيثيلين.

وجاء ابتكار مادة بولي تترافلورو إيثيلين بسبب قدرتها على حماية المعادن من التآكل خلال درجات الحرارة المرتفعة بشكل لا يصدق لذا تم استخدامها في القنبلة الذرية الأولى. لكن سرعان ما ظهرت مادة بولي تترافلورو إيثيلين في المنازل في كافة أنحاء العالم، إذ استخدمت كطلاء قوي لأواني القلي ما عُرف لاحقا باسم تفلون (Teflon) وهي مادة تجارية تجعل الأطعمة تنزلق من المقلاة بسهولة.

تم استخدام أول مادة يتم اختراعها من مواد PFAs  الكيمائية في صناعة القنبلة الذرية
تم استخدام أول مادة يتم اختراعها من مواد PFAs  الكيمائية في صناعة القنبلة الذريةصورة من: picture-alliance/CPA

وازداد انتشاره بمرور الأعوام، لكن عام 1998 مثل نقطة مفصلية في تاريخ استخدام تفلون إذ تم اكتشاف أن الأبقار في مزارع الماشية قرب مصنع خاص بـ "تفلون" في ولاية ويست فرجينيا الأمريكية، بدأت تمرض وتضمر وتسقط ميتة.

من جانبه، شدد روبرت بيلوت – المحامي الذي رفع دعاوى ضد شركة دوبونت منذ فترة طويلة بسبب الأضرار التي لحقت بمزارع الماشية في منطقة باركرسبورغ بولاية ويست فرجينيا، على خطورة الأمر. ويقول في هذا السياق "عُثر عن خروج ماء رغاوي بلون أبيض من مكب نفايات بجوار المزرعة." وانتهى الأمر إلى أن الآلاف من سكان المنطقة قد تلوثوا بمواد PFAs  الكيميائية من خلال مياه الصرف وتسرب النفايات من مصنع "تفلون" القريب.

تشير وثيقة داخلية تعود إلى عام 1970 إلى أن شركة دوبونت  تعرف مخاطر إنتاج مادة التفلون
تشير وثيقة داخلية تعود إلى عام 1970 إلى أن شركة دوبونت  تعرف مخاطر إنتاج مادة التفلونصورة من: Ewige Chemikalien, Forever Chemicals, DuPont

وأظهرت الوثائق أن شركة دوبونت كانت تعرف هذه المخاطر لعقود، لكنها استمرت في تصريف المواد السامة في البيئة. وفي ذلك، أشارت الدراسات إلى أن المستويات العالية من مواد PFAs  الكيمائية في منطقة باركرسبورغ مرتبطة بارتفاع حالات الإصابة بسرطان الكلى والخصية. وفي عام 2017، وافقت شركة دوبونت بدفع تعويضات قدرها 671 مليون دولار للضحايا بسبب الأضرار الصحية التي لحقت بهم.

خطوة في الطريق الصحيح

ومع ما تم كشفه من مخاطر صحية جراء استخدام مواد PFAs  الكيمائية السامة، تزايدت الضغوط على المستوى العالمي من أجل حظرها. فعلى سبيل المثال، قررت كبرى مصانع الملابس مثل فود زبارامو وروتوف الالتزام بإزالة هذه المواد من الملابس التي تقوم بصناعتها.

وقررت شركة "إيكيا" السويدية العملاقة المتخصصة في الأثاث، حظر استخدام مواد PFAs  الكيمائية السامة. ودوليا، تسعى دول مثل ألمانيا والدنمارك والنرويج والسويد إلى حظر استخدام مواد PFAs  الكيمائية السامة في دول الاتحاد الأوروبي بحلول 2030.

تيم شاوينبيرغ / م.ع

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات