مدينة غرداية – رمز للتعايش يهدده النزاع المذهبي
عاش الأمازيغ والعرب في مدينة غرداية الجزائرية لعدة قرون في سلام، لهذا عرفت المدينة بين الجزائريين كرمز للتعايش السلمي والتكافل بين المذاهب المختلفة. بيد أن التوترات الأخيرة أظهرت صورة معاكسة لهذا التعايش.
في عمق الصحراء الجزائرية تقع مدينة غرداية التي تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 600 كلم. وعرفت المدينة بين الجزائريين بعلاقة التعايش بين القبائل الأمازيغية المعروفين بإسم "بني مزاب" الإباضيين وكذلك قبائل من العرب المالكيين.
وتعرف مدينة غرداية رواجا اقتصاديا مزدهرا، إذ تتوفر على العديد من محلات الصناعات التقليدية وبيع الزرابي والأدوات النحاسية. كما يقام كل يوم جمعة سوق يعتمد على البيع بالمزاد العلني وتكتظ ساحة السوق القديم في المدينة بالزوار.
يشتهر سكان مدينة غرداية بمحافظتهم على عاداتهم وتشبثهم بالتقاليد، ويظهر ذلك بشكل واضح من خلال نمط حياتهم. إذ يحرص الإباضيون على تلقين معالم الدين وتحفيظ القرآن لأولادهم.
خلفت أحداث العنف الأخيرة خسائر مادية وبشرية كبيرة، وذلك جراء حرق عشرات المحلات التجارية والمنازل والسيارات وغيرها، في حين بلغت حصيلة القتلى 25 شخصا.
يرى أهل مدينة غرداية أن السبب وراء الأحداث الدامية الأخيرة لا علاقة له بالصراع المذهبي أو العرقي، وإنما هي نتيجة الأوضاع الاجتماعية المزرية والتهميش الذي يعيشه شباب المنطقة.
ويلعب وجهاء وشيوخ المدينة دورا مهما في تهدئة الأوضاع بالمنطقة، إذ يجتمعون لإيجاد حل لوقف الاشتباكات العرقية والمذهبية التي يخشون أن تتوسع دائرتها في المنطقة.
وعلى إثر أحداث العنف التي شهدتها المدينة، في8 يوليو/تموز 2015، سلم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مهمة الإشراف على إعادة السلم والهدوء في المنطقة إلى الجيش، كما أكد على ضرورة معاقبة مرتكبي الانتهاكات في حق الأفراد والممتلكات.