مأذونة شرعية ـ المغرب يسير على خطى مصر وتونس
٢٥ يناير ٢٠١٨رجل يلبس جلبابا مغربيا أبيضا، يضع فوق رأسه طربوشا أحمر اللون ويحمل مجلدا كبيرا تحت إبطه، هذه هي الصورة التي تتبادر إلى ذهنك بمجرد التفكير في الشخص الذي عقد قرانك أو وثق زواج أحد أقربائك في المغرب؛ المأذون المغربي. لكن الآن صار لك وللمغاربة الحق في تخيل "مأذونة" بدله، ويحق لهم أن يتذكروا معها اللباس الذي ارتدته والطريقة التي سألت بها الزوجين عن قبول بعضهما، لتشهد على أهم لحظة في حياة أي زوجين.
تونس السباقة
كانت البداية من تونس، حيث سُمِح للمرأة بأن تكون مأذونة شرعية أو "عدلة" منذ سنة 2007.
بعد ذلك بعام، قررت مصر أن تسمح للنساء بدخول مهنة المأذونية. وكانت أمل سليمان عفيفي أول امرأة تخترق هذا العالم الذي ظل حكرا على الرجال. وكان أول عمل تقوم به في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2008.
أما في الخليج، فالتجربة الإماراتية كانت الأولى. حيث عينت فاطمة العواني أول مأذونة شرعية في دائرة القضاء في العاصمة الإماراتية، أبو ظبي. ولم يأتي تعيينها متأخرا عن مصر بل في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر2008، أي شهر بعد بداية التجربة المصرية.
المغرب ينضم للركب
المغرب لم يسمح لنسائه بالعمل في هذا المجال، إلا بعد عقد من الزمن. وكان العاهل المغربي محمد السادس، قد سمح للمرأة في بالعمل في مهنة "عدل"، بعد قراره يوم 22 كانون الثاني/ يناير 2018.
وجاء القرار في بيان للناطق الرسمي باسم القصر الملكي عبد الحق المريني، بعد ترؤس العاهل المغربي مجلسا وزاريا. حيث كُلِف وزير العدل محمد أوجار، بفتح خطة العدالة أمام المرأة (مهنة "عدل أو مأذون")، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
وقال البيان "كما أحال (العاهل المغربي) الموضوع على المجلس العلمي الأعلى (مجلس حكومي) قصد إبداء رأيه فيه".
كما تضمن البيان "العاهل المغربي اطلع على رأي المجلس، لجواز ممارسة المرأة لمهنة عدل، بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للبلاد، واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية".
خطوة نحو تحقيق المساواة
الكثير من المغردين المغاربة، اعتبروا قرار إسقاط شرط الذكورية في ممارسة مهنة "عدل"، في المغرب سبيلا لتحقيق المساواة بين الجنسين في البلد. "قرار مرحب به مبدئيا"، وتضيف مبررة "لأنه خطوة لتحقيق المساواة بين الجنسين في مؤسسات الدولة وفِي سوق الشغل" هذا مقتطف من تصريح ياسمين أجوطاط، المدونة المغربية، لـDWعربية. ياسمين ترى في القرار بعدا جديدا في مجال عمل المرأة وفرصة لتحقيق ذاتها.
دخول المرأة إلى هذا المجال، تعتبره ياسمين، كما الكثير من المغردين، قيمة مضافة للمهنة، تقول"لكن من الضروري أن يكون للمرأة العدول قيمة مضافة في الميدان" وتضيف مفسرة الأمر "بفتح النقاش في باقي مظاهر التمييز الجنسي في مختلف أنواع العقود كالزواج والطلاق و الارث و غيرها".
"بالنسبة لي، هذا هو ما سيدفع المرأة الى الامام في مجتمعنا، وليس القول في حد ذاته" تقول ياسمين، مصرة على إيجابية القرار.
تحرر من القيود التشريعية و القانونية
القرار الملكي في المغرب جاء اعتمادا على ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟشرعية المرتبطة بالشهادة والثوابت الدينية للبلد، وهنا يمكن الحديث عن المذهب المالكي الذي يعتمده المغرب. لكن هذا لا ينفي أن المرأة المغربية وبحنكتها واجتهادها، أبانت على قدرتها في تسيير مجالات عديدة، وربما "العدالة" واحدة منها.
فلم تعد تخاف من ولوج أي عالم، بل صارت منفتحة متمردة على كل العادات والتقاليد التي تحول دون نجاحها. "هذه ليست المرة الأولى التي ينتصر فيها الملك مستخدما صفته كأمير للمؤمنين لتحرير المرأة المغربية من القيود التشريعية و القانونية" يقول نوفل بوعمري، المحام المغربي، في تصريح لـDWعربية. بوعمري، يعتبر القرار الملكي انقاذا للمرأة من كل الحواجز التي تكبلها وتعطل جزء أساسي من المجتمع.
بوعمري يرى في القرار شجاعة تساهم في دعم انفتاح المغرب و ملائمة مختلف تشريعاته. كما تساهم في التطور الذي شهده المغرب على المستوى التشريعي ثم مع الاتفاقيات الدولية المعنية بالمساواة.
ماذا بعد "مأذونة"؟
شكيب مصبير، الرئيس السابق لعدول استئنافية الرباط بالمغرب، تحدث لـDWعربية، وقال إن القرار كان واحدا من المطالب التي طالب بها إلى جانب زملائه في المجال، بهدف إصلاح منظومة العدالة في المغرب.
بالمقابل تساءل مصبير عن كيفية توثيق النساء للزواج في وقت تعتبر شهادة امرأتين معادلة لشهادة رجل واحد، "هل يستلزم ذلك حضور4 نساء لتوثيق زواج معين" يسأل مصبير. وأضاف عن وضع "المأذونة" في مجتمع كالمغرب، وهل فعلا سيتقبلها ويتقبل فتح بابه لتوثق زواجه".
مصبير لم يكتف بهذا بل سأل "لما لا تصبح المرأة أميرة للمؤمنين، مادام أسندت لها هذه المهام؟".
مريم مرغيش