1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مستقبل الحرية في العالم العربي

٣١ مارس ٢٠١١
https://p.dw.com/p/RE9F
المؤسسات الالمانية:خبرة عريقة في الديمقراطيةصورة من: AP

"هل المستقبل للحرية؟ ما هي الصحوة الديمقراطية في العالم العربي" ؟

وزير الدولة فيرنرهويار حاول الإجابة عن هذه الأسئلة ومحاور أوسع تتعلق بها في إطار الحلقة النقاشية لمؤسسة فريدريش نومان المانحة.

بداية غير متوقعة

في الخامس من يناير/ كانون ثان 2011 توفي في تونس محمد بوعزيزي عقب قيامة بإحراق نفسه، وكان عمره في ذلك الوقت 26 عاماً. كانت فعلته هذه تدل على اليأس الذي أصابه. لقد يأس من انعدام الأفق فيما يتعلق بحياته وقدراته. لقد يأس من تعسف أجهزة كان من المفترض بها أن ترعى سيادة القانون.

إن موت الشاب محمد بو عزيزي قد أطلق شرارة لا يزال يشهدها العالم حتى يومنا هذا، حيث ترتب على موته مظاهرات عاتية في تونس قام بها من رأوا فيه وفي القدر الذي أصابه انعكاساً لذواتهم.

ثم توالت الأحداث في مناطق أخرى من العالم العربي، وفي غضون ذلك نجد أنفسنا في مواجهة موقف يبدو مخالفاً عما كنا نعتاده منذ عقود.

لم يكن أحداً قبل بضعة أشهر يستطيع أن يرسم هذا السيناريو لدول في العالم العربي يتأرجح فيها الاستقرار. لقد كانت المؤشرات ذات الطبيعة الديموغرافية والاقتصادية والسياسية معروفة لدينا.

لم يدر ببال أحد – لا وزارة خارجية ولا مخابرات ولا أي مؤسسة فكرية جادة – أن يكون موت أحد الشباب في تونس في تأثيره مساوياً لما يقوله المثل الشعبي القشة التي قسمت ظهر البعير.

إنني لا أستبعد أن تكون أحد مسببات هذا الأمر أن معيار الاستقرار كان ينظر إليه العالم الغربي لمدة طويلة بإعجاب عظيم على الدرجة التي سمحت بالتعتيم على التوترات الآخذة في الغليان في المجتمع تحت السطح الظاهر للأعين.

من يجرؤ على التنبؤ؟

واليوم يكون قد مر ثلاثة أشهر على بداية ما سيصفه كثيرون بالفعل في أثناء إعدادهم كتب التاريخ القادمة بـ"الثورة العربية".

رأينا أن أحداث هذا العام في بلدان مثل تونس ومصر قد لاقت فرصة كبيرة، في الوقت الذي يتصاعد فيه العنف بدرجات متفاوتة في أجزاء أخرى من العالم العربي في ظل غياب نهاية واضحة المعالم. وسيجانبنا الصواب إذا حاولنا التنبؤ بكيفية تطور هذه الأوضاع على اختلافها.

إننا في غمار هذه العملية والصورة مختلطة ومقترنة بمخاطر، إلا أنها قبل كل شئ صورة تحمل فرصاً عظيمة الشأن. وهناك فرصة لاستبدال النظم الاستبدادية بما لها من أجهزة أمنية تستحوذ على السلطة بشكل مطلق بهياكل ديمقراطية تحكمها سيادة القانون. كما أن هناك فرصة متاحة لتحديث اجتماعي شامل تنظر فيه النخب السياسية إلى مهمتها على أنها تحمل المسؤولية تجاه المجتمعات ككل. فضلاً عن ذلك فإن هناك فرصة لاستغلال الثروة التي يتمتع بها جيل شاب ووطني وفي الوقت ذاته منفتح على العالم، حينما نفتح أمامه آفاق المستقبل من خلال القيام بمجموعة من الإصلاحات الهيكلية. وأخيراً وليس آخر فإن هناك فرصة للارتقاء بالعلاقة ما بين أوروبا ودول العالم العربي إلى مستوى جديد في تميزه.

Deutsche Welle Werner Hoyer in der DW
وزير الدولة هويار في ستوديوهات دويتشه فيلهصورة من: DW



أوروبا تراقب المشهد

إن لأوروبا اهتمام أساسي بتطور العالم العربي نحو مزيد من سيادة القانون والديمقراطية واقتصاد السوق. ليس لأن أوروبا تتعالى على بقية العالم بكونها تعرف ما هو الطريق الصحيح.

بل لأننا – بعد متاهات مررنا بها عبر تاريخنا – قد اكتسبنا الخبرات الجوهرية التالية:

أوروبا هي الدليل الحي على أن الحرية والسلام والأمن والرخاء – بوصفها قيمة مضافة حقيقية – يمكن لها أن تتجدد من تلقاء نفسها دون أن يتم ذلك على حساب فقدان الآخرين للحرية والسلام والأمن والرخاء.

تعتبر كل من سيادة القانون والديمقراطية واقتصاد السوق الاجتماعية شروطا أساسية لنجاح ذلك، فهي بمثابة ضمانات لتنمية الفرد والمجتمع ككل وبذلك تكون مقوماً لتحقق أقصى قدر من الاستقرار الداخلي والخارجي.

ثورات أطلقها كل الناس

يجب ألا أن نوهم أنفسنا أن "الثورة العربية" تقتصر على المثقفين وحدهم. فكثير، بل ربما معظم الناس، يهمهم قبل كل شيء تحسين أمَس احتياجاتهم الأساسية – فالأمر يتعلق هنا بالخبز، بالعمل، بأدنى قدر ممكن من الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.

أما ما يوحد القوى المحركة المختلفة للحركات الإصلاحية فهو تلك الآمال الهائلة الكامنة في التحول إلى مزيد من الحرية وإلى دولة المؤسسات والقانون وإلى الديمقراطية. وهم يفعلون هذا ومعهم كامل الحق، ومع ذلك فإن نجاح هذه العملية غير مضمون بأي حال من الأحوال. هناك مقومان لا غنى عنهما:

أولا: لا بد أن تكون عملية الإصلاح التي مُهد لها في بلدين مثل تونس ومصر في يد عربية.

ثانيا: علينا بوصفنا أوربيين أن نكون مستعدين لتقديم مساعدة شديدة السخاء؛ فأسوأ ما يمكن أن يحدث في موقف مثل هذا هو أن يصاب هؤلاء الذين قادوا هذه العملية من البدء بخيبة الأمل إذا لم يروا في وقت معلوم تحسنا في ظروفهم الحياتية الشخصية والسياسية. وفي هذه الحالة يعظم خطر الانتكاس إلى الهياكل القديمة أو ربما التوجه إلى الجماعات الإرهابية. وهنا تستطيع أوروبا أن تساعد، بل يجب عليها أن تفعل هذا، وذلك:

- من خلال تنشيط السياحة حيثما كان هذا ممكنا

- من خلال استثمار الشركات الأوروبية التي تقدم للأيدي العاملة المؤهلة فرص العمل بما يحقق تبادل المنفعة.

- ولكن أيضا من خلال فتح الأسواق أمام السلع والخدمات.

فضلا عن ذلك يمكننا تقديم العون في عملية التحول الديمقراطي. إن تنظيم الجهود الرامية لتحقيق إصلاح دستوري وإجراء انتخابات جديدة في غضون بضعة أشهر في أنساق ديمقراطية يتطلب القيام بمجهودات سياسية هائلة من جانب كل المشاركين. لذلك عرضت الحكومة الألمانية أن تصاحب عملية صياغة القانون الدستوري بالمشورة لأننا لدينا في هذا المجال خبرات عظيمة وخاصة لدى مؤسساتنا السياسية.

إن منظمي هذه الأمسية يسألون: "هل المستقبل للحرية؟"

إنني متفائل. وأظن أننا قد وصلنا بالفعل إلى نقطة اللا عودة، وأننا لن نرى مرة أخرى عودة للأنظمة الاستبدادية التي لا تغادر مقاعد الحكم. لقد خرج مارد الحرية من قمقمه – والآن عليه أن يستوي على سوقه. وعلينا أن نقدم العون بكل ما أوتينا من قدره – متشبعين بقناعة العمل من أجل الحرية ومن أجل مصلحتنا المشتركة السامية.

مصدر النص: وزارة الخارجية الألمانية